|
(اِرْتَشفَ الفُراتَ قِرمِزيًّا - قَمرُ الفَيْرُوزِ- فاعتلَّ الصَّوّانُ وأَطْرقَ)
سعد محمد مهدي غلام
الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 12:51
المحور:
الادب والفن
كَأَنَّ أَعيُنَهُ إِذ عايَنت أَرَقي بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا "ابن زيدون"
1 أَتَوكَّأُ عَلى ظِلٍّ شَاحِبٍ، تَحْتَ سِدْرةٍ عَلى حَائِطٍ مُنْهَارِ
مِزْلاجَ أَيَّامي وَنَفْسي حَاضِنًا بَصيصَ نُورٍ خَافِتٍ يُراقِصُ سَهْمَ الدَّهْرِ المُعانِدِ 2 غَابتِ الأَقلامُ عَنَّا فِي الرَّحيلِ وَانْطَمسْنا بَيْنَ أَنْقاضِ النَّشيدِ فَانْطَفتْ أَصْوَاتُنا فِي جَلْبةِ الوَهْمِ وتَاهتْ فِي الصَّدى أَسْرارُ مَاضينَا الأَسيرُ
يَا لَهفَ الأَقْدارِ، قُلْ لِي: مَن أَطْفأَ الأَحْلامَ فِي لَيْلِ السَّرَّارِ؟ يَا نَهبَ الأَعْمارِ، قُلْ لِي: مَا جَوابُ الكُفْرِ فِي سَيْلِ المَدَى؟ أَيْنَ قُوَّتي؟ أَيْنَ زَيْفي؟ أَيْنَ أَحْلامي عَلى بَابِ النَّهارِ؟
سَديمُ أَملٍ تَوارى خَلْفَ بابِ الصَّبْرِ مُنْكمِشًا وَأَضْحى فِي هُدوئِهِ أَسيرَ الانتِظارِ 3 أُغْمِضُ عَيْنيَّ عَنْ الرَّدى وَأَلُمُّ سِفْرَ الذِّكْرى،السَّراب رُبَّما يُضِئُ الدَّرْبَ نَوْءٌ رُبَّما يَكونُ الحُلْمُ مُجَابًا
مُباركٌ كَفُّكِ الخَضْراءَ، رَبَّتْ عَلى قَلْبي المُسجَّى، وهَدَى صوْتِكِ يَصْدحُ فِي كَياني، كَأَنَّهُ رَجْعُ الغَرامِ. 4 هَذهِ السَّماءُ اللَّازُورْديَّةُ أَرْتَقيها مَفازًا زُمُرُّديّةً كَغُصْنٍ مِيَّاسٍ وَعُصْفُورٍ مَبْلُولٍ لِأُوقِدَ قَنْدِيلَ الحَضْرَةِ، أَتَسوَّرُ جِدارَ النُّورِ شَاخِصًا في الغَسَقِ عِندَ بَابِها والخَريفُ مُقيمٌ وزَهْراتُ النَّوارِ تَهْفِهْفُ ضَوْءَ الزُّهُورِ النَّديَّةِ تُوَشِّشُ النَّسيمَ فَيرْجُمُني نَدًى نَاعِمًا يُهَمِّسُ النَّسَمةَ: مَرِّي، مَرِّي تَغْمِزُ غَمامةً كَسْلانةً: نَثِيثًا، نَثِيثًا، أَليفةً نَثاتِكِ 5 عَيْنايَ تَرْمُقانِ المَدار والمَسافةُ خَاويةٌ يا غَيْمَ الجَنائِنِ ألا أَبقَ قُرْبي قَبْلَ أَنْ تَأْخُذكَ الرِّيحُ في نَهِيمِ أَيْلُوليٍّ غَرِيقٍ
هُوَ العِشْقُ قَدري وخَلاصي مِنْ وَحْشةِ تِيهِ العِراقِ لَكِنَّني أَبْقى أُسائِلُ الرِّيحَ عَنْ جَناحِ غَيْبٍ، عَبثًا اقْتَفي وَهَجَ الجِنْحِ ، هَلْ تُجيبُ الأَقْدارُ سُؤالي؟ أَمْ تَبْقى سَادِرةً عَنْ رَادِي العَذابِ؟ أَيُعيدُ الصَّمْتُ وَجْهَ الغِيابِ؟ أَرْتَجي وَهْمًا يُكْري ثَوابًا.
