|
رواية -فلفل وجدّه الأسمر في ندوة اليوم السابع
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 18:15
المحور:
الادب والفن
"فلفل وجدّه الأسمر في اليوم السّابع" القدس 23 -1 – 2025 من جميل السّلحوت استضافت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية الأديبة المقدسية ديمة جمعة السّمان لنقاش روايتها للفتيات والفتيان (8-12) : " فلفل وجدّه الأسمر" . صدرت الرواية عن دار الهدى أ. عبد زحالقة (2024) كفر قرع، وتقع في 84 صفحة مصقولة وملونة من القطع المتوسط. زيّنتها رسومات الفنانة " آلاء محمد"، ونسّقتها " آلاء مارتيني". افتتحت الندوة وأدارتها الشاعرة د. روز اليوسف شعبان، فقالت: الرواية للأطفال فنُ جميل معروف منذ عدّة قرون، ويعتبر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين مرحلة تطور هامّة لهذا النوع من الأدب. في هذه الفترة، بدأت الروايات للأطفال تصبح شائعة أكثر في الثقافة الغربيّة. من أبرز الروائيين الذين كتبوا للأطفال عالمياً في تلك الفترة هم ج. إم. باري، الذي كتب "بيتر بان"، ولويزا ماي ألكوت، التي كتبت "الأميرة والجوز". ومن المؤلّفين البارزين الذين كتبوا للأطفال في القرن العشرين ج. ك. رولينغ، التي كتبت "هاري بوتر"، ودكتور سيوس، الذي كتب "قط بيت"." أمّا في الأدب العربي، فقد بدأت الروايات للأطفال في الظهور في القرن العشرين أيضًا. أحد الروائيّين المهمّين في هذا الصدد هو الكاتب المصري "طه حسين"، الذي كتب "الأطفال في الأدب"، وهي مجموعة من القصص الموجّهة للأطفال، تهدف إلى تعليمهم القيم والأخلاق. وهناك أيضًا عدد من الكتّاب العرب الذين كتبوا روايات للأطفال فيما بعد، مثل سميرة عزام، التي كتبت سلسلة "فارس شجاع"، ونجيب محفوظ، الذي كتب "المغامرات المنسية لأبي باكر". رضوى عاشور كتبت سلسلة "زهور"، و"رسالة من عصر الفراعنة" وغيرها، فاطمة شرف الدين مؤلفة سلسلة "نانسي"، و"رحلة الجدّ"، و"تحت المطر"، رفعت إسكندر كتب العديد من الروايات الشيّقة للأطفال مثل "الموتى يتكلّمون"، نبيل فاروق مؤلف سلسلة "سيّد الرسالة" و"الرحلة إلى القمر"، عبد الرحمن شرقاوي كتب سلسلة "أمير المغامرين" ، و"أنيسة والجن الشقي"، سامية أمين مؤلفة سلسلة "أمير البلاد العربية"، و"علاء الدين والمصباح السحري". مصطفى محمود كتب روايات مثل "الراهب يحيى"، و"الخدمة الذاتية"، جلال عامر مؤلف سلسلة "سمكة ذهب" و"سرّ البلورة الزرقاء"، غادة السمان كتبت روايات للأطفال مثل "رسالة من فوق السحاب"، و"حكاية اللمسة السحريّة"، تغريد عارف النجّار كتبت العديد من الروايات منها: لمن هذه الدمية ( 2019)، ستّ الكلّ (2018)، ستشرق الشمس، لغز عين الصقر وغيرها... وها هي الروائيّة ديمة السّمّان تخوض تجربتها الأولى في كتابة رواية فلفل وجدّه الأسمر، للفتيات والفتيان، بعد أن كتبت العديد من الروايات للكبار منها: برج اللقلق(2005)، بنت الأصول(2011)، رحلة ضياع (2011)، غفرانك قلبي(2015)، هذا الرجل لا أعرفه( 2018)، وغيرها من الروايات، وقد جاءت رواية فلفل وجدّه الأسمر، جميلة برسوماتها الجذّابة المتقنة، التي أضفت الكثير من الجمال على الرواية، إضافة إلى سردها الشائق، ومضامينها التربويّة الهامّة، حيث يتعلّم منها الطفل الكثير من القيم الهامّة والضروريّة لنشأته، وصقل شخصيّته، وتهذيبه، وتنمية فكره، وخياله. وُلد الأرنب فلفل مع أربعة أخوة، لكنّه الوحيد الذي كان فروه أسود، فنبذه أخوته كما نبذته سائر الأرانب، لكنّ والديّه، خصّاه بالرعاية والاهتمام البالغيْن، وعزّزا من ثقته بنفسه، فكان فلفل نشيطا، يساعد والده في الحقل، ويحضر الجزر والخسّ لأخوته، و مجتهدا في المدرسة، مواظبا على دراسته، يساعد كلّ من يحتاج إلى مساعدة، كان دائم الأسئلة يرغب في معرفة كلّ شيء، وقد لفتت هذه الصفات الجميلة انتباه والديه، فقالا له إنّه يشبه جدّه الأسمر، ثم رويا له حكاية جدّه الأسمر، الذي عانى أيضا من التنمّر بسبب لونه الأسمر، لكنّه بفضل ذكائه استطاع أن يضع خطّة محكمة لتخليص قريته من الكلاب المتوحشّة التي أزمعت على الهجوم على قرية الأرانب في منتصف الشهر حين يكون القمر بدرا، ورغم صغر سنّ الأرنب الأسمر؛ إلا أنّ زعيم القرية تبنّى خطّته، وبعد موت الزعيم اختارته الأرانب زعيما لها. عندما سمع فلفل قصّة جدّه الأسمر؛ قرّر أن يكون مثل جدّه، ويحذو حذوه. تزخر الرواية بالقيم منها: احترام وتقبُّل الآخر بغضّ النظر عن لونه وجنسه، وهذا حقّ أساسيّ من حقوق الإنسان الذي أقرّته الجمعيّة العامّة لحقوق الإنسان في 10 كانون الأوّل 1948، وينصّ القانون الأوّل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي:" يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان، وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء". ومن القيم الهامّة أيضا في الرواية، التحلّي بالصبر والإرادة، الثقة بالنفس، السعي والاجتهاد، مساعدة المحتاجين، استغلال الوقت واستثماره بما ينفع، احترام كبار السنّ ومساعدتهم والامتناع عن مضايقتهم. الإصرار والتحدّي، التفكير، استخدام العقل والحيلة لمواجهة الصعاب وحلّ المشاكل. كما أنّها تسلّط الضوء على أهميّة التربية الصالحة والاعتناء جيّدا بالأبناء وتوجيههم وإرشادهم وإعطائهم الدعم والحبّ بشكل دائم، وتعزيز الثقة في نفوسهم وخاصّة إذا كان الطفل يعاني من اختلاف ما عن أقرانه أو عن أخوته. تزخر القصّة أيضا بالكثير من المعلومات عن الأرانب وعن الكلاب الشرسة، من هذه المعلومات مثلا: الماء المنقوع بأوراق شجر الورد؛ يسبّب للكلاب آلاما في البطن والقيء والارتخاء وقد يؤدي إلى الموت؛ إذا شربت منه. كذلك رائحة أوراق شجر البرتقال والليمون منفّرة للكلاب، ومطحون الفلفل الأسود يؤذيها، كذلك الشوكولاتة تسبب للكلاب إذا أكلتها، القيء وآلاما حادّة في البطن، كما أنّ الكلاب تخاف من أصوات الأسود والنمور والفهود وتهرب لدى سماعها. كلّ هذه المعلومات جاءت ضمن الخطّة التي وضعها الجدّ الأسمر للتخلّص من عصابة الكلاب المفترسة، وفي ذلك دلالات كثيرة للأطفال. منها: عدم الاستسلام للصعاب، القراءة والمعرفة مهمّة جدّا لتخليصنا من الصعاب، الفئة الضعيفة قد تهزم الفئة الكبيرة والقويّة بواسطة التفكير ووضع الحيل المبنيّة على أسس العلم والمعرفة. رواية أرنوب؛ فلفل وجدّه الأسمر، هي رواية تربويّة، تثقيفيّة للأطفال، تفتح أمامهم أبواب المعرفة والمغامرة والخيال، وتقبّل الآخرين على اختلاف ألوانهم وأشكالهم وصفاتهم وشخصيّاتهم، كما أنّها تساهم في أن يتقبّل الطفل نفسَهُ حتى لو بدا مختلفا عن الآخرين، فالاختلاف لا يعني النقص، بل قد يكون الاختلاف هبة من الله وميزة فيها الخير الكثير. مبارك للروائيّة ديمة السمّان روايتها الأولى في أدب الأطفال، ولا شكّ أنها ستعقبها روايات أخرى بقلمها وبأقلام العديد من كُتّاب أدب الأطفال. وقال محمود شقير: هذه الرواية المكرسة للفتيات والفتيان صدرت عام 2024 عن أ. دار الهدى، عبد زحالقة في 84 صفحة من القطع الكبير، بغلاف مقوّى وورق صقيل وبرسومات من آلاء أحمد، وتنسيق آلاء مارتيني. تكتب الأديبة ديمة جمعة السمان روايتها هذه عن عائلة من الأرانب، بحيث يمكن من خلالها تحفيز خيال الأطفال، وتمرير رسائل تربوية وأخلاقية وإنسانية تسهم في تطوير سلوكهم وشحذ هممهم. ولتقريب الصلة بين عالم الأرانب وعالم الأطفال جعلت الرسامة آلاء أحمد الأرنبة "فلّة" على هيئة امرأة حامل منفوخة البطن بفستان طويل وأذنين طويلتين، تقف إلى جوار زوجها "فوفو" الذي لا يجمعه مع الأرانب إلا أذناه الطويلتان. بطل الرواية هو "فلفل" الذي ولدته أمّه بفراء أسود مع أخوين بفراء أبيض مخطط باللون الرمادي، وأختين بفراء أبيض. 2 بلغة خبرية سهلة وسرد لا تعقيد فيه، نلتقي منذ البداية مع الدرس التربوي الأساس في الرواية، له علاقة باللون المختلف، الذي جعل الأخوة ينفرون من "فلفل" بسبب لونه الأسود، وجعل أطفال الأرنبة الجارة يتجنّبون اللعب معه ظنًّا منهم بأنه أرنب وسخ لا يستحم. يتألم "فلفل" من هذه المعاملة الظالمة، فيذهب إلى أمه شاكيًا، وهنا تلعب الأم دورها المرشد لطفلها المؤكِّد على جماله، بحيث يتقبل لونه الأسود ويتعايش معه من دون خجل. ولكي تعزّز الأم نصيحتها لابنها تستدعي إلى الذهن ما فعله جدّه الأسمر، فتثير فضوله لمعرفة ما فعله هذا الجد، وهنا نلمس قدرة الكاتبة على السرد الذي يلد السرد ويحقّق التشويق الذي لا بدّ منه لمتعة القراءة ولتوصيل الرسالة. 