أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - سوريا عبر التاريخ و تبدلات الأسماء والهوية الوطنية من المملكة إلى الدويلات و الجمهوريات















المزيد.....


سوريا عبر التاريخ و تبدلات الأسماء والهوية الوطنية من المملكة إلى الدويلات و الجمهوريات


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8232 - 2025 / 1 / 24 - 08:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سوريا عبر التاريخ و تبدلات الأسماء والهوية الوطنية
من المملكة إلى الدويلات و الجمهوريات


إبراهيم اليوسف




تُعد سوريا- بخريطتها الممتدة اليوم- واحدة من أقدم البلدان التي شهدت تعاقب الحضارات والإمبراطوريات، ما جعلها مسرحًا للتحولات التاريخية الكبرى التي انعكست على أسمائها وهويتها. ومع دخول القرن العشرين، بدأ فصل جديد في تاريخها السياسي والاجتماعي، حيث تغيّرت أسماؤها وحدودها مرات عدة لتعبّر عن طبيعة المرحلة والتوجهات السياسية السائدة. هذا المقال يستعرض تطور أسماء سوريا، تأثير الهيمنة القومية على مكوناتها المتعددة، وأهمية الاعتراف بالتعددية القومية في بناء مستقبل يليق بتاريخها الغني.
لقد شهدت سوريا تغيرات كبيرة في أسمائها مع التحولات السياسية والاجتماعية التي عصفت بها منذ القرن العشرين، ما يعكس تطور الهوية الوطنية للبلاد. إذ إنه بعد سقوط الدولة العثمانية، أُعلنت المملكة السورية العربية بقيادة الملك فيصل الأول في 8 مارس 1920، بعد حوالي سنتي مخاض بعد دخول قوات الملك فيصل الأول، و كانت المملكة تشمل أجزاءً واسعة من بلاد الشام، بما فيها سوريا الحالية ولبنان وفلسطين والأردن. غير أن هذه المملكة لم تستمر سوى أربعة أشهر، حيث انتهت بعد معركة ميسلون في يوليو 1920، حينما فرضت فرنسا انتدابها على سوريا وقد تمت إضافة وصف" العربية "لسوريا، لأول مرة، تحت تأثير صعود التيار القومي العربي و ما سميت بالثورة العربية الكبرى. إذ إنه في ظل الانتداب الفرنسي، وُضع دستور جديد عام 1930 وأُعلن عن "الجمهورية السورية"، وذلك بسبب وجود أكثر من قومية في البلاد. حدود هذه الجمهورية تطابقت مع الحدود الحالية تقريبًا، باستثناء" لواء إسكندرون" الذي ظل جزءًا من سوريا حتى عام 1939، حينما تنازلت فرنسا عنه لصالح تركيا، إلا أن سوريا هذه كانت مقسمة إلى دول خمس، أو دويلات خمس، هي دولة دمشق- دولة الدروز- دولة حلب- دولة العلويين- دولة الدروز. ومع نيل سوريا استقلالها في 17 أبريل 1946، استمرت سوريا باسم "الجمهورية السورية". لكن مع صعود القومية العربية وإقرار دستور جديد عام 1950، أضيفت كلمة " العربية" إلى اسم الدولة لتصبح " الجمهورية العربية السورية". بعد الوحدة مع مصر بقيادة جمال عبد الناصر في 22 فبراير 1958، تغير اسم الدولة إلى "الجمهورية العربية المتحدة"، في تعبير عن رغبة في الوحدة العربية. استمرت هذه التسمية حتى انهيار الوحدة في 28 سبتمبر 1961. بعد الانفصال عن مصر، عادت سوريا لتسمية " الجمهورية العربية السورية"، التي تعكس توجهًا قوميًا عربيًا واضحًا، على الرغم من تعددية مكوناتها القومية والثقافية.
