أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دلير زنكنة - فلسفة برتراند راسل السياسية والاقتصادية















المزيد.....



فلسفة برتراند راسل السياسية والاقتصادية


دلير زنكنة

الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 02:47
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بقلم في جَيْ ماكجيل

Russell’s Political and Economic Philosophy
V. J. McGill

الفصل 19 من كتاب فلسفة برتراند رسل The Philosophy of Bertrand Russell باشراف بول آرثر شليب، جامعة نورث ويسترن، سلسلة مكتبة الفلاسفة الاحياء ، المجلد الخامس ، عام 1944.

في جَيْ ماكجيل (1897-1977)

فيفيان جيري ماكجيل، دكتوراه في الفلسفة من جامعة هارفارد 1927، ألف العديد من الكتب، حول الفلسفة و علم النفس، منها أوغست ستريندبرغ 1930، شوبنهاور ،المتشائم والوثني 1931، فيلسوف يقابل روائي 1932، و العديد من البحوث و المقالات، عمل بروفيسورا مساعدا للفلسفة و علم النفس في كلية هنتر حتى عام 1954، حين استدعي من قبل لجنة مرتبطة بالسناتور سيء الصيت جو مكارثي و طلب منه اسماء من كانوا معه في السابق من أعضاء و مؤيدين للحزب الشيوعي في الولايات المتحدة الاميركية (كان عضوا في الحزب في الثلاثينات و استقال منه في 1941)، فرفض ان يتحول الى مخبر ، فطرد من منصبه الجامعي مع قرار منعه من التدريس في اي جامعة حكومية. عمل بعد فترة كمستشار في معهد الأبحاث الفلسفية باشراف الفيلسوف المشهور مورتيمر جي ادلر، فاشرف على العديد من منشورات المعهد، و اصدر كتابا حول السعادة ، و كَتَب للموسوعة البريطانية. بعد انحسار موجة مكارثي الرجعية عاد الى التدريس الجامعي . إنتهى به الامر قبل التقاعد (في 1973) بالعمل كبروفيسور للفلسفة في جامعة سان فرانسيسكو . في اواخر مسيرته الاكاديمية، و تقديرا لاعماله العلمية و الفلسفية انتخب كرئيس لقسم الباسيفيك في الجمعية الفلسفية الاميركية.

……

فلسفة برتراند راسل السياسية والاقتصادية

1. التشاؤم ونظرية الأهواء

إن مفهوم السلطة يلقي بظلاله على كل كتابات راسل السياسية والاقتصادية. في سلسلة طويلة من المجلدات الشعبية، كثيرًا ما يتكلم ضد شرور الرأسمالية التنافسية في القرن التاسع عشر، ولكنه يدين أيضًا الرأسمالية الاحتكارية،الحالية أو المستقبلية. وهو في الوقت نفسه يخشى مركزية السلطة في ظل ما يسميه "اشتراكية الدولة"، وكثيراً ما يشير إلى الاتحاد السوفييتي كمثال يبين كيف قد تكون شهوة السلطة على نفس القدر من الخطورة مثل الولع بالممتلكات. لا يسمع المرء إلا القليل عن تفاصيل نظرية اقتصادية. يتطرق أحيانًا إلى بعض الاقتصاديين من منظور تاريخي، لكن ماركس وحده هو الذي يُعطى أي شيء يشبه النقد الكامل. تُعتبر الاشتراكية النقابية Guild Socialism وحتى النقابية Syndicalism أفضل من الماركسية، لكن النظريات الاقتصادية لهذه الحركات لا تُذكر إلا نادرًا، في حين تتعرض النظرية الماركسية والاشتراكية السوفييتية لانتقادات متكررة، وإن كانت خاطفة. إن حكم راسل النهائي على الاشتراكية الحالية معادي للغاية، لدرجة أن انتقاده للرأسمالية يبدو، بالمقارنة، وكأنه تسامح[1]. من الواضح أنه أصبح مقتنعًا بأن التعطش إلى السلطة هو الخطر الرئيسي على البشرية، وأن التملك شر لأنه يعزز سلطة الإنسان على الإنسان. وبالتالي فإن أي مجتمع يبدو له أنه يعزز السيطرة التنظيمية والسلطة المركزية هو، بحكم الواقع، مشكوك فيه.

في عام 1902، شرح السيد راسل في كتابه "عبادة الانسان الحر"ببلاغة شديدة نظريته عن السلطة.

"هل نعبد القوة أم نعبد الطيبة؟ [يسأل.] إذا كانت السلطة شر، كما تبدو، فلنرفضها من قلوبنا. في هذه تكمن حرية الإنسان الحقيقية؛... في النشاط، وفي الرغبة، يجب علينا أن نخضع دائمًا لطغيان القوى الخارجية؛ ولكن في الفكر، وفي الطموح، نحن أحرار، أحرار من إخواننا البشر، أحرار من الكوكب الصغير الذي تزحف عليه أجسادنا بعجز ، أحرار حتى، ونحن على قيد الحياة، من طغيان الموت.... أن نتحدى مع بروميثيوس بثبات الكون المعادي، وإبقاء شره نصب عينينا دائمًا، ومكروهًا دائمًا… هو واجب كل من لن ينحنى أمام المحتوم. لكن السخط لا يزال قيدًا ، لأنه يجبر أفكارنا على الانشغال بعالم شرير؛ وفي شراسة الرغبة التي ينبع منها التمرد، هناك نوع من تأكيد-الذات الذي يجب على الحكماء التغلب عليه. (التصوف والمنطق، 50f)

فالنصيحة الأفضل هي الاستسلام والتراجع إلى التأمل.

إن تعاليم شوبنهاور والرواقيين أكثر حكمة من فلسفة التمرد البروميثيوسية. إن الانسحاب الجذري من العالم أصبح ضروريًا بسبب طغيان الطبيعة الذي لا يقاوم و رغبات الإنسان التي لا تشبع. ومن ثم فإن تشاؤم راسل يرتكز على أسس جسدية ونفسية.

السبب الأول للتشاؤم يختزل إلى الثاني. إن السؤال عما إذا كان الكوكب سينهار أو يتجمد خلال عشرة ملايين سنة ليس "خيارًا للحياة "، ولا، كما يرى {برنارد} شو بوضوح كافٍ، يرغب معظم الناس في مواجه ملل الحياة الابدية. والمشكلة الحقيقية تتلخص في زيادة متوسط العمر ودرء الأمراض والكوارث الطبيعية، والمطلوب لتحقيق هذه الغاية هو تنظيم المجتمع على نحو أكثر كفاءة. لسوء الحظ، إذا تم قبول وجهة نظر السيد راسل المتشائمة للطبيعة البشرية، فإن أي تغيير جوهري نحو الأفضل يبدأ في الظهور محفوفًا بالمخاطر أو مستحيلًا.[2] ان شكوكية واضحة وضوح الشمس ، مؤسسة على نظرية للأهواء و التي تنتهي الى القدرية ، تشكل الخلفية الثابتة للعديد من المجلدات الهادفة للإصلاح . كما هو الحال في حالة مونتين، وكونديلاك، وفولتير، فإن ما نتذكره هو الكشف الرائع عن حماقة الإنسان وانحرافه، وليس العلاجات المقترحة في بعض المرات. عدم الاعتقاد باي اعادة تجدد للانسان، مثل قطعة موسيقية يتم تكرارها بإصرار، تطغى بسهولة على موضوعات الأمل وإعادة البناء قصيرة العمر، والتي يتم سماعها، مع القليل من الاهتمام فقط، أو، مثل الضمانات المقدمة للمفلسين أو الثكالى، بإيمان ضعيف.

ربما تكون الحرب، بالنسبة للسيد راسل، أسوأ الشرور. لكن الحرب في رأيه لا تنجم في المقام الأول عن طموحات الحكومات، عن التشابكات الدبلوماسية،ولا من الظروف الاقتصادية ،التي يمكن التغلب على أي منها بالإقدام والتخطيط، بل عن الطبيعة البشرية، التي في رأي معظم علماء النفس موجودة لتبقى. وفي حديثه عن الحرب العالمية الأولى، ذكر أنها "نشأت، بشكل رئيسي، نتيجة وجود الغريزة(=الدافع)....هناك غريزة للعدوان، و غريزة لمقاومة العدوان"[3]. إن الغريزة العمياء هي مصدر الحرب، ولكنها أيضًا مصدر العلم والفن والحب.[4] "الحرب تنبع من الطبيعة البشرية العادية. الألمان، وكذلك الرجال الذين يؤلفون الحكومات، هم في مجملهم بشر متوسطون، تحركهم نفس المشاعر التي تحرك الآخرين، ولا يختلفون عن بقية العالم إلا في ظروفهم. "[5] الغريزة العمياء لا تدفع الامم الى الحرب بل تولد أيضًا الدوافع شبه الفكرية التي تستخدم، سواء في غزو الأمم أو الدفاع عنها، لتبرير لجوئها إلى السلاح، [6] ان هذه الغريزة التي تدفع الناس إلى القتال، قوية جدًا لدرجة أنه يجب العثور على بعض المعادل الأخلاقي في وقت السلم، كمانع من الحروب المستقبلية[7]، ويجب بذل الجهود لتوجيه هذا الشغف الخطير نحو "الحب، وغريزة البناء، و بهجة الحياة"، وبالتالي إصلاح الطبيعة البشرية نحو المساعي السلمية [8] .و كيف القيام بذلك، لا يشرح السيد راسل ذلك بشكل كافٍ، بل إن جهوده البناءة دائمًا ما تكون تجريدية و شحيحة، وتنفق نفسها في بضع فقرات . لربما تبدوا و كانه يفضل تأجيل الكفاح. ففي نهاية المطاف، "ترتكز مؤسساتنا على الظلم و القوة"[9]. ويتساءل: "ماذا يمكننا أن نفعل للعالم بينما نعيش؟"، "لا يمكننا تدمير السلطة المفرطة للدولة أو الملكية الخاصة... يجب أن ندرك أن العالم تحكمه روح خاطئة" [10]، وعلينا أن ننتظر حتى يصبح ما تفكر فيه القلة الآن ، فكرًا للكثرة.

حظيت الغريزة العدوانية ببعض الدعم من علماء النفس في عام 1916 ،عندما كُتبت الآراء المذكورة أعلاه لأول مرة، ولكن ليس في عام 1938، عندما تكررت. ومن الطبيعي أن يصر العسكر على غريزة للحرب لا يمكن الغاءها باعتبارها مسألة شرف مهني وبعد نظر، لكن من الصعب أن نرى لماذا يجب على السيد راسل، مع وجود القليل جدًا من الأدلة الداعمة ، أن يتفق معهم. وبعد أن وافق على الفرضية الرئيسية، فإنه ليس لديه إجابة كافية لاستنتاجهم بأن الحرب أمر لا مفر منها . وعندما يفشل السيد راسل في ذكر "وجود الغريزة" كمصدر للحرب فإنه يميل إلى ذكر أسباب أخرى بعيدة الاحتمال جدًا . الاشتراكية ، حسب قوله، لن تضع حدا للحرب.

"النمل اشتراكي تمامًا مثل أي مجتمع يمكن ان يكون كذلك، ومع ذلك فإنها تقتل أي نملة تضل بينها بالخطأ من كومة نمل مجاورة. ولا يختلف البشر كثيرًا عن النمل في غرائزهم في هذا الصدد، حيثما يوجد تباين كبير في العرق، كما هو الحال بين الرجال البيض والرجال الصفر. "[11]

إن العداء العرقي قابل للتعديل ولكنه قوي للغاية لدرجة أنه حتى لو تم إنشاء عصبة حقيقية للأمم وإلغاء الملكية الخاصة، فقد تستمر الحروب. لا يقدم السيد راسل أي دليل على نظرية العداء الغريزي للأعراق، ولا أي دليل مضاد، وهو موجود بكثرة [12]. ولم يذكر لماذا يعتقد أن الأسباب الاقتصادية غير كافية لشرح الوقائع ، ولا لماذا يعتقد وبما أن النمل تتقاتل، فيجب على الرجال ان يتقاتلوا أيضًا . فهو لا يدافع عن التشابه الذي يرسمه بين السلوك الغريزي المحض للنمل والاشتراكية المخططة، وفي حالات كثيرة جدًا، فإنه يقر بمبادئ العسكر التي تخلى عنها علماء النفس ، مما خلق صعوبات غير ضرورية لموقفه السلمي [13] ، و حالته المثالية للسلام المستقبلي .

إذا كانت غرائز العدوانية وحب التملك تفسد معالجة السيد راسل للحرب، فإنها تبطل أيضاً الكثير من اقتصاده السياسي. لقد شرح الغريزة السابقة، التي توسعت إلى "حب السلطة"، بشكل واضح في كتاب "السلطة، تحليل اجتماعي جديد"، وفي كتاب "الحرية مقابل المنظمة "، مع أنها تلعب أيضًا دورًا رائدًا في كتاباته الأخرى، سواء كفاوست أو مفستوفيلس. يبدأ كتاب "السلطة" بادعاءات رومانسية مفادها أن رغبات الإنسان لا حصر لها وأن "ما نحتاجه لتحقيق السعادة الدائمة مستحيل بالنسبة للبشر". ادعاءات تبدو، على الرغم من شوبنهاور، إما خاطئة أو غير ذات صلة. ربما لا يكون اتفاق السيد راسل مع الكاره العظيم للبشر[ شوبنهاور]، و اختياره لماركس المتفائل خصمًا رئيسيًا ، مفهومًا دائمًا. من الاهمية ذكر ان أطروحة كتاب السيد راسل بأكملها في معارضة صريحة لماركس. مع فكرة أنه يعارض اساس النظرية الماركسية، فهو يجادل بأن البشر يسعون وراء الثروة فقط إلى درجة معينة من الشبع، ثم يحولون كل انتباههم إلى السلطة. يكتب:

إن خطأ الاقتصاد الماركسي ليس مجرد خطأ نظري، بل ذو أهمية عملية كبيرة... وفقط من خلال إدراك أن حب السلطة هو سبب الأنشطة المهمة في الشؤون الاجتماعية… يمكن تفسير التاريخ بشكل صحيح.
وفي سياق هذا الكتاب، سأهتم بإثبات أن "إن المفهوم الأساسي في العلوم الاجتماعية هو السلطة بنفس المعنى الذي تكون فيه الطاقة المفهوم الأساسي في الفيزياء.[14]

يعرّف السيد راسل السلطة بأنها "إنتاج التأثيرات المقصودة" ويترتب على ذلك أن جميع أعمالنا الارادية المؤثرة تنتج عن السلطة أو "حب السلطة". إذا قمنا بسجن رجل ما، أو اعطيناه المكافآت كرشوة، أو أثرنا عليه بالحجج، فهذه مجرد مظاهر مختلفة للسلطة. وفقًا للتعريف، في الواقع، حتى تدخين سيجارة، أو كتابة رسالة حب، أو التلويح وداعًا، أو غناء أغنية، أو نشر كتاب عن التأثيرات الشريرة للسلطة، كلها تعبيرات عن السلطة، طالما أننا نقصدها . "لكن الغريزة التي تفسر كل افعالنا المؤثرة ، لا تفسر أياً منها".