3 بالأسلوب المشوّق ذاته وباللغة السهلة والسرد الرشيق تحكي الأم لابنها عن جدّه لأبيه الذي كان أسمر اللون، "وكان زملاؤه يضربونه ولا يلعبون معه في الحي" مثل "فلفل" تمامًا. لكن هذا الجد لم يضعف ولم يتخاذل، بل قرّر أن يثبت أنه "أفضل وأذكى" من هؤلاء الذين عابوا عليه لونه. هنا تسرد الكاتبة مجموعة من السلوكيات الصحيحة التي ميّزت الجد الأسمر، "فنال إعجاب الكبار والصغار"، وذاع صيته "وانتهى به الأمر إلى أن انتخبته الأرانب زعيمًا لها، فحكم القرية بالعدل". 4 تبدو استجابة "فلفل" لنصائح أمه ولحديثها عن جده الأسمر واضحة، بحيث راح يستلهم سيرة هذا الجد في تصرفاته، ولكي تصعّد ديمة السمان من عنصر الصراع في روايتها، بحيث يزداد منسوب الخيال ومعه التشويق تحيل سرد تفاصيل أكثر زخمًا عن الجد على لسان الأب في تشارك مع الأم، فيحدّث ابنه "فلفل" عن عصابة الكلاب المفترسة التي قررت أن تغزو قرية الأرانب، التي دعا زعيمها إلى وضع خطة للدفاع عن القرية، فلم تعجب الخطة جد فلفل الأسمر، بحيث كان يمكن لهذه الخطة أن تتسبب في إحراق القرية بدلًا من حمايتها. التقى الجد مع زعيم القرية بعد محاولات عديدة للقائه، وعرض عليه خطة لمجابهة هجمة الكلاب ومحاولات دخولها إلى القرية من مداخلها الأربعة. أعجب الزعيم بخطة الجد الأسمر، وتمكنت القرية من ردّ هجمة الكلاب المفترسة حين هاجمت القرية. وحين مات الزعيم انتخبت قرية الأرانب الجد الأسمر زعيمًا لها، فأقام العدل فيها، وهنا أنهى الأب والأم حكاية الجد الأسمر، وبقي أن يسمعا رأي طفلهما "فلفل" فيها، فلم يخب ظنهما فيه، إذ انتهت الرواية بقوله وهو يوجه كلامه لأمه ولأبيه: "سأكون مثله يا أبي... ساعمل جهدي أن أصبح القائد الذي سيعيد العدل والأمن والأمان لقرية الأرانب يا أمي". 5 تتعيّن قيمة هذه الرواية في رفضها للتمييز على أساس اللون، (ويمكن تعميم الأمر بحيث يصبح رفض التمييز على أساس الدين أو العرق أو الطبقة الاجتماعية أو بين الرجل والمرأة) وقد حشدت ديمة السمان عناصر فنية وفكرية عديدة لترسيخ هذا المفهوم، مفهوم رفض التمييز، في نفوس الأطفال، الذين سيكبرون ويعيشون في مجتمع مبرأ من العنصرية والتمييز بين أفراد المجتمع الواحد، وفي ذلك ضمانة لحياة لا ظلم فيها ولا اضطهاد. وقال جميل السّلحوت: تتحدّث الرّواية عن أرنب آسود الفراء ولد في قرية أرانب بيضاء اللون٫ فاضطهدته بسبب لونه، لكنّه بثقته بنفسه وبجدّه واجتهاده فرض نفسه فانتخبته الأرانب زعيما لقريتها. هدف الرّواية: تهدف الرّواية إلى محاربة العنصريّة، فالبشر سواسية بغضّْ النّظر عن جنسهم أو لونهم أو دينهم. والرّواية تعجّ بالقيم التربويّة والتعليميّة ومنها: - أن عالم الإنسان والحيوان يولد بألوان مختلفة، ولا فضل للون على آخر." كلّ من يحكم على الآخر بناء على شكله أو لونه ليس ذكيّا بل سخيف وساذج، ولا يستعمل عقله."|ص١٤. - تعاون الزّوجين:" فوفو ...يحبّ زوجته فلّة ويحترمها ويتعاون معها دائما ويساعدها. وفلّة زوجة ذكيّة ونشيطة جدّا تتعاون مع زوجها وتساعده في تخزين محصول الأرض من الحبوب والأعلاف". ص١٧. - على الأطفال آن لا يخرجوا من البيت دون علم والديهما. يقول فلفل: أعتذر يا أمّي أعتذر يا أبي . أعدكما أنّني لن أخرج مرّة أخرى دون علمكما."ص٢٠. - الأطفال يساعدون والديهم . ص٢٢. - مساعدة العجائز وكبار السّن.ص٢٥. - الحفاظ على النّظافة وعدم رمي القاذورات في حدائق وأراضي الآخرين.ص٢٦. - الزّعامة والقيادة ليست حكرا على الكبار فقط، ولا على جنس أو لون بعينه:" الجدّ الأسمر انتخب زعيما على قرية الأرانب وهو صغير السّن".ص٣٠. - مساعدة المستغيث: وجد فلفل: أرنوبا صغيرا يصرخ من شدّة الألم، يحاول أن يرفع غصن شجرة ضخما وقع عليه وتسبّب له بجرح عميق في منطقة الرّقبة". صص٦١. الرسومات والإخرج: رسومات آلاء أحمد جميلة وتناسب المضمون، والمونتاج وتساوق الرسومات مع النّصّ رائع. الأسلوب واللغة: استعملت الأديبة السّمّان أسلوبا انسيابيا يطغى عليه عنصر التّشويق ممّا يجذب الصّغار والكبار لقراءة الرّواية. وقالت فاطمة كيوان: كغيرها من الكتاب وهم ليسوا بكثر ممن خاضوا تجربة كتابة روايات للفتيان، خاضت الكاتبة المبدعة ديمة جمعة السمان التجربه بإطلاق روايتها الأولى ( فلفل وجده الأسمر ) لتضع بصمتها في هذا المجال وتحاكي هذه الفئة العمريّة من الفتيان بلغة الادب وجمال البلاغه الانشائية والرّمزية بغية اثرائهم بداية لغويا وعاطفيا، زيادة المعرفه العلمية التربويه والقيمية معا في ظل انشغالهم بشبكات التّواصل والبعد عن عالم القراءة مراعية بفكرتها وحبكتها في الرواية رغبات هذه الفئة وخصائصها . إذ أنّ هذا الجيل المندفع يميل إلى حبّ المغامرة والخيال وقد بات يفضّل القراءة السريعة، فقدّمت لهم هذه الرواية الشيّقة غير طويلة، فلم ترهقهم، فقد سردت أحداثها يأسلوب شائق لامس قلوبهم، بشخوصها وبمضامينها التربويّة الهامّة التي توسع خيالهم وادراكهم وفهمهم للامور، وبالتالي تعمل على توجيههم وتهذيبهم وتوسع مداركهم.ليبتدعوا أفكارا خارج الصندوق، فجاءت الرواية تربوية تثقيفية معلوماتية بآن واحد. جاء العنوان صارخا جاذبا كونه ومن البداية حدّد (( الأسمر)) وحمل نوع من التنمر ليجذبك لقراءة الرواية. وما حدث لفلفل وجده. فأرنوب بطل الرواية والذي يسمى (( فلفل(( كان مختلفا عن باقي إخوته الاربعه فهو الوحيد ذو فروه سوداء مختلفه عنهم، فنبذوه إخوته وبقيّة الأرانب .. رغم نشاطه و مساعدته لجميع من في الحيّ، مما اثار الحزن في نفسه.. لا بل كانوا يتنمرون عليه بالكلام القاسي الجارح، ولولا اهتمام والديه وإدراكهم لخطورة ذلك، وتخصيصهم له الوقت والرّعاية الخاصّة لما تعزّزت ثقته بنفسه ، ولما وصل إلى ما هو عليه ، ليكون أشبه بجدّه الأسمر، الذي أصبح قدوة له. فقد عانى جدّه أيضا من التّنمّر سابقا، لكنّه بفضل ذكائه استطاع أن يضع خطّة محكمة لتخليص قريته من الكلاب المتوحشّة التي ازمعت على الهجوم على قرية الأرانب في منتصف الشهر حين يكون القمر بدرا، ورغم صغر سنّ الأرنب الأسمر ، إلا أنّ زعيم القرية استجاب لخطته بعدما اقتنع بها وجعله عضوا مع فرقة الطوارئ، واتخذوا قرارا بالاجماع ،بتنفيذ الخطه ص 51. وبعد نجاح الخطه اتخذه الزّعيم مستشارا له ، وبعد موت الزعيم تمّ انتخابه زعيما لقرية الأرانب. هذه الحكاية بكل ما مثلت كانت الدافع لفلفل ان يحذو حذو جده وينجح، فموضوع القدوة الحسنه كنموذج للتغيير جاء كفكره أساسية لتغيير النهج وعدم الاستسلام للتنمر ومواصلة التحدي بغية الوصول للهدف . زخرت الرواية بالعديد من المضامين وعالجت العديد من المواضيع أهمها: التنمر والاختلاف .. وتداعيات الامرين على سلوك الافراد و على تقبل الاخر خاصة ان التنمر يؤدي الى عنف فيما بعد. ثانيا: موضوع أهمية التربية الاسرية ومدى تأثير وعي وادراك الوالدين، وتدخّلهم لحل مشاكل الابناء، ودعمهم نفسيا وعاطفيا وتربويا لتعديل السلوك. فرأينا مدى اهتمام الوالدين بفلفل وتخصيصهم له الوقت للرعاية، وتفهّم مهاراتهوتعزيزها، وتحفيزه على المشاركه والعمل، وتنمية مواهبه لدفعه قدما للنجاح والتغيير ،ليصبح قائدا لنفسه ولمجتمعه .