|
نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 13-26
أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8236 - 2025 / 1 / 28 - 20:29
المحور:
كتابات ساخرة
الجزء السابق كان فيه بعض تعقيد، أو كثير منه، ربما... من يُعقّد البسيط أكيد محتال، ومن يلف ويدور أكيد كاذب... لكن قبل الحكم، يجب أن نتفق: هل الموضوع حقا بسيط، وأحد "المحتالين" "الكذبة" يعقّده لعلة في نفسه؟ أكيد الرسالة القادمة ستأتي بالجواب أو... تزيد الأمر تعقيدا... لا أعلم. ٠ (2011 نحن الآن، هجم الأخوانجية على رؤوس النساء... والرجال! لم يُعجبني التسامح الذي رأيتُه عند ملاك، خصوصا مع رؤوس النساء... أنا مهووس بالجنس وأريد رؤية شعور النساء، كل النساء! حتى العجائز! ومعهن كلهن أرى نفسي راعي بقر في غرب أمريكا... لذلك لستُ "لا أحب" تغطية الرؤوس فحسب، بل "أكره" ذلك! "أمقتُ" ذلك! "أشمئز" من ذلك! وهذا الحق، أراه حرية تعبير وضمير... اليوم، صار بلدنا الحبيب، العظيم، أعظم ديمقراطية على سطح الأرض، والديمقراطية تتبعها الحريات والعلمانيات وشعور النساء القبيحات والجميلات... لا تُضحكني تلك النكتة السخيفة التي تقول أن تغطية الرؤوس من عدمها حرية شخصية للنساء، لستُ غربيا جاهلا بأصول اللعبة، ولا من عوام بلدنا الحبيب، العظيم، بل أنا من أولئك الذين جيناتهم معجونة بأصول اللعبة منذ بدايتها حتى الآن... طبعا، بما أني إنسان متحضر وديمقراطي، لا أطالب بفرض ما أريد من شعور النساء، لكني لا أتنازل عن حقي في القول أني أكره تغطيتها، وأرفض رفضا قطعيا القول بأن التغطية حرية... أصول اللعبة لم تقل ذلك إطلاقا، بل قالت أمورا أخرى، تعرفها ملاك جيدا، لكنها أبدتْ شيئا من لين... من تسامح... أشبَه تسامحها، ذلك التحضر الذي يقول لا مشكلة في أن نقطع قضيب ذلك الطفل، لأنه يحبذ الوردي على الأزرق، ثم ننفخ صدره لأنه يرى نفسه غزالة في أسد، أو وحيدة قرن في فيل أو في ديناصور وهكذا... شعركِ الأصفر! كنتِ تُحبينه كثيرا... كنتِ مثلي، راعية بقر في غرب أمريكا، مهووسة بالجنس، وتكرهين أن يقترب أحد من شعور النساء! أفتقدكِ كثيرا... أفتقد شعركِ... وأفتقدُ رعي البقر معكِ! لازلتُ مهووسا، لم أتغيّر ولن... أتغيّر! دائما وأبدا، أحبكِ. [https://www.youtube.com/watch?v=fKqxB5w4ukg]) ٠ عندما تركتُ إيمان، مشيتُ... دون وجهة. عادة، كنتُ أجد نفسي عند البحر، لكني يومها لم أجدها هناك، بل في مقبرة عم صالح... وقفتُ بجانب الجامع، وبلتُ... بجانبه مباشرة كانت المقبرة، كان ملتصقا بها، وكانت ملتصقة به، كالتصاق الدنيا بما بعدها مثلما يُقال... لم أكن أقول ذلك وقتها، ولم يكن يعنيني كثيرا التفكير والبحث في تلك العلاقة... ما عناني، ربما، كان الموت... تجولتُ طويلا بين القبور، ومن حين لآخر، كنتُ أقف وأقرأ ما كان مكتوبا على رخامة التعريف بمن يسكن المكان... "يا واقفا عند قبري لا تتعجب من أمري! بالأمس وقفتُ مثلك واليوم أنا في قبري!" فأجبتُ... كلنا سنموت أيها الأبله! فلماذا أتعجب؟! بالأمس وقفتَ؟ ثم ماذا؟! أخرجتَ البلد من التخلف؟ أم قضيتَ على الفقر والبطالة والسرقة؟ أعلم أنكَ لم تكتب هذا الهراء، لكنكَ أكيد كنتَ تعتقد به! خدعوكَ يا صاح! ولذلك لن أدع لكَ بالرحمة! وأنتَ الآن تعرف جيدا لماذا... هل وجدتَ أحدا هناك؟!! تبا لك! على الأقل من يحبونكَ يعرفون أنكَ مت وشبعتَ موتا، أما أنا فغصبا عني أراها ميتة وهي على بعد أقل من كيلومتر مني الآن!! هل تفهم معنى ذلك؟! كأنكَ تسخر مني وتراني مجنونا! لو كنتَ مكاني لطرتَ إليها، أليس كذلك؟ لكنكَ لا تعرف أنكَ لن تستطيع... وغصبا عنكَ ستأتي إلى هنا أو إلى مكان غير هذا لتندب حظكَ السيء! لأنكَ حتى الكلام... ممنوع منه! فلا تظن أن حظكَ أسوأ من حظي الآن! تبا! لم أقرأ جيدا! أنتِ إذن... عجوز و... عشتِ 91 سنة!! عليكِ اللعنة! عشتِ كل هذا وتريدين أن يُطلب لكِ الرحمة؟! تبا... أفرغتُ مثانتي عند الجامع! لكن... انتظري سأبحث لكِ عما بقي فيها! تريدين أن أطلب لكِ الرحمة... ها هي الرحمة! وعلى رأسكِ!! لم أكن كثير الاتصال بمنزلنا، لكن بعد خروجي من المقبرة، فكرتُ في بابا، واتصلتُ، وصادف أنه لا يعمل، وفي المنزل... - كيف تسير الأمور؟ بخير؟ - نعم، وأنتَ؟ - وحدي... أمكَ تُدرّس... والدراسة؟ - عادي، لا شيء يُذكر... - لن أرسل أي حوالة! إذا كنتَ تريد مالا، تستطيع القدوم آخر الأسبوع... الوقوف في صف طويل! والانتظار! جنبني ذلك! ثم افتقدتُ ابني وأريد رؤيته... فلماذا لا تشرفنا بالمجيء؟ - لم أتصل لذلك - جميل... هل حصل شيء؟ - لماذا لا يكون هناك أحد ما يلهو بمصائرنا؟ يتفرج ويستمتع بمعاناة البشر؟ - آه... و... كيف سنحكم عليه لو كان حقا موجودا ويفعل ذلك؟ - سادي... شرير... مجرم! - وهل يمكن أن يحمل صفات كهذه؟ - لا! - إذن؟ - لا يوجد أحد! لكني... - نعم؟ - أشعر كأن أحدا يفعل ذلك!! كثيرٌ جدا الذي أراه، ولا أستطيع حمله على مجرد الصدفة!! - غيركَ يشعر بأنه أنقذه من موت محقق، فتح له أبوابا ما كانت لتُفتح دون تدخل، جلب له نصفه الآخر من بين ملايين، لولاه ما نجح في ذلك الامتحان أو ما ربح تلك الصفقة إلخ لكن كل ذلكـ - أوهام! لكن ما الضرر إذا كانت جميلة وتساعد؟ - تسمعني الآن وأسمعكَ... لماذا لا نقول أن أحدا ما يهتم بنا من فوق، وهو من سمح بأن نسمع بعضنا؟ - هناك فرق - لا يوجد أي فرق، بيننا اتصال سمح به العلم... فقط! - بعض الناس يشعرون أحيانا كأنهم ملعونون... في كل خطوة يخطونها، كأن أحدا يعرقل مسارهم؟! - نعم... إذا انقطع الاتصال الآن، نستطيع أن نقول أن أحدا قطعه عمدا ونحن ملعونان... فلماذا لا نقول حقيقة ما حدث؟ خلل وقع في الخطوط بكل بساطة - نعم... عندكَ حق - ربما أكون مخطئا، وفي المستقبل ستكتشف ذلك؟ - لا أظن - يجب أن تتركَ احتمال ذلك... - لا شيء يمكن الاعتماد عليه حينها! لا حقائق! - لا... نعتمد، ونقول أنها حقيقة... لكن نتركُ الفرضية للخطأ - شكرا سيدي... على وقتكَ وإجاباتكِ - قل لي، لماذا لا تشرفنا يوم السبت؟ - سأرى... ربما - نستطيع أن نكمل نقاشنا... ونتناقش في مواضيع أخرى - لا تستغل الظرف، اتفقتا أني أنا من يبدأ وليس أنتَ - نعم... طيب، تأتي ولا نفتح أي موضوع، ما رأيكَ؟ - و... نور و...؟ - سيأتيان - إذا لا أريد - لا يُعجبني هذا - اتفقنا ووعدتني، نسيتَ؟ - لم أنسَ، لكن عليكَ مراجعة ذلك - ليس الآن! - عندي اقتراح - قل - تأتي ومعكَ... ما اسمها؟ - لا أحد! لا يوجد عندي أحد - أستطيع المساعدة في ذلك المجال... وأيضا أمكَ - تستطيع كل شيء أنتَ - جربني ثم احكم - عليّ الذهاب الآن... سلم على ماما - تستطيع الاتصال بها مساء - إذا لم أنس... أثناء كل ذلك، دخلت إيمان الكلية، وانتظرتْ انتهاء المحاضرة، وخروج ملاك... التي عندما رأتْ إيمان اتجهتْ نحوها، ووقفتْ أمامها تنظر إليها دون أن تتكلم... - تركني أمام الباب... ثلاثة أيام قال... عشر ما أخذتُ أنا... - و... قبل ذلك؟ - بقينا في المطبخ بعض الوقت، ثم خرجنا... إلى هنا - فقط؟ - نعم - تعالي معي... لنبتعد من هنا - إلى أين؟ - اتبعيني... - ... قالت ملاك عن تلك اللحظة، أنها كانت وستظل أبدا ممنونة لإيمان... الضعيفة، الغبية، التي بلا كرامة... فلولا تلك الصفات ما كانت الحياة التي عرفنا... كنا سنمر بجانب، عالم فريد، ما كان لنا أن نعرفه... لولا إيمان... سارت ملاك نحو قاعة فارغة، دخلتْ وانتظرت دخول إيمان، ثم أغلقتْ الباب... كانت عازمة على ما رأته وقرّرته، وكانت على ثقة من أنها ستصل إلى ما أرادتْ... - أول مرة أحضر محاضرة، وأغادر دون حتى أن أتذكّر عنوان الدرس... - ... - ساعتان تقريبا، ومشهد وحيد بين عينيّ... - ... - بجانب البحر، تلك المرة، قلتِ لي: "أحبكِ... أكثر من كل شيء!"