6 المَصيرُ مَكْتُوبٌ، وفي لَجَّةِ الأُفُقِ غَابَ السَّماحُ، أَنْحَني، أُحْدُودِبُ، لا مَسْعِفَ فِي هَذا الهَوى، لا شُعْلةَ حَرْفٍ تُضيءُ القَاموسَ، لا مِفْتاحَ فِي النَّاموسِ.
أُطْفِئُ المَسارَ وَدَاعًا لِلعُمْرِ، وَعَلَامَاتُ الرَّمْلِ تَنْتظِرُ المَصيرَ. الكَلِمةُ حَريقٌ فِي الدَّفاتِرِ، وَالصَّوْتُ شَهيقٌ فِي اللِّجَاجِ
عَلى نَهْجِ خِضْبِ السُّنْبُلةِ، أُغطِّي مَلامِحَ أَوَّلينََا، وَأَمْضي، رَأْسي زُوبعَةٌ، بَليَّةٌ، يَدايَ أَشْلاءُ هُوِيَّةٍ، ودُمُوعي نَدًى يَخيطُ كَفنَ مُقْلتيَّ ورَمادٌ يَصْرُخُ مِنْ بَعيدٍ، وظِلٌّ يَطُلُّ مِنَ الخَرابِ كَغُرابٍ. 7 جَدثي هَاجِسٌ لا يَتأَلَّمُ، قَلْبُ صَخْرٍ فِي غِياهِبِ الهَادِسِ*، يُرْسِلُ التَّرْتيلَ صَامِتًا، غَابتِ النَّبْضاتُ، فَاتَ المَهْلُ
ثَغْرُ كَدَرِ الدُّنْيا قَلْبي، عُشُّ بُومٍ جَالَ رَمْلًا :حُزْني يَا تَخْمَ القلْبِ ، بِلادُ الأَحْزانِ طَوتْني طَيًّا. 8 إِنَّهُ النَّهْرُ يَتَّسِعُ، يَتَّسِعُ، عَيْناها أَذْرُعٌ تَمْتدُّ مَاءً وزَيْتًا، تَلُفُّني كَاللَّيْلِ يَحْضُنُني، لا زَمنَ لِزَمنِ الغَريقِ في السُّورةِ.
جَسدِي فَوْقَ هذِهِ الزِّيحِ يَنْدفِعُ، غَمامةً زَرْقاءَ تَسْبحُ في صَمْتٍ، إِنَّ رِيشَ الماءِ رَماديٌّ، وَالسَّيْلُ دَمٌ يَسيحُ، يَحْتضِنُ المَحْنَ حتَّى يَفيضَ. 9 جنيتَ على الرُبُوعِ؟ والنخلُ يشكو من الخُضوعِ من كلِّ بَرحٍ ألفُ نَوعٍ في كلِّ جُر حٍ ألفُ نُوحٍ 10 أَرْتقِبُ العَلامةَ وَأُسبِّحُ الأَسْماءَ، قُدْسًا وكَرامةً، أُجِلُّ في سِرِّي دُعاءً، لِلمَواعِدِ الَّتي لا تَأْتي،
أَرْتحِلُ الخيامَ إِلى الدِّيارِ، في قُصيَّاتِ المَسافةِ، قالَ لي العَرَّافُ: هُناكَ حُبٌّ، يَسْتظِلُّ بِالسَّناءِ.
أَحْمِلُ في كَفِّي سَلَّةَ قُبَلٍ، وَفُصُولَ عِشْقٍ، أَرْبعًا، بِعَبيرِ الخُزامَى وَالأَماني، وسِرْبَ طَيْرٍ يَحْمِلُ الشَّوْقَ،
يَنْطلِقُ للبِدايةِ المُصْعَبِ بِحَمْلٍ ثَقيلٍ وَصَبرٍ جَميلٍ وَأَطِلُبُ رِزْقًا وَاسِعًا وَأَرْجو عَونًا مِنَ اللهَِ القَوِيِ
11 حُذْنُ الحَمامةِ يَحْتويني، عَاريَ المَساءِ، يَتناسلُ الرِّيشُ وَالماءُ عَلى جَسدي، فَأَصيرُ رُخامًا فِي أَضْرُحَةِ الهَوا، وَصَدى هَجيرٍ في صَحراء 12 يَسُوطُني هَمُّ جُرْحٍ قَديمٍ، يابِسِ الوَجْهِ، وبَرْقُ قَصيدَةٍ يَابِسه يَفْتَحُ شِرْياني، فَيُطْلِقُ سَيْلَ قُبَّراتٍ مَذْبُوحةٍ، في مَتاهاتِ المَساءِ. 13 فَاسْتَفِقُ عَلى وَهْجِ فَوانيسِ المَيَدانِ، وَهَسيسِ بَغْدادَ وَهِيَ تَجُرُّ ثَوْبَ الإذْلالِ
فَاجَأَتْني بَغْدادُ بِوَجْهِ طِفْلٍ، فَتَنَتْها، وَعَيْناها مُبْتَلَّتانِ، لا أَعْرِفُ: دَمْعَ الفَرَحِ أَمْ دَمْعَ التَّرَحِ؟
أَتَصارعُ، وَقَلُبي غَيْرُ مُتَصالحٍ مَعي، أُمْتشِقُهُ، يَمْتشِقُني
فِي القِشْلةِ نَنْزِفُ دَمًا, وَلَمْ نَفْقُدْ نُقْطَةَ حُبٍّ مِنَّا لِهَذِهِ البِلادِ 14 يَدْفَعُني قلبي إِليْها، وأَرْفُضُ قلبي عَنْها.