مع التأكيد على أنّ الجمال الحقيقي يوجد في الداخل والاعماق والأخلاق. ثالثا : تناولت الرّواية اهمية التربية القيمية الصالحة من خلال ارشاد الابناء وتوجيههم نحو طريق السعي والاجتهاد والعطاء واستثمار الوقت والاصرار والتحدي ومساعدة المحتاجين لكسب قلوبهم مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويدفعهم إلى المغامرة في سبيل الوصول للنجاح. وذلك يحتاج لجهد مضاعف إن كان يعاني من التّنمرفي وسطه الاجتماعي. رابعا: تضمنت الرواية أيضا الكثير من المعلومات العلمية عن الأرانب وعن الكلاب الشرسة، اوردتها الكاتبة بشكل سلس ضمن الخطة التي وضعها الجد الاسمر لمقاومة الكلاب المفترسه. من هذه المعلومات مثلا: الماء المنقوع بأوراق شجر الورد ، يتسبّب للكلاب بآلام في البطن والقيء والارتخاء، وقد يؤدي إلى الموت إذا شربت منه. كذلك رائحة أوراق شجر البرتقال والليمون ، فانها منفّرة للكلاب، ومطحون الفلفل الأسود يؤذي الكلاب، كذلك الشوكولاته تسبب لها القيء والآلام الحادّة في البطن. من ص 43- 45 هذه المعلومات جاءت لتعزز قيمة العلم والثقافه في مواجهه المخاطر، وكيفية إيجاد الحلول وقت الأزمات لتخطّي المحن واجتياز العقبات .. فالتفكير بطريقة مختلفه عن طريق العلم والمعرفه هما الركيزة خاصة للفئات الضعيفه للانتصار على القوي. ايضا الرواية تزيد من معلوماتنا اللغوية البلاغية حيث تذكر اسماء اصوات الحيوانات المفترسة المذكور بالقصة منها .زئير الأسود، غرغرة الفهود وزمجرة النمور... وعواء الذئاب فتخيفها وتهرب منها (ص 50) " سنخيفها باصوات الوحوش من خلال تشغيل أشرطة تسجيل لاصوات الحيوانات المفترسة))أي تمنحهم طريقة تفكير بطريقه إبداعية مختلفه. فالزعيم كان ضئيل المعلومات فلا ضير ان كانت الفكرة من صغير عالم ان نتبناها اذا بنيت على العلم والمعرفه حتى لو كان مختلف. خامسا: الكاتبة وظفت العديد من الرموز لايصال الفكرة ونجحت باختيارها لهذه الرموز ملائمة مع خصوصيات مرحلة المراهقه النفسية والعاطفية . وفي ظل أيضا التطور المعرفي ومنها تحديدا نصب الكاميرات على المداخل الامر الذي لم يكن مألوفا، ثم استعمال المواد وخلطها بذكاء لانتاج مادة أخرى سامه " نثر أوراق شجر الورد بالماء" واستعمال أشرطة التسجيل كذلك واهمها بنظري كان توظيف أسلوب نشر الإشاعة لإخافة وطرد العدوّ. وفي ذلك تنبيه لدور الاشاعه في عمليات الدفاع ، وكأنّها إشارة إلى دور وسائل الاعلام وأهمية دورها. كُتبت الرواية باسلوب رمزي جميل للغاية، اعتمدت على عالم الخيال لتنشيط الذاكرة، حيث مثلت قرية الارانب برأيي الشخصي .. قرى فلسطين التي كانت تتعرض لأعمال الشّغب والتّخريب ومحاولة التّرحيل من عصابات المتديّنين اليهود. وامّا فلفل وجدّه الأسمر فهما يشكلان رمزا للشباب المقاوم الذي يدافع بأبسط الامكانيات ويتوسد بالعلم والمعرفه والذكاء، من اجل المحافظه على أرضه وبلده ووطنه ، ويقاوم من أجل البقاء. وقد نجحت الكاتبة في توظيف هذه الرموز للوصول للغاية وايصال الفكرة، بشكل جميل وجذاب لهذه الفئة العمرية. اللغه: كانت لغة فصحى انشائية غير مركبه مفهومه وتحاكي عالم الفتيان الرسومات : جميله وجذابه وواضحة في إيصال فكرة القصة مبارك للروائيّة الكاتبة ديمة السمّان روايتها الاولى للفتيان، ولا شكّ أنها من اجمل ما كتب من روايات في أدب الأطفال هذه الفترة. وقالت نزهة الرّملاوي: تشير لوحة الغلاف المقوّى الملون بالأخضر إلى مجموعة من الأرانب ذات الفراء الأبيض، وأرنب أسمر الفراء يقف وحيدا أمامهم، تعابير وجوههم تدلّ على مشكلة ما. يعطي غلاف الرواية ورسوماتها الجميلة، انطباعا للقارئ أننا أمام قصة تتحدّث بلسان الحيوان، كما عهدنا في قصص قرأناها وبقيت في دفاتر الذاكرة. المكان والزّمان: تدور أحداث الرواية في قرية بسيطة تعيش فيها قبيلة من الأرانب، يعتمد أهلها على زراعة الخضار والفواكه. لم تشر الكاتبة إلى زمن معين، ولكن من يقرأ أحداث الرواية، يجد أنها تحاكي أزمنة سابقة وحاضرة، وجد فيها الخير والشرّ مزروع في نفوس البشر. شخصيات القصة: فلفل بطل الرواية الذي اتخذ من جدّه الأسمر قدوة له، فكان ملهما له في مواجهة حالة التّنمر والتّهميش التي تلاحقه من قبل اخوته والمجتمع بسبب لون الأسمر. شخصية فلفل شخصية متطوّرة، لم يتقبل حياة الذلّ والظلم والسّكوت، بل قاوم بقوّته وعلمه وذكائه وتسامحه وتحلّيه بالأخلاق الحميدة، ليحظى بشيء من العدالة، واحترام الآخرين لشخصيته المعطاءة. الأسرة المتمثلة بالأم فلة والأب فوفو وهما زوجان متعاونان، يعملان بجدّ من أجل راحة أولادهما. للأسرة دور مهم في تنشئة فلفل وإكسابه بعض المهارات، وتعزيز ثقته بنفسه، مما ساعده على تخطي حاجز الحزن لديه، واكتسابه المعرفة والخبرة والتحدي من خلال الاطلاع على سيرة جدّه اسمر، الذي واجه نفس المصير بسبب لونه المختلف عن الآخرين. الجد أسمر: الأرنب الذكي المقاوم ، الذي أصبح زعيما لقرية الأرانب بعدما تعرض للقهر والعنصرية والضرب، إلا أنه غدا مرجعيتهم في حلّ المشاكل بسبب ذكائه وقوته وعمله على حماية أهل قريته، وذلك بإبعاد الظلم عنهم، وحكمه لهم بالعدل، حتى أصبحت القرية في عهده مليئة بالخيرات. اخوة فلفل: كان دورهم سلبي في احتواء أخيهم، وتميزوا بالكسل والاهمال. تميزت العلاقة بين فوفو وجده اسمر، بالحميمية والايجابية والفخر، فقد كان الجد اسمر قدوة لحفيده فلفل، وكان في نظره بطلا خارقا استطاع التغيير، وزرع المحبة والخير في قلوب الآخرين. إضافة إلى ما ذكر، فقد شكل هذا التقليد المحمود عند فوفو حافزا للمقاومة والتحدي كما كان جده، الذي أصبح مثالا يحتذى به، بعد أن نال شهرة واسعة خولته لأن يصبح زعيم القرية، وواجه بشخصيته اللافتة وذكائه وإدارته كل التحديات والعقبات. لذا كان فلفل دائم التفكير بجده، ويحلم بأن يكون مثله محبوبا يثق الجميع به وبقدراته. الفكرة الأساسية: تناولت الرواية بعض المشكلات الاجتماعية القاسية التي تقيد حرية الفرد، وتعرضه للتنمر أو الإساءة والعنصرية. مقاومة الظلم والشر من خلال التعاون بين أفراد المجتمع، وإبداء الرأي والمشورة والتخطيط الجيد، ليسود العدل والأمن. الصّراع الداخلي: بيّنت الرواية الصّراع الداخلي عند فلفل، بسبب الإساءة والدونية التي يتعرض لها من قبل الجميع بسبب لونه. تميّز فلفل بانتمائه لعائلته وقريته، بالرغم من كل الظروف التي يواجهها، إلا أنه تمسًك بأهله، وتمسّك بايمانه وواجبه الأخلاقي والاجتماعي تجاههم وتجاه أهل القرية. اتسمت الرواية في معظم أحداثها بالرمزية، وقد تمثل ذلك من خلال الحوار على ألسنة الحيوانات. ومن خلال إعطاء الجارة المسنة زيزي الوثائق والمخطوطات التي توثق جزءا هاما من تاريخ قرية الارانب للصغير فلفل الذي اتسم بالأمانة والثقة، ليحافظ عليها حتى لا تقع في يد من لا يؤتمن عليها. عالجت الرواية من خلال الارشادات والمعلومات المهمة والتي أشار إليها الجدّ أسمر إلى زعيم القرية، وخططه في كيفية مواجهة الكلاب المفترسة، وإعلامه بأنها تخاف من النار، وأنها لا تستطيع التسلق عاليا، كذلك تعريفه بأن شربها لمنقوع ماء الورد يؤدي إلى تسممها، وأن استنشاقها رائحة قشور الحمضيات والليمون، يؤدي إلى إصابتها بالصداع، واستنشاقها الفلفل المطحون يشعرها بالحرقة والعطس، كل ما ذكر من معلومات أدى إلى تكوين مخزون معرفي علمي للمتلقي. أشارت الرواية إلى الصفات الحميدة عند الجد أسمر كإصراره على مقابلة الزعيم لتقديم الخطة. تحديه لكل الظروف وعدم يأسه من المحاولة. انتمائه للجماعة والمكان، كان محفزا قويا للمقاومة والدفاع. ثقافة فلفل ومعرفتة وتخطيطه الجيد ساهم في إنقاذ القرية. تنبيه المتلقي إلى تميّز الجدّ اسمر وهو صغير السنّ بذكائه وحكمته واستخدامه اسلوب الاقناع في شرح خطته، يرشد إلى أهمية الاستماع إلى الصغار وإعطائهم فرصة للتحدث والتفكير في حلّ المشكلات وإبداء الرأي. تصنبف الرواية: رواية اجتماعية، تربوية، سياسية. نهاية الرواية جميلة ومتوقعة، بعد الأخذ بنصائح الجد اسمر والتقيد بخططه المفصلة والمقنعة، رغم صغر سنّه، إلا أن زعيم القرية اقتنع بأفكاره، وساعده بتنفيذ الخطة وإرشاد الأرانب في مواجهة العصابة ومقاومتها بشتى الطرق. اتسمت النهاية بالبهجة والسعادة، حيث احتفلت قرية الأرانب بانتصارها على الباطل والظلم، والقضاء على الكلاب المفترسة، وإعادة العدل والأمن للقرية. السّؤال الذي يطرح نفسه: لم اختارت الكاتبة هذا الأسلوب وألقت أهدافها وأفكارها وشخوصها على لسان الأرانب؟ ما الذي يميّز الأرانب حتى تختارها الكاتبة كأبطال لروايتها؟ ولماذا ابتعدت عن الشخوص الإنسانية لتقصّ روايتها؟ رواية تستحقّ القراءة. وقالت هدى أبوغوش: رواية "فلفل" وجدّه الأسمر"هي رواية موجهة للفتيان والفتيات، حسبما جاء على غلاف الرّواية،وقد حدّدت الأديبة الفئة العمرية وهي 8-12.مع العلم أنّ الفئة العمرية للفتيان والفتيات تتراوح بين17- 12.برأيي أن الرّواية مناسبة الأعمار ما بين ( 11- 14). حيرتني الرّواية لأنها مرفقة بالصور الملائمة لجيل الأطفال،بينما السّرد هو للفتيان والفتيات.ربما وقع خطأ ما عند الطباعة. جاء أسلوب السّرد متسلسلا انسيابيا ومشوقا،هي رواية تتجه نحو القيم التربوية لتزرع في القارىء الصغير سلوكا تربوي محبب،سيطر شغف المعرفة والأسلوب التربوي على سرد الرّواية،ولذا نجد العديد من القيم التربوية في الرّواية.إن الرّواية للفتيان والفتيات هي خاصة في عالمهم،تحاكي مشاكلهم وتمردهم،مشاعرهم وأفكارهم وطموحاتهم،وبطولاتهم.وفي هذه الرّواية تحاول الأديبة ديمة السّمان، أن تحارب فكرة العنصرية على خلفية اللون،من خلال جعل الشخصية المركزية الأرنوب فلفل أن يتحلى بالثقة بالنفس وانشغاله بالعلم والفكر، والأرادة القوية، وأن يكون قدوة لجدّه الأسمر الذي أثبت قدراته. مضمون الرّواية-هو انزعاج الأرنب من مضايقة الأرانب في قريته، الذي ولد بلونه الأسمر بخلاف إخوته الأرانب الذين ولدوا باللون الأبيض.وعليه جاء دور الأهل في تعزيز ثقته وغرس الإرادة من خلال قصّ حكاية جدّه الأسمر الذي أصبح زعيم قرية الأرانب بسبب حكمته وجهوده، ومن ثمّ اكتسب الأرنب فلفل كيف يحسن التعامل في المجتمع، وكسب احترام الجميع له. من الملاحظ في الرّواية غياب اسم الجدّ ووصفه بالأسمر من بداية العنوان حتى في مراحل سرد الرّواية،ممّا يثير في القارىء السؤال لماذا اختارت الأديبة السّمان صفة الأسمر للجدّ الأرنب الذي ولد بلونه الأسمر بدل اختيارها الجدّ الحكيم، خاصة أن الجدّ تمتع بحكمة ورزانة، فالأسمر يحمل دلالات سلبية ومهينة تساهم في تعزيز الصور النمطية والتمييز العنصري. "لماذا لا تفعل كما فعل جدك الأسمر؟ "وماذا فعل جدّي الأسمر". بداية أشير إلى أنه أعجبني السّرد الانسيابي ،سلس بلا تعقيد. أسلوب الأديبة في الرّواية-اتخذت أسلوب الاسترجاع الفني من خلال إعادة حكاية الجدّ الأسمر. وأيضا أسلوب الحوار،حيث جرى الحوار بين الأرنب وبعض الشخصيات وكذلك الجد الأرنب وحواره مع زعيم القرية.اتسم الحوار بالهادىء وبدون عواصف،إذ نلاحظ عدم وجود عواصف في الحوار. اتخذت الأديبة الأسلوب التربوي، في تعزيز القيم عند الطفل والمراهق. مثل احترام ومساعدة الغير. أسلوب المعلوماتي الثقافي،ف من خلال الرّواية تمرّر الأديبة بعض المعلومات التثقيفية عن ولادة الأرانب بالنسبة للعدد ،حيث نجد أن الأرنبة تلد أكثر من ثلاثة أرانب في الولادة الواحدة، وتبين شكله الخارجي وتطور فروته. أسلوب المقارنة بين الأرنب فلفل النشيط وحبه للغيروإخوته الكسالى الذين لا يقدمون المساعدة للآخرين. أسلوب التأنيس،بحيث أن الأرانب أخذوا صفة الإنسان في الحديث. أسلوب المثالية للشخصية،شخصية فلفل تتمتع بالشخصية المثالية وكذلك الجدّ.لم يكن تمرد فلفل عاصفا سوى أنه حزن وبكى فترة قصيرة جدا، لتنجده أمة بحكاية الجدّ الأسمر،بمعنى آخر لم تسهب في الصراع النفسي لتبين للقارىء أثر العنصرية على الفرد. وقالت المحامي حسن عبادي: قرأت كتاب "فلفل" وجدُّه "الأسمر" (رواية للفتيات والفتيان، للأجيال: 13-8 سنة، 84 صفحة، رسومات: آلاء أحمد، تنسيق: آلاء مارتيني، الصادرة عن أ. دار الهدى، عبد زحالقة، كفر قرع) حين أهدتنا الصديقة المقدسيّة ديمة جمعة السمّان نسخة منه؛ وقرأته ثانيةً حين تقرّر تناوله في ندوة اليوم السابع المقدسيّة.
لفت انتباهي حين قرأت على الصفحة الأولى "تنسيق: آلاء مارتيني" فتساءلت ما دور "التنسيق"؟ كلمة صرتُ أمقتها في الآونة الأخيرة، ووجّهت في حينه نداءً لمجمع اللغة العربيّة لحذفها من قاموسنا لمفهومها في أيّامنا، وهل بسببه وجدنا على النسخة الإلكترونية الفئة العُمريّة 8-12 سنه بينما على النسخة الوقيّة 8-13 سنة؟ وكذلك الأمر بالنسبة للتجنيس؛ نجده على الغلاف مرّةً "رواية للفتيات والفتيان" وأخرى "قصّة"، وفي الصفحة الأولى "قصّة"، فلماذا هذا الالتباس؟ وراقت لي رواية للفتيات والفتيان أكثر.
وجدتها رواية تربويّة بامتياز؛ تسلّط الضوء على قضية العنصرية والآراء المسبقة بسبب لون البشرة، وتحثّ الفتيات والفتيان على رفض التمييز ومحاربته لتأمين حياة أفضل دون اضطهاد، ووجدتها رواية تحملُ رسالةً واضحةً غايتُها حثّ صغارنا على التحدّي لمحاربة الأفكار المُسبقة والمثابرة، فالنصر حليف كلّ مثابر. جاء اختيار أسماء أبطال الرواية موفقاً في غالبيّته؛ الأرنبة/ الزوجة/ الأم "فلّة"، الأرنب/ الزوج/ الأب "فوفو"، الأرانب الصغار توتو وجوجو وتيتي وجيجي... وخامسهم "فلفل" / ذو الفراء الأسود.
ملاحظة لا بدّ منها؛ وقعت الكاتبة، لا شعورياً ورُغم حُسن النيّة، بفخّ النمطيّة والآراء المُسبقة، فبسبب لون فرائه الأسود لم "تدّلعه وتدللّه" كإخوته باسم يليق به بل أطلقت عليه اسم "فلفل" بسبب لون بشرته، وأخذتني التسمية للعنصريّة الأمريكيّة في حينه حين أطلقوا على السود مصطلح زنجي (Negro و/أو Negress) وأصلها من الساحل الشرقي لإفريقيا وكان يستخدم ليصف أي شيء أسود بشكل مهين.
تلبس الكاتبة قبّعة المرشدة والمربيّة، وبامتياز؛ تصوّر الأخوة ينفرون من أخيهم بسبب لونه الأسود، وجيرانهم/ أرانب الحيّ يتجنّبون معاشرته واللعب معه بسبب لون بشرته وكأنّهم به وسخاً دون استحمام ممّا يؤلمه فيلجأ لأمّه التي تواسيه وتمدّ له يد العون دون تردّد، وتحكي له حكاية جدّه لأبيه الذي كان أسمر اللون، "وكان زملاؤُه يضربونه ولا يلعبون معه في الحي يا فِلفلُ، مِثلك تماماً" (ص.12)، ورغم ذلك جدّ واجتهد وتفوّق بحِنكته على جميع أقرانه حتّى تم انتخابه زعيماً للقرية.
تناولت الكاتبة بذكاء التعدّدية البيولوجيّة والوراثة والجينات، فمن الطبيعي أن يولد توتو وجوجو بفراء أبيض اللون مخطط باللون الرمادي، وإخوتهما تيتي وجيجي بفراء أبيض اللون...وأخيهم الخامس يحمل فراء لونه أسود، من ذات الوالدين. تتناول الكاتبة رفض التمييز على أساس اللون، كقيمة يجب تذويتها، وترسيخها في عقول الفتيان فالتمييز، على أشكاله، مرفوض، ويجب محاربته، بين أفراد المجتمع الواحد، وليس فقط مع الآخر، ويجب أن يشعر كلّ طفل مختلف بالنديّة وليس الدونيّة، فلا يجوز معاملة شخص ما بشكل سلبي بسبب لون بشرته.
نجحَت الكاتبة بتوظيفِ الرسوماتِ لنقلِ الرسالةِ لليافع المتلقّي، فنحن في عصر الصورة، فللصورةِ والرسمة ميزةٌ خاصةٌ بالنسبةِ إلى النصِّ، فهي تنقلُ الرسالةَ فوراً قبل الكلمات ودون تكلّف.
أنهت الرواية كاتبةً: "انتخبتِ الأرانبُ جدَّكَ الأسمر قائداً لها، فحافظت القرية على ازدهارها، وأصبح يؤُمُّها كلّ من سمع عن هذه القريةِ المتطوّرة الوادعة، والتي لا يُظلمُ فيها أحدٌ... تأثّر فِلفلٌ كثيراً، وقال موجّها حديثه لأمّهِ ولأبيهِ: سأكون مثلَه يا أبي... سأعمل جهدي أن أُصبح القائد الذي سيُعيد العدلَ والأمنَ والأمان لقرية الأرانب يا أمّي".
