أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - مروى في عالم غريب (قصة قصيرة)














المزيد.....


مروى في عالم غريب (قصة قصيرة)


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 8232 - 2025 / 1 / 24 - 20:31
المحور: الادب والفن
    


مروى في عالم غريب
.
في صباحٍ رماديٍّ هادئ، كانت مروى تجلس في غرفتها تتأمل قطرات المطر التي تنزلق على زجاج النافذة. الحياة في مدينتها الصغيرة كانت هادئة ورتيبة، لا شيء جديد يلوح في الأفق. لكن في ذلك اليوم، قررت أن تغير الروتين وخرجت في نزهة إلى الغابة المجاورة، تحمل في يدها دفتر ملاحظاتها وقلمها المفضل، على أمل أن تجد مصدر إلهام للكتابة.
حين وصلت إلى قلب الغابة، استرقت السمع إلى حفيف الأشجار وأصوات الطيور. كان هناك شيء غريب في الجوّ، كأن الطبيعة تنتظر شيئًا ما. فجأة، وقعت عيناها على شجرة ضخمة ذات لحاء غريب يشبه المرايا. مدفوعة بفضولها، اقتربت مروى منها ولمست السطح اللامع. في اللحظة التي فعلت فيها ذلك، شعرت بدوار عجيب، وكأن الأرض تحت قدميها تختفي.
---
عندما فتحت عينيها، وجدت نفسها في مكان يشبه مدينتها تمامًا، لكن كل شيء كان مختلفًا بطريقة مريبة. السماء كانت بلون أرجواني داكن، والشمس كانت تبدو كقرص من الزمرد الأخضر. المباني كانت مألوفة، لكنها متوهجة بخطوط ذهبية، والأشجار كانت تصدر ألحانًا خافتة كأنها تغني.
بدأت تمشي في الشوارع، وهي تحاول استيعاب هذا العالم الغريب. لاحظت أن الناس هنا يشبهون سكان مدينتها، لكن ملامحهم كانت أكثر إشراقًا وأعينهم تتوهج بضوء خافت. فجأة، رأت نسخة أخرى من نفسها، مروى أخرى، تجلس في مقهى وتضحك مع أصدقاء لم ترهم من قبل. شعرت برعشة تسري في جسدها؛ هل هو حلم أم حقيقة؟
حاولت مروى الاقتراب من النسخة الأخرى، لكن قدمًا غريبة إعترضتها. وجدت أمامها كائنا يشبه الإنسان لكنه بأذنين طويلتين وعينين لامعتين كالجواهر. قال لها بصوت هادئ لكنه عميق: "أنتِ لستِ من هنا، أليس كذلك؟"
هزت رأسها بخوف وارتباك. قال الكائن: "هذا العالم موازي لعالمك، لكنه ليس مكانًا يجب أن تبقي فيه طويلًا. كل دقيقة تقضينها هنا تغيّر شيئًا في عالمك الحقيقي."
سألته مروى بصوت مرتجف: "كيف أعود؟ ثم لماذا أنا هنا أصلا؟"
ابتسم الكائن ابتسامة غامضة وقال: "الشجرة هي المفتاح، لكنها ستفتح لك الباب فقط إذا أثبتِّ أنكِ تفهمين الفرق بين العالمين."
---
على مدار الأيام التالية، تجوّلت مروى في هذا العالم، محاولًة فهم قوانينه الغريبة. لاحظت أن الناس هنا يعيشون بتناغم تام مع الطبيعة، لا صراعات ولا قلق. لكن رغم الجمال الظاهر، شعرت بشيء غير مريح، كأن كل شيء مثالي أكثر مما يجب.
في أحد الأيام، اكتشفت مكتبة قديمة مليئة بالكتب التي تحكي عن عوالم متعددة. عثرت على كتاب يحكي عن الشجرة التي عبرت من خلالها. قرأت فيه أن الشجرة ليست مجرد بوابة، بل هي اختبار. إذا أراد شخص العودة إلى عالمه، عليه أن يواجه نفسه الحقيقية.
أدركت مروى أن عليها مواجهة النسخة الأخرى منها. ذهبت إلى المقهى حيث رأت نفسها أول مرة. عندما اقتربت، نظرت النسخة الأخرى إليها وابتسمت قائلة: "كنتُ أنتظرك."
جلستا معًا وتحدثتا لساعات. اكتشفت مروى أن هذه النسخة منها هي تجسيد لكل ما كانت تخشاه أو ترغب فيه. كانت أقوى، أكثر ثقة، وأكثر حرية. قالت لها النسخة الأخرى:
"لكي تعودي، عليكِ أن تقبلي بكل جوانبك، الجيد والسيئ. لا يمكن أن تهربي من نفسك إلى الأبد."
---
بعد المواجهة، عادت مروى إلى الشجرة ووضعت يدها على لحائها. شعرت بطاقة تسري في جسدها، وعندما فتحت عينيها، وجدت نفسها في غرفتها. كل شيء بدا عاديًا، لكن مروى شعرت أنها تغيرت. أصبح العالم الحقيقي أقل رتابة، وأكثر جمالًا.
لم تخبر أحدًا بما حدث، لكنها تعلمت درسًا عميقًا: أحيانًا، علينا أن نرى أنفسنا من زاوية مختلفة لنفهم حقيقتنا.
.



