أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد خليل - حين يصبح التحرير جريمة!














المزيد.....


حين يصبح التحرير جريمة!


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 12:02
المحور: كتابات ساخرة
    


في زاوية ما من العالم، حيث تُصنع المعايير على موائد النفوذ، وحيث تُوزَّع الألقاب بميزان القوة لا العدل، تفتقت عبقرية العقل الغربي الاستعماري عن مفهوم جديد للحرية: الحرية هي أن تبقى مسجونًا، والعدالة هي أن يظل المحتل مظلومًا!
ذات يوم، في غرفة أخبار إحدى القنوات الفرنسية التي تُقدِّس الحياد كما يقدِّس الجزار حياة المواشي، تجرأ صحفي وأطلق على أسرى فلسطينيين نالوا حريتهم لقب "رهائن محرَّرين". فجأة، دوَّت صفارات الإنذار داخل المكاتب، هرع مسؤولو القناة وكأن الصحفي ارتكب أعظم الفظائع: لقد خانه اللسان وفضح الحقيقة!
– "ماذا قلت؟!" صرخ رئيس التحرير، وهو يختنق بكوب الإسبرسو العضوي القادم من مزارع تستغل عمال إفريقيا.
– "قلت إنهم كانوا رهائن!" رد الصحفي المسكين، وهو يتفحص بذهول الغضب الذي انفجر حوله.
– "رهائن؟! أتجرؤ على استخدام مصطلحات توحي بأن الاحتلال قد يكون هو الجلاد؟! هل نسيت أن لدينا عقدًا أخلاقيًا مع التزوير؟!"
ثم بدأ الاجتماع الطارئ، حيث اجتمع مفكرو الحقبة الاستعمارية المتنكرون في ثياب الإعلاميين. أحدهم، وهو يحمل وسام "أرفع درجات النفاق الصحفي"، اقترح تغيير المصطلحات كالتالي:
1. الأسير الفلسطيني = إرهابي خطير
2. الاحتلال الإسرائيلي = الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط
3. القصف الإسرائيلي = دفاع شرعي
4. مجازر المدنيين = عمليات دقيقة
5. الحرية = تهديد أمني
وبهذا، تُعيد القناة تثبيت مبادئها العريقة: الجرائم تصير بطولات، والمظلوم هو الجلاد، ومن يحاول النطق بالحق يُسحق قبل أن يتمادى!
وفي النهاية، صدر القرار: يُعاقب الصحفي لأنه أخطأ في فهم معادلة الحرية الحديثة، تلك التي لا تُمنح إلا لمن يرضى أن يكون عبداً!

وهكذا، عاد الصحفي إلى منزله مطأطئ الرأس، يتأمل في المرآة وجهه الذي لم يعد يعرفه. ربما كان يعتقد يومًا أن الصحافة هي قول الحقيقة، لكنه نسي أن في زمن "الحرية الغربية"، الحقيقة ليست سوى وجهة نظر الممولين.
جلس في زاويته، فتح هاتفه، وكتب منشورًا ساخرًا على حسابه: "اعتذر عن الخطأ الفادح... الأسرى ليسوا رهائن، إنهم مجرد أرقام في سجون الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!"
بعد دقائق، تم تعليق حسابه.
ضحك بمرارة وقال في نفسه: "على الأقل، نلت شرف أن أكون رهينة الحقيقة ولو للحظة..."
ثم أطفأ الأضواء، وأسدل الستار على فصل آخر من عبثية هذا العالم.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غير المتوقع: من رماد الدمار إلى أجنحة النصر
- ظاهرة التعميم المعاييري: نقد منهجي وتحليل نظري معمق مع أمثلة ...
- سِفر الوجود
- في سماء الفكر: نصّ فضائي راقٍ
- الموت السريري …أنا الحيلة الكبرى؟
- مدائن في اللازمان
- ‎قراءة متكاملة لاستراتيجية اليمن الإقليمية وتأثيرها على الصر ...
- ‎ مقاربة حول التصعيد في الضفة الغربية ورؤية ترامب لغزة: تناق ...
- صباح الخير
- صرخة الكائن المنهك
- الإرادة الفلسطينية: انتصار رغم الحصار
- غزة... حكاية الأرض التي لا تنحني
- في حنجرة الطين تنام الريح
- لسان حال أطفال فلسطين: يا دنيا، لنا الله
- ‎الإبداع: مفتاح التغيير والازدهار
- بنيامين نتنياهو: من -ملك إسرائيل- إلى عرّاب الكوارث
- وصايا الريح
- لي ظلال السكون
- المخيمات الفلسطينية: ذاكرة الوجود واستراتيجية المحو الاستعما ...
- سيكولوجية الكلب المسعور: ترامب نموذجًا ساخرًا


المزيد.....




- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد خليل - حين يصبح التحرير جريمة!