قَدْ مَلأَ قَلبي أَهْلُها قَيْحًا، ولقَدْ مَلأَني أَهْلُ قلبي قَيْحًا 15 بَغْدادُ، يا نَبْضَ القَلْبِ، بَغدادُ، يا كبريتَ الشِّعرِ الأحمرِ فيكِ الجمالُ على الدوامِ يُزَهِّرُ بغدادُ، يا إكسيرَ كلِّ خلودِ فيكِ الحياةُ بأسرِها لا تَفني هَلْ تَغْفِرِينَ لِفَجْرِ النَّوَايَا؟ هَلْ تَسْتجيبينَ لِدعْوةِ الصَّفْحِ؟ هَلْ تَسْمحينَ لِقَلْبِكِ المجْرُوحِ أَنْ يَحْتوينا؟
16 نَرْسُمُ عَلى طِينِ الأَرْضِ صُلْبانًا ومَنائِرَ، ونَحْترِقُ دُونَ هَوادةٍ. 17 لَعنَ اللهُ مَنْ غَزا فَجْرَ بَغْدادَ الباسِلِ وحَطَّمَ صَحْوَها بِيدِ الجُهَّالِ
لَعنَ اللهُ مَنْ طَأْطَأَ الرَّأْسَ في دَرْبِ بَغْدادَ وَسَارَ فِي فَجْرِهَا يَحْتَسِي الإِقْبَالَ
لَعَنَ اللهُ مَنْ جَاءَ لِيُدْمِي قَلْبَها ويَكْرُبْ ليلُها في النَّافِلةِ، 18 أَيَّامَ هَارُونَ، مَا أَبْهى تِلْكَ الأَيَّامَ تِلْكَ الَّتي كَانتْ بَغْدَادُ فِيها مَلَكًا ومُلْكًا،.. 19 يا قَلْبَ خفِّفْ من وطاكْ فبغدادُ ترقدُ في بكاكْ تَحْتَ الدموعِ ثرى هواكْ
#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(خيمتي وغيمتي)
-
(بَحْرٌ ووَجَعٌ)
-
(قولوا لهند)
-
( اخصفي أرائِكَ الياسَمينَ، كَمَا الكُثْبانُ تَمْحُو الأَثرَ
...
-
(يا كِندُ، ما بالُ طيفِكِ يُسرِفُ في الخَفا)
-
(تسبيحُ عِشقٍ سُبُلَاتٍ مُبِيرٍ)6/E
-
(أنا و لَارا والزَّمانُ)
-
(خَلْوةٌ(
-
( رُضاب وورقة توت )
-
(سَرير الوَرْد الممْطور بشهْقة )
-
(لوَجْهَكِ تَسَوَّرْتُ عَرْشِكِ السَّمَاوِيّ)
-
(أو تَسألينَ: كَيْفَ أضعتُ وِقاري؟)
-
(أنثى مائيَّةٌ)
-
(عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ خافِقُ)**
-
(أُمَّ الرَّبيعَينِ، مُسَجَّاةً دُونَ كَفَنٍ) -نَالت الجَائِ
...
-
(ثلاث كُنَّ أَنْتِ)
-
(وجعٌ ووعدٌ)
-
(مَضْيَعَةٌ)
-
( مَوْقِفُ المَوْقِف)
-
(بَرْدٌ)
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|