احمد جمعة
روائي
(A.juma)
الحوار المتمدن-العدد: 8236 - 2025 / 1 / 28 - 13:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعتقد أن أرخص حياة اليوم على كوكب الأرض، هي حياة الإنسان العربي، وخذ برهانا، الإنسان في غزة والسودان وسوريا ولبنان واليمن وإلى حدٍ ما العراق، ودول أخرى يمكن أن يفقد الآلاف حياتهم دون أن تطرف عين للعالم، قد نسمع جعجعة، وصخب كلامي بمجلس الأمن وجلسات الأمم المتحدة ومؤتمرات عربية وخليجية ولكن حياة هذا الإنسان تظلّ أرخص من التراب...
ما السبب برأيكم؟ طبعًا هناك من سيسارع ويلقي باللوم على أمريكا وإسرائيل، وهذه إحدى أسباب المشكلة أننا نهرب من الحقيقة وهي أن هذه الشعوب هي نفسها سبب رخصها يوم توقفت عن القاء اللوم على واقعها المرير وانجرت كالقطيع وراء الخطابات الرنانة حول العروبة والإسلام وإقامة دولة الخلافة الإسلامية أو جمهورية الولي الفقيه، فأنتهى أمرها عند تلك الصخرة الصلبة التي اسمها الايمان بأن الجنة تحت أقدام الخلافة أو الولي الفقيه ورضيت الشعوب نفسها بذلك وساعدتها خطابات ما يُسمى بطليعة الأمة!! من الكتاب والمثقفين والصحفيين والدعاة الذي رتبوا لهذه المهزلة بجعل الشعوب تقبل وتستسلم لآرائهم المريضة كالتي تطالعنا اليوم في الفضائيات العربية ووسائل التواصل الاجتماعي
من نماذج هذا الانقياد الأعمى أنهُ بعد كل الذي حصل للشعب اللبناني خلال الشهور الماضية، الموت والدمار والخراب والتهجير والفقر، وما أن أعلنت الهدنة حتى رفعت الأعلام الصفراء لحزب الله وعادت المسيرات الاستفزازية وكأن ما جرى كان فيلمًا هوليوديًا وليس كارثة قومية. تكرّر المشهد ذاته في غزة المنتهية الصلاحية، فما كادت إسرائيل توقف عملياتها وتسمح بعودة رمق من الحياة حتى قفزت الاستعراضات الحمساوية وخرج المسلحون كالجرذان من الجحور واستعرضوا ما تبقى لهم من سلاح وهم يرفعون التكبيرات علامة الانتصار!!!
المظاهر كثيرة ولا تُحصى لأزمة الشعوب العربية التي تدفعها الجاهلية لتعيش أرخص حياة على وجه الأرض في ربع القرن الحادي والعشرون الذي يشهد فيه العالم العيش بوسائل الذكاء الاصطناعي ويمضي قطار الموت العربي يحصد الأطفال والكبار والأبرياء وغيرهم فيما الطليعة المناضلة تحصد الانتصارات الوهمية...
هذه هي اليوم حياة الإنسان العربي الذي رغم ما مرّ به فاللوم كلهُ يلقيه على أمريكا وإسرائيل ويمضي بهذا الوهم متجاهلاً ولائه للبغدادي والظواهري والجولاني والحوثي ونصرالله وخامنئي وكل هذه الفرقة المارقة التي ألقت به في مستنقع الجهل وأغرقته في هذا الموت الرخيص والحياة الرخيصة على كوكب الأرض.
#احمد_جمعة (هاشتاغ)
A.juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