|
إضاءة حول الدور التركي في سوريا ومستقبل البلاد!
بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 19:40
المحور:
القضية الكردية
إن تحرك الديبلوماسية التركية، بجولاتها المكوكية بين العواصم العربية، ومؤخراً تصريحات وزير الخارجية لكل من تركيا والعراق، كلها ليست إلا نوع من محاولة تركية فاشلة للادعاء؛ بأنها ما زالت الدولة الفاعلة في الساحة السورية ولدى إدارتها الجديدة وبالتالي الحفاظ على بعض الدور والمكاسب السياسية، بالرغم من أن كل المؤشرات تؤكد، بأن تركيا لم تكن لها ذاك الدور لا في إسقاط النظام ولا اليوم في رسم ملامح سوريا المستقبلية حيث في إسقاط النظام لم تسمح للفصائل الخاضعة لها بالتوجه ليس لحماة وحمص ودمشق، بل حتى لحلب وإنما سمح لهم بالوصول لمنبج فقط كنوع من حفظ ماء الوجه وخداع الأتباع بحرب جانبية وهو ما يؤكد بأن قد تم ابعاد تركيا والميليشيات التابعة لها لكي لا يكون لهم أي مشاركة في إسقاط النظام السابق.
طبعاً الغاية من إبعاد تركيا وتلك الميليشيات الخاضعة لها من تلك العملية كانت بهدف عدم تقوية دورهم ونفوذهم حيث تحركت جماعة هيئة تحرير الشام وذلك بعد ترتيب أمريكي إسرائيلي أوروبي وخداع كل من تركيا والروس حيث كان السيناريو المقدم لهم من "ردع العدوان"، بقناعتي وحسب قراءتي للمعطيات، هو الضغط على النظام وإجباره على الدخول في المفاوضات مع أنقرة والمعارضة السورية لأجل التوافق على البدء بتطبيق القرارات الدولية وبالأخص القرار (2254)، وهو ما رأيناه في اجتماع الوزراء العرب مع تركيا، لكن كان ذلك فوق الطاولة أما تحتها فقد تم تحضير المفاجأة حيث دخول حلب والتوجه لحماة وحمص مع توجيه إنذار للنظام السوري؛ بأن أي تحرك لطيرانها العامودي أو الحربي سيتم إسقاطه وهذا ما جعل الطريق مفتوحاً أمام عناصر الهيئة بالوصول لدمشق دون أي مواجهات عسكرية حقيقية.
إن السيناريو السابق في إضعاف تركيا وذلك بعد إبعاد كل من إيران والروس عن الساحة السورية، يبدو إنه قد رسم بدقة بين الأوروبيين والأمريكان والإسرائليين مع مشاركة عربية، وبالأخص المحور السعودي الإماراتي، وقد انطلت الخدعة على تركيا يبدو، وهذا ما لمح له وزير خارجية إيران وذلك في زيارته الأخيرة لأنقرة، قبيل سقوط نظام الأسد حيث صرح حينها وقال؛ بأنهم "لم يكن يتوقعون أن تقع تركيا في الفخ"! وفعلاً وقعت هي في الفخ ووافقت على السيناريو متأملةً إنها ستجبر الأسد على التفاوض معه وذلك بعد محاصرة حلب من قبل الهيئة، طبعاً مع تقديم لقمة "تل رفع ومنبج" والتي وجدتها "امتيازاً" كبيراً لها لتقوية أوراقها وخاصةً مع ما كانت متوهمة؛ بأن عملية "ردع العدوان" ستقف عند تخوم حلب وبالتالي ستكون هي أكبر الرابحين من بين الجميع كدول أو كمجموعات عسكرية محلية حيث خروج إيران وروسيا من المعادلة وميليشاوياً؛ فإن الفصائل الخاضعة لها سوف تستولي على مناطق جديدة، بينما الآخرين سيكون خاسرين وبالأخص قوات سوريا الديمقراطية، كما أن هيئة التحرير لن تفوز إلا ببعض القرى في دائرة نفوذها وصولاً لتخوم حلب وبالتالي ستصبح تركيا هي اللاعب الأقوى وإجبار النظام على القبول بشروطها والدخول معها في مفاوضات مباشرة.
