أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - الطفل الذي لا يكبر (قصة قصيرة)














المزيد.....

الطفل الذي لا يكبر (قصة قصيرة)


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 8232 - 2025 / 1 / 24 - 09:42
المحور: الادب والفن
    


الطفل الذي لا يكبر

.
في إحدى القرى الصغيرة، حيث الحياة هادئة والطبيعة تغمر المكان بجمالها، عاشت عائلة البدراني حياة بسيطة ومستقرة. كان لديهم إبن واحد يُدعى سامي، وُلد في ليلة قمرية مليئة بالنجوم المتلألئة. بدا سامي منذ ولادته طفلًا مختلفًا، فملامحه كانت تحمل براءة غير عادية ونورًا يلفت الأنظار.
كبر سامي عامًا بعد عام كبقية الأطفال، أو هكذا بدا في البداية. لكن حين بلغ الخامسة، توقفت ملامحه عن التغير.
كانت والدة سامي، ليلى، أول من لاحظ الأمر. في عيد ميلاد سامي الخامس، وقفت تتأمل صوره المعلقة على الجدران. كانت جميعها متشابهة، كأن الزمن قد توقف بالنسبة له.
قالت لزوجها أحمد: "ألا تلاحظ أن سامي لا يتغير؟ لقد بقي وجهه كما هو منذ سنوات."
حاول أحمد طمأنتها: "ربما هو مجرد تأخر طبيعي. الأطفال يختلفون."
لكن القلق تسلل إلى قلبيهما.
عندما بلغ سامي العاشرة، ولم يتغير شكله أو طوله أو صوته، قررت العائلة عرضه على الأطباء. أُجريت له عشرات الفحوصات والتحاليل، لكن النتائج كانت صادمة. لم يكن هناك أي خلل جسدي، ولا مرض وراثي يفسر حالته. كان جسده يعمل بشكل طبيعي، لكنه ببساطة توقف عن التقدم في العمر.
"هذه حالة نادرة جدًا... أو ربما غير مسبوقة،" قال أحد الأطباء بحيرة.
عادت العائلة إلى منزلها محمّلة بأسئلة كثيرة دون أيّ جواب.
في البداية، حاولت الأسرة إخفاء الأمر. لكن في قرية صغيرة كهذه، لا يمكن إخفاء الأشياء طويلًا. بدأ الناس يلاحظون أن سامي لم يتغير منذ سنوات. تساءل الجيران: "هل هذا سحر؟ أم لعنة؟"
تحولت النظرات الفضولية إلى همسات وشائعات. بعضهم ظن أن العائلة تخفي سرًّا مظلمًا، وآخرون ظنوا أن سامي هبة من السماء.
لم يكن سامي نفسه يدرك حجم الغرابة في حالته. كان مجرّد طفل يعيش حياته بمرح، لكنه شعر بالعزلة حين بدأ أصدقاؤه يكبرون ويلتحقون بالمدارس الثانوية، بينما ظل هو عالقًا في جسد طفل صغير.
عندما بلغ سامي العشرين – جسديًّا كان لا يزال كما في الخامسة من عمره – قرر أحمد وليلى البحث عن أي تفسير. سمعت العائلة عن شيخ عجوز حكئم يعيش في أعماق الجبال، يُقال إنه يعرف خبايا وأسرار الحياة.
سافروا أيامًا للوصول إليه. وعندما رأى الشيخ سامي، أطلق تنهيدة طويلة وقال: "لقد توقّعت قدومكم."
روى لهم الشيخ قصة قديمة عن "الأطفال النّورانيّين"، وهم أطفال يولدون بقدر خاص، لا يشيخون ولا يموتون إلا إذا اكتمل غرضهم في الحياة. "سامي ليس إنسانًا عاديًا. إنه يحمل رسالة، لكن لا أحد يعرف ماهيّتها. قد يكتشفها بنفسه وقد لا يكتشفها."
عادت العائلة إلى المنزل، لكنها لم تعد كما كانت. أصبحوا يتقبلون وضع سامي كجزء من حياتهم. بدلاً من الحزن على حالته، قرروا دعمه ليكتشف غايته في هذه الحياة.
سامي، رغم كل شيء، بدأ يلاحظ أن وجوده يحمل تأثيرًا عميقًا على من حوله. كان يلهم الناس بالفرح، ويمنحهم الأمل بوجهه الطفولي وضحكته البريئة. أدرك أنه ربما هذا هو قدره: أن يكون رمزًا للنقاء والبراءة في عالم يغرق بالهموم.
مع مرور العقود، أصبح سامي قصة تُروى في القرية وخارجها. لم يعرف أحد سرّه بالكامل، ولم يعرف هو نفسه متى سينتهي زمنه. لكنه عاش كل يوم كما لو كان الأخير، مُثبتًا أن العمر الحقيقي لا يُقاس بالسنوات، بل بما نتركه من أثر في قلوب الآخرين.
.



#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن غبار الكون - خمسون قصيدة هايكو (شعر)
- الحروب كدافع أساسي للتطور التكنولوجي والعلمي
- أريج ونور القمر (قصة قصيرة)
- ثقوب الذاكرة (قصة قصيرة)
- على حافة الحياة (قصة قصيرة)
- لقاء مُلغى (قصة قصيرة)
- زواج القاصرات: جريمة تتطلب وقفة جادة
- رحلة تطور العقل البشري: من الأسطورة إلى العلم
- ضوضاء الحياة (قصة قصيرة)
- إقصاء الٱخر: ملاحظات لتفكيك الفكر الديكتاتوري العروبي ...
- غزّة: على نفسها وأهلها جنت براقش
- تعليقا على مقال علاء اللامي -شهادة لباحث غربي حول الإلحاد ال ...
- فاتوا بسورة من مثله - سورة غزّة
- من أنت...؟
- عيدٌ، بأيّ عتهٍ عُدتَ، يا عيدُ...؟
- خيرُ أمّةٍ...؟
- طفولةٌ
- هل الحجاب فرضٌ أم ليس فرضًا؟
- فليأتوا بحديث مثله - سورة الحجّ
- من أجل محاكمة كاملة وشاملة للتاريخ التونسي


المزيد.....




- فنان يثني الملاعق والشوك لصنع تماثيل مبهرة في قطر.. شاهد كيف ...
- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!
- مغن أمريكي شهير يتعرض لموقف محرج خلال أول أداء له في مهرجان ...
- لفتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- «خالي فؤاد التكرلي» في اتحاد الأدباء والكتاب
- بعد سنوات من الغياب.. عميد الأغنية المغربية يعود للمسرح (صور ...
- لقتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - الطفل الذي لا يكبر (قصة قصيرة)