خلال الحكم العثماني بين عامي 1516 و1918، كانت سوريا جزءًا من ولاية الشام الكبرى، التي شملت سوريا الحالية ولبنان وفلسطين والأردن. في هذه الفترة، كانت المناطق الكردية مثل: الجزيرة وعفرين وكوباني التي ضمت إلى سوريا، فيما بعد، تعتبر جزءًا من كردستان الكبرى، المرتبطة ثقافيًا وجغرافيًا بباقي المناطق الكردية فيما تسمى اليوم بتركيا والعراق وإيران. إذ إنه بعد اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، قسمت هذه الاتفاقية مناطق النفوذ العثماني بين فرنسا وبريطانيا. أصبحت سوريا خاضعة للنفوذ الفرنسي، وجرى ترسيم حدودها بشكل يتجاهل الواقع التاريخي والإثني، ما أدى إلى ضم المناطق الكردية الشمالية الشرقية، مثل الجزيرة وكوباني وعفرين، إلى الدولة السورية الحديثة. خلال فترة الانتداب الفرنسي من عام 1920 إلى 1946، استمرت حدود سوريا الحالية تقريبًا، لكن فرنسا قامت بتقديم لواء إسكندرون لتركيا عام 1939. هذا التنازل قُوبل بمعارضة شديدة داخل سوريا، إذ كان اللواء جزءًا أساسيًا من الدولة السورية. مع الاستقلال في عام 1946، ثبتت الحدود الحديثة لسوريا، لكن البلاد استمرت بفقدان أراضٍ. في عام 1967، خسرت سوريا مرتفعات الجولان لصالح إسرائيل التي احتلتها خلال حرب الأيام الستة، ما أضاف تعقيدًا إلى وضعها الجغرافي والسياسي.
رغم أن سوريا تُعرف بتنوعها الثقافي والقومي، إلا أن السياسات القومية التي تبنتها الحكومات المتعاقبة أسهمت في هيمنة هوية واحدة على حساب مكونات أخرى. يشكل الكرد القومية الثانية في سوريا من حيث العدد، إلا أن الكثير من سياسات الدولة سعت إلى صهرهم ثقافيًا ولغويًا. العديد من الكرد الذين كانوا يقطنون المناطق الشمالية مثل الجزيرة وكوباني وعفرين، تم تهجيرهم أو استقطابهم للعيش في المدن الكبرى بالإضافة إلى من هاجروا أو هجروا إلى خارج سوريا. هذه السياسات ساهمت في تقليص الوجود الكردي في مناطقه التقليدية وذوبانه داخل الأغلبية العربية. تشكلت ما يُعرف بالأغلبية العربية في سوريا نتيجة سياسات إقصاء وتذويب استهدفت مكونات أساسية مثل الكرد والآشوريين والسريان.هذه السياسات تضمنت تغيير الأسماء الجغرافية، ومنع التعليم باللغة الكردية، وتجاهل الموروث الثقافي غير العربي. أضف إلى كل ذلك ما تم من تذويب للكرد في محافظات مثل: دمشق- الساحل- حماة- حلب إلخ.
مع استقلال سوريا، أصبح الانتماء العربي جزءًا رئيسيًا من الهوية الرسمية. انضمامها إلى جامعة الدول العربية عام 1945 كان تعبيرًا عن هذا الانتماء. غير أن هذا التوجه لم يعكس التعددية الفعلية داخل البلاد، بل سعى إلى فرض هوية أحادية على مجتمع متنوع. الاعتراف بالتنوع القومي والثقافي في سوريا هو الخطوة الأولى نحو بناء دولة عادلة ومستقرة. من هنا، فالكرد، كجزء أصيل من النسيج الوطني، يطالبون بالاعتراف بحقوقهم الثقافية والسياسية، بما يعكس التداخل الثقافي والتاريخي بين العرب والكرد، كشعبين جارين، بل شقيقين، عاشا معاً عبر التاريخ الطويل.
إن استخدام اسم جامع مثل "الجمهورية السورية" بدلاً من " الجمهورية العربية السورية" قد يكون خطوة نحو الاعتراف بالتعددية القومية في البلاد. هذه الخطوة تتطلب إصلاح الدستور بما يضمن الاعتراف الرسمي باللغات والثقافات المختلفة في سوريا، بما في ذلك اللغة الكردية، وضمان تمثيل عادل لجميع المكونات في المؤسسات السياسية. إعادة النظر في الهوية الوطنية ضرورة لصياغة هوية وطنية شاملة تعترف بجميع القوميات والمكونات، وتضمن حقوقهم دون هيمنة أي هوية على الأخرى. الانضمام إلى جامعة الدول العربية يجب أن يقابله انفتاح على كيانات تعكس التعددية، مثل جامعة كردستانية عربية، ما يعزز التعاون الإقليمي ويضمن حقوق جميع السوريين.
أجل. لقد شهدت سوريا تحولات كبيرة في أسمائها وحدودها، عكست مراحل مختلفة من تاريخها السياسي والاجتماعي. غير أن السياسات القومية التي ركزت على هوية واحدة تجاهلت التعددية الغنية التي تميز البلاد. إن الاعتراف بجميع القوميات كجزء أصيل من النسيج الوطني ليس خيارًا، بل ضرورة لضمان استقرار سوريا وبناء مستقبل يتسع لجميع. السوريين



