أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - تلاميذ الاسخريوطي














المزيد.....

تلاميذ الاسخريوطي


طالب كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8233 - 2025 / 1 / 25 - 09:01
المحور: الادب والفن
    


سيخضع بلا تردد للطقس المعتاد الذي اعد للتلاميذ الرهبان، وهو الى حد ما يشبه احتفالا سريا يدعون اليه النخبة، برغم رنين قيثارات الهارب المزينة برؤوس تنانين وثيران ذهبية وصوت قرع الطبول الذي تتردد في فضاءات المعبد المقدس الضخم، الذي يشكل سرة المدينة بقمة البرج الذهبية، ذلك الهدير الذي اطلقته الابواق النحاسية لم يكن ايذانا ببدء احتفالات المدينة الماجنة للتسرية الفاجرة، هنالك طقوس ستسبب لهم الما شديدا وتتطلب منهم صبرا وتحملا.
لا احد يتذكرعلى وجه التحديد، في أي عام شرع فيه اولئك الكهنة العجائز بإقامة هذه الطقوس الغنوصية، التي استمدت قدسيتها من قصص الالهة ومغامراتها الاولى، قبل ان تشهد الخليقة فجر الحياة الاول بشهقات الرجل المنبوذ، الذي طرد بسبب وشاية، على أي حال فالاحتفال سيدشن خطواته المبكرة عند فجر اول يوم يبدا به تقويم السنة القمرية الجديدة ، فالمعبد يدون تاريخه بتحولات القمر والدوائر الفلكية التي يسلكها في مداراته، تلك الابراج التي تخبرهم بالمواسم والسنين ، في الحقيقة، لا يمكن الا وصف ذلك الاحتفال بالكبير والمبهرج، هناك الكثير من الممثلين والكثير من الازياء الغريبة المزينة بالريش والاصداف والخرز الملونة والمظلات والستائر والرايات، غالبا الاثارة البصرية والموسيقى الاحتفالية الصاخبة هما سر المتعة في ذلك الطقس، الذي يعاد فيه تمثيل بدء خلق الكون، جراء تصادم رغبات القوى العظمى ببعضها البعض، في صراع دموي فيه الكثير من العنف والدراما، يمكنك تصور مدى الشراسة والوحشية بل والصمود المذهل الذي يعتري الاله الذي يمثل جانب الخير، وهو يصارع من اجل ديمومته القلقة، في وجود مرتبك تسيطر عليه القوى الشريرة، انه، اي الخير، يضطر مرارا الى تسديد حق وجوده بالدم او بالقتل، فهو متأهب طوال الوقت ولا يغمض له جفن ، يتطلع حوله بحذر، فالشر يتربص به طوال الوقت ويمكن ان تطاله طعنة حربته، التي شحذت على صخرة ناتئة ، سحقت عليها رؤوس افاعي ادلقت سمها القاتل بين الشقوق الخشنة، التلاميذ الذين يتفوقون على اقرانهم في تلقي لاهوت الكهنة ، الذي دون على برديات والواح طين ورقائق جلدية، وهو على اي حال، أي تفوقهم، يحدث غالبا برغم انهم يعانون كثيرا بسبب عدم قدرتهم على ترجمة النصوص الغامضة التي يطالعونها، فاللغة التي يحاولون فك طلاسمها، لغة لم تسند بالقواميس او بالمعاجم التي تمكنهم من فهم النصوص الطويلة، التي يترنم بها معلموهم بذقونهم الكثة وارديتهم الطويلة والاربطة، التي يعقدون بها على وسطهم الضامر، هناك طقس الصيام والتبتل والامتناع عن تناول الاعشاب البرية، التي تبدا بأول حرف في ابجديتهم المقدسة، فهي محرمة، فالتصاق اللسان بسقف الحلق عند النطق به يعد شركا بتوحيد الاله كلي القدرة، وهو الامر الذي يفسر صمتهم الدائم والحركة الدودية لألسنتهم في تجويف الفم ، لانهم سيتحملون على مضض ذلك الالم ، برغم ايمانهم بان السمو سيقودهم الى التوحد مع اله صعب