|
كأن الإمبراطورية الرومانية قد عادت
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8233 - 2025 / 1 / 25 - 10:05
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
يبدو أن شعارات مثل (حرية ،أخاء ، مساواة ) التي رددها الشارع الفرنسي أو (السلام ، الأرض ، الخير ) التي هتف بها الروس ..أو ( عيش ، حرية ، كرامة إنسانية ) هدف إنتفاضة ميدان التحرير منذ 14 سنة .. كانت عبارات مرصوصة ..تم نظمها لإستخدام الغاضبين .. دون رغبة في تحقيق مضامينها ... مجرد كلمات مثل تلك التي كتبوها في وثائق حقوق الإنسان و المواثيق الدولية .. بعد الحرب العالمية الثانية ..أو يرددها من يريدون ان يغفل الناس عن أننا لا زلنا نعيش في زمن قوة وعنف التتار و الهون و الفايكينج و الأنجلوساكسون..و الفاشيست و النازيين ... لم نتغير إلا فى الشكل . كأن الإمبراطورية الرومانية قد عادت للحياة ..بعجرفة قيصرها يضع تاج الغار فوق الشعر الاحمر يبرر به غروره . رغم أنني لا استثيغ .. أحاديث الأغنياء المفتونين بثرواتهم و قوتهم...و أجدها تحمل قدرا من عدم اللياقة و المباشرة و التعالي .. إلا أنني لم أندهش من تلك الاخبار التي رشحت علي وسائل التواصل الإجتماعي عن حديث رئيس الجمهورية الأمريكية المستجد مع المسئول السعودى ..و الذى طلب فيه أن تستثمر المملكة 500 مليار دولار في أمريكا.. فرد الأخر .. علشان عيونك سيكونوا 600 مليار .. ليضحك الريس الجديد مستعيرا شطارة شيلوك تاجر البندقية .. و يقول .. خلاص يبقوا ترليون أو بليون ..(الف مليار دولار ) . فهذا الحوار يعبر بشكل منطقي عن حقيقة العلاقة بين الكائنين .. (أنوناكي )قادم بالعلم و المعرفة و التكنولوجيا من الفضاء .. و( سومرى) بدائي لم يهجر بعد سلوك الضوارى و صراع الغابات ..الأنوناكي .. يغير من جينات السومرى ..و يجعله قادرعلي فهم الأوامرو تنفيذها ..و يستغله ليعمل في مناجم الذهب يخرج له ثروات جاء للكوكب من أجلها..و الأخر منبطح يمجده و يهابه و يراه القادرعلي كل شيء . السعودية أو الخليج .. صحارى سكانها رعاة أو صيادين سمك و لؤلؤ .. ظهر فيها بترول .. تعرف علي مكانه و إستخرجة و نقله وعالجة و باعة شركات أمريكية ..و حماه و ضمن إستمرار تدفقه جيوش امريكية ..و إستغل عائده في تطوير المكان و عصرنته مؤسسات و بنوك و مكاتب إستشارية أمريكية ..و علم أبناء المشايخ إسلوب حياة غير بدوية مدارس و جامعات أمريكية.. فإذا ما جاء كبير أمريكا ..و طمع في القرشين اللي بتسيبهم أمريكا للسكان المحليين الغشم نظير إستغلال موارد أرضهم ..و رأى .. أنهم سفهاء في إنفاقهم للثروة ولا يبذلون جهدا كافيا في العملية الإنتاجية..يستحقون عليه كل هذه الأموال .. فالرجل يعبر بوجه مكشوف دون مداراه عن عدم توازن القوى ..ويطبق الفلسفة البراجماتية السائدة في بلده التي علموها للتابعين .. وعلي البدوى أن يستجيب ..فهوعلي ثقة بأنه بعدم طاعته سيحول بلادة إلي خرابة .. تمتليء بمخاضات و بحيرات نفط .. لا يمكن إستغلاله . هذه العلاقة غير المتوازنة ..لها تاريخ طويل .. يحكي عن سلوك غزاة الغرب مع القوميات الاكثر تخلفا ..يبدأ منذ زمن الإسكندر المقدوني الإغريقي ..و القيصر الروماني .و يستمر بعد قهر الإمبراطورية العثمانية و سيطرة الإستعمار الحديث (فرنسا و إنجلترا ..