#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفل الذي لا يكبر (قصة قصيرة)
- نحن غبار الكون - خمسون قصيدة هايكو (شعر)
- الحروب كدافع أساسي للتطور التكنولوجي والعلمي
- أريج ونور القمر (قصة قصيرة)
- ثقوب الذاكرة (قصة قصيرة)
- على حافة الحياة (قصة قصيرة)
- لقاء مُلغى (قصة قصيرة)
- زواج القاصرات: جريمة تتطلب وقفة جادة
- رحلة تطور العقل البشري: من الأسطورة إلى العلم
- ضوضاء الحياة (قصة قصيرة)
- إقصاء الٱخر: ملاحظات لتفكيك الفكر الديكتاتوري العروبي ...
- غزّة: على نفسها وأهلها جنت براقش
- تعليقا على مقال علاء اللامي -شهادة لباحث غربي حول الإلحاد ال ...
- فاتوا بسورة من مثله - سورة غزّة
- من أنت...؟
- عيدٌ، بأيّ عتهٍ عُدتَ، يا عيدُ...؟
- خيرُ أمّةٍ...؟
- طفولةٌ
- هل الحجاب فرضٌ أم ليس فرضًا؟
- فليأتوا بحديث مثله - سورة الحجّ


المزيد.....




- نجيب محفوظ وفن الكوميكس.. هل يفتح الفن التاسع آفاقا جديدة لل ...
- فيلم -إيميليا بيريز-.. فوضى إبداعية بين الموسيقى والكوميديا ...
- محمد سمير ندا.. على الكاتب أن يمتلك الجرأة على إلقاء الحجارة ...
- بعد سقوط الأسد.. فنان سوري شهير يتعرض للتهديد بالقتل
- الفنان السوري سامر المصري يصل دمشق بعد غياب 14 عاما ومحبوه ي ...
- سرقة تحف أثرية من متحف هولندي بعد اقتحامه باستخدام عبوة ناسف ...
- بطريقة سينمائية.. سرقة 3 أساور ملكية وخوذة ذهبية أثرية
- فنان مصري يعلن فتح مزاد على -بالطو- حفل -Joy Awards- لصالح م ...
- أزمة قانونية تهدد عرض فيلم السيرة الذاتية لمايكل جاكسون
- بشعار -وما بينهما-.. بينالي الفنون الإسلامية بجدة يستكشف الإ ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - مروى في عالم غريب (قصة قصيرة)