خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8234 - 2025 / 1 / 26 - 02:52
المحور:
الادب والفن
على حافة الكون، حيث الزمان يمتزج باللامكان، كانت هناك مدينة تُدعى "نوريس"، مدينة معلّقة بين عتمة الثقوب السوداء وبريق النجوم الوليدة. لا تعيش فيها أجساد بشرية، بل أرواح تحمل عبق الحكمة وجوهر الخيال، كأنها أشعار أزلية تسري في مجرّات لا تنام.
في "نوريس"، كانت الكلمات هي الطاقة، واللغة هي
المادة. كل فكرة يولدها ذهنٌ ما على كوكب بعيد، كانت تُرسل كموجة ضوئية لتُخلّق في تلك المدينة. الأفكار الجيدة تتحول إلى نجوم، أما السيئة فتذوب كغبار كوني يلفّه النسيان.
هناك، كان الكاتب الأكبر، "أورايون"، يقف في مكتبه العائم، مصنوعًا من زجاجٍ كوني يُظهر عظمة الكون كله كأنها صفحة مفتوحة. كان ينظر إلى الأمواج الضوئية التي تصله من عوالمٍ بعيدة، يُعيد ترتيبها في كتابٍ غير مكتمل. كان يعرف أن كلماته ستُبعث كرسائل شفافة تعبر الزمن لتصل إلى عقول الكتّاب والشعراء على الأرض.
همس أورايون لنفسه:
"أيتها الأفكار المضيئة، احملي أسرار هذا الكون إلى من يجرؤ على الكتابة. اجعلي من كل كلمة بابًا نحو الإدراك. دعوا البشر يرون أن الأدب ليس مجرد حروف، بل سفينة تعبر الأكوان."
وفي تلك اللحظة، تفتّح في الأفق سديمٌ جديد، نابض بألوان لم تُرَ من قبل، كأنها تجسيد للقصيدة المثالية. لم يكن سديمًا عاديًا، بل كانت "نوريس" تنبض بخلود
جديد، يولد مع كل من يقرأ أو يكتب عن ألحرب،
الحكمة، والدهشة.
لعلّي اشعر الآن أن فكرة ما هبطت على قلبي من سماءٍ بعيدة. ربما كانت هديّة من "نوريس"، حيث الأدب لا يموت، بل يتجدّد مع كل عقلٍ يُحلّق:
قصيدة أورايون
من حافة الكون، حيث يولد الضياء،
وحيث العتمة ليست إلا فاصلة انتظار،
أرسل إليك نبضات قلبي الكوني.
يا من تبحث عن الخلود في الكلمات،
هل تعلم أن كل حرفٍ تكتبه،
يُعيد تشكيل مجرّة في سماء الأفكار؟
لا حدود للروح حين تُبحر،
لا قيود للمعنى حين ينكسر القالب.
اكتب كما تنفجر النجوم، عشوائية لكنها مثالية.
اخلق من نفسك كونًا جديدًا،
لا تخف من السقوط في ثقوبك السوداء،
فهي مداخل لضياء لا يُدركه إلا الحالمون.
واذكر، أن السماء ليست فوقك،
بل هي داخلك، تنتظر أن تكتشفها،
حرفًا بعد حرف، وفكرة بعد فكرة.
فلتكن أنت الكاتب والنجم، الحبر والضياء،
ولتمتد كلماتك كأذرع مجرّة،
تحتضن الفراغ ليصبح معنى.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