السلطة، كما تم تعريفها على هذا النحو، ليست خطيرة ومدمرة ما لم تكن النوايا البشرية كذلك، ولكن التوصيفات التي قدمها السيد راسل تظهر أنه يعتقد أنها في الغالب كذلك. إنه يعتبر السلطة شرًا ما لم يتم تقاسمها بشكل متساوٍ إلى حدٍ ما، وخطيرة جدًا حتى عندما يتم تقاسمها على هذا النحو؛ لأنه في ظل نظام ديموقراطي، سيكون لدى شخص واحد قدرة أكبر من الآخرين، وبالتالي يمارس عليهم سلطة لا مبرر لها. إن موضوع السلطة الذي طرحه السيد راسل يتضمن في الواقع نسخة من عقيدة الخطيئة الأصلية. كما أنه يؤدي إلى الصعوبة التالية.

لنفترض أن بعض الناس انضموا إلى حركة تهدف إلى إلغاء السلطة، أو توزيعها بتساوي أكثر بين الناس! وإذا نجحوا، فإنهم ينفذون أمر السلطة، ويصبحون هم أنفسهم أصحاب سلطة، من حيث تعريف السيد راسل، مثل أي طاغية. وعلى الرغم من أنهم ينشرون الحياة الطيبة بين الملايين، إلا أنه كلما زاد نجاحهم، زاد اغتصابهم وخطورتهم. شوبنهاور، الذي واجه صعوبة مماثلة في شرح كيف يمكن إخماد إرادة الحياة المطلقة بواسطة العقل، الذي هو مجرد تعبير عنها، لجأ إلى الاستعارة:

"يتبع متجول طريقًا معينًا وفي يده فانوس؛ فجأة يرى الهاوية أمامه ويعود إلى الوراء. المتجول هو إرادة الحياة، و الفانوس، و العقل؛ وعلى ضوء هذا ترى الإرادة أنها سلكت الطريق الخطأ، وأنها تقف أمام الهاوية، فتلتفت وتعود".

إجابة السيد راسل ليس اكثر مرضاة من اجابة شوبنهاور، يتحول جزء من إرادة السلطة المطلقة إلى نوع السلطة التي تحرر الإنسان من السلطة. الرجال الذين ربما كان لديهم سلطة أكبر من أي شخص آخر، يقول السيد راسل، هم بوذا، والمسيح، وفيثاغورس، وجاليليو. 15 من المفيد أن نلاحظ أنه من بين الرجال الذين يمارسون هذه القوة التحررية، يذكر رجال الدين والعلماء الخلص فقط ، يُنظر إلى رجال العمل بشكل سلبي، سواء تقدموا"بالقوة المجردة" أو عن طريق الإقناع، في حين يُنظر بالحب المتسامح ،إلى العلماء الخلص والفنانين المنعزلين والحالمين ، بالنسبة للسيد راسل، كما هو الحال بالنسبة لشوبنهاور الرجال العظماء في التاريخ هم أولئك الذين يحاولون تحرير عقول الناس، الحرية أساسًا ذاتية.

إن نظرية راسل في الآلية الاجتماعية ملزمة بتفسير لماذا تدفع نفس الغريزة بعض الناس وبعض المجتمعات إلى طلب السلطة، والبعض الآخر الى التخلص منها. إن نيتشه، الذي طور نفس النظرية في كتابه "إرادة السلطة"، أكثر حيلة بكثير من السيد راسل. إن تفسير نيتشه للتأكيد المسيحي على اللطف المحب والتواضع باعتباره نضالًا مقنعًا ومقلوبًا للحصول على السلطة، على الرغم من أنه من جانب واحد بالتأكيد، هو على الأقل محاولة لمواجهة الصعوبة. وبطبيعة الحال، ليس هناك الكثير مما يمكن أن يقوله راسل. ويمكنه أن يؤكد، كما تفعل نظرية الغريزة أحيانًا، أن الغريزة العدوانية لدى بعض الرجال وبعض المجتمعات ضعيفة ومنحرفة؛ ولكن لا توجد وسيلة لتأكيد مثل هذا الادعاء. أو يمكنه أن يجادل بأن الظروف المادية والاجتماعية التي يجد الأفراد والمجتمعات أنفسهم فيها تحدد جميع الأشكال المتنوعة التي تتخذها السلطة؛ لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة هو ما إذا كان من الأفضل التخلي عن هذه الغريزة الغامضة غير المؤكدة والاعتماد على الحقائق الاجتماعية والمادية التي يمكن التحقيق فيها بالطرق العلمية. بدلًا من تفسير الفرق بين بوذا وكاليغولا من خلال نوعين من طلب السلطة ، أحدهما يحرر البشر بينما الآخر يستعبد، يبدو من المعقول تحليل الظروف التاريخية والتكوينات الاجتماعية. ولكن عندما يتم ذلك، يصبح غريزة السلطة افتراضًا غير ضروري وزائدًا عن الحاجة.

والمشكلة هنا تكمن في تفسير السلوك البشري والتنبؤ به، وليس مجرد تصنيفه الى تقسيمات ملائمة. السيد راسل يؤكد على الغريزة العدوانية والتملكية، ولكن ليس من المستغرب أنه يشير إلى العديد من الغرائز الأخرى. 16 كان بعض علماء النفس في الماضي يميلون إلى إضافة غريزة لتفسير كل نوع جديد من السلوكيات التي ينظر فيها، حتى الصيد، وغسل الأيدي، العثور على الحقيقة، ارتداء الملابس وتذوق السكر، وعندما بلغت موجة الغريزة ذروتها، أدرج جيمس James حوالي ثلاثين، و ثورندايك Thorndike اربعين، بينما كان ماكدوجال McDougall يكتفي بثلاثة عشر، وحاول علماء نفس آخرون الاكتفاء باعداد اقل بكثير، الفرويديون مع اثنتين فقط ، و يحاول راسل في عام 1938،على غرار شوبنهاور ونيتشه وغيرهم من الفلاسفة الرومانسيين، اختزال كل الغرائز في غريزة واحدة، حب السلطة. علماء النفس الأمريكيون قد ابتعدوا بالتأكيد في ذلك الوقت عن نظرية الغريزة، ثبت أن أنماط السلوك الفطرية غير المكتسبة، والتي لها أساس فسيولوجي، هي شمولية في النوع البشري، لكنها موجودة في الحيوانات العليا أيضًا، من الصعب للغاية العثور عليها . غرائز العدوان و التملك المفضلة لدى السيد راسل - على سبيل المثال، يمكن إثبات أن ليس لها أساس فسيولوجي واضح، وأنها ليست عالمية على الإطلاق. قد يذهب الإيروكوا إلى الحرب من أجل حب القتال، لكن البيانات التي قدمها بواس Boas تشير إلى أن هذا ربما يكون استثناءً وليس القاعدة، حيث يتم عادةً العثور على دوافع أخرى. في بعض الأحيان يكون النهب و اقتناء الخيول والماشية حوافز، لكن حب التملك أيضًا ليس أمرًا عالميًا، ويبدو أن الإسكيمو يتعاملون جيدًا مع بعضهم دون أي من غرائز السيد راسل الرئيسية. إن وجود مجتمعات تكون فيها الحرب غير معروفة و يكون فيها الكثير من الملكية جماعية، وتظهر مؤسسات مثل بوتلاخ Potlach أن العدوانية والتملك غالبًا ما لا تظهران ، وعندما تظهران، تظهران التنوع الأوسع من مجتمع إلى مجتمع. لا يمكن إذن التنبؤ بأي شيء من القول بأن هذه الغرائز موجودة، لأنها لا تنطوي على نمط ثابت من السلوك؛ ولا توجد تعبيرات (غير لفظية) حول حدوثها تؤكد الحدوث، أو الفعالية السببية، حيث لا وجود لأساس فسيولوجي معروف.17

ثانيا. نقد المجتمع الرأسمالي والاشتراكية

ربما لا تكون نظرية السيد راسل حول السلطة والتملك مهمة في حد ذاتها، كما في الاستخدامات التي يستخدمها. توفر النظرية مبررًا للشكوك والتشاؤم السائدين في كتبه، ولرؤيته الستاتيكية أو الدورية للتاريخ التي تعتمد على مد وجزر مؤسف للأهواء ؛ فهو يوفر السبب الرئيسي لإدانة أو الاستخفاف بأي مؤسسة تمتلك سلطة حقيقية وتسعى إلى المزيد، خاصة عندما تتمسك هذه المؤسسة بمثل مشابهة لأفكار السيد راسل. تشرح النظرية نفسها تعاطفه مع الاشتراكية النقابية، وحتى النقابية و الاناركية، وتوفر أساسًا لانتقاداته المتحمسة والمستمرة للنظرية الماركسية والاشتراكية السوفيتية؛ وهي تفسر جزئياً كراهيته للآلة والتصنيع وحبه للصين، الصين المتخلفة اقتصادياً، الكسولة ، وغير الطموحة؛ وهو يزعم أن الآلات والتصنيع يزيدان نطاق السلطة بشكل كبير، ويجعلان من هم في السلطة عديمي الشعور وغير مراعين. أخيرًا، توضح نظرية راسل عن الاهواء سبب كون منهجه في التعامل مع المشكلات الاجتماعية، على الرغم من الاستخدام المتكرر للأمثلة التاريخية، مجردًا وغير تاريخي بشكل مميز.

يمكن توضيح منهج السيد راسل في التعامل مع المشكلات الاجتماعية من خلال مناقشته للدولة. الوظيفة الرئيسية للدولة هي حماية مواطنيها داخليا، من خلال القانون والشرطة، وخارجيا، من خلال الجيش والبحرية. الدولة ضرورية
"لأن الفوضى التي تسبق القانون لا تمنح الحرية إلا للأقوياء؛ فإن الظروف المرغوبة , هي تلك التي تمنح الحرية قدر الإمكان لكل فرد. ولن تفعل ذلك عن طريق منع وجود القوة المنظمة تمامًا، بل عن طريق الحد من فرص استخدامها إلى أقصى حد ممكن. " 18

إن الوظيفة الإيجابية التي تتولاها بعض الدول الحديثة في تنظيم الحرية، أي خلق سبل بديلة
للنشاط و البهجة، بالكاد تذكر ، وبدون حماس. وفي حين خصص مئات الصفحات في كتبه لشرور الدولة، والرغبة في الحد من قوتها المفرطة، إلا أنه لم يقدم سوى ملاحظات قليلة حول الوظيفة الإيجابية للدولة. وهي تبني المجاري، وتعلم الأطفال، وتشجع العلوم، وتصحح أحيانًا الظلم الاقتصادي، كما يعترف السيد راسل، لكنه يحذر من أنه حتى في خدمة المجتمع، تصبح الدولة أكثر قوة،

" إذا سُمح للدولة بكل هذه السلطات، [يتساءل]، ماذا سيحدث لمحاولة إنقاذ الحرية الفردية من طغيانها؟ إن السياسة والاقتصاد تخضعان أكثر فأكثر لهيمنة منظمات واسعة النطاق، والتي يتعرض الفرد في مواجهتها لخطر أن يصبح عاجزًا. والدولة هي أعظم هذه المنظمات وأخطر تهديد للحرية". 19

والعلاج المقترح هو أن "الأهداف الإيجابية للدولة، بالإضافة إلى الحفاظ على النظام، يجب أن يتم تنفيذها، قدر الإمكان، ليس من قبل الدولة نفسها، ولكن من خلال منظمات مستقلة" ينضم إليها الرجال طوعًا. اختاروا الانتماء "لأنهم يجسدون غرضًا مشتركًا يعتبره جميع اعضائها مهمًا" 20. بهذه الطريقة فقط، كما يؤكد السيد راسل، يمكن الجمع بين التنظيم والحرية، لكنه يحذر من أن الدولة، بطبيعتها، تغار من المنظمات الاصغر و ستحرمها من السلطة إذا نجحت، فيجب البحث عن العلاج

"بطريقة تسير في اتجاه التوجهات الحالية. ومن شأن هذا الأسلوب أن يؤدي إلى تزايد نقل المبادرة السياسية الإيجابية إلى هيئات يتم تشكيلها طوعا لأغراض محددة، مما يترك الدولة بدلا من ذلك في موقف السلطة الاتحادية أو محكمة التحكيم. وعندئذ ستقتصر الدولة على على دور تسوية المصالح المتنافسة: وسيكون مبدأها الوحيد في تقرير ما هي التسوية الصحيحة هو محاولة العثور على الإجراء الأكثر قبولا، على العموم، لجميع الأطراف المعنية. "

في المقام الأول، من الواضح أن السيد راسل أخطأ في قراءة التوجهات السائدة في عصره. لم يكن هناك ميل في عام 1916، عندما تم نشر الأسطر أعلاه لأول مرة (في الطبعة الإنجليزية)، لتفويض سلطة الدولة، أو لنقلها إلى المنظمات التطوعية. وكان الاتجاه آنذاك ومنذ ذلك الحين، كما يذكر راسل في مكان آخر، نحو زيادة هائلة في السلطة والسيطرة التنظيمية التي تمارسها الحكومات الفيدرالية. ومع ذلك، في الوقت نفسه، كان هناك نمو غير مسبوق في المنظمات التطوعية، وخاصة النقابات العمالية. وليس صحيحا أن هذه المنظمات لا يمكن أن تزداد قوتها إلا من خلال انتزاع السلطة من الدولة، لأنها يمكن أن تقيد سلطة أصحاب العمل. كما أنه ليس صحيحًا، كما يوحي مفهوم السيد راسل التجريدي عن الحرية، أن ما يكسبه رجل أو منظمة في السلطة، يجب أن يخسره آخر في الحرية. إذا تصورنا الحرية بشكل ملموس باعتبارها الحد الأقصى لعدد الفرص الفعلية المفتوحة أمام المواطنين، فمن الواضح أن المنظمات التطوعية والدولة قد تنمو في القوة في وقت واحد، في حين أن حرية الفرد ليست محدودة بل تزداد. .

