أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثائر ابو رغيف - إعادة تصور الأوديسة: تحليل رواية يوليسيس(عوليس) لجيمس جويس














المزيد.....


إعادة تصور الأوديسة: تحليل رواية يوليسيس(عوليس) لجيمس جويس


ثائر ابو رغيف
كاتب وشاعر


الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 14:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


غالبًا ما يُنظر إلى رواية يوليسيس لجيمس جويس، والتي نُشرت لأول مرة عام 1922، باعتبارها واحدة من أعظم أعمال الأدب الحديث. فمن خلال إعادة تصور ملحمة هومر القديمة، الأوديسة، وفي سياق ألحياة في دبلن في أوائل القرن العشرين، يحوّل جويس السرد إلى تأمل عميق في الهوية والوقت والتعقيدات الدنيوية للحياة اليومية. تتحدى رواية يوليسيس الحدود الأدبية التقليدية، وتوظف تقنيات السرد التجريبية والكتابة المتدفقة للوعي لإنشاء صورة معقدة لشخصياتها وحياتهم الداخلية. من خلال أسلوبها المبتكر ومحتواها الموضوعي الغني، إذ تعيد رواية جويس تشكيل حدود ما يمكن أن تحققه الرواية الحديثة.
بنية وتأثير أوديسة هومر
في جوهرها، تعد يوليسيس إعادة سرد حديثة لأوديسة هوميروس، وبنيتها تعكس بنية الملحمة القديمة. لقد عمل جويس بوعي على ربط كل فصل من فصول رواية "يوليسيس" بحلقة من الأوديسة، في حين قام بتحديث القصة القديمة بمهارة لتعكس إيقاعات وواقع الحياة الحديثة. بطل الرواية، ليوپولد بلوم، هو المعادل الحديث لأوديسيوس، في حين ترسم شخصيات أخرى مثل ستيڤن ديدالوس (بديل لتليماكوس، ابن أوديسيوس) ومولي بلوم (التي توازي پينيلوپي، زوجة أوديسيوس) خطوط اتصال واضحة مع نظرائهم الهومريين.
مع ذلك، فإن رواية جويس بعيدة كل البعد عن إعادة سرد بسيطة. فهو يتعامل بحرية مع المادة المصدرية، مما يقوض توقعات القراء المألوفين لعمل هومر. فالرحلة الملحمية في رواية "يوليسيس" ليست مغامرة جسدية بل إستكشاف نفسي. تدور أحداث الرواية في غضون يوم واحد، السادس عشر من حزيران عام 1904، في دبلن، حيث يتنقل بلوم وديدالوس في المدينة، ويواجهان مشاهدها وأصواتها وتعقيداتها بطريقة تؤكد على الطبيعة الدورية والمجزأة للوجود البشري.
الحداثة وتيار الوعي
تتمثل إحدى أهم مساهمات جويس في الأدب في استخدامه الرائد لتقنية تيار الوعي، والتي تسمح للقراء بالتعمق مباشرة في العمليات الفكرية للشخصيات. يتجاوز أسلوب السرد هذا الحوار والشرح التقليديين، ويقدم رواية خام وغير مفلترة للحياة الداخلية للشخصيات. من خلال تقنية تيار الوعي، يلتقط جويس تعقيد الفكر البشري، والذي غالبًا ما يفتقر إلى التنظيم الواضح أو التقدم الخطي، مما يعكس الطريقة التي تقفز بها عقولنا من فكرة إلى أخرى بطريقة فوضوية وغير خطية.
إن شكل الرواية نفسها يصبح شخصية تعكس الطبيعة المجزأة والمتفرقة للوجود الحديث. إن التحولات في المنظور -أحيانًا حتى داخل فقرة واحدة- تتحدى القراء للانخراط في النص بنشاط، مما يجعلهم متواطئين في فك رموز العوالم الداخلية لشخصيات جويس. هذا التعقيد يجعل من "يوليسيس" تجربة غامرة تدعو القراء إلى الاستكشاف تحت سطح العادي واستكشاف أعماق الوعي البشري