... لا أشك في صدقكِ، لكني تساءلتُـ - لا تفعلي ذلك بي! أرجوكِ!! تجاوزنا هذا!! - حقا؟ ظننتُ أنا أيضا أننا... تجاوزنا! لكننا لم نفعل! ولن نفعل! لأني لن أسمح بذلك! سمعتِ!! - لماذا الغضب؟ و... لماذا... ما الذي تغيّر؟! - كم دامتْ كل القصة حتى الآن؟ بضعة أشهر... رأيتُ المستقبل مثلما أراكِ الآن! لن تنجح! لن تستمر! ولن أقامر بأن أخسركِ!! - ملاك... أرجوكِ! ليس الآن! بعد كل هذه الأشهر تُعيديننا إلى نقطة الصفر...! - لنتكلم عن المستقبل، ولنرى! - لا أريد الكلام عن المستقبل... لم أصل حتى العشرين! أريد أن نعيش، أن نكون معا مثلما كنا! المستقبل سيأتي وغصبا عنه سنكون معا! - لن نكون معا! ولن أسمح بذلك! لن أتبعكِ وأنتِ عمياء لا تريدين رؤية ما ينتظرنا! أنا أراه قادما لا محالة! أنا الصادقة في كل شيء سمعتِه مني وقررتُ واخترتُ! - أرجوكِ!! لا تفعلي هذا! انتهينا وتجاوزناه! - لم نتجاوزه! - لم تغفري لي إذن! فهمتُ أنكِ فعلتِ... أراكِ تريدين تعذيبي! هل هي طريقة عقاب؟ تعلمين أني سأتألم، فكيف ستقبلين ذلك؟! - لا علاقة لـ... الأخرى بما أتكلم عنه الآن! - ولماذا عدتِ إلى ما تجاوزناه منذ زمن إذن؟ - لأني استيقظتُ من وهم عظيم، ولأني لن أسمح بأن أخسركِ! - لن يحدث! لن يحدث ذلك أبدا!! - بل هو قادم لا محالة ولن أسمح به! - لن أستطيع! تعلمين ذلك - استطعتِ شهرا كاملا - أحبه!! - ... أحبكِ أكثر! - وعليّ أن أختار؟ تعلمين من سأختار! وتعلمين أني سأكون أتعس البشر! فلماذا تُصرين على ما تجاوزناه وأخذ منا الكثير لنتجاوزه!! - ألا ترين على الأقل أني... أنا لم أتجاوزه!! لماذا أتكلم فيه أصلا لو كنتُ تجاوزته؟! - لا أعلم! لن نخسر بعضا وسنبقى معا أبدا! من أين جئتِ بها هذه الفكرة؟ ولماذا؟ لماذا الآن!! - أكملنا الدراسة الآن، وبدأنا نعمل... صفي لي كيف سنكون؟ - لا أفكر في ذلك! ولا يهمني كيف! - أنا أعطيكِ كيف! لنقل... يتزوجكِ أنتِ أولا... تنجبين... ثم يطلّقكِ ويتزوجني أنا... اللعنة على حقوق النساء! لو كنا في مصر كان سيستطيع الجمع بيننا! لا أريد أطفالا أنا، أستطيع أن أبقى الأخيرة! و... لسنا في حاجة إلى منزلين! منزل واحد يكفينا! لكن ماذا سنفعل في الليل؟ ما رأيكِ، أنتِ تنامين معه أول الأسبوع وأنا آخره؟ هذا في الليل فقط، أما في النهار، فسنكون معا ثلاثتنا... في العمل... نتغدى معا... نسهر معا... كل شيء معا!! باستثناء... تعرفين! وأتساءل وقتها كيف ستشعر التي ستنام وحدها؟ وإذا رغبتْ، ماذا ستفعل؟ هل ستستولي على وقت الأخرى؟ أمـ... - لماذا تفعلين هذا؟!! - في الثلاثين، أو الأربعين، ستشكرينني! أما الآن بما أنكِ صماء وعمياء، عليكِ أن تتبعينني!! - تعرفين أني لن أستطيع... ولن أفعل! - فرصة لأرى صدق كلامكِ! في كل الحالات سأكون الرابحة! - حتى لو كنتُ غير سعيدة؟! - فترة وتمرّ... لن تموتي! ثم، تكلمتِ عن الموت وفكرتِ فيه... مات الآن! ماذا ستفعلين؟ لن تموتي! وستستمرّ الحياة... وسترين أنها ستكون أحسن - أحسن لمن؟ - لي، لكِ، لنا! أليس هذا أهم شيء عندنا؟ - ما الذي غيّركِ هكذا؟ ولماذا كل هذا؟! - أخطأنا... وآن أوان أن ننقذ ما تبقّى - لا أصدّق ما أسمع...! وكيف تريدين إرجاعنا إلى الوراء! - لا تستغلي وضعي الآن! لستُ من أخطأتْ ولستُ منـ - لم أقل ذلك! وأعتذر مرة أخرى وسأعتذر منكِ ما حييتُ! لكني لم أعد... لهذا!! عدتُ لأنكِ الأهم، ولنكون معا، لكن ليس هكذا! - الأهم عندكِ تغيّر على ما أرى - لم يتغيّر أي شيء! وتعرفين ذلك! لكني لا أريد أن تُجبرينني على ما لا أريد! - لا أستطيع أن أعطيكِ كل شيء بعد أن فعلتِ ما فعلتِ... وبعد تلك القُبل! كل شيء تغيّر ولازلتِ لم تفهمي حتى الآن أن كل تفكيركِ يجب أن ينصب الآن