|
شتول الإنحدار الأميركي
طارق الهوا
الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 08:02
المحور:
كتابات ساخرة
"انتهى زمن الإنحدار الأميركي". هكذا افتتح الرئيس دونالد ترمب خطاب تنصيبه رئيساً، وقد بيّن في عدة نقاط هذا الإنحدار، وأخطر ما قاله "لن يوجد غير جنسيّن في أميركا هما الذكر والأنثى". هذه النقطة أخطر ما تواجهه أميركا اجتماعياً، وهي شتلة زرعها الليبراليون واليسار الذي فقد مضمون يساريته الأصلي (السعي لتغيير المجتمع إلى حالة أكثر مساواة بين أفراده) وثمارها على المدى الطويل إغتيال روح أي أمة من الداخل، لأن أفرادها على المدى الطويل لن يعلمون من هم. أو على الأقل سيشكّون في انتمائهم لأي جنس. من يعيشون في أميركا يعرفون تماماً ما يحدث في دور العلم والمؤسسات والجمعيات الأهلية، وكيف يُمنع أو يحارب أو يُهمّش أي شخص يفكر، أو لا يسير مع القطيع، أو يؤمن بالديمقراطية في بلد ديمقراطي مبني على اعطاء الفرصة، والانتخاب من أصغر وحدة في المجتمع وهي المدرسة إلى القمة وهي انتخاب رئيس. زرع الليبراليون واليسار (الذي أصبح يسعى لتغيير المجتمع لحالة أكثر انحطاطا بين أفراده) في فترة رئاسة حسين أوباما الثالثة (جو بايدن تاريخيا) فكرة مريبة هدّامة لم تخطر على بال المشرّعين القانونيين منذ ظهور أول الحضارات، هي وجود 26 نوع من أجناس البشر، منها على سبيل المثال: اللواطيون، والسحاقيات، ومزدوجو الميل الجنسي (يمارس الجنس مع النساء ويمارس الرجال معه) والسحاقية التي تلعب دور الرجل، والسحاقية التي تلعب دور الأنثى، والسحاقية التي تمارس الجنس مع الرجال والنساء، والمزدوج الذي يمارس الجنس كرجل وإمرأة في الوقت نفسه، والعابر جنسياً من جنس إلى آخر، إلى آخر هذه التصنيفات المترهلة الترفيهية وليست البيولوجية. هذه التصنيفات أثمرت إجراء عمليات تغيير جنس الطفل في المدارس بدون علم أهله، ورفع دعاوى قضائية من المدرسة ضد الأهل (المحافظون) إذا اعترضوا على حرية قراره التي أملاها عليه وسواس معلميه اليومي (هل أنت تعتقد أنك ذكر أو أنثى؟!) بل أن هناك فكرة أخطر تُزرع وهي أن الانسان الكامل هو مَن يمارس الجنس كرجل وكإمرأة في الوقت نفسه، ومنها يتفرع لاهوتياً (إذا جاز التعبير) اكتشاف لواطية المسيح الذي أراد جمع كل الممارسات في جسد واحد، وليس كل من يؤمنون به في جسد واحد هو الكنيسة. وكنائس المثليين في أميركا عادة يُطلق عليها "كنيسة المسيح". مسيحهم المُكتشف حديثاً. هذا الانحدار بدأ في رئاسة حسين أوباما الأولى حين شرّع هو شخصياً بمرسوم رئاسي زواج المثليين والسحاقيات في الجيش الأميركي، ومنحهم وفقاً لقانون المساواة حقوق الزوجين الطبيعيين من اجازات زواج وعلاوات سنوية عائلية وضمانات اجتماعية. كما دعم معنوياً وعلانية أثناء رئاسته عمليات التحول الجنسي. وبناء على ذلك التوجه الليبرالي/اليساري، تجد رجليّن أميركيين في المطار يتجهان لختم جواز سفريهما عند نقاط الدخول كزوجين أو we are a family كما يقولان لضابط الجوازات. وترى نفس الشيء مع إمرأتين : she is my husband كان الامتعاض واضحاً على تيار الليبراليين الحاضرين لكلمة ترمب، أصحاب أجندة "التغيير"، حتى قبل بدء كلمته، إذ سأل اليساري حسين أوباما الرئيس السابق جورج دبليو بوش: "كيف يمكنهم وقف ما حدث؟"، ورد بوش بابتسامة خبيثة. حسين أوباما صاحب شعار "تعميق سخط الأقليات" يسأل بوش الذي بدأ حروباً حمقاء لا نتيجة من ورائها على الإرهاب، وحرباً ظالمة دمر فيها العراق، ويستحق أن يُحاكم هو وطوني بلير عليها، لأنها سبب بداية الخراب الذي حدث في العالم، وأوله شرعنة وقبول تسونامي الهجرة غير الشرعية، حسب ما قال ديزموند توتو كبير أسقافة جنوب أفريقيا والحائز على نوبل للسلام. ضحكت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، صديقة/لدودة لأوباما، على رغبة الرئيس ترمب تسمية خليج المكسيك بالخليج الأميركي. المرجح أن وزيرة الخارجية السابقة لا تفهم معنى حقوق الدول في تسمية المسطحات المائية التي تطل عليها، ولا تاريخ إطلاق اسم خليج المكسيك على هذا المسطح المائي، الذي لم يكن للمكسيكيين أي علاقة به، فقد كان السكان آنذاك لا يدركون أين هم جغرافياً على الكوكب، وكانت ضحكتها أخبث وأرخص من ابتسامة دبليو