وهذا ما حدث، وقد تسارعت العملية في اتجاهات عديدة بسبب الحرب. إن الزيادة الهائلة في قوة الدولة في إنجلترا رافقتها زيادة كبيرة في تأثير النقابات العمالية. لقد اكتسب العمال تمثيلاً هامًا في الحكومة والمجلس الحربي، كما أصبح لهم تأثير متزايد على مخرجات الحرب وظروف العمل. ومن خلال لجان الإنتاج المشتركة، التي تمثل العمل والإدارة، قامت بتحسين الإنتاج واستخدام الآلات وعملت على القضاء على الهدر. ولا تنتظر النقابات مبادرة الإدارة والحكومة، بل تدفع في كثير من الأحيان إلى بذل المزيد من الجهود. وفي الوقت نفسه، تم إنشاء دور الحضانة لـ 52 ألف طفل من أطفال الأمهات العاملات، وإحراز تقدم كبير في حل مشاكل المستهلك22. باختصار ، مشاركة العمال في ادارة الصناعة ، دور الحضانة للأطفال ، و استقلالية اكبر لامهاتهم ، و مُثُل اخرى للسيد راسل ، قطعت خطوات كبيرة، على وجه التحديد في الوقت الذي تولت فيه الحكومة المزيد من السلطة. لم تتضاءل الحرية الفردية، حيث قامت كل من النقابات العمالية والحكومة بتسهيل العمل في قضية يؤمن بها الجميع تقريبًا. أن تكون حراً لا يعني الهروب من المسؤولية. الحرية هي أقصى درجة من الفرص التي يمكن لمنظمة ما أن توفرها لأعضائها، باستخدام جميع الموارد المتاحة لها في فترة تاريخية معينة. الشعب البريطاني، في الوقت الحاضر، لا يفعل ما يريد أن يفعله في ظل ظروف أخرى، لكنه يفعل ما يريد أن يفعله في ظل تهديد المحور. إن مشاركتهم في الحرب طوعية، بناءً على مُثُل يعتبرونها أكثر أهمية، ومع ذلك يتم توجيهها والسيطرة عليها من قبل الدولة. وهذا احتمال استبعده السيد راسل، ربما بسبب مفهومه المجرد عن السلطة والحرية. فهو يعتبر الدولة وحدة جغرافية، والوطنية عاطفة قَبَلية غير عقلانية. فقط من خلال إضعاف الدولة يمكننا تأمين "السلطة للمنظمات الطوعية، [التي] تجسد بعض الأغراض التي يعتبرها جميع أعضائها مهمة، وليس غرضًا مفروضًا عن طريق الصدفة أو قوة خارجية"23. ويبدو أن العكس هو الصحيح في الحرب الحالية التي أصبحت فيها الدولة، التي يعتقد السيد راسل أنها مستبدة بطبيعتها، ومصممة على التوسع العالمي، بقدر ما يتعلق الأمر بإنجلترا، "منظمة تطوعية" والتي، على الرغم من أنها زادت قوتها بشكل كبير، تشجع بدرجة عالية قوة ومبادرة المنظمات الأصغر .

ما هو صحيحٌ في زمن الحرب كان صحيحًا أيضًا، إلى حد كبير، قبل الحرب. في الولايات المتحدة، أعطى قانون NIRA (القسم 7 أ) زخمًا لتطور غير مسبوق في الحركة النقابية، في حين أن مجالس التوفيق المختلفة، و اخيرا المجلس الوطني لعلاقات العمل NLRB، التي أنشأتها الحكومة للتحكيم في النزاعات العمالية والإدارة، زادت بشكل كبير من كفاءة النقابات. لكن التخطيط الوطني وتكاثر الوكالات المطلوبة لتنفيذ قوانين العمل والتشريعات الاجتماعية الأخرى، أدى إلى تركيز الأجهزة الإدارية في واشنطن وزاد بشكل كبير من سلطة الرئيس التنفيذي. يعارض العديد من الأشخاص الأقوياء والجماعات القوية مركزية السلطة هذه، ولكن ليس النقابات العمالية ولا أصدقاء العمال الليبراليين. من يشتكي من البيروقراطية والتبذير والتضييق الحكومي على رجال الأعمال وتدليل العاطلين أو يتهم الإدارة بالاستبداد وانتهاك الحريات الشخصية و حقوق الدولة، مرتبطون بمصالح غالبًا ما تكون معادية بحق للعمال.

ومهما كانت أفكار ويليام موريس وغاندي أو ثورو والسيد بيلوك حول هذا الموضوع، فإن المجتمعات المتقدمة ملتزمة الآن بالتصنيع، والبيروقراطية، والمنظمات غير الشخصية الضخمة. في الحرب الحالية، التي جلبت الميول الاقتصادية الكامنة إلى أبعاد لا لبس فيها، من الواضح أن الرأسمالية الديمقراطية والاشتراكية والفاشية كلها تتطلب اقتصادًا مركزيًا، على الرغم من وجود اختلافات مهمة للغاية، حيث يختلف الأولان أكثر بكثير عن الثالث، عن اختلافهم من بعضهم البعض. ومع ذلك، يبدو أن السيد راسل يعارض التصنيع والبيروقراطية والمنظمات الضخمة، مهما كان النظام أو الفترة التاريخية.

"يتمتع أعضاء الحكومة بقوة أكبر من الآخرين، حتى لو كانوا منتخبين ديمقراطياً؛ وكذلك المسؤولون المعينون من قبل حكومة منتخبة ديمقراطياً. كلما كانت المنظمة أكبر كلما زادت قوة السلطة التنفيذية. وبالتالي فإن كل زيادة في حجم المنظمات تؤدي إلى زيادة عدم المساواة في السلطة من خلال تقليل استقلال الأعضاء العاديين وتوسيع نطاق الحكومة ومبادرتها في الوقت نفسه".24

يبدو أن معقولية هذا المقطع تعتمد، مرة أخرى، على افتراض وجود كم ثابت من السلطة والحرية في الدولة، بحيث أن كل إضافة إلى سلطة مسؤول أو حكومة، تستلزم خسارة متناسبة للحرية للمواطنين. لكن هذا صحيح، كما رأينا، فقط عندما يتم فهم الحرية والسلطة بالمعنى الميكانيكي المجرد للغاية. إذا كان هناك "قانون حفظ السلطة والحرية" الذي ينطبق على كل دولة، ويتوافق مع قانون حفظ الطاقة، والذي من المفترض أن ينطبق على كل نظام مغلق، فإن ادعاء السيد راسل بأن جميع الدول، وجميع المنظمات الكبرى، معادية للحرية الفردية، سيكون له بعض المبررات. ليست هذه هي القضية. إن الزيادة في قوة الحكومة يمكن أن تؤدي في كثير من الأحيان إلى زيادة قوة و حرية مواطنيها ومنظماتهم الطوعية.

على الرغم من أنه يمكن قول عدد لا بأس به من العبارات الحقيقية والمثيرة للاهتمام حول جميع الطبقات، إلا أنه من المشكوك فيه إمكانية قول نفس الشيء حول جميع الدول أو جميع المنظمات. وعلى الرغم من أن حب السلطة وحب التملك كانا موجودين في كل المجتمعات، وفي كل الأفراد-و الأمر ليس كذلك- إلا أنه لن يترتب على ذلك سوى القليل جدًا. قد يترتب على ذلك أن الآرابيش، والتروبريانيين، والأثينيين الكلاسيكيين، والأقنان الإقطاعيين، والفاشيين المعاصرين، والاشتراكيين يتصرفون بشكل متشابه إلى حد كبير، لكن هذا كذب واضح جدًا حتى يكون مثيرًا للاهتمام. إذا عرف بوجود حب السلطة في مجتمع معين، فقد نستنتج أن الأشخاص الأكثر نشاطًا سيصعدون إلى السلطة، لكن هذا لن يخبرنا شيئًا عن السلوك الناتج، والذي قد يكون ولائم بوتلاخ، ومسابقات في الشعر، و اضطرابات دينية، الامتثال لمعايير المساواة، أو الحرب، أو تنظيم العمل النقابي، أو أي شيء تقريبًا. إن حب الرجال للسلطة لا يعني شيئًا لم نكن نعرفه من قبل. وحتى دافع الجوع، التي من المعروف أنها موجودة في كل المجتمعات وفي جميع الأفراد، لا تخبرنا إلا أن الرجال سوف يمارسون نشاطًا أو آخر للحصول على الطعام، ولكن لا شيء تقريبًا عن طبيعة هذا النشاط، حتى لو عرفنا تضاريسه .

إن خلاصات السيد راسل المتشائمة بشأن جميع الدول، أو "الدولة"، لا تعزز فهمنا للسلوك الفعلي، ولا تعطي أساسًا للتنبؤ. وهن يعتمدن على نظرية خاطئة مفادها أن هناك غريزتين، حب السلطة وحب التملك، معاديتان أو قاتلتان للحرية الفردية. نفس النظرية تشرح موقف السيد راسل الإيجابي تجاه اللاسلطوية، خاصة كما شرحها كروبوتكين. إن هدف الإلغاء السريع للدولة وجميع أشكال الإكراه الأخرى يروق له، لكنه يرى طابعها الطوباوي. ويقول: "على الرغم من جاذبية هذا الرأي، إلا أنني لا أستطيع مقاومة الاستنتاج بأنه ناتج عن نفاد الصبر ويمثل محاولة لإيجاد طريق مختصر نحو المثل الأعلى الذي يرغب فيه جميع البشر". 26 و لكن السيد راسل لا يصف بنفسه طريقًا طويلا الى هذه المثالية، وهو غير راضٍ عن الموقف الماركسي. "إن آراء ماركس حول الدولة ليست واضحة تمامًا. فمن ناحية، يبدو أنه مستعد، مثل اشتراكيي الدولة المعاصرين، للسماح بسلطة كبيرة للدولة، ولكن من ناحية أخرى يقترح أن ... الدولة كما نعرفها، سوف تختفي."27 يجد راسل أنه من الصعب افتراض أن الدولة يمكن أن تذوي نتيجة لتعزيزها. وبعيدًا عن التراجع في ظل الاشتراكية، فهو يعتقد أن القوة القمعية للدولة مقدر لها أن تزداد "بالنظر إلى ان الفئة الحاكمة، كيفما تم اختيارها، لا بد أن تكون هناك مجموعة من الرجال الذين ستدفعهم غرائزهم نحو الطغيان. ومع حبهم الطبيعي للسلطة، سيكون لديهم قناعة متجذرة... بأنهم وحدهم يعرفون ما هو لصالح المجتمع." 28 وفي كتابات لاحقة، بمراجعة المشهد الروسي، يرى فقط إرادة السلطة وراء تحركات القيادة السوفيتية. لكن السياسات السوفيتية تسمح بتفسيرات أخرى. النظرية الماركسية حول اضمحلال الدولة ليس أمرًا غير مفهوم، إذ يجب أولاً تعزيز الدولة: (أ) لتوفير الحماية ضد الأعداء الأجانب والمحليين، لأن هذه هي المياه الضحلة التي انهارت عليها كل دولة اشتراكية سابقة، (ب) لتأمين اقتصاد الوفرة (ج) لتثقيف السكان لفهم النظام الجديد، (د) لتسهيل تطوير مخطط وطني للتخطيط والإدارة بكفاءة بحيث يمكن للتقنيات والاستعدادات التعاونية أن تحل محل السلطة تدريجياً.

أحد المتطلبات الأساسية للحرية في العالم المعاصر، والذي لا يدركه السيد راسل بشكل كافٍ، هو التخطيط الشامل. وبدون خطة شاملة، تكون بدائل العمل مشوشة أو مقيدة، ولا يستطيع الإنسان أن يختار أن يفعل الأفضل، لأنه لا يعرف أيهما أفضل، أو يفتقر إلى التدريب اللازم، أو لأن المجتمع لم يتخذ المسار الأفضل للنشاط المتاح. الأدلة من علم العقاب والعديد من المجالات الأخرى تذهب إلى إظهار أن الرجال يتصرفون بشكل سيئ، ليس بسبب حبهم العشوائي للسلطة، ولكن كما اعتقد أفلاطون، لأنهم لا يعرفون، ولم يعتادوا على ما هو الأفضل. ومع ذلك، فإن التخطيط الشامل يتطلب مركزية متقنة للإدارة، و كما هو الحال اليوم، زيادة في قوتها. والبديل العملي ليس دولة قوية أو دولة ضعيفة. والسؤال هنا هو ما إذا كانت الدولة القوية تمثل المصالح المتطابقة للزعماء الفاشيين والإمبراطوريات الصناعية الضخمة (مثل إمبراطورية ة جورنج)، كما هي الحال في ألمانيا، أو تخضع للسيطرة الشعبية، كما هو الحال في البلدان الديمقراطية.