على شيء واحد: أنا وأنتِ! ولا أحد آخر! برغم كل شيء، لا أريد ولن أسمح بأن أخسركِ، لكني سأفعل إن لم تفهمي وواصلتِ سلوككِ الطفولي هذا! - سلوك طفولي؟!! لماذا أهجر من أحب!! ولا تقولي غيره الكثير! لم يحدث أن اهتممتُ لأحدهم!! فلماذا أبتعد عمن أحب؟! - لأني لن أقبل أن تكوني معه! لن أجبركَ لكني لن أقبل - صحيح! لم تجبريني على شيء! كل شيء بيدي وأنا حرة فيما أفعل! لكن ما ثمن ما أريد!! أنتِ؟! - لم أقل ذلك - أكيد! لم تقولي شيئا! أنا وحدي قلتُ! - لا تزالين لم تفهمي... بل وترين نفسكِ ضحية ومظلومة... - تريدين معاقبتي! أقبل!! أخطأتُ وأقبل! لكن لماذا هو؟! - لستُ أعاقبكِ بل أدافع عما بيننا منذ أن كنا طفلتين! أنتِ عمياء ولا ترينه أصلا الآن، لستُ مثلكِ! وقلتُ لكِ ستفهمين يوما ما وستشكرينني وستعتذرين عن غبائكِ! - كنتُ سعيدة قبل كل ما قلتِ... كل شيء هدمتِه بكلامكِ - تخيّلي فقط... أننا... معا... بعد عشرين أو ثلاثين سنة... وكل وزوجها ونلتقيـ - لا أريد أن أتخيّل!! تخيّلي وحدكِ!! - لن تفعلي! انتظري! لن تخرجي! - أكره أن أُبتزّ! التي أحب أكثر من كل شيء لا تبتزني هكذا! ليستْ سادية هكذا! وبلا قلب! قد أكون بلا كرامة وضعيفة، لكني لا أبتزّ من أحب! أخطئ، نعم، لكني أصلح خطئي وأعتذر! لكني لا أبتزّ من أحب!! ابتعدي من أمامي!! - أريد جوابا عن هذا السؤال ثم اخرجي... نظر إلى أخرى! كيف يقبل عقلكِ ذلك؟! - لمـ... لم ينظر! تكلم معها فقط ساعة ثم تركها - نسيتُ! أنتِ من نظرتِ... هو رفضها نعم... هكذا قال... أنتِ ِلم ترفضي... تستطيعين الخروج الآن! - ... - لم تخرجي... - ... - ما زلتِ هنا... - أنتِ تتفننين في إيلامي... هل تجدين متعة في ذلك؟ - أنا شريرة وسادية إذن؟ - لم أفعل شيئا من هذا أنا! يستحيل أن أتعمّد إيلامكِ! لكنكِ تفعلين الآن! - يستحيل؟ حقا؟ وماذا تُسمين شهركِ؟! - خطأ، لكني لم أتعمّد ذلك ولم أستمتع بألمكِ... لكنكِ الآن تفعلين!! - غير صحيح - نعم! أخطئ ولا أحسن التصرف أحيانا كثيرة، لكني لم أتعمد يوما أن أجرحكِ! أنتِ لم تكتفي بذلك بل ضغطتِ على الجرح! سأخرج الآن - نعم! اخرجي! الثانية إلا عشر دقائق، كنت أمشي نحو أقسام الأشغال التطبيقية، أمامها ساحة وطلبة كثيرون، من الأولى والثانية والثالثة، فرأيتُ إيمان واقفة مع بعض الطلبة، وما إن رأتني حتى قدمتْ نحوي بسرعة، وقفت أمامي وقالتْ: "لا ثلاثة أيام ولا لحظة واحدة!! وإذا كنتَ تحبني ستفعل ما أريد!!"... - هل أنتِ بخير؟ - نعم! أنا بخير! - لا أرى ذلك - هل ستفعل ما سأطلب منكَ الآن؟ تتذكر بعد أن بقينا أشهرا... ثم - نعم، ولن تطلبي نفس الشيء... - سأطلب أعظم!! - ماذا؟ - قبّلني - أكيد جُننتِ! - نعم! جُننتُ! ستفعل أم لا؟! - بالتأكيد لن أفعل! ألا ترين عدد من ينظرون؟ - لا يهمني! ستفعل أم لا؟ - ما الذي حصل؟ - ستقبلني أم لا؟!! - لا تصرخي! الناس ينظرون! ما بكِ؟ ما الذي حصل! - إن لم تقبّلني الآن، لن أدعك تفعل ذلك أبدا في المستقبل!! - اللعنة!! طيب أسحب قصة الثلاثة أيام! لا أريد أي يوم... حتى دقيقة لا أريد! - سأفعل أنا! وإياك أن تدفعني! - تفعلين ماذا!! - سأفعل ولن أغفر لكَ لو لم تتركني أقبلكَ!! - لا تغضبي مما سأفعل... الفكرة التي حضرتْ في ذهني لحظتها، أن أمثّل أني ضربتها وهربتُ وهي تلحق بي، وعندما أصل جامبو أطلب منها أن تُدخلها بالقوة إلى قاعتها... مزاح بين أصدقاء... يمرّ بسهولة على من يشاهد... وفعلتُ... ومرّ... وعندما التحقتْ بي، أمسكتْها جامبو وفعلتْ ما طلبتُ منها... عندما وصلتُ جامبو وكلمتُها بسرعة، كان بجانبها محمد وملاك... ظن الجميع أننا نمزح حتى جامبو التي لم تهتم لصراخ إيمان أن تتركها، لكنها طبّقتْ ما طلبتُ وحملتْها كما يحمل الكبير طفلة صغيرة غير متأثر بمحاولاتها الافلات من قبضته... لم تتكلم ملاك، لكنها ظلتْ تنظر لي، قال محمد أشياء ثم دخل، وبقينا معا... - للأسف لسنا في أمريكا... لا يحق لنا حمل أسلحة... وإلا كنتُ أعطيتكِ مسدسي - ... - يعني... لو أردتِ إطلاق النار عليّ... - قلتُ لكَ ألا تكلمني أبدا - نعم... قلتِ - ... - ولم ألتزم... - كعادتكِ - لم أقتل أحدا - تعرف قصة ذلك الطفل الذي اصطدمتْ به الشجرة؟ تخيّل! المسكين يمشي في حال سبيله، والشجرة انقضتْ عليه! - أعرف قصة من كانت الأشجار تتحرك عندما يأمرها، فتحميه من الشمس تارة، وأخرى تلعب معه الكرة... - تضحك!! - أبتسم... لا تسألي لماذا وإلا ستغضبين أكثر... - ... - ابتعدتِ أكثر... أرى ذلك... لكن... أظنكِ ستعودين - تحلم! - ربما... لكن لا شيء اِستحقَّ ويستحق - سأدخل! - كلمة؟ - ماذا! - أحبكِ وأفتقدكِ... أعتذر... كلمتان - لا تقل لي ذلك مرة أخرى! - سأقول إذن أنكِ... تحبينني وتفتقدينني... - ...! لا أعلم كيف وقع ذلك، لكن وبقدرة قادر، غابتْ سارة تماما بعد تلك اللحظة، ولم أتفطن لذلك إلا بعد أيام... كنتُ تقريبا كروبوت، ضُغط على زر فمُسح كل شيء! أمضيتُ الحصتين من الثانية إلى السادسة وكأني أول أسبوع دخلتُ فيه الكلية... لا شيء يدور في ذهني غيرهما! بدون أن أشعر، كان أجمل حداد! حداد لم يوجد أصلا لأن صاحبته غابت تماما عن تفكيري... ليس لأنها لا تستحق، وليس لأني لم أكن أبالي، بل لأن شيئا أعظم حدث، ولا يمكن أن يمحي أمرٌ من الذهن أمرا غيره إلا إذا كان أعظم منه... بعد أيام، عندما مرّتْ ببالي سارة، وتذكرتُ كيف غابتْ عنه، لم أتألم، لم أتحسر، لكني اهتممتُ، وابتسمتُ ابتسامة شيخ في التسعين تذكر حبيبة عندما كان في العشرين... بعد أيام قليلة من ذلك اليوم، عرفتُ الطريق أخيرا، أو أصوله وخطوطه العريضة، ستبقى بعض فروع عالقة هنا وهناك، لكن الأصول وعيتها أخيرا... لكن ملاك، لم تكن ترى مثلي! ولا مثل إيمان! بل قررتْ إنهاء كل شيء! ومرت أيام... حتى كان يوم مهم... لي ولإيمان... كانت الثامنة، الحصة الأولى، محاضرة للسيد العميد... أب إيمان... الطلبة جلوس، ومباشرة بعد دخوله، كتب على السبورة... "عندنا عيد ميلاد... الجميع مطالبون بالغناء"... ففعل الطلبة، دون أن يعلموا عيد ميلاد مَن... ثم شرع في إلقاء درسه وكأن شيئا لم يكن. كانت ملاك جالسة مباشرة أمامه، وكنتُ مع إيمان في أعلى المدرج... لاحظنا أنها لم تلتفتْ وقد رأتنا قبل دخوله، لم تصدر منها أي حركة... العاشرة ناداها قبل خروجه، حضنها وقبّلها، وقال لها أشياء... عندها فقط بحثتْ بنظرها عنا، فرأتنا فوق... قالت لي إيمان لحظتها أن ننزل إليها، وقلتُ لها أنها ستأتي ولنصبر قليلا... لكنها لم تأتِ نحونا، وغادرتْ من الباب السفلي بعد خروج العميد... غضبتْ مني إيمان، وندمتْ لأنها وافقتْ رأيي! لكن بعد لحظات، تكلمتْ ملاك من فوقنا... - أيّ صورة؟ - تستطيعين رؤيتها بنفسكِ... تعالي - لا أريد! - أستطيع أن أحملها إليكِ - لا... أرينيها من مكانكِ - لن أفعل - وما دخل أبوكِ فيما فعلتِه؟ أردتِ إجباري على - نعم! واسمه استغلال نفوذ! وأحسدكِ عليه! لم يُغني لي أكثر من مئة وخمسين شخص في عيد ميلادي أنا! - ... - هناك المزيد... لكن عليكِ ألا تحضري المحاضرة الثانية... وعلى كل حال... ليست مهمة! حضورها كعدمه! ماذا قلتِ؟ - سأحضرها - ستفترسكِ جامبو! - لم أرها في المحاضرة الأولى - نعم... لم تحضر... لم تحضر محاضرتين!! تعرفين معنى ذلك؟ حتى وأنتِ عجوز ستذكركِ بهما - وما دخل جامبو؟! لم يكفِ أبوك! - ماذا قال لكِ؟ - ... - جيد... إذن قال... - وأنتَ! - أنا... لم أفعل شيئا! لم أتكلم حتى! لكن... عندي... بطاقة كتبتُ عليها جملة صغيرة... لكي لا تتعبي من القراءة... جملة صغيرة... - وما معنى كل هذا؟ - أظن أن هناك أناس يحبونكِ ويفتقدونكِ... أظن ذلك... وبعض الظن إثم جميل كما تعرفين... - في أي سنة؟ - بداية الخامسة... بابا التقطها - ... - لا تعرفينها... وجدتُها في أحد كتبه... لم أكن أعرفها... تعالي بجانبي - ولا تلمسيني! - حاضر... تعالي - ... لا أتذكر أني رأيتُها قبل... فقط رأسانا يظهران من تحت الغطاء... انتظري هذه غرفتي! قلتِ أن... التقطها... كيف؟ - سهروا في منزلكم وعندما نمنا غادروا وتركوني... وقبل ذلك التقط الصورة - أفتقد تلك الأيام - أنا أيضا... وهذه الأيام أفتقدكِ أكثر... - قلتُ لا تلمسيني! - ذكّرني بمقولة أنتم بين البحر والعدو - لحظة... جلستُ... البحر من وراءكم والعدو أمامكم... مسكينة! لن تستطيع الهروب الآن... - وغصبا عنها سأحضنها! - تحضنينها! لماذا؟ - أفتقدها... كثيرا! - لكنها لا تُريد... - لأنها غاضبة قليلا... لكنها تُحبني... أعرف ذلك - هل أنتِ متأكدة؟ - نعم - أعطني دليلا؟ - حاضر... انظر إليها... سأحضنها وأقبّلها... ولن ترفض! - أظنها لن ترفض أنا أيضا... - ... - في كل الأحوال حتى لو رفضتْ... لن تُفلتَ فهي محاصرة من جميع النواحي... هيا! انقضي عليها! في أعلى المدرج كانت ملاك وسطنا، ولا مهرب لها! لم يكن حضنا "مباشرا" بل "جانبيا"، تحاشت إيمان وجه ملاك، لتمنع أي مجال لأن ترفض، واختارت أن تضع رأسها على صدرها... تأثير الصورة كان كبيرا عليهما، حيث عادت إيمان إلى أيامها وكأنها ارتمتْ في حضن أم حُرمتْ منه لوقت طويل، أما ملاك وإن لم تُمانع، إلا أنها لم تُشارك في البدء، فقبلتْ الفعل دون حركة، لكنها عادتْ بدورها إلى أيام الصورة، فجسّدتها مثلما هي دون أن تشعر... في الصورة ظهر رأس ملاك وكتفيها وكانت نائمة على جنب، وظهر رأس إيمان فقط... لحظات قليلة، وأحاطتْ ملاك كتف إيمان اليسرى بيدها اليسرى، ووضعتْ يدها اليمنى على شعرها... عندها، أحاطتْ إيمان خصر ملاك بيدها اليمنى حتى وصلتْ يُسراها فشبكتْ أصابعها وضغطتْ بقوة... بيديها، برأسها، بصدرها، بفخذها اليمنى... كصغيرة التصقتْ بأمها شوقا و... بردا! ثم رأيتُ ملاك ترتجف قليلا، ولم يكن الأصل منها بل من إيمان التي بكتْ... وحاولتْ كتم صوتها فوفِّقتْ، لكن دون توفيق مع حركتها التي لم تطل مسؤوليتها، بل لحقتْ بها مسؤولية ملاك... ثم كانت همسات فاتني منها الأهم الذي لم أسمعه في البدء... - افتقدتكِ كثيرا! - ... - أحبكِ! - ... - أكثر من كل شيء! - اسكتي... - كل سنة وأنتِ - اسكتي - أحبّ بشر عندي! - ... أنا أيضا - أنتِ أيضا ماذا؟ - افتقدتكِ! لم يكن شعور غيرة، ولم تكن لحظة سعادة، لكني أردتُ المغادرة وتركهما... لكن ملاك لم تسمح... فما إن شعرتْ بوقوفي حتى مدّتْ يدها من شعر إيمان إليّ... فأمسكتُ بها وجلستُ. لا أريد تذكر ما سبق ذلك اليوم! ولا ذكر ما حصل فيه! لأني لا أريد تذكر ذلك الوجه الذي أرتهُ لنا ملاك! الأهم أني لا أريد تذكّر دموع إيمان... كانت أياما من أسوأ ما عشتُ... ما عشنا، وكانت ملاك جبل جليد لم يهزه شيء! لكن كل ذلك زادنا إصرارا على التمسكِ بها، ومحاولة نيل رضاها وغفرانها... قمة العنف واللامبالاة إما أن تكون حقيقية فيكون ذلك الشخص عندنا أتفه من حشرة، وإما أن تكون العكس تماما وفقط علينا أن نقبل بوقت الغضب والعقوبة التي حُكم بها علينا... ثم التفتتْ لي... ملاك، وتركتْ إيمان... رأيتُ عينيها تدمع، لم يكن لي منها شيء في البدء تلك الدموع، لكن شملني منها بعض نصيب... رضيتُ به، لم أشكك في عدل القسمة ولم أهتم حتى لو لم يكن فيها عدل... المهم أنه كان لي فيها حظ... لم تتكلم، وظلتْ تنظر لي، وانتظرتها حتى تفعل... لم أكن أستطيع المخاطرة... - ماذا كتبتَ؟ - ها هي... أقرأ أو تقرئين؟ - هاتها - ... - الجميع... مَنْ؟ - نحن - نحن من؟ - آه...! كانت ساعة من زمن... فقط! - ... - أعرف... ليس عذرا! ولستُ أُبرّر لنفسي... و - و؟ - يستحيل أن يتكرر ذلك... أبدا - وهل ستصدقني إذا قلتُ أني صدقتكَ؟ - لا - لماذا؟ - وعدتُ وأخلفتُ مرات! - وما العمل؟ - لن أعد مرة أخرى... لكن ذلك لن يتكرر أبدا! - غفرتُ الكثير... ربما سأحتاج ذلك في المستقبل... إذا حصل وذكّرتكَ به، لا تنس! - لا أظنكِ ستحتاجين، لكن أعد... لا، لا أعد! لكن لن أنس! - أين جامبو؟ - عندي - لنذهب إذن - نعم... لنذهب! عندما قالت إيمان "لنذهب"، وقفتْ، فتبعتْها ملاك... مشتْ إيمان ثلاث خطوات، وملاك ثنتين، وكنتُ في الأولى... مع الرابعة لإيمان انتهى الدرج، وكانت ستنعطف يمينا ثم تنزل خطوات، لكنها توقفتْ... لأنها رأت ملاك تنزل نحوي وتحضنني لحظات سريعة ثم تتركني وتعود لخطواتها... رأيتُ نظرة إيمان، لم تكن لا مبالية، ولم تكن نظرة سعيدة أيضا... كانت نظرة قالت كل شيء! رأيتها جيدا، ورأتها ملاك أيضا... لم يكن أحد منا راضيا كل الرضا، بل غصبا عنا قبلنا بذلك الواقع الذي... لم يكن لنا خيار دونه، ولا واقع آخر سواه! في منزل إيمان، كان احتفالا صغيرا، كعكة صغيرة، وثلاث علب ظنتهما ملاك هدايا مني، من إيمان، ومن جامبو التي غنتْ أشياء جميلة طلبتُها وإيمان منها... ثم غادرتْ بعد أن قرأتْ بالصدفة ما كتبتُ لملاك: "كل سنة وأنتِ الأصل... الشمس التي يدور حولها الجميع"، فظنتْ أني قصدتُ أنها "الصديقة" التي يحبها الجميع... - افتحي - أي واحدة؟ - أي واحدة تختارين - أي واحدة؟ - نعم - طيب... هذه... ممـ... ما هذا؟ - افتحي الآخرين - ... ... نفس الشيء... - نعم - إيمان فكّرتْ في وشم... أنا فكّرتُ في... "صديق" ... هناك حروف تحت أضلاع ذلك المثلث الصغير - نعم... A...M...I... - هناك قاعدة... قانون... التزام - ...؟ - إذا وُضع العِقد، لا يُنزع أبدا، حتى في القبر... في الحمام، عند السباحة، عند سرقة بنك، عند اطلاق النار على أحد، عند الانتحار... في كل مكان وزمان... الاستثناء الوحيد: عند الحاجة إلى أشعة... غير ذلك لا يُنزع أبدا... - موافقة... وأنتِ؟ - لن أنزعه أبدا حتى مع الأشعة! - انتظرا!! نسيتُ!! اللعنة!! - ماذا؟! - الذهب حرام على الرجال! - إمممم... قلتَ لي أيضا... البايك حرام على النساء؟ - نعم - ذكّرني... مَن حَرَّم؟ - الله... الرسول... الدين - وحرام على جامبو أن تغني وتعزف؟ - نعم... - وهل نحن معنيون بهذه الـ... "تحريمات"؟ - نحن... على رؤوسنا الريش... كأجدادنا... نعم... وأظن أن الله لن يطلب ذلك منا! - من؟ - الله! - آدم وحواء والتفاحة... هو؟ - نعم - ومليارات البشر جاءت من آدم وحواء؟ - نعم - حتى مع الوراثة التي ندرسها هذه السنة؟ - نعم! ملاك: الذي أسمعه جديد... إيمان: هو السبب! أنا: لم يفتكِ شيء... عندنا كل الوقت لنمرح... كنتُ سعيدا، وكانت لحظات سعادة كبيرة... لكن خوفي من نفسي أفسدها! كانتا عالمي الذي لم أر شيئا غيره وقتها، لكني تذكرتُ سارة... وشهرها، وكيف كانتْ عالمي الذي لم أر غيره! تساءلتُ عن احتمال سارة أخرى، ورأيتُ أنه وارد، وأني مثلما فعلتُ قد أفعل مرة أخرى! لم أستطع حل المعضلة وحدي ففكرتُ في العون... منهما، لكني قلتُ أن العون لن يأتِ إلا بوعود، والوعود أوهام جرّبتُها وما عادتْ تصلح... وصلتُ إلى حل وحيد، وهو احتمال رؤية إحداهما مع آخر! وأن أُهدَّد بذلك! لم أستطع حتى تخيّل تلك الفرضية! كانت قاتلة ومستحيلة التحمل! وقلتُ أنها فرضية لا تخص ملاك، ويبقى "الأمل" الوحيد في إيمان... لكني تذكّرتُ نقاشا حدث الأيام التي مضتْ، ورأيتُ أنه يستحيل أن يحدث منها ذلك! فبقيتُ الوحيد الذي يمكن أن يُخطئ... بقيتُ الأضعف! ورأيتُ أن الحل الوحيد، أن أكون أرنبا أو غزالا في المستقبل، ما إن يرى ذئبا أو فهدا، لا يُفكر! لا ينتظر! لا يُقيّم الوضع! لا يتفلسف! بل فقط يهرب وبأسرع سرعة! نعم! قالت لي أهلا أو صباح الخير أو أي شيء! أهرب! لم أر ذلك ضعفا مني، بل