أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - درءا لنصر يُهْزَم فيه الشعب!















المزيد.....

درءا لنصر يُهْزَم فيه الشعب!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1791 - 2007 / 1 / 10 - 11:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


ليس بالاكتشاف الجديد أن تقول إنَّ الاحتلال يولِّد المقاومة، أو لا احتلال بلا مقاومة، فقول كهذا ليس قديما فحسب، وإنما أمر في منزلة البديهية أو المسلَّمة. والتاريخ، تاريخ الاحتلال والمقاومة القومية للشعوب، كشف لنا، وعلَّمنا، أيضا، أنَّ "الخطر الخارجي" يمكن ويجب أن يجعل الشعوب والمجتمعات أكثر وحدة وتماسكا في مواجهته، وأن يتحكَّم في تناقضاتها الداخلية بما يمكِّنها من الزج بكل قواها في مواجهته، وللتغلُّب عليه.

إنَّ هذا وذاك ما عادا، على ما يبدو، بالبديهية، أو بالأمر الذي لا جدال فيه، في العراق وفلسطين، حيث نرى تطورا لم نألفه أو نعتده من قبل، فما يجتمع، هذه المرة، ليس "الاحتلال" و"المقاومة"، ولا "الخطر الخارجي" و"التوحُّد الداخلي"، وإنما "الاحتلال" و"الحرب الأهلية"، و"الخطر الخارجي" و"التمزُّق الداخلي"، فما معنى هذا الفشل في مواجهة التحدي.. تحدي "الاحتلال" للعراقيين والفلسطينيين أن يتَّحدوا في مواجهته، ومن أجل الخلاص منه، وأن يتَّخِذوه سببا، وسببا قويا، للسيطرة على تناقضاتهم الداخلية؟! ما معنى أن يتوفَّروا على الإعداد والاستعداد للحرب الأهلية وكأن لا وجود للاحتلال ولا للخطر الخارجي، الذي فهمته شعوب ومجتمعات كثيرة على أنه دعوة إلى مزيد من الوحدة والتماسك؟!

لقد "تحرَّر" قطاع غزة؛ ولكنه الآن يظهر لنا على أنه لم يتحرَّر من الاحتلال الإسرائيلي، وإنما من قيود الحرب الأهلية، التي شرعت رياحها تهب على الضفة الغربية حيث الاحتلال أشد وضوحا، وأكثر حضورا.

ثلاثة أشياء أصبحوا، أو كادوا أن يصبحوا، أثرا بعد عين في المشهد الفلسطيني الذي نراه الآن: "الشعب"، في دوره السياسي المستقل، و"المصلحة العامة" للشعب الفلسطيني، والتي على وجودها الواقعي والفعلي، ليس من تأثير قوي لها في السياسة، فكرا وممارسة، و"العقل"، الذي هو الآن أضعف القوى السياسية الفلسطينية، فشيء يشبه "الغريزة الحيوانية" يستبد به، ويمعن في إضعافه وتدميره.

إنَّها مصيبة ما بعدها مصيبة أن يَظْهَر كل المعدُّون والمستعدون للحرب الأهلية، في خطبهم وأحاديثهم السياسية، على أنهم مدرِكون تماما لمخاطرها على الشعب الفلسطيني، على قضيته وحقوقه القومية، ومع ذلك يندفعون فيها، أو في الطريق المؤدية حتما إليها، وكأنها قدر يُعْجِزهم عن مواجهته!

مَنْ ذا الذي يجرؤ على الادعاء بأن الأزمة الفلسطينية التي تكاد تتمخض عن حرب أهلية هي في المقام أزمة عجز (عقلي) عن صناعة حلول ومخارج، فالحلول والمخارج في متناول أياديهم جميعا؛ ولكنهم لا يميلون إلى الأخذ بها؛ لأنَّ المصالح الشخصية والفئوية الضيقة، والتي هي الآن في نزاع هو الأعنف والأشد مع المصالح العامة للشعب الفلسطيني، هي الحاكمة والمتحكمة، وهي المعمية للأبصار والبصائر، فالشعب الذي خرج، أو أُخْرِج، من حيث يتقرَّر مصيره ومستقبله، ما عاد يرى من صانع للأحداث سوى "المسلَّحين الملثَّمين المجهولين"، و"الساسة" الذين لا يعيشون إلا بكل عصبية مدمِّرة للوحدة القومية للشعب الفلسطيني، ومستنفِدة لطاقته، التي كان ينبغي لها أن تكون طاقة مقاومة للاحتلال، في ما يشبه الصراع القَبَلي.

إذا كانت الغاية هي الحفاظ على أمن المواطن الشخصي، وحماية الممتلكات من خاصة وعامة، أي القيام بما تقوم بها الشرطة من أعمال، فلا حاجة إلى كل هذا السلاح والمسلَّحين والأجهزة والقوى الأمنية، فبضع مئات من الشرطة الجيدين يكفي للقيام بذلك، على أن يغادر المسلَّحون، الملثَّمون منهم وغير الملثَّمين، مع أسلحتهم، الشوارع. إنَّ هذا "التكاثُر الأمني" لم يؤدِّ إلا إلى مزيد من الانهيار الأمني، وإلى بذر مزيد من بذور الحرب الأهلية.

كل هذا السلاح والمسلَّحين لن يحرِّر شبرا واحدا من الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا يرفع منسوب الأمن الداخلي سنتيمترا واحدا؛ ولكنه يكفي لحرب أهلية تأتي على أخضر واليابس.