خوفًا من السلطة على هذا النحو، كان السيد راسل منجذبًا بشكل طبيعي إلى الاناركية والنقابية والاشتراكية النقابية، على الرغم من تحذيره من أن الأولى كانت طوباوية، والثانية غير عملية وخطيرة، في حين أن الثالثة، التي كانت المفضلة لديه، فقد رفضها ببعض الملاحظات . لفهم ما كان يقصده، يجب علينا أن ننتقل إلى أعمال جي دي إتش كول وغيره من اشتراكيي النقابات السابقين. ربما لم يكن الإلهام الاجتماعي للسيد راسل مختلفًا تمامًا عن إلهام المثقفين الليبراليين الآخرين في عصره. في عام 1889، قبل أن يغير تطور الرأسمالية الاحتكارية شروط التقدم، وقبل أن تأخذ الآمال شكلاً أكثر اعتدالًا وأقل ضخامة، كتبت بياتريس ويب:

لقد كانت هذه الرؤية لنظام اجتماعي جديد ناشئ تدريجيًا، يرتكز على التعديل المتعمد للقدرة الاقتصادية والرغبة الاقتصادية، ليتجسد في تنظيم مزدوج مترابط لديمقراطيات المستهلكين وديمقراطيات المنتجين - الطوعية والإلزامية أيضًا. والدولية والوطنية على السواء، والتي بدا لي أنها توفر إطارًا عمليًا للثروة المشتركة التعاونية المستقبلية.30

ومثل بياتريس ويب، يذكرنا السيد راسل باستمرار بأن "الناس لا يعيشون بالخبز وحده" وأن النظام الاجتماعي الجديد يجب أن يشمل الحرية والفرص الثقافية بالإضافة إلى الرفاهية الاقتصادية. ومثلها، يصر على أهمية النقابات العمالية والتعاونيات وحقوق المرأة والأممية وغيرها من القضايا المشابهة. لكن بينما كرست السيدة ويب حياتها للبحث عن ظروف العمل وآفاقه، و للمشاكل العملية للقيادة العمالية وتنظيمها، وظلت على اتصال وثيق بالمتطلبات العملية للتقدم، قدم السيد راسل مساهمات واسعة النطاق في الفلسفة والمنطق الرمزي ووقف بوعي بتحفظ، ربما بسبب ميوله، عن مطالبات المشاكل الملموسة كما هو الحال مع معترك الحياة السياسية. 31

وفي السنوات العشرين الماضية أصبحت آمال اشتراكية النقابات باهتة وحزينة، وهدأت المناقشات، وربما تخلى السيد راسل، مثل جي دي إتش كول، عن النظرية.32 وفي نفس الفترة أصبحت الاشتراكية السوفييتية مركزًا لـ جدل سياسي لا يمكن مقارنته من حيث العنف إلا بالنزاعات التي دارت حول الثورتين الفرنسية والأمريكية وكان النقد المستمر للاشتراكية و السلطة السوفييتية، مثل كتاب بيرك "تأملات في الثورة الفرنسية"، يعبر عن أفكار شخصية، ولكنه كان يعبر أيضاً عن إرادة القوى العاتية الراسخة في مختلف أنحاء العالم في معارضة النظام الجديد. لم يكن بوسع بيرك أن يغفر للثورة الفرنسية عقلانيتها أبدًا، ولا أن ينسى أنها أهانت الملكة وأنشأت نظامًا جديدًا بناءً على خطة مسبقة؛ ولا يمكن للسيد راسل أن يغفر للبلاشفة عقلانيتهم واستيلاءهم المتعمد على السلطة. قبل عام 1917 كان يخشى أن الاشتراكية لن تنجح. بعد ذلك بدا أنه يخشى أن يحدث ذلك. وفي حديثه عن رحلته إلى روسيا عام 1920، يقول:

ذهبت إلى روسيا شيوعيًا. لكن الاتصال بأولئك الذين ليس لديهم أي شك قد زاد من شكوكي ألف مرة، ليس فيما يتعلق بالشيوعية نفسها، ولكن فيما يتعلق بحكمة التمسك بعقيدة ما بقوة تجعل الناس على استعداد لإلحاق البؤس على نطاق واسع من أجلها. 34

من الواضح أن "البؤس الواسع" كان شيئًا يخشاه في المستقبل. وعن الفقر الذي رآه عنه في موسكو، حرص على القول إن تدخل الحلفاء وحصار الحلفاء هما المسؤولان بالكامل، وليس الحكومة السوفييتية.35 انطباعه عن موسكو في واحدة من أصعب سنوات الثورة، عندما توقع المعلقون الأجانب الانهيار اللحظي، كان الأمر على النحو التالي: الجميع يعملون بجد، ولكن ليس هناك انعدام للأمن، فالمسارح والأوبرا والباليه مثيرة للإعجاب، وبعض المقاعد مخصصة للنقابيين ، ليس هناك سكارى و بائعات جسد، و النساء أكثر تحررًا من التحرش من أي مكان آخر في العالم "و الانطباع الكامل من نوعية النشاط المنظم و الفاضل"36.

من الواجب التأكيد مرة أخرى، بان هذه الملاحظات تم تسجيلها في وقت كانت فيه الجيوش البولندية التي تغزو روسيا تستهدف موسكو، وكانت البلاد لا تزال مضطربة تمامًا بسبب الحرب العالمية والحروب الأهلية. ومع ذلك، لم يجد السيد راسل الكثير مما يمكن أن يعتبره خطأً . ويقول: "إن الرجل العامل العادي، إذا حكمنا عليه من خلال انطباع متسرع إلى حد ما، يشعر بأنه عبد للحكومة، وليس لديه أي شعور على الإطلاق بأنه تحرر من الطغيان. "37 لكن هذه الملاحظة، التي يصعب تصديقها بسبب دور العمال في ثورة أكتوبر ، يصفها السيد راسل نفسه بأنها "انطباع متسرع إلى حد ما." عدد قليل من "المشاهدات" غير المرغوب فيها تظهر في كتابات السيد راسل ، لا تبرر استنتاجاته المعادية. لا تستند اعتراضاته على الاشتراكية السوفياتية في العادة إلى حقائق سياسية واقتصادية معقدة، والتي نادرا ما يحاول التأكد منها أو التحقق منها، ولكن على نظرية "قبْلية" للاهواء، وهو لا يجادل كثيرا بأن الاشتراكية في روسيا ليست ناجحة بقدر ما انها لا يمكن ان تنجح. إن المشاعر الإنسانية هي أصل كل الشرور. "في الأساس، العوائق التي تحول دون الاستخدام الأفضل لسلطتنا الجديدة كلها نفسية، لأن العوائق السياسية لها مصادر نفسية "38

وفي الحالة أو الحالتين اللتين استشهد فيهما السيد راسل بمصادر عن الاشتراكية السوفييتية، لم تكن النتيجة مجزية للغاية. يصف مثلا الآثار الكارثية بعيدة المدى لـ "العقيدة المتعصبة" للسوفييت، ويحذر من أن "العقيدة التي تستخدم كمصدر للسلطة تلهم، لبعض الوقت، جهودًا كبيرة، لكن هذه الجهود، خاصة إذا لم تكن ناجحة جدًا، تنتج السأم ، و السأم ينتج الشك..." وفي الإثبات يستشهد برواية يوجين ليونز عن خيبة الأمل التي اجتاحت روسيا عندما فشلت الخطة الخمسية الأولى في تحقيق "وسائل الراحة الموعودة؛ " ويقول ليونز: «لقد شاهدت الشكوك تنتشر مثل ضباب كثيف رطب فوق روسيا». "لقد أثبطت قلوب القادة بما لا يقل عن قلوب الجماهير." ولمواجهة الاختلال المتزايد في الصناعة وإهدار الطاقات، فُرِض الحماس للخطة على العمال، كواجب، مع فرض عقوبات على الفشل. "الناس في ظل الديكتاتوريات... محكوم عليهم بحياة من الحماس" (مهمة في اليوتوبيا Assignment in Utopia ). كما نُقل عن السيد ليونز دعم الادعاء بأن القيادة السوفيتية والبيروقراطية لهما آثار مشلولة على المبادرة الإنسانية والحرية؛ ولكن لم يتم الاستشهاد بأي رأي مخالف، ولم يتم تقديم أي دليل. ومع ذلك، فإن مهمة في اليوتوبيا للسيد ليونز ليست سوى تفسير واحد للحقائق، وقد قدم السيد ليونز نفسه، قبل عامين فقط، تفسيرًا مختلفًا تمامًا في كتابه دوًار موسكو Moscow Carrousel ، حيث وصف نكران ذات القادة السوفييت الكبار وتفانيهم للشعب.

إذا كانت الأحداث الأخيرة قد أوضحت أي شيء، فهو أن الحماس في روسيا حقيقي، وأن المبادرة الرائعة للجنود والعمال والمقاتلين، والتي نالت الثناء على مضض حتى من العدو، هي حقيقية؛ وأنه في حين تخسر حكومات أخرى حملاتها لأنها تخشى تسليح الشعب، فإن الحكومة السوفييتية لم تكتف بتوزيع الأسلحة، بل علمت عشرات الآلاف من مواطنيها فنون التدمير والتخريب وحرب العصابات. ويبدو واضحًا بما فيه الكفاية اليوم أن الحكومة السوفييتية لا تؤخر العلم والفن، كما يفترض السيد راسل، بل تقدم لهما تشجيعًا كبيرًا، سواء كانت لهما فائدة فورية أم لا. أن ما يشير إليه السيد راسل على أنه "العقيدة المتعصبة" للسوفييتات كان في الواقع نوعًا من الاقتناع الصارم بأن الأمة لا يمكنها مواجهة الغزوات الوشيكة والإفلات من العبودية إلا من خلال تنمية سريعة غير مسبوقة لمواردها. في الوقت الحاضر، لا يُطلق على القادة السوفييت لقب "المتعصبين"، بل "الواقعيين" وقد تغيرت المواقف تجاه روسيا السوفييتية مؤخرًا من خلال تقارير المراقبين البريطانيين والأمريكيين البارزين الذين أتيحت لهم فرصة رؤية البلاد عن كثب، وفي ظل أفضل الظروف. كانت هناك مؤثرات أخرى عديدة. ومن الممكن أن تكون آراء السيد راسل قد تغيرت أيضًا، وهذا التعليق الإضافي لا مبرر له. الحسرة باقية بان مقاربته للاتحاد السوفياتي لم تكن أكثر استقرائية. لو أنه استفاد من الأبحاث السوفيتية لبياتريس وسيدني ويب، اللذان يشار إليهما في كثير من الأحيان باعتبارهما مرجعين في تاريخ العمل والممارسة النقابية، كان من الممكن أن تتخذ حججه، إن لم يكن آراءه، منعطفًا مختلفًا.

إن اعتراض السيد راسل الرئيسي على الاشتراكية السوفييتية هو أنها تخنق حرية الفرد والأقليات. إن اهتمامه برأي الأقلية يقوده في بعض الأحيان التفكير في الديمقراطية على أنها مجرد الحفاظ على حقوق الأقليات. ومع ذلك فمن الواضح أن الأقليات التي لديها صوت في الدول الرأسمالية عادة ما تكون مجموعات لديها الوسائل الكافية لشراء الإعلانات و استخدام الطباعة وأن الأقليات المؤثرة غالبا ما تكون معادية للأغلبية. الوضع مربك للوهلة الأولى، الاشتراكية بمطالبها الإنسانية يجب أن تحمي الأقليات على الأقل بقدر الأنظمة الاجتماعية الأخرى ، مع هذا فإن المضاربون والمزارعون الأغنياء والأقليات الريعية يتمتعون بالعديد من الامتيازات في ظل الرأسمالية، ولا يتمتعون بأي منها في ظل الاشتراكية. هذه الأقليات الفعلية تترك انطباعًا عظيمًا بحق على الليبراليين، بسبب مآسيهم، كما فعل شولوخوف بقوة قد بين انها، حقيقية. وتنشأ المغالطة عند خلط هذه الأقليات الفعلية مع الأقليات بشكل مجرد والحكومة السوفيتية، أو كتلة الأغلبية من العمال والفلاحين، يتم تصويرها على انها عدوة الأقليات. على الرغم من ان ثورة أكتوبر ألغت حقوق بعض الأقليات التي كانت لعدة قرون تعلن مطالبها وتوقعاتها الشرعية ، كما أنها منحت حقوقًا لعدد كبير من الأقليات غير المعبر عنها. التي لا يدافع عنها المسؤولون أو الصحافة في كثير من الأحيان. في كثير من الأحيان يُنسي أن الأغلبية، على الرغم من التعبير عن هدف مشترك، ليست شيئًا سوى أقليات، وأن سياسة مؤيدة لحماية حقوق كل أقلية ضد سلطة الأغلبية تؤدي إلى الفوضى، والتي تعني في الواقع الحكم بواسطة أقوى الأقليات.

من بين الأقليات التي حررتها السلطة السوفييتية تلك التي كانت محرومة أو مضطهدة من قبل النظام القيصري. وقد أدرج نائب الرئيس والاس، في خطاب ألقاه مؤخراً 40 ، الاثنيات والنساء وأطفال المدارس كمجموعات حصلت على حقوقها في روسيا، في بعض النواحي بشكل أكثر اكتمالاً من أي مكان آخر. ويمكن إضافة القوميات والنقابات العمالية والعديد من المجموعات الأصغر. يقول السيد والاس: «ربما تكون روسيا قد ذهبت أبعد من أي دولة أخرى في العالم في ممارسة الديمقراطية العرقية». كما يعترف بالتقدم الكبير الذي حققته روسيا في الديمقراطية الاقتصادية، وفي ديمقراطية التعليم، وفي ديمقراطية المعاملة بين الجنسين.

ومن ناحية أخرى، عندما ينظر السيد راسل إلى روسيا، فإنه لا يرى أي ديمقراطية من أي نوع. فهو يشير باستمرار إلى أن السلطة المركزية القوية لا تتفق مع الديمقراطية، ويتهم الماركسيين ، في تأكيدهم على المكاسب الاقتصادية، قد نسوا بأن السلطة السياسية يمكن أن تكون أكثر قمعًا من صاحب العمل الخاص. وفي السنوات الأخيرة، أشار إلى روسيا باعتبارها تنفيذًا لتحذيره. ويقول في فقرة نموذجية: "إن طغيان صاحب العمل، الذي يسلب في الوقت الحاضر الجزء الأكبر من حياة معظم الناس من كل حرية وكل مبادرة، أمر لا مفر منه طالما يحتفظ صاحب العمل بالحق في الفصل من العمل مع ما يترتب على ذلك من خسارة الاجر."41 ويضيف أن: "هذا الشر لن يتم علاجه، بل سيتم تكثيفه، في ظل اشتراكية الدولة، لأنه عندما تكون الدولة هي صاحب العمل الوحيد، لا يوجد ملاذ من تحيزاتها مثل تلك التي قد تنشأ الآن عن طريق الصدفة بسبب الآراء المختلفة لأشخاص مختلفين"42 . يجب أن يكون الوضع، وفقًا للسيد راسل، خطيرًا بشكل خاص في روسيا السوفيتية، حيث تم اختزال "الحكم بواسطة حزب"، كما يقول، "إلى حكم رجل واحد"43 ، لأنه يعني ضمنًا أن حوالي مائة وتسعين مليون نسمة يجب أن يعتمدوا، من أجل الحياة والسعادة، على نزوة رجل واحد. تعتبر فكرة حكم الرجل الواحد لأمة حديثة واسعة النطاق فكرة شائعة، لكن لم تشرح أي جهة خبيرة كيف يكون ذلك ممكنًا.يقول الكثيرون بأن حكم هتلر هو حكم الرجل الواحد لألمانيا، وهو ما يعني أن النصر يعتمد فقط على إزاحته؛ لكن من الواضح أن الفاشية لها جذور أعمق، وكذلك الاشتراكية والديمقراطية الرأسمالية. يتم الاعتراف بشكل متزايد، مع تقدم الحرب، بانه تمامًا كما يمثل هتلر القوة المفترسة لكبار صناعيي ألمانيا واليونكرز، كذلك ستالين يرمز إلى القوة المقاتلة للأغلبية العظمى من الشعب الروسي، عمال اليد و الفكر، في المدينة و الريف.لكن المزاج الاناركي، الذي يكره السلطة في حد ذاتها، يميل إلى إدانة كلا النظامين على حد سواء.