وإيطاليا و المانيا ).. علي شعوب المنطقة ..و الحرص علي أن تبقي قعيدة غير قادرة علي التواجد المعاصر بدون عون منهم . نحن جميعا بشر جاءوا نتاجا لتطور الهوموسابين ..و لكننا اليوم نختل مكانين مختلفين ..ما الذى تسبب في هذا الفارق الملحوظ لمنزلة كل من الطرفين علي درجات سلم الوعي الإنساني..!! إنه الموقف و الإستجابة ..من مراحل الترقي الواعي التي تبدأ بالخروج من وحشية الغابة بالسحر و الطوطمية والشامنية .. ثم تمتلك الضمير بالاديان .. و العقل بالفلسفة .. و المعرفة بالعلم..و القوة بالتكنولوجيا والسيطرة بالذكاء الإصطناعي . و هو الأمر الذى أخذه بجدية أبناء الغرب فتحركوا بإصرار حتي إحتلوا الدرجات العليا من الوعي .. بينما تعثر ابناء الصحارى في السلالم الأولي ...و لازالوا يجادلون كوبرنيكس و جاليليو بأن الأرض مسطحة ..لان القدماء قالوا هذا بكلمات أكثر وضوحا لقد حدث هناك في بلاد الواق الواق تطورا أستغرق مئات السنين بدأ جني ثمراته بالإستكشافات الجغرافية مع أوائل القرن السابع عشر ..و إحتلال العالم الجديد و نهب ثرواته .. .بينما ظل الصحراويون يعيشون من كسل الكمون وخمول تصورهم أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة ....يستمتعون بالرقود في ظلال أشجار السلف يحكون عن ماثر مشكوك في صحتها ..أو صدقها . طريق تحضرشعوب الضفة الغربية من البحر المتوسط بدأ في (القرن الثامن ق.م )مع إكتمال تطور أديان اليونان..ثم إرتقاء الفلسفة في (القرن السابع ق.م ).. و تجارب الديموقراطية الأثينية في أوائل (القرن الخامس ق.م ) لتصبح الأساس الذى قامت علية الثقافة الأوروبية حتي زمن التعرف علي التوراة ..و إنتشار المسيحية التي جرى قراءتها في روما و القسطنطينية بمنطق أهل الغرب وبإسلوب يتباين مع القراءة الشرقية للأديان التي ظل الصحراويون متمسكين بها لألفين سنة . في الغرب المسيحية أدت طول العصور الوسطي للجدال و النقاش و الصراع و محاكم التفتيش و التعذيب و التصفية.. و لكن من بين رماد الحرائق المتبقي عادت العنقاء ..ازدهر الفكرالفلسفي و الفن المتحضر في عصر النهضة ... فيبدع كل من مايكل انجلو وليوناردو دا فينشي ورافائيل و شكسبير ..ثم جويا وباخ و غيرهم .. الصراع مع الكنيسة أدى لظهور مارتن لوثر وكوبرنيكوس و جاليليو و ديكارت و فرنسيس بيكون و كبلر ..وإلي تطوير مذاهب دينية معارضة تتمثل في الكنيسة الأرثوذكسية و البروتستانتية والإنجيلية. أجبرت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية علي التطوير و التغيير .. لتتحرر الفلسفة و العلوم .. والفنون ..و أساليب الحياة ..و تبدأ رحلة طويلة يقودها العلم و المعرفة و التكنولوجيا ..لم تنتهي بعد بينما لم يحدث هذا في بلاد المنطقة .. حتي في قمة توهجها و تقدمها ببداية العصر العباسي .. لان الصحراويين في كل العصور عادوا العلماء ..و حرقوا كتبهم ..و فرضوا الغزالي و منطقة علي إبن رشد و فلسفته ..فلم تنمو بذور المعرفة .. رحلة الوعي الأوروبي .. طويلة ..و مشوقة .. يحكي عنها فراس السواح في موسوعة تاريخ الأديان حيث كتب F.Guirand ((وجدت في حوض بحر إيجة حضارة متوسطية مركزها جزيرة كريت بدأت متردده في الألفية الثالثة ق.م و بلغت أوجها قرابة القرن السادس عشر ق.