واقعا بائسا فُرض عليّ، ولا حل لي معه غير ما رأيتُ! لماذا كنتُ كذلك! كذا أنا، تركيبتي، طبعي، جيناتي! ليس ضعفا بل حبا للنساء! اللعنة لم أفهم ولا أظن أني سأفهم يوما كيف أستطيع أن أحب كثيرات في نفس الوقت! ليتني كنتُ من أولئك الذين عندهم ملكة وجواري... حبيبة باقية وعاهرات جنس من حين لآخر! لو كنتُ كذلك لكان حالي أحسن وأرحم! في المدرج، لم تقبل إيمان لحظةَ ملاك معي، رأيتُ ذلك في عينيها... لم أستغرب منها ذلك لحظتها، لكني بعد أن فكرتُ في نفسي وخوفي منها، تفطنتُ لحقيقة موقف إيمان، ولم أحسدها عليه... كنا معا قبل ذلك اليوم، ومنذ يوم القبلة التي أرادتها، لم نفترق... كنا كل ليلة، إما عندها وإما عندي، ظنتْ إيمان أن جنسا كثيرا سيحدث، وأرادتْ ذلك، لكنها صُدمتْ مثلما صُدمتُ! لأني لم أشعر بأي رغبة نحوها... حتى تقبيلها! لم أقل السبب، لأني لم أكن أعرف... السبب! لكننا اكتشفناه معا، برغم أننا كنا نعرفه، منذ أول يوم لنا معا أول السنة: لا يمكن أن يكون لإيمان وجود دون ملاك! فرق شاسع بين الكلام، وبين تجربة ما قيل وأُعلن على أرض الواقع! استغراب إيمان لم يختلف عن استغرابي، وكنا كأننا نكتشف شخصا غريبا... سمعنا عنه، لكن دون أن نفهم جيدا ما قال وما قيل عنه... لم تحضر سارة في كل ما حدث مع إيمان، ولو حضرتْ، لكانت حجبتْ عني تلك الحقيقة... حقيقتي، والخائن أحيانا لا يستطيع أن يمس حبيبته عندما تلازمه صور خيانته... كنتُ مع إيمان كتفاعل كيميائي لا يمكن أن يقع إلا إذا أضيف محفز... والمحفز كان ملاك التي وقتها... كانت غائبة. المشهد كان مبتذلا، سخيفا، ولا يمكن أن يقبله العقل! لكن ذلك ما كان! جسّدتُ له كاريكاتير أكون فيه مع إيمان وملاك تُراقب، فيكون جنس! تخرج ملاك، فتصبح إيمان أمامي كأنها ذَكَر أو ماما أو أختي! تدخل ملاك مجددا، فتعود رغبتي! طبعا ملاك من بعيد تراقب... المهم أنها موجودة! لأنه لم يخطر ببالي قط أن تُشارك! وعلى كل، الجنس عند ملاك ضمة و... قبلة... أحيانا و... فقط! بعد سنين طويلة من رحيل إيمان، وعيتُ جيدا شيئا من حقيقتها عندي! لأن الآية انقلبتْ عندي، وصارتْ ملاك عدما دونها، ولا يُمكن أن يكون لها وجود... دونها! لذلك لم تغب يوما منذ أن رحلتْ... ولذلك... ستبقى أبدا! المعرفة تُبدّد الأوهام، لكنها قطعا تُقرّب إلى العدم، إلى اللامعنى! واللامعنى جحيم لا يُطاق، ولا يُمكن أن تكون معه حياة! من الشمس؟ من الأصل؟ ومن المركز؟ بينهما لا أزال أتخبط! لكن دون عالميهما، لن تكون حياة، ولن يكون معنى!
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-25
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-24
-
قاتم (4) ...
-
قاتم (3) انتقام
-
قاتم (2) بُوتْ
-
قاتم (1) سوري
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-23
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-22
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-21
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-20
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-19
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-18
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-17
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-16
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-15
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-14
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-13
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-12
-
الهولوهوكس: إلى كل التيارات الفكرية... دعوة وتحذير
-
الهولوكوست وإسرائيل: سلاح دمار شامل وإفلات مستمر من العقاب (
...
المزيد.....
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|