رشيد عوبدة
الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 09:36
المحور:
الادب والفن
الكاتب الحقيقي لا يكتب ليُفْهَم فقط، بل ليَفْهَم نفسه أولا. الكتابة هي المرآة التي يرى فيها الإنسان جوهره، والمصباح الذي ينير طريقه وسط عتمة الأسئلة الوجودية. إنها ليست مجرد وسيلة للتعبير أو أداة للتواصل مع الآخرين، بل هي في جوهرها فعل للتواصل مع الذات. عبر الكتابة، يخوض الإنسان رحلة تأملية لاكتشاف أبعاد جديدة من هويته. إنها نوع من "التأمل النصي"، حيث يعبر الفرد عن ذاته عبر لغة محايدة، لكنها تكشف عن أعماقه الخفية وتعيد تشكيل وعيه.
في هذا السياق، تصبح الكتابة أكثر من مجرد عملية نقل للأفكار؛ إنها وسيلة لفهم الذات ومعالجة الأسئلة الوجودية. حين يكتب الإنسان عن الحب، الموت، أو حتى عن معنى الحياة...، فإنه لا يكتفي بوصف هذه المفاهيم، بل يحاول أن يفهم علاقته بها، محولا الأفكار الغامضة إلى كلمات ملموسة. بهذا، تتيح الكتابة للكاتب إعادة ترتيب أفكاره، وتحول الفوضى الداخلية إلى نظام جديد يعكس وعيه المتجدد.
الكتابة ليست مجرد فعل لغوي، بل هي فعل وجودي بامتياز. إنها تتجاوز حدود اللغة لتصبح نوعا من التطهير النفسي أو التجلّي الروحي، رحلة بحث مستمرة عن المعنى. "أنا أكتب لأكون أنا" تعكس هذه الحقيقة، حيث يشكل كل نص هوية جديدة تتطور مع كل كلمة وجملة.
من خلال هذه العملية، تتجلى الذات بشكل أعمق وأوضح، حيث لا تكون الكتابة مجرد وسيلة للتعبير، بل تصبح غاية قائمة بذاتها، تسهم في تشكيل الكاتب نفسه ومعالجة تساؤلاته الجوهرية..
#رشيد_عوبدة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