وهكذا مضت الأمور وجاءت تركيا لاجتماع وزراء العرب وهي ما زالت تحلم؛ بأنها ستكون الدولة ذات النفوذ الأقوى مع أن عملية ردع العدوان كانت قد تجاوزت حلب ووصلت لتخوم حماة ولكن وبعد سقوط المناطق الوسطى والتوجه لدمشق أدركت أنقرة؛ بأن اللعبة قد مشيت عليها ولذلك رأيناها كوّعت كعادتها وبدأت تبث خطاباً جديداً تخدع بها نفسها وتوابعها؛ بأن هيئة التحرير لن تتحرك إلا وفق إرادة أنقرة وسياساتها وأرسلت قبل الجميع مسؤوليها الأمنيين وديبلوماسيبها للإيحاء بذلك ولكن وكما يقال؛ ها هي الرياح تجري عكس مسارات سفنها ومصالحها حيث نعلم بأن القرار في دمشق لن يكون بيد تركيا، بل لاعبين آخرين خلف الستار، بينما الرياض (السعودية) هي التي ستكون أمام الستار ومعها المجموعة الخليجية.
طبعاً هذه الحقيقة باتت تدركها تركيا تماماً ولذلك هي تحاول التنسيق مع عدد من العواصم العربية مثل الرياض وبغداد، وطبعاً مع الدوحة حليفها الدائم، لأجل الحفاظ على دور ما لها وبالأخص أن تحظى شركاتها بالإعمار في سوريا ولكن تعلم دون دعم خليجي وموافقة أمريكية أوروبية إسرائيلية سيكون من الصعب الحصول على ذلك وهو ما يدفعها للتهدئة والقبول بشروط اللعبة وذلك بعد تغير موازين القوى لصالح الأطراف الأخرى وهذه ستكون لصالح الملف الكردي إن عرفت القوى الكردية استثمارها بشكل جيد، ويبدو فعلاً يتم العمل عليه وبتوجيه من الأصدقاء، مما جعل السيد بارزاني يستقبل مظلوم عبدي والتي ستدفع الطرفين الكرديين للاتفاق على ورقة عمل مشتركة للتفاوض عليها مع دمشق بخصوص مستقبل سوريا وشكل النظام السياسي والعلاقة بين المركز والأقاليم وقضايا مختلفة تتعلق بالسلطات وتوزيع الثروات وقضية علاقة قسد بما سيتم تشكيله تحت اسم الجيش الوطني.
وفعلاً قد انعكست هذه القضايا والمستجدات التي قوت الإدارة الذاتية كلاعب سياسي في المعادلة السورية بحيث باتت قسد ترفض ما طرحتها دمشق وإدارتها الجديدة من مسألة الانضمام كأفراد أو تسليم السلاح وإلى ما هنالك والتي تعني بالأخير الاستسلام تماماً وتطبيق الرؤية التركية في حل الملف، مما جعلت قسد ترفض ذلك تماماً ولا تقبل بأي حل إلا وفق رؤيتها السياسية والأمنية والعسكرية بحيث تصبح ككتلة تنضم للجيش القادم وتحتفظ بمناطقها كمنطقة نفوذ مع إدارة سياسية لا مركزية في سوريا وتقاسم الثروات النفطية وغيرها من المبادىء التي تمنع عودة الاستبداد للبلد.. وللعلم لو كانت تركيا ومعها كل الفصائل الميليشياوية ومعهم هيئة التحرير في وضع آخر، لكانوا شنوا معاً معارك ضارية ضد قوات سوريا الديمقراطية، لكن يعرفون جيداً؛ بأن أي هجوم من هذا النوع سوف يستدعي تدخلاً خارجياً!