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوء استخدام ثنائية الأقلية والأكثرية: نقد قانوني وإنساني في ...
- تاريخ الأعلام السورية: من الاستقلال إلى الوحدة وما بعدها نحو ...
- بين فرحة الكرد وأصدقائهم: الرئيس مسعود بارزاني وتدشين مرحلة ...
- أخوة الكرد والعرب في سوريا: تاريخ مشترك ومسؤولية مصيرية
- حزب الملايين: كيف اختفى خلال ساعات؟ الأسدان الكبير والصغير أ ...
- اختلال المعايير: استتفاه الكبائر واستعظام الصغائر
- ما بعد سقوط الأسد: إعادة قراءة المشهد السوري
- بشار الأسد من بيت الأب إلى كرسي السلطة ومزارع المنفى
- في توصيف القيادة المطلوبة: رؤية في ضوء التاريخ والواقع
- التكاتف ضرورة في مواجهة التناقضات: دعوة إلى الكتابة بمسؤولية ...
- الكرد السوريون وخياراتهم: واقع معقد وآفاق مفتوحة
- ثقافة العنف بين إرث السلطة ودوامة الحرب2/2
- تشكيل الحكومة المؤقتة: خيارات خاطئة وتحديات المصالحة والبناء ...
- مفاهيم تُعيد إنتاج الاستبداد: قراءة نقدية في رؤى المرحلة
- التطرف بأشكاله: حرب مفتوحة على الكُرد وبيان من 170 كاتباً-1
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى السيد أحمد الشرع
- رسالة الأدباء والكتاب الكرد إلى الشرع
- الإرث الدموي في سوريا: كيف نعيد بناء المجتمع؟1/2
- سوريا بين الماضي والحاضر: أي مستقبل نريد؟ في إطاراستعادة وطن ...
- سوريا المتناثرة بين ثورتين: هل تحتاج كتابة الدستور ثلاث سنوا ...


المزيد.....




- اكتشاف -مثير- لأغنية كان يعتقد أنها مفقودة للراحلة تينا تيرن ...
- بوتين: لو لم يُسرق فوز ترامب في انتخابات 2020 فربما لم تحدث ...
- انهيار مبنى من ثلاثة طوابق في ولاية قونية التركية (فيديو)
- إسرائيل تقرر إبقاء قوات في جنوب لبنان
- ترمب.. النظر في ثقب القفل الأوكراني
- قيادي من -حماس- يتحدث عن الأولوية العاجلة للحركة في قطاع غزة ...
- محققون روس: صاروخ -بانتسير-إس1- وراء إسقاط طائرة الخطوط الجو ...
- مهاجرون عالقون على الحدود الأمريكية بعد إلغاء مواعيد اللجوء ...
- -كتائب القسام- تعلن إيقاع قوة إسرائيلية في -كمين محكم- بمخيم ...
- الشرطة السعودية تستدعي شخصين لمخالفتهما الذوق العام


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - سوريا عبر التاريخ و تبدلات الأسماء والهوية الوطنية من المملكة إلى الدويلات و الجمهوريات