ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 8233 - 2025 / 1 / 25 - 13:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منذ بداية وجوده، ارتبط الإنسان بالعقيدة الدينية، وكان الدين عنصراً أساسياً في تشكيل هويته ووجدانه، ومع تقدّم العلوم وتنوع الفلسفات المادية التي شكّكت في الأديان ورأت فيها مجرد نتاج بشري، لم ينقطع ارتباط الإنسان بدينه، بل استمر التدين في الوجود، ويبدو أنه سيظل راسخاً في الأجيال القادمة كما كان في الماضي.
تُعدّ الأديان في معظم دساتير العالم جزءاً من المقدسات التي يجب احترامها، بما في ذلك ممارسة الطقوس والعبادات بكل حرية ودون عوائق، لكن هذا الاحترام لا يتوقف عند المبادئ القانونية، بل يجب أن يتجسّد في سلوكيات الأفراد والمجتمعات التي تمارس هذا الدين، وتضمن العيش المشترك بسلام.
ويأتي هذا الحديث في وقت تشهد فيه بعض المناطق في سوريا، خاصة تحت إدارة هيئة تحرير الشام، انتهاكات صارخة لحقوق الأقليات الطائفية. فقد أصبح من المألوف مداهمة منازل أفراد هذه الأقليات، وإهانتهم وإذلالهم واعتقالهم، بل وقتل بعضهم. هذه الأعمال لا تعكس إلا همجية تفتقر إلى أبسط مفاهيم احترام الإنسان وحقوقه، وتنذر بمستقبل قاتم.
من الطبيعي أن تثير هذه الممارسات ردود فعل من أولئك الذين تعرضوا للأذى، سواء كانت تلك الردود انتقاماً أم ثأراً، وفي هذا السياق، من المهم أن نذكر أن الفرد لا يختار دينه أو مذهبَه، بل يرثه كما يرث ملامحه الجسدية. لذا، على أولئك الذين يمارسون هذه الأفعال أن يتخيلوا ماذا سيكون موقفهم لو تعرضوا للمعاملة ذاتها من آخرين ينتمون إلى ديانات ومذاهب مختلفة؟
إن الاستمرار في هذه الممارسات الطائفية لن يؤدي سوى إلى تأجيج الفتن وخلق مزيد من الاحتقان بين الطوائف، ما يهدد الجميع بعواقب وخيمة لا يستطيع أحد تحمّل تبعاتها. لذا، نوجه نداءً عاجلاً إلى قيادة هيئة تحرير الشام، التي تتحمّل مسؤولية الحفاظ على الأمن، بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الانتهاكات قبل أن نغرق في فوضى وحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، جالبةً معها دماراً وآلاماً لا مفر منها. كما ستؤدي إلى نتائج كارثية، حيث ستزداد الكراهية والضغائن، وقد تقود البلاد إلى مجازر لا تقل تدميراً عن تلك التي شهدها عهد النظام البائد.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