المراس، سيتجرعون الالم من اجل نيل التطهر امام اله كلي القدرة، سيعمد الكهنة الى قطع قلفة العضو الذكري وهو اشبه بممارسة الختان التي يقوم بها كهنة التلمود، هناك اقوام اقامت مستوطناتها في الاودية السحيقة تحت قمم الجبال العظيمة، التي تشكل ملامح افق الشرق القصي، كانت تقوم بذلك الطقس على سبيل التطهر، وهو اعتراف اولئك الرهبان بالربوبية المطلقة للسيد كلي القدرة او الاله، اذ يخضع التلميذ للطقس المقدس في ممارسة تسبب الكثير من الالم والحرقة، حين يعمد الكاهن الى قطع القلفة المرتخية وهو قطع ينفذ بسكين رفيعة لها شفرة يمكنها شطر شعرة الى نصفين، يسكب على القطع الحاد عرقا نقيا يمكنك تصور الحرقة الشنيعة التي سيشعر بها التلميذ، بعد ذلك يكمم الجرح برماد المذبح المقدس ، كغيره من التلاميذ الذين امضوا السنوات المبكّرة من طفولتهم بين اروقة المعبد وممراته وهم يتلقون تعاليم الطائفة، وهي في اغلبها مدونات كتبت بلغة ميتة اندثرت منذ قرون طويلة مضت، فهي لغير المتخصص في علم اللغة ليست بأكثر من طلاسم يصعب فك مغاليقها، الا انهم ، اي تلاميذ معبد الطائفة، يتلقون بصمت مصطنع غطرسة الرهبان المعلمين، الذين يلفون هياكلهم بأردية كتانية ناعمة، تشبه الى حد بعيد تلك الثياب التي يرتديها كهنة معبد ايساكيلا البابلي المقدس، قبل اكثر من ثلاثين قرنا شمسيا، تأكد بما لايقبل الشك ان الامر ليس بالسوء الذي تظهره هذه السطور القليلة التي بنيت على مشاهدات قديمة يعوزها التذكر، فالعديد من المشاهد تم طمرها بسبب النسيان او الاهمال المتعمد، لأقصاء ذكريات تشكل نوعا ما من صدمة ، فالتلاميذ هناك يرغمون على لعق اجساد الكاهنات المتبتلات، في عامهم الكهنوتي الاول، ويحدث ان يقع احدهم ضحية إغراءات مفاجئة تحت براثن قبضة ناعمة في مخدع تتحكم به كاهنة شبقة، جندت لإرضاء رغبات القوى الشريرة، التي تحوم حول المعبد، لا يمكن القضاء على الشر باي حال من الاحوال، طالما هناك خير هناك نقيضه في صراع دائم ، بعضهم يجندون لالتهام الاجنة التي تولد بأعضاء غير مكتملة لمعاقبة الكاهنات اللواتي يجردن من رتبهن الكهنوتية، بسبب الفجور غير المبرر، وهو الامر الذي سيسمح لهن فيما بعد بمزاولة الدعارة بمباركة الكاهن ، تلاميذ المدرسة الكهنوتية انخرطوا بكامل وعيهم، مسترشدين بأقانيم معلميهم في هذه الممارسات اليومية، تستطيع تمييز اللون الاخضر الداكن الذي يشوبه اصفرار ذهبي المحدد باللّون الازرق اللامع في الثياب التي يرتديها الكاهن الاعظم، يبدو مخمورا او مصابا بالعته وهو يستند على عصاه الملتوية التي تذكرني بعصا متحولة، يذكرها التاريخ الديني بتوقير كبير، انها ذكريات لا تنفك تطل براسها كثعابين صغيرة ناعمة بأنياب مكتملة النمو .



#طالب_كاظم_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقي الذي فتك بالعصافير في طفولته
- في ادب الطفل
- المسرح والدهشة الاولى التي سترشد خيال الطفل الى الجمال
- جلجامش وانكيدو سيناريو للفتيان
- مسرحية لليافعين: ابنة الخياط
- نووايس عقدك الثاني
- نواويس عقدك الثاني المهجورة
- قصة قصيرة : في الاسبوع التاسع والاربعين
- حب ما


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - تلاميذ الاسخريوطي