أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - درس علوي في سورية يجدر تأمله














المزيد.....


درس علوي في سورية يجدر تأمله


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نظراً إلى الموقع الإشكالي الذي وجد العلويون نفسهم فيه، خلال العقود الخمسة المنصرمة من تاريخ سوريا، من حيث استيعابهم لعلاقتهم بسلطة الأسد، واستيعاب الآخرين لهذه العلاقة، يمكن أخذ حالة العلويين بوصفها أحد المعايير أو المشعرات الدالة على حالة النظام السياسي في البلد.
الإشكالية في تجربة السوريين العلويين خلال فترة حكم طغمة الأسد، لا تنبع من وصول أحد أبنائهم (حافظ الأسد) لأول مرة إلى أعلى مركز في الدولة، وما يمكن لهذا أن يعطيهم شيئاً من الاعتبار، وأن يعطيهم شعوراً بالأمان الجماعي طالما افتقدوه، بل تنبع من تمكن الأسد من السيطرة التامة على جهاز الدولة، ومن إعادة هيكلة الدولة حوله بوصفه حجر الزاوية في النظام. هكذا بات حفاظ العلويين على شعورهم بالأمان يتطلب منهم (الكلام هنا عن الجماعة وليس عن نسبة منها استجرت من السلطة والثروة ما استجرت) التبعية لنظام طغمة مستبدة. ينطبق ذلك على جماعات دينية أخرى مثل المسيحيين الذين لم يكن موقفهم العام مرحباً بمحاولات تغيير نظام الأسد، ولا تختلف قصة المعارضين منهم لنظام الأسد عن قصة المعارضين العلويين، ما يؤكد على أن هذه المواقف سياسية في أساسها، وأن "طائفيتها" تأتي من طائفية الإسلاميين الذين كانوا دائماً البديل الراجح في سوريا.
كان بين العلويين نسبة كبيرة، قد تكون هي النسبة الغالبة، تنتقد نظام الأسد بدرجات متفاوتة، وتشير إلى الفساد والواسطة والتشبيح والتمييز والقمع ... الخ، ولكن هذا النقد توقف دائماً عند حد عدم التغير، الحد الذي نادراً ما تجاوزه العلويون في "معارضتهم" للنظام. كان لدى العلويين خشية وتهيب من تغير النظام مهما انحط حالهم المعاشي والمعنوي في ظله، لأن ما يخشون خسارته في العمق هو شعورهم بالأمان الجماعي الذي يعانون اليوم من خسارته. هذا ما يفسر أن تجد عائلة علوية تعلق صورة حافظ الأسد على الحائط فيما يقبع ابنها المعارض في سجونه. وهذا ما يفسر أيضاً تحفظ كثير من المعارضين العلويين ممن قضوا سنوات في السجون، حين بدا تهديد النظام جدياً بعد 2011. يمكن الاستطراد بالقول إنه لم يكن العلويون ليؤيدوا تغييراً لنظام الأسد إلا إذا جاء على يد علويين، بما لا يفقدهم الشعور بالأمان.
في تصورنا المبني على متابعات مختلفة وعلى تواصل شخصي، لا تزيد اليوم نسبة العلويين غير القلقين وغير الخائفين من سيطرة الإسلاميين على مقاليد الحكم في سوريا، عن نسبة العلويين الذين كانوا يعارضون نظام الأسد، ويعملون على تغييره. هذا يقول إن حال النظام السياسي السابق، كما حال مقدمات النظام السياسي الذي يتشكل، غير سليمة. في الحالتين هناك ارتكاس غير طبيعي من قبل هذه الجماعة على الظرف السياسي القائم. لا معنى للوم الجماعة على ما تشعر به، المعنى يكون في فهم العناصر التي تولد الشعور وتديمه، حتى وإن كان موهوماً. ورغم حداثة عهد الوضع السياسي الجديد، الواضح أن العناصر التي تثير قلق العلويين لا تتراجع بل تزيد بالأحرى.
من الناحية الأمنية، وهي الناحية الأكثر أهمية في حياة الناس، يبدو أن حال العلويين انتقل من الشعور بالأمان الجماعي في ظل نظام الأسد، فقد كانوا مطمئنين إلى أن النظام السياسي، بصرف النظر عن كل عيوبه، لن يرتد أمنياً ضدهم كجماعة، إلى انعدام الشعور بالأمان الجماعي في ظل بوادر صريحة لنظام إسلامي يخالونه خطراً عليهم كجماعة، بعضهم يصل به القلق إلى حد اعتبراه "وجودياً". طالما كان الإسلاميون الذين باتوا أهل السلطة، مصدر خوف رئيسي في وعي غالبية العلويين، ليس فقط لأن الإسلاميين يصمون العلويين وغيرهم، بأنهم منحرفون عن الدين الحنيف، وما يترتب على ذلك من تبعات سياسية وحقوقية، بل أيضاً، والأهم، لأنهم يحملون العلويين في مجملهم، وزر سياسات النظام وجرائمه، ما يهدد أمنهم ويجعلهم تحت حكم نظام يضمر لهم مشاعر عدائية.