بوش، لأنها كأمرأة تدرك بالغريزة عدوى انتشار الضحك التافه في ثرثرة الهاتف وجلسات النساء التافهات الصباحية، وقد أطلقت هذه الضحكة لتنتشر بين الحاضرين، لكن ذلك لم يحدث، فما قاله ترمب فهمه أكثر الحاضرين على انه دعوى لرفع معنويات أمة فُتحت حدودها الجنوبية بدون حسيب أو رقيب لأربع سنوات، وكان ذلك القرار أدنى بكثير من تفكير الحيوانات التي تزمجر أو تنبح أو تصيح أو تُقاتل إذا دخل حيوان غريب في نطاق أراضيها ليأكل أكلها أو يضاجع إناثها. ما قاله ترمب ليس للسخرية أو مادة للضحك أو التهكم سوى للمشبوهين أو السخفاء. أُطلِق اسم خليج المكسيك على المسطح المائي منذ أواخر القرن السادس عشر على الأقل. وقد أشار الجغرافي البريطاني ريتشارد هاكليوت إلى "خليج المكسيك" في كتابه "الملاحة والرحلات والاكتشافات الرئيسية للأمة الإنجليزية" سنة 1589. وفي نفس العام، أنتج رسام الخرائط الإيطالي بابتيستا بوازيو خريطة للحملة البحرية التي شنها السير فرانسيس دريك في الفترة من 1585 إلى 1586 ضد المستعمرات الإسبانية في الأمريكتين. وقد صور بوازيو أسطول دريك وهو يطوف على حافة "خليج المكسيك". وظهرت أسماء أخرى، بما في ذلك "خليج إسبانيا الجديدة" و"بحر فلوريدا"، على الخرائط وفي المنشورات على مدى القرون اللاحقة. وتتعامل منظمات التقييس الجغرافي المعاصرة، وأبرزها مجلس الأسماء الجغرافية الأمريكي، مع خليج المكسيك باعتباره الاسم الرسمي للهيئة، وكما وصفه مجلس الأسماء الجغرافية الأميركي، هو اسم "غير مثير للجدل". إذا كانت نتيجة الحرية المطلقة في أميركا هي نماذج ما تقدم، فالأفضل تحجيم هذه الحرية لأنها أصبحت خطيرة، ليس على أميركا فقط بل على العالم لأن أميركا لم تزل تصدّر القدوة. كيف؟ نموذج واحد يوضح حاجة أميركا لرجل قوي يحجّم انفلات الحرية. أصبح يُرفع في رئاسة جو بايدن علم المثليين فوق العلم الأميركي على نفس الصاري في أي سفارة أميركية في العالم في شهر الفخر أو LGBT وهو شهر يونيو دعماً للمثلية. وفي كاليفورنيا (حيث فوضى الحرية وعدم محاكمة لص سرق من سوبر ماركت أو أي محل إذا كانت السرقة أقل من 750 دولار) يُرفع علم المثليين أمام المحاكم العُليا والدستورية أولا، ثم علم أميركا ثانيا، فعلم كاليفورنيا ثالثا على الصاري نفسه. هل هناك ترهل حضاري ووطنى واجتماعي وانساني وعقلي أسوأ في أمة كانت تنفق المليارات على الأبحاث العلمية وغزو الفضاء؟ دونالد ترمب جرس إنذار للأمة الأميركية، ولذلك هو مكروه ليس لشخصه لكن للتيار المحافظ الذي يمثله.
#طارق_الهوا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آية الله جيمي كارتر
-
ما قاله نتنياهو ويجب التفكير فيه
-
رابعة لأوباما أو ثانية لترمب (4)
-
لماذا قبّل البابا يد الإمام الأكبر؟
-
رابعة لأوباما أو ثانية لترمب (3)
-
ملك ورئيس وزراء وفاروق الفيشاوي
-
صادق خان ولعبة الأقنعة
-
رابعة لأوباما أو ثانية لترامب (2)
-
رابعة لأوباما أو ثانية لترامب
-
قبلة حياة للولايات المنقسمة الأميركية
-
حقوق التعددية محفوظة للإرهابيين
-
البابا فرنسيس والإحلال الكبير
-
أسئلة برسم الدعاة الفضائيين
-
قطع الرأس سمة ثقافية
-
باتريك زكي إرهابي بقرار من الدولة العميقة
-
الفريد في رؤساء أميركا
-
دارمانان: مهددون بالإرهاب الإسلامي السنّي
-
حقوق المجرم أهم من أمن الوطن!
-
تحويل البشر إلى أرقام
-
تبصير في فنجان ترامب
المزيد.....
-
فيلم السهرة اليوم.. تردد قناة زي الوان لمشاهدة أقوى المسلسلا
...
-
واسط على موعد مع فعاليات مهرجانها السينمائي الدولي العاشر بم
...
-
بعد نجاح فيلم -الدشاش- جماهيريا.. هل نجح محمد سعد في استعادة
...
-
الدين مادة أساسية بمدارس مصر.. ما وجه الاعتراض؟
-
بعد ساعتين بالظبط هتشوف العظمة”.. مسلسل عثمان 178 الحلقة الج
...
-
المترجم جنغيز عبد الواحد ”فرض رسوم لخدمة الترجمة قد يؤدي إلى
...
-
الأدب السوري مترجمًا.. كيف شوّهت -سياسات الهوية- السردية الس
...
-
أحزاب تيدو تريد من المولودين في الخارج دفع رسوم الترجمة بأنف
...
-
تركي آل الشيخ يعلن عن حدث مهم بتاريخ صناعة السينما في السعود
...
-
دار الأنام اللبنانية تصدر كتاباً جديداً للدكتور زهير ياسين ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|