أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة التستخج .














المزيد.....


مقامة التستخج .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8234 - 2025 / 1 / 26 - 23:07
المحور: الادب والفن
    


مقامة التسختج :

ومنها السختجي , جمعها سختجية كلمة تركية قديمة تعني المحامي والمحامين , كما ان ساخت كلمة فارسية تعني صناعة , وهي قريبة من سختجي بمعنى التصنع اوالاحتيال , وقد انتشرت عندما لاحظ أهل العراق وخصوصا أهل بغداد وجود موظفين أتراك في الدواوين أو الدوائر الحكومية العثمانية أذاقوا الأهالي الطيبين الأمرين من جراء تلونهم وكذبهم ونفاقهم , فقد كان هؤلاء الموظفين يتسمون باللسان الطويل واللين لكن فعلهم كان عكس ما يدعون , ومن شدة استغراب أهل بغداد من هؤلاء المنافقين استفسروا من الدواوين العثمانية عن هؤلاء فاخبروهم بأنهم (سختجية) , ومفردها (سختجي) , ولأن اغلب العراقيين لا يعرفون التركية فانطبع في عقلهم أن السختجي هو الشخص المحتال أو المعتاش على الحيلة واخذ أهل بغداد خاصة يتداولون هذا المصطلح , وأخذوا يسمون به الإنسان الغشاش مع معرفتهم لاحقا بأن كلمة (السختجي) في اللغة العثمانية تعني محامي وجمعها السختجية يعني المحاميين .

هناك سياسيون يقولون ان الحكومة ليست ملكاً لشخص بل هي ملك للشعب العراقي , وان مايهمهم ليس الحصول على منصب حكومي بل يهمهم العراق كدولة وشعب , الطريف انهم حين تبوأوا منصباً حكومياً رفيعاً لم يفكروا في مبارحته والتخلي عنه وكأنه حكر عليهم , ولم يهمهم العراق كدولة حين تركوا ابوابها مشرعة لدخول داعش , ولم يبالوا حين ضحوا بأمن الشعب وأمانِه وجعلوه عرضة للموت المجاني , وسربوا ميزانية البلد المالية , وأسقطوه الى ماتحت خط الفقر , وعلى ايديهم تراجعت جميع مفاصل الدولة لاستشراء الفساد فيها , وحولوا البلد الى كانتونات طائفية , ولاضير لديهم ان يسود القانون بالغش والحيلة واللسان الطويل والنفاق السياسي , فالمهم ان يسودوا حتى لو كان تطبيق القانون بطريقة (السختجية) .

كثيرا ما يُسمع المواطن المبتلى وهو يلعن اغلب المتنفذين وذوي التأثير في المجتمع الذين لو دققنا بسيرهم لوجدناهم من أرباب السوابق وأن صفة (السختجية) تنطبق عليهم بالتمام والكمال , فهو يلعنهم بعد أن تكشفت له حقيقتهم , وتأكد من أنهم أكذبُ مَن مرَّ عليه من حكام منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى الساعة , ويقول عنهم إنهم ( سختجية ) , وكل واحدٍ منهم كان منذ نعومة أظفاره ميالا إلى الغش والاحتيال والكذب والنفاق , ومقتنعا بأنه بالكسب الحلال وبعرق الجبين وبالنزاهة والشرف , لن يحصل على المال الكافي لستر ماضيه الأسود ومحوه من ذاكرة العراقيين , فهذا أمرٌ صعب جدا , وأحيانا مستحيل , والأسهل والطريق الأقصر لتحقيق هدف جمع المال والسلطة والسلاح هو امتهان تهريب البضائع والهاربين من وجه العدالة من الوطن إلى خارجه , وتهريب الجواسيس والقتلة واللصوص من خارج الوطن إلى داخله , أو العمل لدى حزب أو هيئة أو منظمة أو جهاز مخابرات أجنبي , إذا ما خدمه الحظ وفاز بالرضا والقبول.