خاتمة للحل؛ انطلاقاً مما سبق ونتيجة تغير موازين القوى لصالح التحالف الدولي ومعهم قسد والمحور العربي و إسرائيل لم تبقى أمام تركيا إلا القبول بالشروط الجديدة بأن ترضى بوجود قسد والإدارة الذاتية والاتفاق معها على ايجاد صيغة مناسبة للتفاهم مع ضمانة أمريكية ورعاية منها وكذلك من إقليم كردستان، ذاك سياسياً! أما اقتصادياً فيكفيها محافظتي حلب وإدلب لأن تعمل بها شركاتها في إعادة البناء، وإلا فقد تخسر الكثير وتخرج من سوريا خالي الوفاض بقناعتي.. وأخيراً وبخصوص عفرين وباقي المناطق التي تحتلها فيجب أن تنحل وفق الدستور الجديد في البلاد والذي يقر بالدولة اللامركزية بحيث تصبح عفرين إدارة محلية بصلاحيات واسعة بيد أبنائها وذلك بعد إخراج كل الميليشيات العسكرية منها وانضمامها للجيش الوطني وبذلك يمكن أن يخرج الجميع فائزاً؛ سوريا دولة واحدة لا مركزية ترفع عنها العقوبات وتعاد بناءها لتتعافى بعد سنوات وحل القضايا الداخلية وعلى رأسها الملف الكردي وكذلك تركيا وباقي الدول تحظى بمشاريع استراتيجية حيث دون ذلك يعني الدخول مجدداً في نفق الصراعات الداخلية والإقليمية.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكردي عندما يبرر سلوك تركيا العدواني؛ هل هو جبن سياسي وجلد
...
-
إقرار البرلمان العراقي إعادة أراضي الكرد وقضية -الحزام العرب
...
-
ملاحظات حول لقاء مظلوم عبدي لقناة العربية
-
مظالمنا لم تكن واحدة يا سيد دالاتي!!
-
رد على أكاذيب أردوغان!!
-
أردوغان إن كان يحاول إعادة نجاحات أجداده، فإننا نحن الكرد عل
...
-
تركيا “الرجل المريض”؛ لا ترموا بحبل النجاة لها مجدداً!
-
يا مجلسنا الكسيح؛ بكم بعتم بضاعتكم؟!
-
أيها العنصريون؛ لا تنسفوا ما تبقى من جسور بيننا!
-
كرد(نا) والترويج لمقولات الاستخبارات التركية
-
أهمية عفرين الإستراتيجية تركياً، قطرياً وأوروبياً!
-
يا حيف يا كردو!!
-
تظاهرة دمشق وسلوك بعض المثقفين القمعي
-
ذكريات وملاحظات عن نظام الأسد المافيوي
-
حركة التآخي الكردستانية الإسرائيلية
-
تركيا هل تكوّع مجدداً وهذه المرة مع قسد؟!
-
لماذا أدافع عن قسد والإدارة الذاتية
-
نداء لكل القوى والإدارات المحلية في سوريا، وبالأخص لكل من قو
...
-
هل تريد أن تعرف كيف سقط نظام الأسد؟!
-
نهاية -رجل غبي- وديكتاتور حمار!!
المزيد.....
-
السعودية تنفذ -القصاص- وتعلن إعدام مواطن كاشفة كيف قتل مقيما
...
-
أسماء الأسرى المقرر تحريرهم ضمن الدفعة الثالثة بصفقة طوفان ا
...
-
ترامب ينشئ مركز احتجاز للمهاجرين في غوانتانامو.. وكوبا تندد
...
-
تفاصيل عملية تبادل الأسرى الجديدة بين -حماس- وإسرائيل
-
ترامب يوجه بإرسال 30 ألف مهاجر غير شرعي إلى غوانتانامو.. وكو
...
-
أمر تنفيذي لترامب لاحتجاز ما يصل لـ-30- ألف مهاجر في -غوانتا
...
-
ترامب يقرر تحويل غوانتانامو إلى مركز احتجاز لعشرات الآلاف من
...
-
الجمهوريون يحثون ترامب على معاقبة الجنائية الدولية لإصدارها
...
-
-تصرف وحشي-.. رئيس كوبا يندد بخطة ترامب لاحتجاز مهاجرين في غ
...
-
وفد قيادي من حماس يلتقي أردوغان في أنقرة ويبحث آخر التطورات
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|