والحكومة ليست، كما يعتقد السيد راسل، صاحبة العمل الوحيدة في روسيا السوفييتية. كما أشارت [بياتريس وسيدني] ويب:

"هناك عدة مئات من الصناديق trust والجمعيات combines التابعة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، ولا أحد منها تشبه الأخرى تمامًا. والأكثر تنوعًا أيضًا هو آلاف المؤسسات المنفصلة، سواء كانت مصانع أو معاهد، أو مناجم أو مزارع، أو حقول نفط أو محطات طاقة، والتي يتم إدارتها بشكل مستقل... غير مرتبطة بأي صندوق أو جمعية".44

هناك مؤسسات قروية وبلدية وإقليمية، لا يخضع أي منها لمفوضي الشعب. كما تقوم الجمهوريات المكونة والنقابات العمالية ونحو أربعين ألف جمعية تعاونية بالعديد من المشاريع، مما يوفر مجموعة كبيرة ومتنوعة من فرص العمل. إن غياب البطالة والنقص الفعلي في العمالة في روسيا يجبران الآلاف من أصحاب العمل السوفييت على التنافس على العمال، وتقديم الحوافز وظروف العمل المحسنة. ويعمل النظام الشامل للرواتب الحكومية للطلاب على تمكين العمال من إعداد أنفسهم لشغل وظائف فنية أكثر ربحية، في حين تحمي نقاباتهم العمالية رواتبهم وظروف عملهم، إذا اختاروا البقاء في نفس الوظيفة. استنتجت [بياتريس وسيدني] ويب بعد بحث مكثف

"إن الثمانية عشر مليونًا من النقابيين، رغم أنهم لا يُعهد إليهم فعليًا بإدارة صناعاتهم العديدة، فإنهم يتحكمون، إلى حد كبير جدًا، في تشاورهم المستمر مع الإدارة ,ومع جميع أجهزة الحكومة، في ظروف عملهم - ساعات عملهم… وتقاسم نسبة المنتج التي يتفقون على تخصيصها للأجور الشخصية فيما بينهم." 45

هناك سمات أخرى للاشتراكية السوفييتية كان من المتوقع أن يذكرها السيد راسل. فهو، على سبيل المثال، ينتقد النظام الانتخابي للرأسمالية الديمقراطية على أساس أن القضايا والمرشحين بعيدون جداً عن اهتمامات ومعرفة الناخب، الذي يقع بالتالي تحت رحمة المتكلمين والديماغوجيين. وهو يدعو إلى أساس وظيفي أو مهني للانتخابات، ويشير إلى الديمقراطية النقابية باعتبارها النموذج، وينصح بأن تكون الوحدة الانتخابية مبنية على "هدف مشترك ما". ومع ذلك فهو يدين الديمقراطية السوفييتية التي ركزت، منذ البداية، على مجالس المصانع ومجالس القرى الزراعية باعتبارها الوحدات الانتخابية والأساسية لصياغة السياسات. ومن الجدير بالذكر أن المندوبين المنتخبين من قبل سوفييتات المصانع والقرى ليسوا سياسيين محترفين، بل هم زملاء عمال، يحصلون على بضعة أيام إجازة لحضور الجلسات، ويمكن محاسبتهم بصرامة عندما يعودون إلى مقاعدهم و جراراتهم. ينبغي للمرء أن يتوقع موافقة السيد راسل على هذه الأحكام الانتخابية وغيرها. ولكنه بدلاً من ذلك، يأسف لإقالة الجمعية التأسيسية 46 التي لم تكن منتخبة من قبل وحدات وظيفية، ولكنها جسدت نقاط الضعف الانتخابية التي سعى إلى تصحيحها.

وسنتذكر أن البلاشفة اضطروا إلى حل الجمعية التأسيسية لأنها، كما قال لينين، "كشفت عن استعدادها لتأجيل جميع المشاكل الحادة والملحة التي طرحتها السوفييتات أمامها 47 .

ومع ذلك، كان حل الجمعية التأسيسية أمرًا قطعيًا، وربما كان هذا جزءًا من شكوى السيد راسل. على الرغم من أنه يشير ضمنًا إلى أن السلطة في حد ذاتها سيئة، إلا أن استخدام "السلطة المجردة" هو الذي يعتقد أنه غير مبرر، حتى عندما يتم استخدامها أيضًا من قبل العدو. في الواقع، لقد دعا ذات مرة إلى المقاومة السلبية للغزو الألماني لإنجلترا.48 فالثورة غير مبررة بالطبع، وخاصة ثورة أكتوبر. وهو يحذر باستمرار من أن الثورة تعرض للخطر أكثر بكثير مما يمكن أن تكسبه، وأن بطاقات الاقتراع أكثر إثمارًا على المدى الطويل. بدلاً من العنف، وهو يشير إلى أن الثوريين يخططون عمدًا للعنف عندما كان بإمكانهم استخدام الأساليب السلمية، ومع ذلك، يصعب الحفاظ على هذه النظرية الشائعة فيما يتعلق بالثورات الأمريكية أو الفرنسية أو ثورة أكتوبر، ومن المثير للاهتمام ملاحظة ان لينين قد رفض صراحة ذلك. وفي شرحه لماذا اضطرت ثورة أكتوبر إلى الذهاب إلى ما هو أبعد من الإطاحة بالقيصرية، قال:

"لذلك، ليس هناك ما هو أكثر سخافة من إدعاء بأن التطور اللاحق للثورة والتمرد اللاحق للجماهير كان سببه حزب ما، أو فرد ما، أو ... بإرادة "ديكتاتور". اشتعلت نار الثورة فقط بسبب البؤس الذي لا مثيل له والمعاناة المذهلة التي عانت منها روسيا وجميع الظروف التي خلقتها الحرب، التي واجهت الشعب الكادح بالبديل بصراحة وبلا هوادة؛ إما خطوة جريئة ويائسة وشجاعة، أو الخراب- الموت جوعا...." 49

إن الحجج التي تقول بأنه لا توجد ثورة مبررة هي حجج قبْلية. فهي تعتمد على استخدام مجرد للغاية لمصطلحات مثل السلطة والحرية، والنظام والفوضى، وإهمال الظروف الملموسة. ومن الطبيعي أن تحظى الثورات في البلدان الأوروبية المحتلة بموافقة الأمم المتحدة اليوم، لأنها تخدم افضل مصالح جيوش التحرير والشعوب نفسها. ومن الواضح أن مقولة "بطاقات الاقتراع أفضل من الرصاصة" صحيحة، ولكن فقط عندما يكون البديل موجودًا.

ثالثا. نقد الاقتصاد السياسي الماركسي

إن فلسفة راسل الاقتصادية مستوحاة من العديد من الأفكار التي حركت الراديكالية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، لكنها تخالف العقلانية والإيمان بالتقدم. وتسودها الشكوك وعدم الثقة في التنظيم، وسرعان ما تعقب الآمال اليوتوبية الاستسلام. ونادرا ما يترك مستوى المبادئ الأخلاقية والنفسية المجردة، كثيرا ما يختتم بالصيغة التالية: إذا غير الناس عموما مواقفهم في هذا الصدد أو ذاك، فمن الممكن أن تتحقق الاشتراكية والسلام قريبا، لأنه "ليس هناك سبب خارجي" يمكن أن يمنع ذلك. إذا فضل الناس سعادتهم على آلام الآخرين، فلن تكون هناك حاجة إلى أي شيء آخر . 50

و لكن كما رأينا، فإن نظرته المتشائمة للطبيعة البشرية لا تترك له سوى القليل من الثقة في إمكانية تحقيق التغييرات الذاتية التي يعتقد أنها ضرورية، وربما كافية، لتحقيق هدفه المتمثل في عالم أفضل. وحتى عندما يرى مُثُله تتجسد في رجال ومؤسسات نظام جديد، فإن شكوكه تجاه الأهواء الإنسانية تسود. إنه يكره الوسائل المستخدمة، دون الاستفسار عما إذا كانت ضرورية، ويفشل في التحقق من "الحقائق" التي يعترف أنها غالبًا ما يتم تلفيقها ، 51 ويشكك في ما إذا كان العالم الجديد بأشكاله الجديدة من السلطة سيكون بنفس جودة العالم القديم.

يذكر راسل مجموعة متنوعة من الاقتصاديين بشكل عابر، ويقدم وصفًا تاريخيًا موجزًا لريكاردو ومالتوس وبنثام وميل وآخرين، لكن الاقتصادي الوحيد الذي يفضله بالنقد المتكرر في سلسلة كاملة من الكتب هو ماركس. أحد أسباب ذلك هو أن راسل لديه وعي شديد بالظلم الذي يعاني منه العمال، كما هو موثق، على سبيل المثال، في كتب مثل كتاب إنجلس حالة الطبقة العاملة في إنجلترا وكتاب هاموند عامل المدينة؛ وهو يعلم، في الوقت نفسه، أن الاقتصاد الرأسمالي التقليدي ليس العلم المحايد البحت الذي يتظاهر به.

"كان ماركس، [يقول راسل]، أول اقتصادي بارز فكريًا ينظر إلى حقائق الاقتصاد من وجهة نظر البروليتاريا. اعتقد الاقتصاديون التقليديون أنهم كانوا ينشئون علمًا غير شخصي، وخاليًا من التحيز مثل الرياضيات. ومع ذلك، لم يجد ماركس صعوبة في إثبات أن تحيزهم الرأسمالي قادهم إلى أخطاء وتناقضات متكررة". 52

علاوة على ذلك، يرى راسل أن "الايمان بالملكية الخاصة" هو أحد أعظم العقبات التي تعترض التقدم الأساسي وأن "تدميرها ضروري لعالم أفضل". 53 وكانت قناعته الناضجة هي أن "الصناعة لا يمكن أن تستمر بكفاءة لفترة أطول دون أن تصبح اشتراكية. 54 وهكذا، على الرغم من موقفه الانتقادي الشديد تجاه الماركسية، يصف راسل نفسه مرارًا وتكرارًا كاشتراكي من نوع ما، بل ويتحدث عن الذهاب إلى روسيا كشيوعي مقتنع. 55 يتمنى ان تنجح الاشتراكية أو الشيوعية ولكنه يصر على شروط مستحيلة. وهو يدعو إلى اللامركزية، أو نقل السلطة، في الدولة والسلطة البيروقراطية ، ومن أجل حرية الكلام الإنسانية ، حتى من أجل أعداء. إنه يريد أن يرى العالم الخالص متحرراً من متطلبات الممارسة العملية للصناعة ويريد أن يرى إعفاء الفنان الخالص من المسؤولية العامة لمتابعة دوافعه الابداعية أينما قد تؤدي. وفي الواقع ينبغي دعم كليهما من قبل المجتمع، على الرغم من عدم مسؤوليتهم امامه بأي شكل من الأشكال.

على الرغم من أن السيد راسل ينجذب إلى بعض جوانب الماركسية، إلا أن حكمه عادة ما يكون معاديًا للغاية ويقدم اعتراضات مألوفة إلى حد ما. حتى في كتابه الأول، الاشتراكية الديمقراطية الألمانية (1896)، بدأ راسل بنقد الماركسية. هنا، كما هو الحال في كتاباته اللاحقة، يفشل الكثير من انتقاداته لأنه يفشل في أن يدرك باستمرار أن ماركس، في تحليل الاتجاهات الأساسية داخل الاقتصاد الرأسمالي، اتبع المنهج العلمي المعتمد المتمثل في التجريد مؤقتًا من العوامل المعقدة ومن الميول المعاكسة .

أما فيما يتعلق بأصول الماركسية، فيزعم راسل أن ماركس، في النظرية الاقتصادية، "قبل في أبسط صورها مبادئ الاقتصاديين الإنجليز الأرثوذكس، و في رؤيته للطبيعة البشرية ، عمم دوافعهم الاقتصادية بحيث تشمل جميع اوجه الحياة الاجتماعية"56 ، ويشير إلى أن ماركس قبل نظرية القيمة للعمل دون نقد والمادية التاريخية دون دليل. لا يبدو هذا صحيحا. المادية التاريخية لسبب واحد، لا ينبغي أن يتم مساواتها بالنظرية المبتذلة بأن جميع أفعال الإنسان لها دافع اقتصادي أو لاحتى جميع نشاطات المشاريع لها هذا الدافع." 57 التأثير المهيمن لـ الظروف الاقتصادية موثق بشكل كبير في الكتابات التاريخية لماركس وإنجلس. يذهب راسل نفسه في عمله الأخير إلى حد القول بأن "التفسير الاقتصادي للتاريخ... يبدو لي صحيحًا إلى حد كبير جدًا، وهو مساهمة بالغة الأهمية في علم الاجتماع." ومع ذلك، يضيف: "لا أستطيع أن أعتبره صحيحًا تمامًا، أو أشعر بأي ثقة في أنه يمكن النظر إلى جميع التغيرات التاريخية العظيمة على أنها تقدم". 58 فهو يقدم بعض الرسوم التوضيحية الرائعة لأفراد بالصدفة غيروا مسار التاريخ بمفردهم، ومن ثم فهو يقترح "أنه لو لم يقع هنري الثامن في حب آن بولين، لما كانت الولايات المتحدة موجودة الآن. لأنه بسبب هذا الحدث انفصلت إنجلترا عن البابوية، وبالتالي لم تعترف باعطاء البابا الأمريكتين كهدية إلى إسبانيا والبرتغال".59 قبل التوصل إلى مثل هذا الاستنتاج، يصر المنهج الماركسي على إجراء دراسة دقيقة للتطورات السياسية والاقتصادية التي ألهمت انفصال إنجلترا عن البابوية، وتقييم الوسائل المادية لأسبانيا أو البرتغال للحفاظ على السيطرة على أمريكا. فقط في سياق مثل هذه الدراسة ستظهر الفعالية الحقيقية للشخصيات.