في المجريات اليومية لملاحقة "فلول النظام"، كثير من الإسلاميين، وبينهم قادة ميدانيين كما يبدو، يتعاملون مع العلويين بوصفهم "بيئة حاضنة" للنظام السابق، ويدخلون هذه البيئة على أنها بيئة مهزومة، أي يدخلونها لا بوصفهم محررين ولا فاتحين، كما تقول لغتهم، بل بوصفهم منتصرين، كما تقول أفعالهم. منتصرون ضد جماعة مذهبية "منحرفة" يحملونها بكاملها ووحدها مسؤولية السياسة الإجرامية للنظام السابق.
القناعة التي تجد لها مستقراً في عقول كثيرين، وتشكل منطلقاً للانتهاكات ولضياع الرؤية، تقوم على اختزالات ضالة ولكنها مريحة وتدغدغ متعة التأثيم العام للآخرين، وترضي رغبة الوصم المبطنة بالشر. الاختزال الأول هو اختزال نظام سياسي متعدد نقاط الارتكاز، في بعده الأمني، ثم اختزال البعد الأمني بسيطرة عناصر من البيئة المذهبية لرأس النظام، ثم اختزال هذه البيئة كاملة بهؤلاء العناصر. ينتج عن هذه الاختزالات أن الحرب ضد نظام سياسي سيطر على سوريا لمدة تزيد عن نصف قرن، ووجد له مرتكزات في كل البيئات الاجتماعية السورية، هي حرب ضد جماعة مذهبية محددة.
غاب شعور التضامن الوطني لدى العلويين إزاء الجرائم الفظيعة التي ارتكبت بحق البيئات المعارضة، وراء الخوف من سقوط نظام الأسد وما قد يجره عليهم من تبعات (يرى كثيرون اليوم أن ذلك الخوف كان مبرراً)، مخدرين ضمائرهم بأنهم يقفون مع "الدولة والجيش"، وتظهر اليوم بوادر غياب شعور التضامن الوطني تجاه ممارسات فصائلية مهينة وظالمة بحق العلويين وتجاه العمل على تحويل الجماعة إلى أضحية، وذلك وراء مشاعر عدائية تستند إلى اختزالات ضالة، وإلى تخدير الضمير بالكلام عن "محاربة فلول النظام". الخاسر في الحالتين هم السوريون جملةً، بمن فيهم من يُبدّون مشاعرهم الأنانية على الشعور الوطني العام. جدير بالعلويين أن يتأملوا الدرس، وجدير بالسوريين كلهم أن يتأملوا الدرس العلوي أيضاً. ليست السلطات هي من تشق طريق الوطنية، بل التضامن الوطني العام والشجاع ضد أي ظلم، هذا هو السبيل الوحيد لبناء وطن، والسبيل الوحيد لشعور الأفراد والجماعات بالأمان.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاطر الانتقال إلى سوريا جديدة
- عن مظاهرات السوريين العلويين
- هل انتصرت الثورة في سوريا؟
- الموالون وتلاشي نظام الأسد
- عن سورية والتطورات الأخيرة
- نزوع الضحية إلى السيطرة
- انتصارات إسرائيل الخاسرة
- عن اللوثة الطائفية في سوريا
- التكيّف مع الاحتلال
- تحول حزب الله من المقاومة إلى الردع
- نحن والاحتجاجات في إسرائيل
- عن انقسام عقيم يلازم السوريين
- أفكار في النقاش السوري العام
- سأبقى أذكر ذلك المساء المختلف في السجن
- غزة، التنافر بين الحق وتمثيله
- دروس قاسية تنتظر الفرنسيين
- القضاء الدولي، مقايضة شعوب بأفراد
- لا تقاطع مخبراً في السجن
- عن التوثيق ومنصة الذاكرة السورية
- الحرب على غزة تتحول حرباً على الديموقراطية


المزيد.....




- ترامب يصر مجددا على زيادة الإنفاق الدفاعي لدول -الناتو- إلى ...
- البرلمان العربي: الهجوم الإسرائيلي على الضفة يهدد بتدمير جهو ...
- ترامب: أخطا بايدن بعدم العفو عن نفسه قبل مغادرته منصبه
- نارٌ لا تخمد: حريق هائل يتجدد في لوس أنجلوس ويُشرد الآلاف وي ...
- بداية خاطئة.. خبراء يردون على تهديد ترامب لروسيا حول أوكراني ...
- حملة تضامنية جزائرية لدعم غزة
- مطالبات بتحقيق مستقل في تعامل شرطة لندن
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 49 مسيرة أوكرانية فوق عدة مقاطع ...
- القوات الروسية توجه إنذارا نهائيا للواء 110 الأوكراني للاستس ...
- اتفاق تعاون مصري صومالي


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - درس علوي في سورية يجدر تأمله