م حيث إمتدت إلي اليونان القارية و أبيدت في القرن الثاني عشر تحت وطأة الغزوات الدورية )). الجزيرة تقع في مكان متوسط بين قارات العالم القديم أسيا و أوروبا و إفريقيا .. مما تسبب في أن تتعلم من الحضارات الفينيقية و البابلية و الكميتية..وتنقلها غرببا لتصبح الأساس الذى بنوا عليه تحضرهم. المثيولوجيا اليونانية رغم تاثرها بالحضارة المينوسية ( نسبة إلي مينوس ملك خيالي لكريت ) ..إلا أنها تختلف كثيرا عن الكميتية أو البابلية أو الفينيقية .. لقد كان سلوك أربابهم .. اقرب للبشر ..يتصارعون ..ويتحاسدون و يتخاصمون و ياكلون و يشربون ..و يعاشرون جميع أنواع الإناث في السر و العلن ..و ينجبون منهن .. هجين مقدس لهم قدرات خاصة منها تحدى أرباب الأولمب و أوامرهم ((تأسس البانثيون اليوناني في الحقبة الهومرية المبكرة (بمعني القرن الثامن ق.م ) و الألهة العديدة التي تشكل منها تظهر عموما في (الإلياذة ) و (الأوديسا ) بأشكالها المميزة و رموزها التقليدية و أساطيرها الخاصة المتمتعة بقداسة القدم )) . قصة الخلق التي تناولتها الحضارات القديمة .. تتلامس معها الرواية الإغريقية في بعض النقاط ..و لكنها تختلف في سياقها .. فلقد عكست روح شعوب بحر إيجة و صراعها والإصرار علي مواجهة الافعال غير المنطقية .. لكبير الألهه كرونوس ((في البدء كان العماء شاملا مظلما ثم ظهرت (غيا ) الأرض ذات الأثداء الراسخة ثم إيروس( الحب الذى يرقق القلب ) والذى سيهيمن تأثيرة المخصب علي تشكل الكائنات.. غيا أنجبت أورانوس السماء المزينة بالنجوم و جعلته مساويا لها في العظمة بحيث أصبح يغطيها بالكامل .. و خلقت الجبال و البحر بامواجه إتحدت غيا مع إبنها أورانوس و أنجبت السلالة الاولي التيتان (الجبابرة ) كانوا إثني عشر نصقهم ذكور و النصف الأخر إناث.. ثم أنجبا السيكلوب الذين كان لكل منهم عين واحدة في وسط الجبين .. ثم أنجبا ثلاثة وحوش خرج من أكتافها مائة ذراع و فوق تلك الأطراف برز خمسون راس .. عندما ولدوا نظر إليهم أورانس برعب و أغلق عليهم أعماق الأرض . ((كرونوس أحذ أبناء غيا و أورانوس ..قام بإبتلاع أطفاله من ريا فور و لادتهم خوفا من أن يخلعه أحدهم عن عرشة كما تكهنت إحدى النبوءات .. إستولي علي زوجته حزن لا حدود له و عندما حان وضع إبنها زيوس ناشدت أورانوس و غيا أن يساعداها لتنقذ الطفل فذهبا بها إلي كريت و هناك في كهف عميق وضعت طفلها زيوس .. أخذت غيا الطفل و تولت تنشئته .. عندما كبر تحققت النبوءة فقد إحتال علي كرونس حتي تقيأالأبناء الذين إبتلعهم. وخلع أباه عن عرشة ..و كون مملكة الألهة بجبل الالومب )). أرباب الأولمب ( زيوس ، هيرا ،أثينا ،أبولو أرتميس ،هرمس ،أريس ،إفروديت ، بوزيدان،هستا ) ذكروا كما سبق و ذكرت في ملحمتين خالدتين لهوميروس ( الإلياذة و الأوديسة ) التي أصبحت بقصصها المشوقة عن الحرب في طروادة ..وخدعة الحصان الشهير ..وخرابها ..و هجرة من تبقي من أهلها لإيطاليا .. جزء اساسي من ثقافة الأوربي و إنتاجه الفني الرومان علي العكس ((شعب عملي ذو مخيلة فقيرة .. سعوا لصياغة دين ينسجم مع حاجتهم كان من يهمهم أن يشعروا بالحماية من الأخطار التي تهدد المجموع و الفرد و لكنهم لم يشعروا بأى حاجة باطنة لمحبة و عبادة القوى فوق البشرية ... كانت الألهه حماة يدفع لها أجور خدماتها وفي حال الفشل كانت الأجور تمنع عنها، أعطيك مقابل ما تعطينية)) لذلك قد نجد أن أهم مبانيها كان الكولوسيوم.. لإدارة الألعاب الخطرة .. و قوس النصر .. بجوار البانثيون معبد الآلهه الإثنى عشر ...