وقالت د. رفيقة أبو غوش: من خلال قراءة الرّواية، يستنتج القارئ الهدف السّامي؛ الّذي أرادت أن تكسبه الأديبة للفتيات والفتيان؛ ألا وهو إكسابهم ثيمة إنسانيّة هامّة وهي: نبذ النّظرة المُسبقة، ودمغ الوصمة السّلبيّة (الستيجما) نحو الأشخاص ذوي البشرة السّوداء، وتجنّب التّمييز العنصري بين بني البشر، وإطلاق الاحكام عليهم؛ بسبب لون بشرتهم السّوداء. اختارت الكاتبة شخصيّات من الحيوانات، خاصة الأرانب، وظهرت شخصيّة الأرنب الأسود، شخصيّة محوريّة في القصّة؛ حين يتعرّض الأرنب الأسود للتّنمُّر، وعدم رغبة باقي الأرانب من اللّعب معه، والابتعاد عنه، ووصفه بأنّه مُتّسخ. برأيي الشّخصي: أقدّر للكاتبة اختيارها ونواياها في ترسيخ صفة النّظرة الإيجابيّة نحو الجميع بالمساواة بين الجميع بغض النّظر عن الاختلاف. إنّ استخدام كلمة الأسود المتكرّرة في الرّواية تُعزّز، وتنبّه الأطفال واليافعين لوجود هذا النّوع من التّمييز. كما ورد صفحة 53 : " أريد أن تسمعوا لخطّة الأسمر الجديدة الّتي ستحمينا من الكلاب المفترسة..". كذلك " استّأذن الأسمر من الزّعيم وهمّ بمغادرة المكان" .. "شعر الأسمر ، فقد اصبحت من هذه اللّحظة عضوًا" .. "بكل فخر أعرّفكم بالأسمر".. "ابقّ هنا أيّها الأسمر" ص 52. حبّذا لو استخدمت الكاتبة اسم الأرنب ومناداته بكنيته ولقبه الأصلي "فلفل"، دون المناداة بصفته "الأسود". اشتملت الرّواية على قيم تربويّة ثانويّة عديدة، كما رغبت الكاتبة في إكسابها للفتيان فمنها: التعاون، والاجتهاد للحصول على نتائج إيجابيّة، كذلك مساعدة الآخرين دون مقابل، استغلال الوقت للتّعلّم واستكشاف الامور، وتنمية حب الاستطلاع؛ بالإضافة لتعزيز دور الوالدين، وتوطيد العلاقات مع الأبناء، وإكساب صفة الإصغاء وتقبّل الرأي الآخر، وعدم الحكم على الآخرين من منظرهم فقط؛ الاحتذاء بالشخصيّات المثاليّة. برأيي اشخصي: هذه الأهداف المكتوبة أعلاه تُعبّرعن أهداف سامية، تُعزّز القيم المرغوب بها في نفوس النّاشئة، ونجحت الكاتبة ديمة في رصدها من خلال السّرد؛ بطريقة شيّقة. كُتب على الغلاف بأنّ الرّواية تلائم الفتيان والفتيات؛ برأيي الشّخصي بأنّها تناسب الأطفال دون جيل الثّامنة أيضًا، ومن الممكن تجييرها لكافّة الأعمار، مع الشّرح من قِبل الأهل والمعلّمين؛ لأنّ غرس القيم الإنسانيّة تُكتسب منذ نعومة الأظفار، مع تطوّ الطّفل النفسي والإدراكي والجسمي، وفق نظريّات علم النّفس التّطوّري. بنفس الوقت أؤيّد الكاتبة على اختيارها للفئة العمريّة، نظرًا لرمزيّة مضمون الرّواية؛ والّتي تهدف الدّفاع عن الأرض المغتصبة، من قِبل المستوطنين. كما سردت الكاتبة حول الخطّة الّتي اقترحها الأرنب فلفل، على زعيم القرية، في اقتراح عدّة طرق للتّخلّص من الكلاب المفترسة، الّتي أحاطت بالقريّة؛ لافتراس الأرانب. برأيي الخاص: عالجت الكاتبة هذا الموضوع برمزيّة، وبحنكة تتناسب مع هذه الفئة العمريّة من الفتيان والفتيات. بما انّ القصّة خُصّصت للفتيات والفتيات، من المحبّذ عدم إرفاق رسومات توضيحيّة، تناسب الأطفال الأصغر عمرًا؛ عِلمًا بأنّ تصميم الرّواية كان متقنًا، من حيث جودة تصميم الغلاف، وجودة نوع الورق المُقوّى، ووضوح الخط وحجمه. تحلّت الرّواية بلغة عربيّة فصحى، وسهلة الفهم من حيث الالفاظ والعبارات، اشتملت على الحوار الخارجي، خاصّة بين الأرنب فلفل المُلقّب بالأسود، وبين والديه الأرنبين. بالنسبة للعنوان " فلفل وجدّه الأسمر"، حبّذا لو بقي العنوان بدون لقب الأسمر؛ بل استخدام الاسم الحقيقي لاسم الجد، الّذي لم يكن له اسم داخل الرّواية، بل نودي بالزّعيم الأسمر. " وما أثار فضولي حقّا أنّكم من عائلة الزّعيم الأسمر" صفحة 68. " أعدك أنّني لن أكون أقل من جدّي الأسمر" صفحة 59. برأيي الشّخصي: إنّ الإنسان ليس بحاجة لبذل جهود مضنية، حتّى يثبت بأنّه إنسان، ويتمتع بحقوق متساوية مع الآخرين؛ بالتنشئة السّليمة بالأسرة، وغرس قيم المساواة والعدالة بين الجنسين، دون تمييز في الاختلاف مهما كان؛ باللّون أو الجنس أو الدّين؛ وتقبّل الآخر كما هو بعيوبه واختلافه؛ فهذا يخلق عند الأطفال تقبّل الرّأي المختلف واحترامه. خلاصة القول: رواية " فلفل وجدّه الأسمر" تعتبر رواية هادفة، تحمل قيمّا إنسانيّة عليا "، ولغة ذات معانٍ واضحة، وسهلة؛ بأسلوب سردي ممتع. وقالت نبيهة راشد جبارين: أجادت الكاتبة السيّدة ديمة السّمّان باختيار اسم بطل القصّة (فلفل) وكذلك جدُّه بلقبه ( الأسمر) ، ونلاحظ هنا أنه يوجد مشابهة فالفلفل لونه أسود، لذا من البداية يوحي العنوان بشخصيّتين متشابهتين باللّون، ممّا يدفع القارئ إلى التنبّؤ بأنّ هناك أمراً آخر يجمع بين الشّخصيّتين ويشابه بينهما. بداية القصّة جاءت لطيفة، تثير العواطف، وتجعل القارئ يتماهى مع الأرنب فلفل. فسرعان ما يقف القارئ عند أوّل مشكلة وهي عدم تقبّل الإخوة الأرانب لأخيهم الأرنوب أسود اللّون.. وهذا يلفت نظر القارئ حالاً إلى نفس المشكلة القائمة في المجتمع الإنسانيّ، إذ ينظرون إلى الطّفل الأسمر نظرةً مختلفة، تستثنيهِ من مجال التّقبّل والأُلفة. بأسلوب لطيف أشارت الكاتبة أن قصّة النّجاح والتخلّص من المشكلة تبدأ من البيت، عندما يتقبّل الأب والأم هذا الطّفل المختلف، ويتعاملان معه بمحبّة واحترام. فدَوْر الأم كان بارزاً في الرّواية، فهي التي رفعت معنويّات ابنها الأسود ، ووضعت خطّةً لإبراز شخصيّتة. ثم جاءت مساندة الأب ودوره الإيجابيّ، وهي إشارة إلى أنّ حلّ المشاكل يبدأ من البيت، وبالذّات من الوالدين. وهذا يدفع الأرنب فلفل على التّصميم على النّجاح والوصول إلى الهدف المنشود، والدّور الرّياديّ في مجتمعه. ( اقتباس من ص 20 : فاجأتَنا بنشاطك يا بنيّ! - نظر فلفل إلى أمّه مبتسماً وقال: القادةُ والزُّعماء يستيقظون باكراً، وقد قرّرتُ أن أكونَ مثل جدّي الزّعيم الأسمر. قرّرتُ ألّا أُضيِّعَ أيَّ لحظةٍ من عمري دون أن أستفيد منها وأُفيد الآخرين). وفي السّياق تشير الكاتبة إلى أهمّيّة توجيهات الأُمّ لاستعمال العقل. وهناك لفتة جميلة لاستعمال الكلمات الطّيّبة التي تُسعد القلب وتريحه، والعلاقة الحميمة وبثّ الدفْ والحنان، كما كانت بين الأرنب وأمّه، هو يقول لها : أحبّكِ يا أمّي تصبحين على خير وهي : ( تقبّله قبل النوم وتقول له تصبح على خير). وكانت هناك إشارة إلى أهميّة الزّراعة – وفائدة العمل لصحّة وتقوية الجسم. وأهمّيّة اكتساب المعرفة والخبرة. ولعلَّ الهدف الأسمى كان في أهمّيّة الاطّلاع على التّاريخ والتّراث الخاص. واعتماد التّوجيه الى المعاملة الحكيمة: اقتباس ( انتهى به الأمر- أي الجد- الى أن انتخبته الأرانب زعيماً لها، فحكم القرية بالعدل –ولم يكن يرضى أن يبيت أيُّ أرنب وهو مظلوم. أحبّته الأرانب جميعها، وازدهرت القرية في عهده، واصبحت مليئة بالخيرات). وركّزت الكاتبة على أهمّيّة النّظام في البيت؛ كالتّوقيت للعمل ، للّعب، للحكاية، للنّوم. وأنَّ كلّ مشكلة لها حلّ يلائمها. علينا استعمال الحنكة في إيجادها والوصول إلى طريق النّجاح . أهمّيّة خاصّة أظهرت الكاتبة لدور الأم والأب في احتضان الطّفل المختلف ، وبثّ روح التّحدّي والمثابرة والإقدام، واكتشاف الإيجابيّة في شخصيّته، وتشجيعه لكي يصل الى النّجاح والقيادة. أخيراً : أسلوب السّرد مشوّق، وعرض المشكلة والحلّ مُقنع. لا شك أنّ الرّواية ناجحة في جذب انتباه القارئ الى مثل هذه الأحداث والمشكلات. ولم يأتِ ذِكر الجدّ الأسمر اعتباطاً. بل أرادت الكاتبة السيّدة ديمة أن تُذكّر الأجيال الصاعدة بتراثهم، وبأجدادهم السُّمر الذين حكموا ثلثيّ العالم، وأن يتمثّلوا بهم وأن تكون تطلّعاتهم إلى مستقبلٍ مشرق جميل. الرّواية جميلة ، لغة ملائمة، سرد جذّاب، رسائل تربويّة، اجتماعيّة، سياسيّة خفيّة تُستَشَفُّ من وراء السّطور لاستعادة أمجاد الأجداد. مبارك للأستاذة العزيزة ديمة هذا الإصدار الجميل وللقُرّاء أينما كانوا. ومزيداً من العطاء والنّجاح والإبداع. وقالت رائدة أبو صوي: عندما تكتب أديبة وكاتبة روائية قديرة ومربية فاضلة كالاستاذة ديمة جمعة السّمان للفتيات والفتيان، فيكون الإصدار يستحق القراءة بالتأكيد، لأن الخبرة التربوية والاكاديمية والعملية ستترجم على الأوراق ستقدم على طبق من فضة لأبنائنا الأعزاء. هذا ليس اطراء، بل جاء بعد أن قرأت القصة المثيرة للاعجاب لمختلف الاجيال . رواية ( فلفل وجدّه الأسمر) رمزية بامتياز، تحتوي على الكثير من الرسائل التربوية التعليمية الهادفة. فيها الكثير من المعلومات .وتتمتع بجمال الوصف وإثارة للخيال. كما أنّ الرسومات جاءت متماهية مع الرّواية. وقد أبدعت الرسامة الاء احمد. وقد وفّقت الكاتبة في اختيار قضية مثل الاختلاف باللون، لان ظاهرة التنمر لدى الأطفال على اختلاف اللون ظاهرة منتشرة في كثير من المجتمعات بغض النظر عن مستوياتها. في القصة أكدت الكاتبة على أن الاختلاف في كثير من الأحيان يكون نعمة وليس نقمة، ويكون مثيرا للإعجاب . ليس من المفروض أن يكون الجميع كالقطيع بذات الشكل والتفكير . الاختلاف يولد الابداع والتقدم والتميز خصوصا، اذا عرفنا كيف نستخدمه بالاسلوب الصحيح . فكرة توصيل الرسائل من الجد الاسمر الى الحفيد فلفل فكرة ممتازة، فجميل جدا الربط بين الأجداد والاحفاد. الجد هنا ( قدوة ) وإيصال القصة من ألأم ( فلة ) لابنها (فلفل) جاءت حكيمة وموفقة جدا، لأنها اوجدت ( جسر بين الاجيال). وخاصّة أنّ ولع الأطفال بالأجهزة الالكترونية تصنع حاجزا بينهم وبين الأجداد. هذه الرواية تعزّز الانتماء، وتدقّ الجرس، وتثير الاهتمام لدى القراء بالبحث عن تاريخ اجدادهم وحكاياتهم . إذ يجب أن ياخذ الخلف من السلف حتى تستمر الحضارة . وضعت الأديبة المشكلة وقدّمت الحلّ أزمة نفسية وجدت الح بذكاء من خلال سرد قصة جده الاسمر، عندما قالت الأم لابنها: "العلم وحده لا يكفي يجب أن تتوفر لدينا الارادة القوية والإيمان والثقة بأنفسنا أيضاً كي نصل الى ما نصبوا إليه." هنا أقف طويلا ، لأن هذه الرسالة هامة جدا. اولا : ضرورة الحوار بين الأمهات وابنائهن. ثانيا : استقبال الأبناء للتوجيه باهتمام كبير . كما لاحظت بأنّ اختيار الأسماء في القصة كان مميّزا، فيه موسيقى: الأم( فله )، الأب (فوفو)، الأبناء الخمسة توتو وجوجو وتيتي وجيجي وفلفل . معلومة أن شجر الورد أشبه بالسم للكلاب، و يتسبب لها بوجع البطن والقيء والارتخاء، وقد يؤدي للموت وكذلك أن الكلاب تكره الحمضيات والشوكولاته . هنا أكّدت الكاتبة أنّ (المعرفة قوة)، إذ أنّ معرفة وسعة اطلاع جد فلفل الأسمر منحه القوة والزّعامة. هنا تشجع الكاتبة على المطالعة والبحث. خطة الخلاص من الكلاب تستحقّ كل الاحترام والتقدير، ابدعت الكاتبة في توضيحها بالتّفصيل، فيها احترام لعقل القاريء. الرواية رمزية بامتياز، إصدار يستحقّ الاقتناء. وقالت نزهة أبو غوش: تعتبر القصة نموذجًا أدبيًا مُلهِمًا يبرز الصّراع الداخلي والخارجي للشخصية الرئيسية، متناولاً قضايا الهوية، الاختلاف، والقيمة الذاتية بأسلوب بسيط ومؤثر يناسب الفتيان. الشخصيات: الأرنب الأسود: يمثل التحدّي والصبر والشجاعة، حيث استطاع أن يحول الاختلاف الذي جعله مستبعدًا إلى مصدر قوة وفخر. الإخوة الأربعة: يعكسون الأحكام المسبقة التي يحملها المجتمع تجاه الاختلاف، ولكنهم في النهاية يتعلمون قيمة التقبل والتعاون. الأم فتمثّل الحكمة والارتباط بالجذور، حيث منحت الأرنب الأسود إحساسًا بالانتماء.