في سياقات عمل السفارات أو المخابرات انها تحتاج إلى خدم محليين يعملون لحسابها ضد أوطانهم وشعوبهم , لذا تبحث في فئة المنحرفين والفاسدين والمحتالين , خصوصا أولئك الذين لديهم استعداد فطري لخدمة كلّ قادرٍ على الدفع المجزي , حتى لو أمرهم بأن يذبحوا أعز من لديهم من أهلهم وأقاربهم وأصدقائهم وجيرانهم الأقربين , وهكذا يصبح الخادم العميل أسيرَ ولائه لأولئك الذين التقطوه من آخر الصفوف , فلمَّعوه وزينوه وموَّلوه وسلحوه , وجعلوه زعيم حزب وقائد عصابة ومن أصحاب الثروة والوجاهة والسلطة والسلاح , وشيئا فشيئا يصبح من الصعب عليه أن يغادر هذه القوقعة المُقفلة , ومع الأيام تُصبح القوقعة هي طوق نجاته , وأداةَ حمايته من ناسه الغاضبين عليه.

رأينا في زمن بريمير ومجلسه انه عندما يغيب الدستور القويم والقانون السليم , فأن أسافلها تتوسد أعاليها , وأخيارها تكون بقبضة أشرارها , وتعمّ الفوضى ويفور تنور الويلات الرجيم , ويكون الكلام بضاعة تجارية ذات ماركات متنوعة , فهو لأغراض التسويق والتخدير والتغفيل , وأن السختجي هو الشخص المحتال المعتاش على الحيلة والإبتزاز والرشوة والغشاش , ولكن بإسم القانون , والكلام المنمق الجميل , وهوالغشاش الذي يدهن لسانه بالعسل ويجعل أفعاله بطعم السم .

تعلمنا ان الدين هو العمل , وليس القول والتظاهر وتأدية الطقوس دون تواصل إيماني وإدراكي مع جوهر الدين , ومن أخطر ما تواجهه المجتمعات أن يتسختج فيها الذين يدّعون بأنهم يمثلون الدين , فيثيرون عواطف مَن يتبعونهم ويؤهلونهم للقيام بما لا يخطر على بال من الشنائع والمآثم والخطايا والسيئات , وفي بعض المجتمعات التي وضعت ما تراه دينا فوق الكرسي , أكدت بسلوكها ما يشير إلى العدوان السافر على جوهر الدين , فسفكت الدماء , وفسدت , وإستحوذت على ممتلكات الآخرين , وإنتهكت الحرمات , وتدّعي بأن ما تقوم به دينا , ووفقا للشرع الذي يؤكده دينها , وهو على مقاسات هواها ورغباتها الدنيوية الخائبة , والعجيب في أمر التسختج أو السختجة أن الإدعاء بدين يساهم بإطلاق نوازع النفس الأمّارة بالسوء , ويسوّغ ما تذهب إليه من التطلعات الدونية.

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة حق الكسل ( الأوبلوموفية ) .
- مقامة اللي مضيع وطن .
- مقامة الخوخ الزردالي .
- مقامة انكسارات الروح .
- مقامة الوجع الطيب .
- مقامة النديم .
- المقامة العجلية .
- مقامة سجن الحب .
- مقامة التشبيه الراكب .
- مقامة اللحية .
- مقامة الغناء بالهمس .
- مقامة القهوة والحب .
- مقامة دمشق .
- مقامة نجمة الصبح .
- مقامة الأنكار .
- مقامة لغة العشاق .
- مقامة الصليب .
- مقامة الغصن المكسور .
- مقامة أرتقوا فالقاع مزدحم .
- مقامة العادات الشرقية .


المزيد.....




- للكلاب فقط.. عرض سينمائي يستضيف عشرات الحيوانات على مقاعد حم ...
- أغنية روسية تدفع البرلمان الأوروبي للتحرك!
- الأديب الغزي محمود عساف يوثق أهوال الحرب في -كم موتًا يريدنا ...
- وفاة المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل
- بعد رحيله عن النصر.. الشارقة يضم -فنان المغرب-
- وفاة المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل
- نجيب محفوظ وفن الكوميكس.. هل يفتح الفن التاسع آفاقا جديدة لل ...
- فيلم -إيميليا بيريز-.. فوضى إبداعية بين الموسيقى والكوميديا ...
- محمد سمير ندا.. على الكاتب أن يمتلك الجرأة على إلقاء الحجارة ...
- بعد سقوط الأسد.. فنان سوري شهير يتعرض للتهديد بالقتل


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة التستخج .