فراس الوائلي
الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 20:34
المحور:
الادب والفن
أنا النهر، لغتي انسياب يسرد الحكاية، أكتبها بحروف شفافة في أوردة الوجود، كل قطرة مني زمن يتدفق في عروق الأرض. جئتُ من رحم الغيم، حملت نبض المطر، وانحدرت لأرسم طريقي بين الحجارة، أُعلِّمها أن الصلابة تخضع لرقة الماء، وأهمس للعشب أن ينمو، وللزهور أن تتفتح. على ضفافي تجلس الأشجار تنصت إلى غنائي، تمد جذورها كأصابع تكتبني في أعماق التراب، الطيور تحلّق فوقي، أجنحتها تترك ظلالًا تتماوج على صدري، وأهمس لها عن الأعماق التي لا تراها، عن الأسرار التي أخبئها بين الصخور، عن الأحلام التي أحملها حين أمضي إلى البحر، وأمواجي ترتّل أناشيد الغياب، وتترك الأشجار ترفرف بأغصانها، تحكي لي عن الرياح التي تحمل حكايات الغيم، عن الأفق الذي يسافر بين فروعها، وعن الشمس التي تغازل أوراقها وتتركها تلمع كضوء مسكوب على المرآة. أنا عشق الطيور التي تُخبرني عن السماء وأسرارها، أطارد الأفق الذي يهرب أمامي كأُمّ تقرأ لطفلها حلم الأزل. أنا ذاكرة الأرض وهمسة الماء الأولى، أكتب على صفحة وجهي قصائد البريق، أهدأ حين تُقبّلني الرياح، وأرقص حين تعانقني النجوم، كل قطرة مني تعكس شمسًا لا تغيب، أنا خيط الفجر الذي يلتف حول الظلام ليصنع شمسًا جديدة. وفي الليل تسألني الضفاف عن سر تدفقي، فأجيبها بنغم يشبه البكاء، أنا أركض لأحمل عشقكم إلى البحر.
ديترويت/ ميشيغان
2025/123
#فراس_الوائلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