((جوبيتركبيرها و أختة أو زوجته جونو ، فيستا ، سيريس ، ديانا ، فينوس ، مارس ، ميركيوريوس ، نيبتونس ، فولكانوس و أبولو )) كما جرى تألية عدد من البشر .. مثل أغسطس وهرقل و روميلوس و كاستور و بولوكس و إينياس و رغم ذلك فبذكر في موسعة الأديان أن (( إستخدام مصطلح البانثيون الروماني خطأ .. لانه لم يكن هناك بانثيون )) فلقد ((كان الأمر عند الرومان أكثر تجريدا و نفعية )) . . كما لو كنا نتكلم عن الإمبراطورية الأمريكية الحديثة و رئيسها النفعي الذى .. يطلب اموال البدو ..و يفاصل .. في حجم المعونات التي ينالها منه فقراء القوم بعد معاهدات الإستسلام لإسرائيل . . رغم كل التقدم البشرى ..و الرحلة الطويلة .. علي مسار الوعي و التقدم .. فإن الذين يحتلون مقدمة القافلة .. يشعرون بالتفوق .. علي من يتلكعون .. في المؤخرة ..و يحولون هذا التفوق لسيطرة .. كانت تتوارى خلف الكلمات المنمقة و المزوقة عن حقوق الإنسان ..و حريتة .. ثم كشفت إنتخابات اليمين في بلاد الواق الواق .. أن الهدف هو إستغلال و إمتصاص اخر قطرة من أموال الغافلين ..و لتتقيح جروحهم ..و يندثروا ..فهم الذين لا يريدون أن يفهوا طبيعة القوانين التي تحكم الحياة و تجعلها تتطور . .و هم الذين يتعثرون علي الدرب ... يتقدمون خطوة .. و ينتكسون خطوات .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرث المجهول
-
توازن القوى في صالح الدولة
-
فلنعيد كتابة ((وصف مصر )).
-
أحداث 2011 هل كانت مدبرة
-
الأخت جيمني
-
يتحكمون.. يكسبون و نحن نعمل
-
درس تاريخ للاطفال
-
هل يعود الأنوناكي لنتعلم منهم الإنسانية
-
هذة العقائد ستذهب لمتاحف الأنثروبولجي
-
الإسلام دين و ليس حضارة لها فن
-
أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ
-
عندما تختفي الجيوش و تترك بلادها للنهيبة
-
الإنكشارية تعيد إحتلال المنطقة
-
الإرهاب الشرقي نمط حياة
-
لازال طريق المقاومة هو الدرب الصحيح
-
لماذا يشترى الخلايجة في سوق غير مشجع
-
البردية المجهولة(كمان و كمان ).
-
سلوك القتلة ..و مفاهيم الفلسفة
-
شخص يجتهد و لكنه ساخط
-
لم تتغيرأهداف الإستعمار ..تغيرت أساليبه
المزيد.....
-
نوع حليب يؤخر سن اليأس عند المرأة
-
أمريكا تفتقر إلى أدوات الضغط على روسيا
-
لماذا تحايل ترامب على القانون لإنقاذ تيك توك؟
-
ملك البحرين يبحث مع ترامب هاتفيا أهمية العمل لضمان الأمن بال
...
-
الولايات المتحدة تعلن تمديد وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائ
...
-
البرهان يزور مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم بعد استعادت
...
-
اليمن: مطار الريان يطلق أول رحلة مباشرة إلى القاهرة بعد توقف
...
-
وزير الدفاع الأميركي: ملتزمون بحصول إسرائيل على القدرات العس
...
-
حماس تسلم الوسطاء قائمة -رهائن المرحلة الأولى-
-
من داخل التحقيقات.. معلومات وتفاصيل جديدة عن هجوم 7 أكتوبر
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|