أمّا البعد الوطني للشخصيّات: إن الأرنب الأسود يُجسد القيادة الوطنية الحقيقية التي تتحدى التفرقة وتعمل على حماية الوطن. رغم التمييز الذي واجهه، أثبت قوته وشجاعته في الدفاع عن القرية... الإخوة الأربعة (رمز المجتمع المنقسم): يمثلون الفئة التي تنشغل بالاختلافات السطحية وتحمل الأحكام المسبقة، لكنهم يتعلمون قيمة الوحدة أمام الخطر المشترك. الجد الأسود (رمز الأبطال التاريخيين المجيد الذي يلهم الأجيال الجديدة بالشجاعة والعمل من أجل حماية الوطن. الكلاب المتوحشة (رمز العدو الخارجي): تمثل التهديدات الخارجية (مثل الاستعمار أو الاحتلال) التي تهدد وحدة الوطن وسلامته. قرية الأرانب: (رمز الوطن) تُجسد الوطن الذي يحتاج إلى اتحاد جميع أفراده، بغض النظر عن اختلافاتهم، لضمان حمايته.. من خلال قصتها عن الجد الأسود. اللغة والأسلوب: القصة مكتوبة بأسلوب بسيط ومباشر، مع استخدام الرمزية والحوارات لتوصيل الرسائل الأخلاقية. الألوان (الأبيض والأسود) استخدمت كرمز للتمييز، مما يسهل على الأطفال فهم الفكرة الجوهرية عن الاختلاف والعدالة. البيئة والسرد: تدور القصة في بيئة طبيعية (قرية الأرانب) تحفّز خيال الأطفال، وتُبرز تضامن الكائنات الحية أمام المخاطر المشتركة، مثل هجوم الكلاب المتوحشة. --- التحليل التربوي: القصة تحمل رسائل قوية ذات أبعاد تربوية مهمة، تناسب الفتيان وتعمل على بناء شخصياتهم. تعليم قيمة التقبل واحترام الاختلاف: تسلط القصة الضوء على أهمية تجاوز الأحكام السطحية. تعليم الأطفال أن المظهر الخارجي ليس معيارًا للحكم على الآخرين، بل الأفعال والقيم، تعزيز الثقة بالنفس والعمل الجاد . يظهر الأرنب الأسود كشخصية تتحلى بالثقة بالنفس وتسعى لإثبات قيمتها من خلال الاجتهاد وحل المشكلات. هذه الرسالة تعلم الأطفال أن الجهد والإبداع هما مفتاح النجاح. تعزيز روح التعاون: تعاون الأرانب للدفاع عن وطنهم يعكس أهمية العمل الجماعي لتحقيق الأهداف المشتركة والتغلب على المخاطر. غرس قيم الشجاعة والمسؤولية: الأرنب الأسود ورث الشجاعة والقوة من جدّه، ما يعزز فكرة أن الشجاعة ليست فقط مواجهة الأخطار، بل تحمل المسؤولية وحماية الآخرين. تعميق مفهوم الانتماء والفخر بالجذور: حديث الأم عن الجد الأسود يربط القارئ بأهمية التاريخ والتراث كجزء من الهوية. هذا يُلهم الأطفال للفخر بأصولهم ومساهماتهم. الاختلاف قوة وليس ضعفًا:الأرنب الأسود حوّل تمييز إخوته ضده إلى دافع للتميز والإبداع. العمل الجماعي ضرورة: الدفاع عن الوطن ضد الكلاب أظهر أهمية التضامن بين الأفراد مهما كانت اختلافاتهم. القيمة تأتي من الأفعال وليس الشكل: ساعد الأرنب الأسود إخوته على إدراك أن الشخص يُقاس بعمله وأخلاقه وليس بمظهره. التاريخ مصدر قوة: حديث الأم عن الجد الأسود يبرز أهمية ربط الأجيال الجديدة بماضيها وبما يُمكن أن تستمده منه من صفات إيجابية التحليل النفسي والاجتماعي القصة تساعد الأطفال على التعامل مع مشاعر الرفض أو الاختلاف، وتشجعهم على تطوير مهاراتهم بدلاً من التركيز على نقاط الضعف. كما تعمل على محاربة التنمر من خلال عرض أثر التمييز، ثم قلبه إلى تقبل والاعتماد على الذات. بأسلوبها الأطفال يدركون أن الاختلاف لا يعني العيب، بل قد يكون مصدر قوة وفخر. وقال بسام داوود: قصة تربوية توعوية هادفة تحث على التحلي بالاخلاق الحسنة والقيم النبيلة والبحث عن المعرفة جاءت على لسان الحيوان لكنها موجهة للفتيات والفتيان بعمر 8-12 سنة . اللغة سهلة والاسلوب جميل وشيق . ولد فلفل بلون أسمر مخالف لالوان اخوته واخواته مما عرضه للنبذ والتنمر عليه من قبلهم ومن قبل ارانب الجيران الصغيرة، وقالوا عنه بانه وسخ وبشع، ومنعوه من اللعب معهم، مما سبب له الالم والحزن فرجع لأمه باكيا فاحتضنته وقبلته وقالت له: انت ارنب جميل ذكي ذو عقل سليم، وقلبك ابيض، وانت تشبه جدك الاسمر الذي كان يعاني مثلما تعانيه انت بسبب لونه الاسمر، وقد قرر ان يكون افضل من كل زملائه بالتحدي والتعلم وعدم الاستسلام فأخد يتعلم من والده وجده ويكتسب منهم الخبرات، واجتهد في دروسه، ونظم وقته لتلبية كل احتياجاته، بعكس زملائه الذين أمضوا وقتهم باللعب واللهو، وأثبت لهم ان الحكم ليس على الشكل واللون، بل على الانجاز والنجاح. وهكذا تحدّى كل الصعوبات، واكتسب كثيرا من الخبرات والتجارب وتفوق على زملائه في المدرسة ،ونال إعجاب الجميع، وذاع صيته في القرى المجاورة، وأصبح الكل يستشيره، فازداد طموحه وثقته بنفسه وقرّر أن يقوم بعمل هام وهو حماية القرية من خطر الكلاب المفترسة التي كانت تخيف الجميع، معتمدا على أسس علمية، بحيث لا تسبب ايّة أضرار في القرية, بعكس خطة اللجنة التي عيّنها الزعيم، واعتمدت على إشعال النار حول القرية، ولو تم تطبيقها لحرقت القرية بكل ما فيها. لهذا اعجب الزعيم بخطته والغى خطة اللجنة، ونجح جدك في هزيمة الكلاب المفترسة، وحاز على إعجاب الزّعيم وعيّنه مستشارا له. وبعد وفاة الزعيم اصبح جدك زعيما للقرية . اثرت هذه القصة بفلفل وقرر ان يصبح مثل جده، فأخذ يرافق والده الى الحقل، ويساعده في أعماله، ويتعلّم منه، الى جانب اهتمامه بمدرسته من خلال تنظيم وقته في الدراسة واللعب والنوم والتعلم واكتساب الخبرات. وبهذا تفوّق على الجميع ونال اعجاب المدرسة التي رشحته ليمثلها في مسابقات المعرفة على مستوى القرى المجاورة بسبب ذكائه ونشاطه. فهو دائم البحث عن المعرفة، لا ينتظرها، بل هو يذهب اليها. وتواصلت المدرسة مع والديه لتخبرهم بنجاح ابنهم وتفوقه. وكان يحب مساعدة الغير والعمل التطوعي وقد أنقذ ابن الزعيم بعد سقوط جذع الشجرة على رقبته بعكس اخوته الذين لم يتعاونوا معه، وكان همّهم هو اللعب واللهو، وقد قام الزعيم بزيارتهم في البيت ليقدم الشكر له ولوالديه بعد ان انقذ ابنه من الخطر، في حين تخلى عنه الجميع، وتعهد الزعيم بتلبيه اية خدمة له ولاهله ولكنه رفض ذلك لانه قام بهذا العمل لما يحتمه عليه واجبه، لتقديم مساعدة الى الغير دون إنتظار أيّ مقابل، بعكس اخوته الذين ارادوا استغلال هذا الموقف من الزعيم لمصلحتهم . وكان يساعد جارتهم المسنة بتقديم ما يلزمها من خدمة وطعام مما حاز على حبها وتقديرها . كل هذا ادى لان يتأهل فلفل ليكون القائد الذي سيعيد العدل والامن والاستقرار للقرية . لقد جاء في هذه القصة الهادفة الكثير من الرسائل الهامة : -دور الاسرة في التنشئة والتربية ويكون دورها اكثر ايجابية اذا ساد فيها جو الحب والاحترام . -دور المدرسة لاكمال دور الاسرة مع ضرورة التواصل والمتابعة بينهما لما فيه مصلحة الاطفال . -اثر الحوار البناء داخل الاسرة في تقوية شخصية الطفل وتدريبهم على ممارسة حرية التعبير. -الاثر السلبي للتنمر بين الاطفال ودور الاسرة والمدرسة في محاربته . -عدم الحكم على الشكل او اللون بل على الجوهر . -دور القدوة الحسنة في التأثير على شخصية الاطفال وسلوكهم . -الحث على البر بالوالدين واحترامهم . -تشجيع الاطفال للتعود على القيام بالعمل التطوعي لاكتساب الخبرات المختلفة وفائدة المجتمع . -الاهتمام بكبار السن ورعايتهم ومساعدة الغير دون النظر للحصول على مقابل . -عدم ايذاء الجيران . -التحلي بالصبر وعدم الاستسلام . -البعد عن استغلال الفرص للمصحلة الشخصية . - البعد عن الانانية . -تعليم الاطفال كيفية تنظيم وادارة الوقت . -تشجيع الاطفال على قراءة القصص الهادفة خاصة في هذه الايام التي سيطرت فيها وسائل التواصل الاجتماعي. -العلم وحده لا يكفي بل يجب أن يصاحبه الارادة القوية والثقة بالنفس . شكر للاديبة ديمه السمان على هذه القصة الهادفة . وقالت خولة سالم: رواية (فلفل وجدّه الأسمر) لليافعين تناسب اعمار من ٥ سنوات لغاية ٨ او حتى ١٠ سنوات ، كتبت بحبر