العمق الموضوعي: الهوية والاغتراب واليوميات
في جوهرها، تعد "يوليسيس" تأملاً في الهوية. ليوپولد بلوم رجل يهودي يعيش في مدينة غالبيتها من ألمسيح الكاثوليك ، يشعر شعورًا عميقًا بالاغتراب طوال الرواية (أليهودي ألتائه). رحلته هي رحلة اكتشاف الذات، حيث يتصارع مع قضايا الأسرة والدين والانتماء و تصبح رحلة بلوم التي تستغرق يومًا كاملاً استكشافًا لما يعنيه أن تكون منبوذًا، وهو موضوع يتردد صداه مع الأسئلة الأوسع للهوية الحديثة في عالم مجزأ بشكل متزايد.
من ناحية أخرى، يكافح ستيڤن ديدالوس مع أسئلة الهوية الفكرية والفنية. وباعتباره مدرسًا وفنانًا طموحًا، فإن رحلة ستيڤن لا تتعلق بالاستكشاف الخارجي بقدر ما تتعلق بالتوفيق بين عالمه الداخلي وتوقعات المجتمع وتطلعاته الخاصة. تتباين تأملاته الفلسفية في الفن والدين والسياسة تباينًا صارخًا مع مخاوف بلوم الأكثر واقعية وعملية، مما يسلط الضوء على تعقيد الوعي الحديث.
على الرغم من الدلالات الفلسفية المعقدة والمجردة في الرواية في أغلب الأحيان، يحتفل جويس أيضًا بجمال وأهمية الحياة العادية. فأحداث يوليسيس تجري في يوم واحد، حيث تدور الكثير من الأحداث حول الأنشطة الدنيوية - مثل الأكل والشرب والمشي والمحادثة. من خلال رفع المحتوى العادي إلى مستوى الفن الرفيع، فيتحدى جويس القراء لإعادة النظر في أهمية الحياة اليومية وإمكانية وجود جمال فيها في اللحظات التي تبدو التافهة والتي تشكل وجود الإنسان.
الإرث الدائم لرواية يوليسيس
تظل رواية يوليسيس واحدة من أكثر الأعمال تأثيرًا في القرن العشرين، حيث لم تعيد تشكيل الحركة الحداثوية فحسب، بل وأعادت أيضًا تشكيل مسار الرواية نفسها فعن خلال تقنيات السرد المبتكرة التي يستخدمها، يدعو جويس القراء إلى تجربة العالم من خلال عيون شخصياته، متحديًا بذلك المفاهيم التقليدية للسرد والوقت والهوية. إن الاستكشاف العميق للرواية للتجربة الإنسانية، جنبًا إلى جنب مع موضوعاتها العميقة، يجعل الرواية أكثر إثارة للاهتمام.



#ثائر_ابو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو المستقبل الذي ينتظر إيران؟
- نشيد ألوطن الأكبر
- ألجولاني بن صهيون
- أبو محمد ألغولاني/ألصهيوني
- سقوط ألحصن ماقبل الأخير
- شرق القلب شرق البصرة
- كامالا هاريس وفشل ألرهان
- نتن ياهو ألنبي أللص والكذاب
- شعراء جيل شعراء ألثمانيات وألتسيعنات فاشلون
- عتاب على سيدي الدكتور
- قواعد الإشتباك
- إيران لقد فات ألوقت
- إيران لقد حان ألوقت
- ألكيان ألصهيوني وتوسيع أللعبة
- إلى قيس الجنوبي؛ ذاك البصري المتلفع بسعفةٍ ليلية ٍ
- لماذا تحتوي الكتب على فصول؟ كيف تغيرت الكتابة من العصور القد ...
- أصابع ألموساد بمقتل رئيسي
- رائعة چايكوفسكي بحيرة ألبجع
- رائعة ردلي سكوت (پروميثيوس) والتورية المقصودة
- ألدواعش منذ فجر الإسلام


المزيد.....




- إسرائيل تُعلن تأخير الإفراج عن فلسطينيين مسجونين لديها بسبب ...
- الخط الزمني للملاحقات الأمنية بحق المبادرة المصرية للحقوق ال ...
- الخارجية الروسية: مولدوفا تستخدم الطاقة سلاحا ضد بريدنيستروف ...
- الإفراج عن الأسير الإسرائيلي غادي موزيس وتسليمه للصليب الأحم ...
- الأسيرة الإسرائيلية المفرج عنها ‏أغام بيرغر تلتقي والديها
- -حماس- لإسرائيل: أعطونا آليات لرفع الأنقاض حتى نعطيكم رفات م ...
- -الدوما- الروسي: بحث اغتيال بوتين جريمة بحد ذاته
- ترامب يصدر أمرا تنفيذيا يستهدف الأجانب والطلاب الذين احتجوا ...
- خبير: حرب الغرب ضد روسيا فشلت وخلّفت حتى الآن مليون قتيل في ...
- الملك السعودي وولي عهده يهنئان الشرع بمناسبة تنصيبه رئيسا لس ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثائر ابو رغيف - إعادة تصور الأوديسة: تحليل رواية يوليسيس(عوليس) لجيمس جويس