أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هادي لطيف - زرازيرُ اللهِ تبولتْ فوقَ الخراب














المزيد.....

زرازيرُ اللهِ تبولتْ فوقَ الخراب


محمد هادي لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 15:21
المحور: الادب والفن
    


فمن ذا الذي يتوبُ؟
وهذي السنين تمضي سراعًا
وفي القلبِ عشقٌ يمتدُّ لألفِ عمرٍ وألفِ قُبلةً
وفي دفتري نزقَ النساءِ
وشبقٌ من أشهى إناث الحَليب.
كنتُ طفلًا يحدَّثني اللهُ في كلُّ شيءٍ
وأنا أجيبُهُ بدمعي
لغتي كانت حنظلًا
ومع ذلك كنتُ أجمع بين الترابِ والسماءْ
بين حزنَ البصرةِ وغناءِ الشناشيل.
وإذا حزني تجاوزني
كنتُ أفيض كالمطرِ،
وقد ضاقَ حذائي
حذائي الذي خبرَ الطرقاتِ مثلي
ضاقَ صبرًا بمنْ لا يساوي كفَّ ترابٍ
وأنا أركلُ الطريقَ
فيغلقهُ العشب
كأنَّ العشبُ قد ورثَ الإثم الجميلْ،
يا رب، لماذا كل هذا الإصرار على الخراب؟
وأنت مُصرُّ أن ترهقني
هل آذيتك أنا؟
نعم مولاي
فأنا عشت بين الأنينِ
وفي دمي صهيلُ الطينِ،
تقيّأتُ من بين النهرينِ
وأنا هنا، أرقد عاريًا
في كلّ ركنٍِ يائسٍ من الوطن.
أذنايَّ لم تهرمَا
لكنني أصيخُ بروحي
وألجمُ شفتيَّ التي تابتا عن الصراخ
كأنهما أدركتا أن الشتاءَ
لا يحملُ معهُ سوى سقطةِ الشجر،
ورغم أنَّ العراقَ جرحٌ
يمدُّ أطرافَهُ في خاصرةِ الروحِ،
يتناسلُ فينا الحزنُ كأبٍ
فقدَ أسماءَ أبنائِهِ في المنفى.
ورغمَ أنَّ الحروبَ
نقشتْ على جلدي خارطةً
من حنينٍ وبارود،
وأنَّ دجلةَ قد أودعني
ما لم يُودعْهُ لكتبِ التاريخ،
ما زلتُ أتكئُ على كتفِ عليٍ
كصخرةٍ منسيةٍ
تبكي بصمتٍ في حضرةِ السيلِ.
يا عراقُ
مَن هذا الذي اختزلَك في يديهِ؟
مَن الذي أرادَ أن ينسجَ منك قصيدةً
بلا موسيقى؟
مَن الذي غنّى الزرازيرَ
فلم تمطرْ.
هو الوطنُ
الذي ينامُ في حضنِ الأسى
ولا يصحو
إلا ليكتبَ موتَهُ بألوانِ الطينِ.
أقفُ على كتفِك
وهل تُطيقُ كتفُك هذا الهُزالَ النحيفَ؟
أنا جائعٌ
إلى حدَّ يجعل الرغيفَ الذي في فمِك
يبدو
كطعمِ الهزيمةِ
في حلقي.
يا ليلَ العراقِ،
كم يقتاتُ على شَعرِ بناتِكَ
ليلٌ أشعثُ كالعابرين في أسواقِ الكرخِ
يشترون الألمَ ولا يدفعون الثمن.
ومع هذا،
حين تنادي
أقفُ عاريًا من الصمتِ
أجري نحوكَ
كطفلٍ
يبحثُ عن صدرِ أمِّهِ
بينَ رمادِ بيوتٍ غطاها الغيابُ.
يا سقفًا ينهارُ على ساكنيهِ،
كيف أُجفِّفُ دموعَكَ
وأنا أشبهُك؟
حزينٌ، طويلٌ، نحيفٌ،
أحملُ وزني كما تحملُ نخلاتُكَ
طعناتِ الريحِ،
لكنَّني
لا أميلُ،
أتذكرُ وجه أمي
كيف كانت تخيطُ الظلَّ على أبوابِ البيوتِ
وتصرخُ فينا:
امشو… امشوا…
قبلَ أن يُمسكوا بأقدامِ ضحكاتِكم.
ما زلتُ أبكيكَ،
أيها الغيم العقيمُ
أيها الوطنُ الذي باعَ ملامحَه
للريح،
ما زلتُ أغني مع طيور الحب،
رغم أنَّ العراقَ
قد تناسلَ بيني وبينه الألمُ
كابنٍ منفي
إلا أنني ما زلتُ أقفُ على كتفِ دجلةَ
أبكي معهُ…
نُغني معًا
زرازير تأتي غيمًا
ولا تمطرْ.



#محمد_هادي_لطيف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -نشوةٌ على خافتة الليل-
- أيُّها الخَيّام
- ساقية الخمر الأولى
- مولاي… مولاي
- آخرُ القاطراتِ، سلَّمتْ نفسها
- إلى كلبٍ يطاردُ عربةَ البارحة
- أيتها الردى، أنكسرِ.
- تراتيلُ العشق في منفاي الأخير
- يا وحدَك.. وألف ندمٍ
- العراقيُّ الأخير…
- قَتَلوني في يومٍ بارد، ولكنني عدتُ
- عن -الحوار المتمدن- هنا تُخلع نعالُ الخوف
- أمُّ الطين تلعنُ الساسة
- السُكْرُ يَشْرَبُنِي
- ندبةٌ من فمِ امرأةٍ، يكتبها العراق
- في حانة السُّكْرِ الطويل
- صدى الريح في غرفة الخراب
- -وجهي الملطّخُ بالأسى-
- خرابُ جثةً
- -تبيع الحلم في كيسٍ مهدم-


المزيد.....




- بدايات القرن العشرين في المغرب بريشة الفنان الإسباني ماريانو ...
- اللقاء المسرحي العربي الخامس بهانوفر.. -ماغما- تعيد للفن الع ...
- يرغب بنشر رسالته في -الخلاص- حول العالم.. توصية بالعفو عن نج ...
- أهرمات مصر تشهد حفل زفاف أسطوري لهشام جمال وليلى أحمد زاهر ( ...
- الملتقى الإذاعي والتلفزيوني في الاتحاد يحتفي بالفنان غالب جو ...
- “هتموت من الضحك ” سعرها 150 جنية في السينما .. فيلم سيكو عص ...
- جوائز الدورة الـ 11 من مهرجان -أفلام السعودية-.. القائمة الك ...
- ما الذي نعرفه عن العقيدة الكاثوليكية؟
- روسيا ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لأفغانستان لدى موسكو
- فيلم Conclave يحقق فقزة هائلة بنسب المشاهدة بعد وفاة البابا ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هادي لطيف - زرازيرُ اللهِ تبولتْ فوقَ الخراب