إذا كانت الغاية هي تلك، أي حفظ الأمن الداخلي والنظام العام، فالتجربة تُثْبِت أن استحداث "القوة التنفيذية" لم يفضِ إلا بما يذهب بالهدف والتوقُّع، فلِمَ هذا الاستمساك بها؟!

إنَّ "حماس" و"فتح" وسائر المنظمات يمكنهم الاتفاق على قوة شرطة جيدة، لا سلاح غير سلاحها يَظْهَر ويعمل. لو اتفقوا على ذلك لاكتشفوا أنَّ بضع مئات من هؤلاء المسلَّحين يكفي ويفي بالغرض، فمسلَّحون أقل يمكن ويجب أن يؤدي إلى أمن أكثر.

ولِمَ هذا الاستمساك بمواقف سياسية ليس من مرجعية لها في المصالح العليا للشعب الفلسطيني. إنني لا أرى تناقضا في المنطق إذا ما قلت إنَّ للفلسطينيين، أي للشعب الفلسطيني مصالح متناقضة، فالفلسطينيون لهم مصلحة حقيقية وفعلية في أن تجتنب "حماس" ما لم تستطع منظمة التحرير الفلسطينية اجتنابه، وهو "الاعتراف بإسرائيل"، مهما كان مستواه أو شكله؛ ولهم، في الوقت نفسه، مصلحة حقيقية وفعلية في أن تكون لهم حكومة جديدة في مقدورها إنهاء الحصار المالي والاقتصادي الدولي الذي يتعرضون له، والذي ثَبُت وتأكَّد أنَّ حكومة "حماس" غير قادرة على جعل حياة الفلسطينيين بمنأى عن ضغوطه.

هذه المصلحة الفلسطينية العامة المتناقضة إنَّما تحض "حماس" على تغيير موقفها بما يتَّفق معها، أي مع تلك المصلحة. وليس من موقف من هذا النمط سوى الموقف الذي يسمح لـ "حماس" بممارسة ما يمكن تسميته "الخسارة المنطوية على ربح"، فالحكومة الجديدة يُتْرَك أمر تأليفها لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، توصُّلا إلى إنهاء ذلك الحصار، و"المجلس التشريعي" يظل خاضعا لهيمنة "حماس" الممثِّلة للوجه الآخر من المصلحة العامة الفلسطينية، أي لمصلحة الفلسطينيين في أن تظل "حماس" على رفضها الاعتراف بإسرائيل.
وهذا الموقف إنَّما يستلزم ما يشبه "التفويض"، تقوم به "حماس" عبر "المجلس التشريعي"، فرئيس السلطة يحصل على تأييد برلماني للحكومة الجديدة التي أنشأها حتى تُنْجِز مهمة "فك الحصار"، ويُفوَّض مع منظمة التحرير الفلسطينية التفاوض مع إسرائيل توصُّلا إلى حل نهائي، يستمد شرعيته الفلسطينية من قبول الشعب الفلسطيني له عبر استفتاء شعبي، فالفلسطينيون لا مصلحة لهم في "التفاوض الالتفافي"، الذي يستهدف إنهاء الحصار الدولي عبر حلول مؤقتة من قبيل حل "الدولة ذات الحدود المؤقتة والمقترِنة بهدنة من خمس سنوات". مصلحتهم أن يأتي التفاوض والحل (الحل الدائم) من طريق الهيئة القيادية التي يعترف بها العالم على أنها الممثِّل الشرعي للشعب الفلسطيني، وهي منظمة التحرير الفلسطينية، وإن كانت غير مستوفية بعد لشروط "حماس" للانضمام إليها، والاعتراف بها.

هذه هي الحال الفلسطينية الجديدة التي ينبغي لـ "حماس" و"فتح" ولسائر المنظمات الفلسطينية التأسيس لها، فالحال الفلسطينية القائمة الآن إنَّما هي الحال التي ينتفي فيها الأساس الواقعي لخياري "المقاومة" و"التفاوض". هذه الحال إنَّما هي مزيج من كل ما هو ضار فلسطينيا.. مزيج من "الاحتلال"، و"الحصار"، و"الاقتتال"، والـ "لا مقاومة"، والـ "سلام".

لقد أراد الفلسطينيون قيام "سلطة" تؤسس لـ "الدولة"، فإذا بها (بعد انتخابات المجلس التشريعي) تؤسس لـ "حرب أهلية"، يتضافر "الاحتلال" و"الحصار" على النفخ في نارها. ويكفي أن يشتعل فتيلها حتى يحترق حلم الدولة، ويخرج الشعب الفلسطيني مهزوما من تلك الحرب، التي لن ينتصر فيها إلا كل فلسطيني أراد نصرا ولو من خلال هزيمة شعبه!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الدياليكتيك
- هذه هي -الاستراتيجية الجديدة-!
- المرئي في -المشهد- ومن خلاله!
- موت كله حياة!
- حَظْر الأحزاب الدينية!
- أوْجُه من الفساد!
- حذارِ من -حيلة الهدنة-!
- ملامح -التغيير- كما كشفها غيتس!
- قصة -الروح-!
- ما ينبغي ل -حماس- قوله وفعله!
- -المقارَنة- و-التعريف-
- بعد خطاب عباس!
- قبل خطاب عباس!
- الفيزياء تنضم إلى الفلسفة في تعريف -المادة-
- وللعرب سياسة -الوضوح اللانووي-!
- ما قبل -الخيار الشمشوني-!
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. حديث خرافة وكذب!
- -تقرير- اختصر الطريق إلى جهنم!
- اقتراح هوكينج لتدارُك خطر زوال البشر!
- -حماس- و-فتح-.. لِمَ لا تسيران في خطين متوازيين؟!


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - درءا لنصر يُهْزَم فيه الشعب!