والأهم من هذه التهجمات المعتدلة ضد النظرة الماركسية للتاريخ، هي انتقادات راسل الأكثر دراسة لنظرية القيمة، ونظرية الأجور، ونظرية القيمة الزائدة. فيما يتعلق بنظرية القيمة لريكاردو، يذكر راسل أنها تنطبق مثلًا على صناعة الأقمشة القطنية كما كانت في أيام ريكاردو... على العموم، سيتم تحديد السعر بدقة كبيرة من خلال كمية العمل المستنفذ في صناعتها . "60 . من جانب اخر، لا يمكن تحديد قيمة لوحة ليوناردو بهذه الطريقة، لأنها ربما لا تكلف عملاً أكثر من أي طلاء بائس. بشكل عام، تميل نظرية العمل للقيمة إلى الصمود في ظل ظروف المنافسة الحرة، ولكن ليس عندما يظهر الاحتكار. ويعتقد السيد راسل أن هذا النقد يجب أن يحرج ماركس وكذلك ريكاردو، 61 ولكن ماركس، على أية حال، أوضح تمامًا أن حساب وقت العمل الضروري اجتماعيًا لا يقصد منه حساب سعر كل سلعة في السوق. ويشير في كثير من الأحيان إلى أن السعر يتقلب حول القيمة، ولكن لا يمكن مساواته معها. لكن ربما يرغب السيد راسل في مناقشة "قيمة" لوحة ليوناردو. وفي هذه الحالة يبدو أنه يرتكب الخطأ الشائع المتمثل في افتراض أن قيمة قطعة مثل لوحة ليوناردو تحددها وقت العمل المستخدم لإنتاجها، في حين ذكر ماركس مرارًا وتكرارًا أن قيمتها تحددها وقت العمل "الضروري اجتماعيًا" لإنتاجها . وهكذا يحذر ماركس:

"قد يعتقد بعض الناس أنه إذا تم تحديد قيمة السلعة من خلال كمية العمل المنفقة عليها، فكلما كان العامل خاملاً وغير ماهر، زادت قيمة سلعته، لأن إنتاجها سيتطلب المزيد من الوقت. غير أن العمل الذي يشكل جوهر القيمة ، هو عمل إنساني متجانس، إنفاق قوة عمل واحدة موحدة. إن إجمالي قوة العمل في المجتمع، والتي تتجسد في مجموع قيم جميع السلع التي ينتجها هذا المجتمع، تعتبر هنا كتلة واحدة متجانسة من قوة العمل البشرية،... إن وقت العمل الضروري اجتماعيا هو ما يطلب لإنتاج سلعة في ظل ظروف الإنتاج العادية، وبدرجة متوسطة من المهارة والكثافة السائدة في ذلك الوقت.... كل ... سلعة، في هذا الصدد، يجب اعتبارها عينة متوسطة من فئتها. 62

أما بالنسبة لاعتراض راسل بأن نظرية العمل للقيمة تكون صحيحة تقريبًا في ظل ظروف المنافسة الحرة، ولكن ليس في ظل الاحتكار، فيجب أن نتذكر أن ماركس شرح القيمة في المجلد الأول من رأس المال فيما يتعلق بإعادة الإنتاج البسيطة، في نظام المنافسة الحرة." 63 عندما يدخل الاحتكار إلى الصورة، يرتفع السعر فوق سعر الإنتاج، و" فوق قيمة السلع المتأثرة بهذا الاحتكار، مع هذا لا يمكن إلغاء الحدود التي تفرضها قيمة السلع. إن سعر احتكار بعض السلع لن يؤدي إلا إلى تحويل جزء من ربح السلع الأخرى إلى السلع بسعر احتكاري. إن اضطراباً محليًا في توزيع فائض القيمة بين مختلف مجالات الإنتاج سيحدث بشكل غير مباشر، لكنه سيترك حدود فائض القيمة نفسها دون تغيير. "64

أحيانًا ما يغيب عن السيد راسل تعقيد تحليل ماركس. وبعد أن قرر أن البيان الشيوعي يحتوي على جوهر مذهب ماركس وإنجلس ، فقد نفد صبره مع تفاصيل وتعقيدات رأس المال. فهو يجادل، على سبيل المثال، بأن ماركس كان مخطئًا "منطقيًا" في اعتقاده بأن نظرية العمل للقيمة يمكن تأسيسها إذا كان صحيحًا أن قوة العمل هي أحد مكونات جميع السلع، وكان مخطئًا "واقعيًا "في اعتقاده أن قوة العمل هي العنصر الوحيد من نوعه المشترك في جميع السلع، لأن المنفعة موجودة أيضًا في جميع السلع. 65 لا شك أن ماركس كان سيخطئ لو كانت حجته بهذه البساطة، لكن من الواضح أنها لم تكن كذلك.

إن نظرية القيمة، ونظرية الأجور، ونظرية فائض القيمة مرتبطة ببعضها البعض، ويعترض السيد راسل عليها جميعًا. كان أحد أخطاء ماركس، وفقًا لراسل، هو حذف فرضية "الأجور متناسبة مع وقت العمل" من حجته حول نظرية القيمة الزائدة، وهو أمر ضروري لاستنتاجه بأن "قيمة التبادل تقاس بوقت العمل". ريكاردو، في برهانه على أن القيمة تقاس بالعمل، يفترض، كما يقول راسل، أن "الأجور تتناسب مع وقت العمل" وبالتالي يخلص إلى أن

"يتم قياس القيمة التبادلية بوقت العمل. يحتفظ ماركس بالنتيجة، وهي أن قيمة التبادل تتناسب مع وقت العمل دون وجود خطوة أساسية في الحجة، وهي أن الأجور تتناسب مع وقت العمل. فهو يقول، على العكس من ذلك، إن الأجور تساوي تكلفة ضروريات العامل، وهي مستقلة عن طول يوم العمل. "66

يعتمد الرد على هذا الاعتراض على تمييز ماركس، الذي يتجاهله راسل، بين القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية للعمل كسلعة. يستخدم صاحب المشروع قوة العمل في عملية الإنتاج، ويمكنه استخدامها لفترة أطول مما هو ضروري لدفع ثمن الاحتفاظ بها، أي قيمتها التبادلية. يمكن للعامل أن يجسد في المنتج، في ست ساعات عمل، وقت عمل ضروري اجتماعيا (كمتوسط اجتماعي) يعادل قيمة ضرورياته، لكن صاحب المشروع قادر على استخدام قوة عمله مثلا لمدة ثلاث ساعات أخرى. وهكذا تنتج قوة العمل قيمتها التبادلية في ست ساعات وفائض القيمة في الساعات الثلاث المتبقية. وتقاس القيمة التبادلية لقوة العمل بوقت العمل الضروري اجتماعيا لإنتاج ضروريات العمال، في حين تقاس القيمة التبادلية للمنتج بوقت العمل الضروري لإنتاج المنتج. وعلى العموم، فإن القيمة التبادلية للمنتج تتجاوز القيمة التبادلية لقوة العمل التي تنتجه. وإلا لن يكون هناك فائض قيمة ولا أرباح. فقط في مجتمع تنافسي يمتلك فيه العمال وسائل الإنتاج ويبيعون منتجاتهم الخاصة، يمكن للقيمتين التبادليتين ان تكون متساوية.

يشير راسل إلى الصعوبات في نظرية ماركس حول فائض القيمة، لكن جهوده لم تظهر أن أيًا منها لا يمكن التغلب عليها . ويجادل بأنه إذا كان ماركس على حق، فيجب على كل رأسمالي أن يزداد ثراءً وتتوقف المنافسة، وبالتالي فإن نظرية القيمة الزائدة تتعارض مع نظرية تركيز رأس المال.67 لكن من الواضح أن هذا مفهوم خاطئ. لم يصر ماركس على أن معدل الاستغلال يجب أن يكون 100%، كما قد توحي جداول الإنتاج الخاصة به، لكنه اكتفى بأن يميل إلى الارتفاع بقدر المنافسة وغيرها من العوامل المضادة التي تسمح بذلك. لكن راسل يتساءل: «ما الذي يمنع المنافسة من خفض السعر إلى النقطة التي تصبح فيها الشركة مربحة فقط؟»68 قد يكون التراكم، كما تقول الحجة، يزيد الطلب على العمالة، وقد يؤدي إلى ندرة العمالة وزيادة الأجور إلى اقصى حد. ومن ثم فإن التراكم قد يؤدي إلى خفض فائض القيمة إلى مبلغ ضئيل للغاية بحيث لم يعد من الممكن القول بأن الرأسمالية تستغل العمل. الجواب هو أنه في مواجهة هذا الميل، هناك ميول مضادة، أكد عليها ماركس، مثل الميل إلى الحفاظ على جيش العمل الاحتياطي وزيادته.

«إن الجيش الاحتياطي الصناعي، خلال فترات الركود والرخاء المتوسط، يثقل كاهل جيش العمل النشط؛ وخلال فترات فائض الإنتاج والنوبات، فإنه يكبح مطالباته.» 69 - حينما يتقلص هذا الجيش الاحتياطي خلال توسيع رأس المال ،تكون الوسائل متاحة دائمًا: التقدم التكنولوجي، وتركيب أجهزة لتوفير العمالة، واستيراد العمالة الرخيصة، ويفضل أن تكون من المناطق غير الرأسمالية، وتوظيف النساء والأطفال بأجور منخفضة، وحتى تشجيع العوائل الكبيرة عن طريق الرقابة على أدبيات تحديد النسل.إن البطالة التكنولوجية، التي اتجهت في الآونة الأخيرة إلى الزيادة بمعدل مماثل لمعدل التراكم الرأسمالي، ربما تكون في حد ذاتها ضمانة كافية لجيش احتياطي ضخم من العمل في وقت السلم . ان حجة ماركس لا تعتمد على نظرية مالتوس للسكان، كما يؤكد راسل. 70 وقد فصل ماركس بين اقتصاده وبين هذا "التشهير بالجنس البشري" في وقت كانت هيبتها في أعلى مستوياتها، وليس على أسس أخلاقية، بل نظرية. ومنذ ذلك الحين فقدت مصداقيتها تماما.

يقول راسل إن فائض القيمة قد يتضاءل، وقد ترتفع الأجور. لقد نسي ماركس هذا:

"إن العمل، على عكس السلع الأخرى، لا ينتجه الرأسماليون، بل ينتج نفسه. ومن ثم، فإن تكلفة إنتاجه تتحدد حيثما تكون الأجور أعلى من مستوى المجاعة، من خلال الأجر الذي يعتقد أنه يستحق من اجل انتاج نفسه ،… ومن هنا تبرز الإمكانية التي تجاهلها ماركس، المتمثلة في رفع الأجور عن طريق النقابات العمالية وغيرها من الأساليب، الممكنة داخل "الدولة الرأسمالية"71.

إن تفسير راسل لماركس في هذا المقطع ليس غير شائع، ولكنه خاطئ. ليس صحيحا، كما ذكر السيد راسل مرارا وتكرارا، أن ماركس كان يؤمن بنظرية الحد الأدنى للأجور أو "القانون الحديدي" للأجور، أو أنه "يقبل دون أدنى شك القانون الذي ينص على أن الأجور يجب أن تكون دائما (في ظل نظام تنافسي) في مستوى الكفاف."72 أكد ماركس أن قيمة قوة العمل تعادل قيمة ضروريات العامل، لكنه أشار بوضوح إلى أن "الضروريات" يجب أن تُفهم تاريخياً:

"إن عدد ومدى ما يسمى بالحاجات الضرورية للعامل، وكذلك طرق إشباعها، هي في حد ذاتها نتاج التطور التاريخي، وبالتالي تعتمد إلى حد كبير على درجة حضارة بلد ما، وبشكل خاص على الظروف التي في ظلها، وبالتالي على العادات ودرجة الراحة ,التي تشكلت فيها طبقة العمال الأحرار. وعلى النقيض من حالة السلع الأخرى، يدخل في تحديد قيمة قوة العمل عنصر تاريخي وأخلاقي. ومع ذلك، ففي بلد معين، وفي فترة معينة، يكون متوسط كمية وسائل العيش اللازمة للعامل معروفًا عمليًا. 73

ولذلك لا يمكن أن يكون السيد راسل على حق في قوله إنه "إذا كانت هناك، أو كانت موجودة بالفعل، مجموعة من العمال الذين لم تكن أجورهم عند مستوى المجاعة، فإن الحجة [أي حجة ماركس] تنهار. 74

كما لا يصح القول بأن ماركس أهمل إمكانية «رفع الأجور عن طريق النقابات وغيرها من الأساليب»، رغم أنه من الصحيح أن ماركس استبعد هذا الاحتمال منهجيا في المراحل الأولية من التحليل. في وقت مبكر من عام 1847، كان اهتمامه بجمعيات العمال لتحسين ظروفهم يظهر من خلال دوره في الرابطة الديمقراطية. كان يميل إلى التفكير في الحرية باعتبارها الهدف الرئيسي، لكن الحرية يجب أن يتم تحقيقها من خلال الانتصارات الاقتصادية وأشاد بالحركة النقابية الأمريكية بهدفها الاقتصادي الأساسي. مع تطور الحركة النقابية، ساهم العديد من الكتاب في هذه المرحلة من النظرية الماركسية، دون إبطال المراحل الأخرى للوهلة الأولى. وحتى القانون الذي ينص على "الميل" إلى "زيادة البؤس"، لا يتعارض مع الإنجازات النقابية، إذا أخذنا في الاعتبار الطبيعة التاريخية لضروريات العمل. إن اعتراض السيد راسل على نظريات القيمة والأجور وفائض القيمة، على الأقل بالشكل السريع الذي وردت به، لا يبدو قاتلا كما يفترض، ويمكن قول الشيء نفسه عن انتقاداته الأخرى لمبادئ الماركسية. وفيما يتعلق بقانون تركيز رأس المال، على سبيل المثال، يشكو راسل من أنه على الرغم من أن "الشركات الكبرى، كما تنبأ ماركس، قد نمت بشكل أكبر ووصلت إلى الاحتكار على مساحة كبيرة، إلا أن عدد أصحاب الأسهم في مثل هذه المشاريع كبير للغاية.لدرجة أن العدد الفعلي للأفراد المهتمين بالنظام الرأسمالي في تزايد مستمر". 75

لقد زاد عدد أصحاب الاسهم ، ولكن هل زادت حصتهم من إجمالي الاستثمار؟ وما هي حصتهم في الأرباح وفي السيطرة على المؤسسة التي تحدد توزيع الأرباح؟ هذه هي الأسئلة ذات العلاقة . ويمكن الرد عليها من خلال الدراسات الإحصائية مثل تقارير اللجنة الاقتصادية الوطنية المؤقتة 76، والتي تعطي شهادة مؤثرة على التركيز السريع لرأس المال.