الخبرة ومداد المعرفة فجاءت مزركشة برسومات جميلة معبرة رسمتها آلاء أحمد . تدور أحداث القصة حول التمييز العنصري وما ينجم عنه من تنمر. بطل القصة أرنوب أسمر يدعى فلفل ، وُلد مختلفا عن إخوته بلون اسود كلون جده ، يتم التعامل معه بازدراء وتهميش ، بل وطرد من اللعب مع أقرانه وزملائه ، فيشكو لأمه فترشده الى طريقة لاثبات ذاته بعيدا عن ازدراء اقرانه له ، فهو لا يختلف عنهم في شيء ، واختلاف لونه لا يعني انه اقل منهم شانا ، بل انه ذكي وموهوب وبامكانه ان يتميز بذكائه وعطائه ، ويستثمر وقته وجهده ليكون مميزا . تتواصل احداث السرد بشكل مشوق ، وهادف ، تكاد تنهي القصة في جلسة واحده فهي تشدّك بشغف لتصل النهاية المدهشة حيث يحقق فلفل ذاته رغم معاناته . فيتحول من شخص منبوذ الى شخص محبوب ومتميز ، بحيث يسمو بفكره وجهده ومثابرته . القصة هادفة ، تربوية ، يجدر بنا اقتناءها في مكتباتنا الخاصة والعامة لما تحمله من قيم يحتاجها جيل ابتعد كثيرا وكثيرا جدا عن القيم النبيلة . وقال م. هناء عبيد: غلاف الرواية عبارة عن صورة لمجموعة من الأرانب الصغيرة تقف في مكان طبيعي محاط بالجبال والأشجار ويجري بجانهم نهر ، تقف الأرانب ذات الفراء الأبيض معًا في جانب واحد بيننا يقف الأرنب صاحب الفراء الأسود بمفرده على الجانب الآخر. توحي الصورة بوجود صراع ما بينهم قد يعزى الى اختلاف لون فرائهم. العنوان يدعونا إلى التساؤل ما سر وصف الجد بالأسمر ، وهل للقصة علاقة باللون والعنصرية، ولماذا اختير اسم الأرنب فلفل؟ كم هي كثيرة القصص التي تحدثت عن التمييز العنصري بسبب لون البشرة الداكنة، حتى قصص الأطفال لم تسلم من ذلك ،فكلنا سمع بقصة البطة السوداء التي أصبحت مثلًا يضرب به عند وجود تمييز بين الأشخاص بسبب اختلاف لونهم. في هذه الرواية تبرز المشكلة جلية عند أحد أفراد عائلة من الأرانب، حيت يولد للعائلة خمسة أرانب تشبه الأم والأب في اللون عدا الأرنب فلفل، إذ غطى جلده فراء لونه أسود.. بينما اثنان من أخويه لون فرائهما أبيض واثنان لون فرائهما رمادي وأبيض. يتعرض فلفل للتنمر بسبب لونه المختلف عن إخوانه الذين يبتعدون عنه وينفرون منه. لم يقتصر الأمر على إخوانه فقط بل أن الأمر طال أطفال القرية الذين كانوا يرفضون اللعب معه؛ خاصة الأرنب سوشي ابن الأرنبة كوكي جارتهم، فهو يهينه متعمدا ويطلق عليه صفة الوسخ وأن عليه الاستحمام، الأمر الذي أدى إلى حزن فلفل ولجوئه إلى والدته للشكوى التي برز دورها التربوي في إرشاده إلى الطريق الصحيح، وتقبل نفسه باختلافها، وإعادة الثقة في نفسه، فراحت تحدثه عن جده الأسمر الذي كان مثله مختلفًا، لكنه بقوة إرادته وعزيمته استطاع ان يصبح متميزًا وحكيمًا، بل وصل إلى الزعامة بسبب اجتهاده وفطنته. فقد كان جده الأسمر يساعد والده كل صباح في زراعة الخضار والفواكه ويقوي بدنه ويكسب الخبرة والمعرفة. تعود الثقة إلى نفس فلفل، ويتخذ من جده أيقونة للنجاح، ويبدأ بالاجتهاد والتعلم مثله، ثم يفاجئ عائلته بأعماله المثمرة التي تفوق عمره، ويصبح حديث الجميع. من الواضح أن القصة لها رسائل تربوية وتثقيفية مهمة، ففي بداية الرواية مثلًا نتعرف على عالم الأرانب من خلال عائلة الأرنبة الجميلة فلة التي تنجب بعد شهر من الحمل خمسة صغار، ثلاثة ذكور وانثيين، وتفرح بهم مثل جارتها كوكي التي وضعت سبعة أرانب. نتعرف أيضًا من خلال القصة على دورة حياة الأرانب منذ ولادتهم، وكيف يفتحون عيونهم بعد عشرة أيام، وعلى بدء ظهور الفراء الذي يغطي أجسادهم، نتعرف أيضًا على أن الأرانب تحب أكل الجزر والخس، وأن البقدونس مضر لها. كما نتعرف أيضًا على أساليب التّخلص من الكلاب الضالة المؤذية بواسطة بعض المواد، مثل ماء الورد والفلفل الأسود المطحون وعصير الليمون، كما نتعرف على أن الكلاب تختلف عن القطط في تسلق الجدران، فالكلاب لا تستطيع تسلق الجدران العالية، ونتعرف أيضا على العديد من أصوات الحيوانات، كذلك أعداء الحيوانات، فالكلاب أعداء مؤذية للأرانب. خاضت الرواية في عدة أمور تربوية مهمة ضمن السرد، منها أهمية تعاون الأسرة وتعاضدها معًا، إذ نرى مدى التعاون الموجود بين الأم والأب، ونلاحظ دور الأب في بناء أسرته فهو يساعد زوجته في أعمالها وتتوزع الأدوار بينهما، مما يعزز ثقة الأطفال ويبعث الأمان في نفوسهم. كذلك يتضح أهمية دور الأم في صنع شخصية متزنة واثقة، فكان دورها في القصة قياديًا ولها دورها في التربية والتوعية والإرشاد، حينما تفاقمت الأمور مع فلفل بسبب تنمر أصدقائه. توجه إلى والدته التي دافعت عنه وشملته بحنانها، وأخبرته بأن يفعل مثل جده الأسمر الذي كان يشاركه اللون، وقامت بسرد قصة جده فاستطاعت أن تحول اختلافه إلى عنصر يفتخر به، تمامًا كما هو الحال بجده الذي تنمر عليه الجميع إلا أنه اجتهد وثابر، واستطاع أن يكون منقذًا لقرية الأرانب من هجوم الكلاب الوحشي بما لديه من أسلحة تثقيفية اعتمدت على تعلمه الذاتي. أيضًا أشارت القصة إلى ضرورة عدم الحكم على الآخرين بسبب اختلافهم، وأن من يحكم على الآخر من خلال شكله أو لونه ليس ذكيًا بل سخيف وساذج، ولا يستعمل عقله.وكان من ضمن القيم التربوية التي شملها السرد؛ الحث على العمل لتقوية الجسد واكتساب الخبرة والمعرفة، فمن جدّ وجد. كذلك التشجيع على اكتساب الثقة بالنفس والأمساك بزمام الإرادة والإيمان بقدراتنا وتعلم ثقافة الاعتذار عند الخطأ، كذلك عدم استغلال الفرص، فحينما جاء الزعيم إلى بيت فلفل، أخبره بأن يطلب منه ما يحتاجه، فتنبه لذلك شقيق فلفل إلا أنه رفض ذلك وقال أن الإنسان عليه أن لا يستغل معرفته بالآخرين للوصول إلى أغراضه الشخصية، وفي ذلك حث على التقيد بالقيم العليا. أيضا شمل القص الحث على إقامة الحكم بالعدل، وإعطاء كل ذي حق حقه. كذلك شجعت على العطف على الجيران وكبار السن، من خلال ما قاله الأب: "ألا تضعي يا فلة طبقًا من هذا الطعام الشهي لجارتنا العجوز زيزي، فقد سمعت أنها مريضة". أيضًا هناك دعوة إلى الابتعاد عن الأنانية وايذاء الآخرين وضرورة الدفاع عن الأرض والممتلكات من الأعداء. كذلك شجعت على التسامح بين الإخوة والناس. تناسبت لغة القص مع الفئة العمرية، حيث استخدمت اللغة العربية الفصحى التي جاءت سهلة دون تعقيد، شملت على مفردات متنوعة تزيد من حصيلة قاموس الطفل اللغوي، استخدم التشكيل الذي يعزز من قوة لغة الطفل ويعوده على اللفظ السليم. استخدمت الأديبة في القص الخيال فقد استخدمت الحيوانات لتجذب الطفل وتحثه على القراءة دون ملل. استطاعت الأديبة إيصال العديد من الرسائل المهمة بصورة رمزية حتى لا تحول بعض الفقرات إلى نصوص سياسية. الرواية ذات رسائل تربوية قيمة ومواد تثقيفية دسمة تضيف الثراء لمكتبة الطفل العربية. وقال د. عمر كتمتو: حددت الكاتبة اعمار الاطفال الموجهة اليهم بين السنوات السادسة والثامنة، وجعلت ابطال القصة الأرانب والكلاب العدوانية، كما جعلت احد أبطالها -وهو البطل الرئيسي- الأرنب الذي يحمل اسم فلفل، وهو اسمر اللون، خلافاً لامه فلّه الأرنبة الجميلة ذات الفراء الأبيض الطويل النظيف ووالده فوفو، ابيض الفراء الناصع. كان فلفل التوأم الوحيد اسمر اللون بين اخوته التوائم الخمسة، ثلاثة ذكور واثنتان إناث. غطى الفراء الأبيض والأبيض المشوب بخطوط رمادية الاخوين الصغيرين توتو وجوجو وكانا شبيهان لوالدهما فوفو. اما الاختين تيتي وجيجي فكانتا شبيهتين لأمهما. اختارت الكاتبة وبذكاء هذا اللون من الادب كي تؤدي إلى هدفٍ نبيلٍ راقٍ وانساني وهو التصدي للعنصرية التي كانت ولا زالت سببا للحروب وسفك الدماء، لأن العنصرية ليست فقط باللون ، وإنما بكل نواحي الحياة في المجتمعات بغض النظر سواء كانت في عالمنا العربي او في اي بقعة من بقاع العالم. اعتقد جازما ان