وستكون هناك حاجة إلى نفس النوع من الدراسات للتعامل مع الأسئلة الأخرى التي أثارها السيد راسل. فكر مرة أخرى في مسألة العلاقة بين القيمة والسعر. لم يؤكد ماركس، كما يعتقد السيد راسل، أن هناك تطابقًا بين القيمة والسعر (باستثناء حالات خاصة ومحددة جيدًا)، ولكنه أكد فقط أن هناك "ميلًا" للسعر للعودة إلى مستوى القيمة. لدحض هذا الأمر هناك حاجة إلى شيء أكثر من مجرد الإشارة إلى الفرق المتكرر بين القيمة والسعر.77 او إلى حقيقة لا علاقة لها بالقضية، وهي أن الاحتكارات لا تحركها عملية تحديد السعر من خلال العمل المتضمن في السلعة،*#.» 78 والسؤال هو ما إذا كانت الأسعار الاحتكارية متقاربة مع القيمة خلال فترة زمنية طويلة. إذا أظهر التحقيق الدقيق في مستويات الأسعار أنه لا يوجد ميل عام لأسعار السلع للتغير مع وقت العمل الضروري اجتماعيا لإنتاجها، فإن هذا سيكون كافيا لدحض النظرية ، لم يقدم راسل أدلة من هذا النوع. الشواهد الداخلية مفقودة بالمثل في حالات كثيرة اخرى، ويهمل راسل النص . في المجلد الثالث من كتاب رأس المال، على سبيل المثال، كان سيجد اعتراضاته على نظرية الإيجار الأرضي مدروسة بعناية على الأقل . في حين أن هذه النظرية المتنازع عليها كثيرًا قد تكون خاطئة، إلا أنه لا يمكن القول إن راسل قد أثبت خطأها، إلا بعد أخذ توضيحات ماركس وتعليقاته في الاعتبار.

وكما رأينا، فإن راسل ينفد صبره تجاه التطورات النظرية وذرائع كتاب رأس المال، على الرغم من إعجابه بإدانته المثيرة لنظام الأجور وحالة الفقراء. فهو يحاول، مثل جي دي إتش كول، تقديم تفسير أخلاقي لتعاليم ماركس، بينما يتجاهل الاقتصاد السياسي. ويقول: "يبدو أن نظرية القيمة الزائدة تنبع من رغبة ماركس في إثبات شر رأس المال أكثر من كونها تنبع من الضرورة المنطقية". ليس لدى راسل أي خطأ يجده في نظرية فائض القيمة، ولكن ليس هناك ما يثير الدهشة في هذا، وكما أشار ماركس منذ فترة طويلة (1859)، فإن الاشتراكيين الإنجليز يميلون إلى تفسير القيمة الزائدة من الناحية الأخلاقية، ومن ثم مناشدة المجتمع من اجل تصحيح الظلم الفادح. وقد فضل الإصلاح الاقتصادي الإنجليزي بعد ذلك الجاذبية الأخلاقية للماركسية على نظريتها، لكن ماركس كان قد رفض هذا التفسير بالفعل وميز بعناية وجهة نظره عن الاشتراكية الطوباوية . ان الجاذبية الاخلاقية لرأس المال ليس عملاً غير مسؤولًا ، ولكنه يعتمد على نظرية الشروط الموضوعية التي تمنحه أساسًا للنجاح.

خاتمة

أكد السيد راسل في كتابه الأول "الديمقراطية الاشتراكية الألمانية" عام 1896، أنه دحض تمامًا النظريات الاقتصادية الرئيسية لماركس. ومع ذلك، بدلًا من السماح لدحضه بالصمود ، عاد مرارًا وتكرارًا إلى الهجوم في كتاباته اللاحقة، على الرغم من أنه لم يضيف أي حجج جديدة ولم يحاول الدفاع عن النظريات غير الماركسية، مثل المنفعة الحدية، التي يعتبرها متفوقة كثيرًا. كما أنه لم يحاول تعزيز حججه أو تصحيحها بالرجوع إلى الأدبيات الواسعة التي تتناول الاعتراضات التي أثارها في عام 1896. وهو ميال في الكتب اللاحقة إلى إعادة صياغة حججه القديمة على عجل، مع إيلاء اهتمام كبير للنظرية الاجتماعية للماركسية. من الواضح أن الاقتصاد الماركسي مثير للاهتمام بالنسبة للسيد راسل، كما أنه مرفوض بالنسبة له، إلى حد كبير لأنه أساس الاشتراكية الماركسية. انتقاده الرئيسي للاشتراكية الماركسية، كما رأينا، هو إصرارها على ضرورة وجود حكومة مركزية قوية في فترات تاريخية معينة. لكن انتقاد الحكومة المركزية القوية يعتمد على نظرية تجريدية للاهواء.

يقول السيد راسل: «إن شغف التملك والغرور والمنافسة وحب السلطة هي الغرائز الأساسية، وهي المحرك الرئيسي لكل ما يحدث في السياسة تقريبًا.» 80 من الواضح أن نظرية الغرائز لا يمكن الدفاع عنها وقد رفضها علماء النفس المعاصرون، لكنها تطارد جميع كتابات راسل الاجتماعية، على الرغم من أنها تحتوي على تمييزات رائعة، وتوجهات تشبه السيف ضد انحرافات الإنسان، وقراءة دقيقة للغاية للرغبات الإنسانية، إلا أن سيكولوجية القوة والتملك تؤدي إلى إفقار العمل بأكمله. مع ان عمل راسل حول أسس الرياضيات يمكن ان يستمر و لعدة قرون، فإن فلسفته السياسية والاقتصادية تعاني من نقاط ضعف واضحة، نظرًا لانجذابه إلى مُثُل الحرية عند برودون وكروبوتكين والنقابيين الفرنسيين، كان السيد راسل يفتقر إلى إيمانهم بالطبيعة البشرية، و لم يكن يعتقد أن الأناركية أو النقابية هي حل عملي، وفي الوقت نفسه لم يعلق أي آمال على إصلاح الرأسمالية أو الاشتراكية الماركسية، لأن كلا النظامين ينطويان على زيادة في السلطة، وكما بدا له، فإن ذلك يعني خسارة حرية الفرد. وهكذا لم تترك له نظريته عن الاهواء الإنسانية أي طريق سوى التردد، مع العديد من الرحلات الفكرية الرائعة، بين الحلول التي اعتبرها غير عملية والحلول التي اعتبرها غير مرغوب فيها.

في جي ماكجيل
قسم الفلسفة كلية هنتر

1. انظر على سبيل المثال، السلطة، تحليل اجتماعي جديد (لندن)، 1938.
2. يتحدث السيد راسل أحيانًا عن إمكانية تحويل العالم إلى جنة، في فترة قصيرة من السنوات، من خلال الاستخدام السليم للعلم وتنظيم المجتمع بشكل أفضل؛ لكن هذا الاحتمال سرعان ما يتلاشى عندما يكشف لنا، عند كل منعطف، الآثار المدمرة للسلطة والتملك. وهو يعترف بأن العلم قد يصنع المعجزات لصالح السلام، لكنه من الأرجح أن يعمل لصالح الحرب (إيكاروس). قد يتغير المجتمع حسب رغبة القلب لولا الجشع والعدوانية المنتشرة في كل مكان (السلطة).
3. لماذا يتقاتل الرجال، 14. (الطبعة الأصلية لهذا المجلد في إنجلترا كانت تسمى مبادئ إعادة البناء الاجتماعي (لندن، 1916)، ويشار إليها من الان فصاعدًا PSR؛ الاقتباس الحالي مأخوذ من PSR، 19.)
4. المرجع نفسه، 12. (PSR، 17.)
5. المرجع نفسه، 5. (PSR، 11.)
6. المرجع نفسه، 10. (PSR، 15.)
7. المرجع نفسه، 100. (PSR، 95-96.)
8. "من المفارقة بعض الشيء أن يوصي راسل في نظريته في التعليم ، بتعزيز حياة الغريزة المندفعة التي "تؤدي إلى الحرب" وتتحرر من القيود والموانع. ومن الواضح، على أي حال، أن نظريته في التسامي يحتاج إلى تطوير وPräzisierung.
9. كتابه "لماذا يتقاتل الرجال"، 19. (PSR). ، 23.)
10. المرجع نفسه، 245. (PSR، 214.)
11. "الطرق المقترحة نحو الحرية (نيويورك، 1919)، 152. انظر أيضًا العدالة في زمن الحرب (لندن، 1916)، 65.
12. انظر على سبيل المثال، عندما يلتقي الناس بقلم آلان لوك وبرنهارد ج. ستيرن (محرر)، (نيويورك، 1942) وأوتو كلاينبيرج، الاختلافات العرقية، (نيويورك، 1935).
13. لم تستطع مسالمة راسل أن تصمد أمام تأثير الأحداث الأخيرة. في رسالة إلى صحيفة نيويورك تايمز (11 فبراير 1941) كتب ما يلي: "حتى وقت ميونيخ، كنت أؤيد سياسة التوفيق... لقد ذهبت إلى أبعد من الأغلبية في الاعتقاد بأن الحرب يجب تجنبها، في هذه اللحظة من التاريخ، مهما كان الاستفزاز كبيرا. لقد تغيرت فيما بعد بتأثير نفس الأحداث التي غيرت تشامبرلين واللورد لوثيان واللورد هاليفاكس ومعظم دعاة السلام السابقين. وفي ضوء ما حدث منذ ذلك الحين، فقد يبدو أن الأمر ربما كان أفضل بالنسبة للعالم لو عارضت ألمانيا في مرحلة مبكرة؛ ولكنني مازلت أعتقد أن الحجج الداعمة لسياسة المصالحة كانت قوية للغاية". تُظهر الرسالة أن السيد راسل لا يزال يميل إلى التفكير في السياسة باعتبارها عملاً عقلانيًا، على الرغم من تحذيراته العديدة من أنها ليست كذلك. وهكذا قام باعتبار إتفاق ميونيخ مجرد خطأ فكري آخر، مهملا القوى الاجتماعية الفاعلة هنا. وهو يشير ضمناً إلى أولئك الذين حثوا منذ فترة طويلة على فرض عقوبات على المحور و أدانوا مقدما القوى التي أنتجت ميثاق ميونيخ، كانوا على حق، ولكن فقط عن طريق الصدفة.
14. السلطة، 10
15. السلطة، 284
16. "في البلشفية: الممارسة والنظرية، 132، "العواطف" أو "الغرائز" الرئيسية هي حب التملك، وحب السلطة، والغرور والتنافس؛ أما في المثل السياسية Political Ideals فإن الأشياء التي يرغب فيها الرجال هي الإعجاب، والمودة، والسلطة، والأمن، والسهولة ، منافذ للطاقة. تقدم كتب أخرى قوائم مختلفة قليلاً من الغرائز، ولكن يظهر دائما حب التملك و السلطة ،ويفترض أنهما الأكثر أهمية. تجدر الإشارة إلى أن السيد راسل يستخدم "الغريزة" و"العاطفة" و"الاندفاع" و"الرغبة" وما إلى ذلك، بالتبادل، وبالتالي ليست هناك حاجة إلى تمييز كبير.
17. من المحتمل أن يكون هناك بنية فسيولوجية للغضب، على الرغم من أنه من الصعب التمييز بينه وبين نمط الخوف؛ ولكن من الواضح أنه لا يوجد أي منها يتعلق بغريزة القوة غير المحددة لدى السيد راسل، ولا بالطبع برغبة التملك.
18. لماذا يتقاتل الرجال، 44-45 (PSR، 46.)
19. المرجع نفسه، 72. (PSR، 71.)
20. المرجع نفسه، 72-73- (PSR، 72.)
21. المرجع نفسه، 77. (PSR، 75.)
22. هارلان ر. كريبن، “العمال والوظائف في بريطانيا زمن الحرب”، العلوم والمجتمع، صيف 1942.
23. لماذا يتقاتل الرجال، 72-73. (PSR، 71.)
24. السلطة، 164.
25. وعندما يصر السيد راسل، في بعض الأحيان، على إمكانية إصلاح هذه الغرائز، فإنه يجرد تشاؤمه من دعمه العقلاني. تنهار أيضًا حجته الرئيسية ضد "اشتراكية الدولة"، لأنه إذا أمكن تحويل الغرائز، فمن المرجح أن تنجح الاشتراكية بضوابطها المتقنة على السلطة والاستحواذ ومراجعتها الشاملة للتعليم. أو على الأقل سيكون من الصعب للغاية إثبات عدم نجاحها. إن إصلاح الأهواء هو فكرة مستمرة لدى السيد راسل. إذا كان الأمر أساسيًا، فيجب أن نسمع المزيد عن الطريقة التي يجب اتباعها و تشاؤما أقل.
26. الطرق المقترحة للحرية، 118.
27. المرجع نفسه، 113-114-
28. المرجع نفسه، 128.
29. (أ) و (ب) مترابطة. كتب الفيلسوف السوفييتي المؤثر م. ميتين في عام 1939 أن "الانتقال التدريجي من الاشتراكية إلى الشيوعية كان يحدث فعليًا(Pod Znamenem Marksizma, 1935, 11)، على الرغم من مركزية السلطة الكبيرة في الاتحاد السوفيتي. ومنذ ذلك الحين، تم وضع نموذج الوفرة جانبًا ، الذي أكد عليه ميتين بشكل شبه حصري، من اجل الدفاع، و تأخر التقدم المؤمل، ربما لأجيال.
30. التلمذة الخاصة بي. (لندن 1926)، 381
31. لقد أعطى السيد راسل لمحة مثيرة للاهتمام للغاية عن نظرته للحياة في مقدمة الأوراق المختارة لبرتراند راسل. وبعد أن وصف الأسابيع الخمسة التي قضاها في روسيا، أشار إلى أن "الفلسفة البلشفية بدت لي غير مرضية على الإطلاق، ليس بسبب"الشيوعية، ولكن بسبب العناصر التي تشترك فيها مع فلسفة أقطاب المال الغربيين." .بعد روسيا، التي كانت تعج بخطط التصنيع الواسعة، زار الصين المتخلفة غير الصناعية وسحر. "في ذلك البلد وجدت طريقة حياة أقل تدميراً من تلك الموجودة في الغرب، وتمتلك جمالًا لا يستطيع الغرب إلا استئصاله. "المشكلة المطروحة خطيرة" …ولا يمكن حلها إلا من خلال مجتمع يستخدم الآلات دون إثارة الحماس لها." ويعلق على زوال مبدأ الوراثة في السياسة والاقتصاد، والتخلي الحديث عن المثل الرهباني للتأمل، ويضيف: «في الوقت نفسه، عندما أفحص تصوري للتميز الإنساني، أجد أنه، بلا شك، بسبب البيئة المبكرة، يحتوي على العديد من العناصر التي ارتبطت حتى الآن بالأرستقراطية، مثل الشجاعة، واستقلال الحكم، والتحرر من القطيع، و ثقافة البهجة. فهل يمكن الحفاظ على هذه الصفات، بل ونشرها على نطاق واسع، في مجتمع صناعي؟ وهل من الممكن فصلها عن الرذائل الأرستقراطية النموذجية: الحد من التعاطف والغطرسة والقسوة تجاه من هم خارج الدائرة المبهجة؟ هذه الصفات السيئة لا يمكن أن توجد في مجتمع تكون فيه الفضائل الأرستقراطية شاملة." والمثل الأعلى الضمني هو الاناركية، أي أن كل رجل أرستقراطي، ويشير السيد راسل في الطرق المقترحة للحرية إلى أنه يدرك الميول الأرستقراطية في الأناركية. وفيما يتعلق بقدرته على الدراسات الملموسة، يقول: "كنت أتمنى أن اذهب من الرياضيات إلى العلوم.… ولكن اتضح أنه على الرغم من عدم خلوي من الكفاءة أثناء دراسة الرياضيات البحتة، كنت محرومًا تمامًا من أنواع المهارات الملموسة والتي لا بد منها في العلم.… لذلك كان العلم مغلقًا في وجهي كحياة مهنية."
32. يقول السيد كول: "لقد مرت اشتراكية النقابات تحت سحابة، ليس بسبب إنهيار نقابة البناء الوطنية، ولكن لأنها لم تعد لها أي صلة بالوضع المباشر الذي اضطرت الطبقات العاملة إلى مواجهته." السنوات العشر القادمة في السياسة الاجتماعية والاقتصادية البريطانية (لندن، 1929)، 159.
33. نظر، على سبيل المثال، مشكلة الصين (المقدمة)، للتعرف على الظروف الغامضة للطبيعة البشرية التي لا تستطيع عقلانية البلاشفة فهمها.
34. البلشفية: الممارسة والنظرية، 41.
35. المرجع نفسه، من 94 إلى 100. وقدم الوفد التجاري البريطاني إلى روسيا في نفس العام، 1920، نفس التقرير. وجاء في بيانهم: "في الفترة من 1918 إلى 1919، كان هناك أكثر من مليون حالة من حمى التيفوس ولم تنجو أي بلدة أو قرية في روسيا أو سيبيريا... الصابون والمطهرات والأدوية اللازمة لعلاج هذه الأمراض قد تم إبعادها عن روسيا بسبب الحصار، مات ألفان أو ثلاثة آلاف روسي بسبب التيفوس وحده، ومات نصف الأطباء الذين يعالجون التيفوس في مراكزهم. (30) عمل راسل، مثل هؤلاء النقابيين، من أجل الرفع الحصار.
36. المرجع نفسه، 94.
37. المرجع نفسه، 100.
38. أوراق مختارة لبرتراند راسل (نيويورك، 1927)، السادس عشر.
39. ويشكو السيد راسل من أن "السعي لتحقيق أهداف عملية في روسيا أكثر اصرارا مما هو عليه في أمريكا". وهو يأسف لأن "الدراسة الوحيدة غير العملية هي اللاهوت"، أي الماركسية. (في مديح الكسل، نيويورك، 1935، ص 40). ينسى السيد راسل أن أمريكا وروسيا تقودان العالم في الرياضيات البحتة.
40. في ماديسون سكوير جاردن، 8 نوفمبر 1942. من صحيفة نيويورك تايمز، 9 نوفمبر 1942.
41. المثل السياسية، 51.
42. المرجع نفسه، 55.
43. السلطة، 195.
44. بياتريس وسيدني ويب، الشيوعية السوفييتية، حضارة جديدة؟ (نيويورك، 1937)، المجلد الثاني، 771.
45. المرجع نفسه، المجلد. 1، 301.
46. يقول السيد راسل أنه "إلى أن قام البلاشفة بحل الجمعية التأسيسية في بداية عام 1917، ربما كان يُعتقد أن الديمقراطية البرلمانية ستسود بالتأكيد في جميع أنحاء العالم المتحضر." (السلطة، 206). بهذا العمل، يشير ضمنا ،إلى أن البلاشفة لم يدمروا الديمقراطية في روسيا فحسب، بل أعدوا للإطاحة بها في أوروبا.
47. ف. أ. لينين، "حل الجمعية التأسيسية." خطاب ألقي أمام اللجنة التنفيذية المركزية لعموم روسيا، 19 يناير 1918. لينين، ستالين، 1917: كتابات وخطب مختارة (موسكو، 1938)، 709.
48. "العدالة في زمن الحرب (لندن، 1916)، الفصل، “الحرب وعدم المقاومة”.
49. مرجع سابق. المرجع السابق، 707.
50. فيما يلي مقطع نموذجي: "إذا رغبت الأغلبية في كل بلد متحضر في ذلك، فيمكننا، في غضون عشرين عامًا، إلغاء كل الفقر المدقع، ... العبودية الاقتصادية بأكملها التي تكبل تسعة أعشار سكاننا ... إن هذا لا يتحقق إلا لأن الناس لا مبالون، ولأن الخيال بطيء، وما كان دائمًا يُنظر إليه على أنه ما يجب أن يكون دائمًا، فبحسن النية، والكرم، والذكاء، يمكن تحقيق هذه الأشياء ". المثل السياسية، 35-
51. انظر عالم الدولة السفلي (لندن، 1925)، المقدمة. هنا يتحدث راسل عن مصانع الأخبار في أوروبا التي تعمل على نشر معلومات كاذبة عن روسيا السوفيتية. وفي البلشفية وغيرها من الكتب، يعترف راسل بعدم موثوقية روايات الصحف عن الظروف في الاتحاد السوفييتي.
52. الحرية ضد المنظمة، 187.
53. آفاق الحضارة الصناعية، 145.
54. المرجع نفسه، 99.
55. البلشفية: الممارسة والنظرية. مقدمة.
56. الاشتراكية الديمقراطية الألمانية (لندن، 1896)، 8.
57. وهكذا كتب إنجلس: "إننا نصنع تاريخنا بأنفسنا، ولكن في المقام الأول وفق افتراضات وشروط محددة للغاية. ومن بين هذه، أصبحت العوامل الاقتصادية حاسمة في النهاية. لكن التقاليد السياسية وما إلى ذلك، بل وحتى التقاليد التي تسيطر على العقول البشرية، تلعب أيضًا دورًا، وإن لم يكن الدور الحاسم.» (إنجلس الى جوزيف بلوخ، لندن، 21 سبتمبر 1890).
58. الحرية مقابل المنظمة (نيويورك، 1934)، 191.
59. المرجع نفسه، 199.
60. الحرية مقابل المنظمة، 106-7-
61. "وعلى النقيض من ريكاردو، يرى جيفونز أيضًا أن أسعار الكتب القديمة والعملات المعدنية وما إلى ذلك، لا تتوافق مع نظرية العمل للقيمة، وأنه "حتى تلك الأشياء التي يمكن إنتاجها بأي كمية بالعمل نادرًا ما يتم تبادلها بالقيم المقابلة." نظرية الاقتصاد السياسي (1871)، 163. يبدو أن مثل هذا النقد لا ينطبق على ماركس الذي ميز بعناية بين القيمة و سعر الإنتاج والقيمة السوقية (رأس المال، III، 210).
62. رأس المال، 1، 45-6. إن فكرة وقت العمل الضروري اجتماعيًا كما هو محدد هنا تبدو واضحة جدًا لدرجة أن المرء يتساءل لماذا يجد راسل صعوبة في ذلك. (الاشتراكية الديمقراطية الألمانية.)
63. من الواضح أن السيد راسل يعتبر مفهوم جيفونز للقيمة، «الدرجة النهائية للمنفعة»، أي الإشباع الذي توفره الكمية الأخيرة المتناهية الصغر من المخزون الحالي، أعلى بكثير من نظرية ماركس في القيمة، ومع ذلك فهي تفترض المنافسة الحرة، و لا تنطبق على شروط الاحتكار، وهذا هو بالضبط الخطأ الذي وجده في نظرية ماركس.
64. رأس المال، الثالث، 1003.
65. الاشتراكية الديمقراطية الألمانية، 17-18. لسوء الحظ، لم يدرس السيد راسل في أي مكان الصعوبات الكامنة في تحليل المنفعة الحدية. وعلى الرغم من أنه ربما يقبل وجهة نظر جيفونز بأن "الدرجة النهائية للمنفعة تحدد القيمة"، فإنه يهمل النظر في مشكلة المنفعة الحدية. تحديد القيم على أساس حسابات المتعة، وهذا أمر غريب، من بين أمور أخرى، لأن وجهة نظر جيفونز تفترض ديمومة البنية المجتمعية التي يريد السيد راسل رؤيتها تتغير
66. الاشتراكية الديموقراطية الالمانية ،18، يشرح راسل الحجة باختصار اكثر في الحرية ضد. المنظمة(202): "على الرغم من أن الرأسمالي لا يضطر إلى الدفع للساعات الست الأخيرة، ومع ذلك، لسبب غير مبرر، فهو قادر على جعل سعر منتجه متناسبا مع وقت العمل اللازم للإنتاج." وفي عام 1859، أبدى ماركس نفس الاعتراض، الذي كان شائعا حتى في ذلك الوقت (أ) مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي، 1904، ص 71): “إذا كانت القيمة التبادلية للمنتج مساوية لوقت العمل الموجود فيه، فإن القيمة التبادلية ليوم عمل واحد تساوي المنتج من ذلك العمل. وبعبارة أخرى، يجب أن تكون الأجور مساوية لمنتج هذا العمل. ولكن العكس تماما هو الحال في الواقع. لذا فإن هذا الاعتراض يتلخص في الإشكالية التالية: كيف يؤدي الإنتاج، القائم على تحديد القيمة التبادلية بوقت العمل فقط، يؤدي الى ان ينتج عن ذلك أن القيمة التبادلية للعمل أقل من القيمة التبادلية لمنتجه؟"
67. الاشتراكية الديمقراطية الألمانية، 15.
68. المرجع نفسه، 18.
69. رأس المال ، 1، 701.
70. الحرية ضد المنظمة ، 202.
71. الاشتراكية الديمقراطية الألمانية، 11.
72. الحرية ضد المنظمة، 202.
73. رأس المال، 1، 190.
74. “الاشتراكية الديمقراطية الألمانية، 21-22.
75. الطرق المقترحة للحرية، 26.
76. انظر بشكل خاص "تقرير اللجنة التنفيذية". وتجدر الإشارة إلى أن راسل نفسه أدرك في عام 1938 أن ملكية الأسهم لا تعني السيطرة، واستشهد ببيرل و ميينز في الإثبات. (السلطة، 300.)
77. الحرية ضد المنظمة، 203f.
78. المرجع نفسه، 101.
79. الاشتراكية الديمقراطية الألمانية، 15. انظر أيضًا الحرية ضد المنظمة، 203f. والطرق المقترحة للحرية، 18.
80. البلشفية: الممارسة والنظرية، 133-

*# هناك عبارة هنا لا تبدو متوافقة مع ما قبلها، و تبدوا و كانها خطأ مطبعي ، العبارة هي (بل من خلال ما ستتحمله حركة المرورBut by what the traffic will bear )، المترجم .



#دلير_زنكنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يوجد شيء اسمه سلاح نووي تكتيكي
- الفاشية. الثورة الزائفة
- هل فكرة -زوتشيه- في كوريا الشمالية ماركسية حقاً؟
- لماذا نعيد تصور جورجيا السوفييتية؟
- 20 عامًا من اقتصاد بوتين
- اكثر من (770 الف) مشرد في الولايات المتحدة الاميركية !
- الماركسية والمنهج
- مفهوم الذات في ظل الرأسمالية والماركسية ومتطلبات القرن الحاد ...
- ماذا قال ديفيد بن غوريون؟
- الحرارة المميتة في السجون الأميركية تنتهك قوانين القسوة على ...
- ألكسندر دوغين وصعود الفاشية -المقبولة سياسيًا-
- كلام بلا افعال: لماذا الدول العربية عاجزة عن وقف إسرائيل؟
- واشنطن تنصب فخا لإيران فهل تبتلع إيران الطعم ؟
- ما تحتاج إلى معرفته: الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غ ...
- فوز أنورا ديساناياكي: نظرة عن قرب على أول رئيس شيوعي لسريلان ...
- على تركيا أن تتوقف عن منع ذهاب أسطول الحرية إلى غزة
- مايكل بارينتي. الماركسية والأزمة في أوروبا الشرقية
- هل كان الاتحاد السوفييتي -رأسمالية دولة- و-إمبريالية اشتراكي ...
- عصر أحفاد العائلة البارزانية عصر الظلامية والنهب
- اليسار ليس مفهوماً


المزيد.....




- هل كان هتلر شيوعيا؟ حرب كلامية بين زعيمتي حزبين بألمانيا
- تايمز: اليمين المتطرف يزداد جرأة بعد رفع ترامب العقوبات عن ا ...
- أوجلان على أعتاب إعلان تاريخي.. دعوة لمناصريه لإلقاء السلاح ...
- د?ربار?ي ئاگرب?ست ل? غ?زز?
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 588
- العدد 589 من جريدة النهج الديمقراطي
- جمال براجع يحيي صمود الشعب الفلسطيني وإلتفافه حول المقاومة ا ...
- يسقط التعديل الرجعي لقانون الاحوال الشخصية
- كل الدعم لعمال وعاملات “تي أند سي” للملابس المضربين
- شولتس ينتقد ماسك: حرية التعبير ليست مبررًا لدعم اليمين المتط ...


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دلير زنكنة - فلسفة برتراند راسل السياسية والاقتصادية