الروائية الفلسطينية ديمة السمان لم تكتب هذه القصة للأطفال بل كتبتها لكل الأعمار ، وما يثير الدعابة لدى القارئ الإنسان وليس الطفل فقط هو استخدام عالم الحيوانات كصورةٍ واقعية لحياة الإنسان، في داء العنصرية التي تدخل دون استئذان داخل الاسرة ، وليس باللون فقط، لكنها تستطيع تدمير كل القِيَم في المجتمع. بطل الرواية هو الارنوب فلفل اسمر اللون والذي اختارته الاديبة ديمة ولم تختر اللون المغرب في السمرة، واقصد الاسود. ذلك الأرنب الأسمر الذكي الذي استطاع ان يهزم الاعداء الذين خططوا لاقتحام بيوت الناس وقتلهم وسرقتهم والاستيلاء على ارضهم، فتصدى لهم فلفل الارنب الاسمر الذي عانى عنصرية الناس وعنصرية أخواته واخواته، فوضع خطة للمواجهة تجاوز بذكائه زعيم البلدة، مستخدما معلوماته عن العدو االقادم وهم مجموعة كبيرة من الكلاب الشّرسة وكأنها ذئابٌ كاسرة. فوجئتُ بمعلومات لا يعرفها إلى المختصّين بعلم الحيوان او البياطرة، المعلومات التي حقّقت للأرانب الانتصار على العدو، مما يؤكّد ان الكاتبة اجتهدت بالحصول عليها من خلال المراجع المختصّة كي تصل الرسالة الى القارئ بكل صدق ويستفيد من تلك المعلومات التي بَنَتْ عليها الكاتبة القديرة خاتمة القصة، فأصبح فلفل هو الزّعيم بلا منازع، معيدا سيرة جده الذي كان اسمرا وزعيماً. القصة برأيي تحمل رسالة إنسانيّة راقية، غنيّة التّشويق للصغار والكبار، إن أسقطناها على واقعنا اليوم نجد انها سوف تعكس الحاضر الذي جلب الانتباه الدولي لدولةٍ عانت العنصرية لمدة طويلة ثم تحررت، لكنها استمرت في صراعها مع العنصرية، وأمسكت بزمام عدوّنا العنصري وأحضرته مكبّلاً بالإثم والعدوان إلى محكمة العدل الدولية عندما استرجعها ابناء مانديلا اصحاب اللون النقيض للون الأبيض، وهنا أتساءل كقارئ فلسطيني. ماذا لو كانت دولة جنوب أفريقيا تُحكَم من الرّجل الأبيض. القصة ستُحفظُ واحدةً من القصص الرائعة والمثيرة للجدل والتي تمثّلُ الابداع الذي يجعلنا متميزين كفلسطينين لكننا لسنا عنصريين. أبارك للاديبة القديرة ديمة السمان لهذا العمل الادبي الذي راقني كثيراً ومنحني معلومات لم أكن أعرفها. مبارك اصدار هذه القصة/الرواية التي تضيف الى مكتبة الأدب الفلسطيني والعربي مزيدا من العطاء الثقافي والمعرفي. وقالت تالا يُشير: اعتمدت الأديبة ديمة جمعة السمان عدم نسب الرواية لزمان ومكان محددين، لغرض عدم قصر الرواية لجيل معين من الأطفال بين سن (٨١٢). تتميز الرواية باسلوبها الكتابي، حيث مكنت الأديبة الشخصيات الاصدار حبكة المتوازية (parallel plot). تدور أحداث الحبكة الأولى حول (قصة اسمرالجد) وانتصار القرية على الكلاب المفترسة. أما الحبكة الثانية تسلط الضوء على معاناة الارنب فلفل بسبب لونه وتوضح اهميه الثقه بالنفس والاصرار. تتشارك كلتا القصص معاناة الجد اسمر والحفيد فلفل لعدم تقبل الأرانب من حولهم اختلاف لونهم ولكنهم يظهرون قدراتهم القيادية لتمنحهم احترام الاخرين . تناقش الرواية مواضيع عديدة أبرزها التنمر ، بناء شخصية حسنة ، والتحلي بالشجاعة. تنهي الأديبة الرواية بقول فلفل، " سأكون مثله يا ابي… سأعمل جهدي أن اصبح القائد الذي سيعيد العدل والأمن والأمان لقريه الارانب يا امي ". ليزرع فلفل في ذهن القارئ مبادئ وقيم ذو أهمية في المجتمعات على مر العصور. تتناول الرواية موضوع إنساني مشترك لا ينتسب الى فئة معينة من الجمهور، ذو صله لكل مكان وزمان. فلفل مثل جده يواجه صعوبة في تقبل الآخرين له لمجرد اختلف لونه. أسلوب الأديبة يعتمد على الوصف التفصيلي الشخصيات والمواقف، مما يساهم في تعزيز تصور القارئ للمشهد. منذ البداية يبدأ القارئ بملاحظة أن حياة الارنب تمام مثل تفاصيل حياة القارئ بحيث انه يذهب الى المدرسه، ويتناول وجبة الغداء مع العائلة، ولديه غرفة نوم والخ. شخصية الجد اسمر هي شخصية رمزية تمثل الحكمة والخبرة، وتلهم فلفل للتغلب على تحدياته. أحداث الروايه تسلط الضوء على معاملة المجتمع الذي قد يكون حكمه سطحيا في البداية، لكنه يقدر انجازات الأرنب لاحقا عندما يظهر قدراته القيادية. الرواية ذات الحبكة المتوازية تتميز بانها تحتوي عدة خطوط سردية، تتطور بشكل متزامن داخل نفس العمل الادبيه. يتميز هذا النوع من الروايات بعدة خصائص منها الاثاره والتشويق. يبرز ذلك الأسلوب مع تطور أحداث القصة وتوقف سرد قصة عند اصرار الام والاب للنوم واكمال الفصة في اليوم الثاني. ( الأم فلّة) تلعب دور الدعم النفسي، فهي الأم الحنونة التي تقدم الدّعم العاطفي لفلفل. القصة تحمل رسائل إيجابية عن أهميه الثقه بالنفس والاجتهاد لتحقيق الاحلام. وقالت ميرا إياد جبارين: تميّزت الرواية بالأسلوب الممتع والمناسب للأطفال، و المفردات التي تثري حصيلة القراء الجدد والصغار. أعجبني محاولة الأديبة زرع القيم والثقة بالنفس لدى الأطفال، كما أعجبني تنبيهها لموضوع السخرية والتمييز والتهميش، لما له أثر على نفسية الطفل. كما أشارت المؤلفة إلى أهمّية دور الأبوين بتحويل الإحباط واليأس إلى أمل ةنجاح وتفوّق وتميّز. كذلك أشارت المؤلفة لواحدة من الأفكار والمعتقدات السائدة في مجتمعاتنا العربية مع الأسف، وهي فكرة أن الطفل أو الشاب أو أيا كان الشخص الصغير يتم اهمال رأيه ، بل يتم أخذ رأي من يكبره سنا ولو كان على خطأ. وبذلك تضيع الكثير من الأفكار الرائعة الفعالة. وقد أشارت القصة لأهمية القدوة وتأثيرها وعن تأثر الأطفال بالقصص خصوصاً الحقيقة منها وهذا تشجيع للأهل ليرووا على أبنائهم قصص الصحابة والأنبياء والسلف الصالح. وقد أشارت القصة أيضا لفكرة العنصرية والتهميش وأثرها السلبي على المجتمع كما أشارت للأخلاق الحسنه من النخوة وغيرها... القصة كانت شيقة وممتعة أسلوبها جميل تحمل الكثير من القيم والارشادات. ولكن لي ملاحظة على عدد الصور برأيي كانت كثيرة جدا .
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معلومات قيّمة في صيّاد...سمكة وصنّارة
-
محمود شقير يدهشنا بمنزل ذكرياته
-
رواية -فلفل وجدهّ الأسمر- تحارب العنصريّة
-
حسناء د. روز اليوسف شعبان والفروسية
-
الزّمن الجميل والأصالة
-
قصة -حزمة نور- والحلم بالسّلام
-
فرصة ثانية رواية تطرح قضايا اجتماعية
-
قراءة في رواية تراتيل في سفر روزانا
-
د. محمود صبيح قدوة يقتدى
-
الرّومانسيّة والحبّ المتعثّر في رواية- في قلبي..- لرضوان صند
...
-
رواية -ذاكرة في الحجْر- والعقول المتحجّرة
-
قصّة الكوكب الأحمر والاكتشافات الحديثة
-
بدون مؤاخذة-بلاد العرب أوطاني
-
الثقافة العربية لا تزال بخير
-
الخلط بين التّاريخ والخرافة في -وجه آخر للهويّة-
-
بدون مؤاخذة- قطع التّمويل عن وكالة الغوث له أهدافه
-
جميل السلحوت يكتب سيرة شقيقه داود
-
قراءة في رواية -كان لي- لأفنان الجولاني
-
بدون مؤاخذة-الإرهاب العربي الإسلامي
-
الشّاعر محمد الشحات والإبداع اللافت
المزيد.....
-
هيئة الأدب والنشر والترجمة تقود مشاركة السعودية في معرض القا
...
-
جوائز -الراتزي-: -أوسكار- أسوأ الأفلام
-
انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ56 بمشاركة 80 دولة
-
-إميليا بيريز- أبرز الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار المؤجلة
...
-
“شوف أجدد الأفلام” ثبت الآن تردد قناة سينما شبرا بلس الجديد
...
-
مصر تستقبل وفدا من الأدباء الروس بـ -الكاتيوشا- (فيديو)
-
رئيسة اللوفر تحذر من تردّي حالة المتحف الباريسي
-
المغرب: تنصيب عضوين جديدين في أكاديمية المملكة
-
فيلم -ريبيل ريدج-.. اختبر قدرتك على مواجهة الفساد
-
” لمتابعة البرامج الثقافية طول اليوم ” .. نزل الآن تردد قناة
...
المزيد.....
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
المزيد.....
|