أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - العقل العربي بين قيود الماضي وأحلام المستقبل














المزيد.....


العقل العربي بين قيود الماضي وأحلام المستقبل


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8230 - 2025 / 1 / 22 - 00:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في سياق التفكير النقدي تجاه التراث والمنظومة الفكرية السائدة في العالم العربي، برزت العديد من الأفكار التي طرحت تساؤلات جوهرية حول أسباب التراجع الثقافي والحضاري للأمة العربية. إن هذه الأفكار، التي عبر عنها العديد من المفكرين، من بينهم عبدالله القصيمي، تكشف عن أزمة عميقة تمتد جذورها في بنية العقل الجمعي العربي. ومن خلال تحليل هذه الأفكار، يمكننا تسليط الضوء على قضايا محورية تعيق التقدم وتُبقي على حالة الجمود.

التاريخ المقدس والحكايات المروية

في المنظومة الفكرية العربية، أصبح التاريخ أكثر من مجرد سجل للأحداث، بل تحول إلى نص مقدس يُمنع الاقتراب منه نقديًا. تُروى الحكايات التاريخية وكأنها نصوص منزلة، لا تقبل التشكيك أو التمحيص. إن هذا التقديس يخلق حاجزًا أمام النقد الموضوعي، فالنقد يعني ضمنيًا نزع القداسة، وهو ما يُعتبر تهديدًا للسردية التي تحميها طبقة “السدنة” بكل الوسائل الممكنة.

فعندما يصبح الماضي مقدسًا، يتوقف المستقبل عن كونه هدفًا. وبدلاً من العمل على تخيل مستقبل أفضل، يتم استحضار الماضي كنموذج يُسعى إلى تقليده. إن هذه العودة إلى الوراء تُغلق الباب أمام الإبداع والتجديد، وتجعل من التقدم مفهوما غريبًا عن العقل العربي.

التراث والسردية المهيمنة

إن التراث في المنظومة العربية ليس مجرد إرث ثقافي أو معرفي، بل هو مرجعية شاملة تغطي كل مناحي الحياة. وهو محمي بسردية لا تقبل التفكيك أو المراجعة. إن أي محاولة لنزع القداسة عن التراث تُعتبر تهديدًا لوجود السردية بأكملها، مما يجعل النقد الفكري عملاً محفوفًا بالمخاطر.

إن انهيار هذه السردية يعني، بالنسبة للمدافعين عنها، انهيار الهوية الثقافية للأمة. لكن الحقيقة أن الحفاظ على سردية جامدة يعيق عملية التجدد التي تحتاجها المجتمعات كي تزدهر.

الدين والوطن: الصراع بين الانتماءين

إن المنظومة الفكرية السائدة تجعل الدين هو الرابط الأساسي بين الأفراد، متجاوزة في ذلك مفهوم الوطن كحاضنة جامعة. فيُنظر إلى الوطن كمساحة مادية، “حفنة تراب عفنة”، وفق التصور السائد، وهذا التعبير هو ما ذكره مرشد جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، ومن ثم فإن الانتماء للوطن عند هؤلاء لا يقارن بالانتماء الديني الذي يُعتبر أسمى.

إن هذا التصور يُضعف الشعور بالمواطنة، ويجعل من السهل التفريط في الأرض لصالح الهويات الدينية أو الأيديولوجية. كما أنه يخلق حالة من الصدام مع فكرة الدولة المدنية التي تقوم على فصل الدين عن السياسة، وهو ما ترفضه المنظومة بشدة.

الفنون والثقافة: الضحية الأولى

إن الفنون، كالغناء والشعر والرسم والتمثيل، تواجه عداءً صريحًا في هذه المنظومة. فالنصوص الدينية، أو التأويلات المحافظة لها، تُستخدم لتجريم هذه الفنون وتصويرها كأعمال شيطانية أو مضيعة للوقت.

وفي ظل هذا العداء، تصبح الثقافة مجرد وسيلة لتكريس “ثقافة القبور”، حيث يتم تمجيد الموت والغيب، بينما يُنظر إلى الفنون كترف لا طائل منه، بدلاً من كونها وسيلة تعبير عن الروح الإنسانية ومصدر للإلهام والتغيير.

الأبوة الفكرية وميلاد الأجداد من جديد

إن العقل العربي لا يعرف مفهوم تجاوز الآباء والأجداد، بل يُصر على إعادة إنتاجهم في كل جيل جديد. فيتم غرس طابع الأجداد في الأبناء، وتُحارب كل محاولة للخروج عن هذا النمط باعتبارها تمردًا على القيم والمبادئ.

إن هذا النمط من التفكير يمنع أي تقدم حقيقي، إذ أن التقدم يتطلب قتل الأب، بمعناه الرمزي، أي تجاوز الأفكار القديمة وتبني رؤية جديدة.

النهاية: مستقبل مؤجل

في ظل هذه المنظومة، يصبح التخلف نتيجة حتمية. فالعقل الذي يقدس الماضي، ويغلق أبوابه أمام النقد، ويرى في الفنون عدوه الأول، لا يمكنه أن ينتج حضارة.

إن الخروج من هذا المأزق يتطلب ثورة فكرية شاملة، تُعيد بناء العقل العربي على أسس جديدة. أسس تقوم على النقد بدل القداسة، وعلى الإبداع بدل التكرار، وعلى المستقبل بدل العودة إلى الوراء.

إنها دعوة لصناعة عقل جديد، عقل قادر على مواجهة التحديات، وقادر على تجاوز عقدة الماضي. فقط عندها يمكن للعقل العربي أن يخطو نحو المستقبل.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحضارة الغربية بين القيم والانتقادات: رؤية متوازنة
- من هزيمة المغول إلى كسر أوهام الشرق الأوسط الجديد: مصر مقبرة ...
- المستقبل في ظل الاعتماد على الروبوتات: العالم بين الابتكار و ...
- لماذا ينتظر العقل الجمعي العربي والإسلامي انهيار الحضارة الغ ...
- العقل الديني واستغلال الكوارث: بين الادعاء والحقيقة
- مجدي يعقوب: أيقونة الإنسانية والعلم في مسار نحو نوبل وجامعة ...
- الأسرى في ظلال الكهف: رحلة العقل من القيود إلى النور
- العقل المسلم بين تأكيد القناعات الذاتية والوقوع في فخ الأخبا ...
- العقل العربي بين الشماتة والكوارث: قراءة في الانهزام الحضاري
- أصداء الرعب: كيف تتحطم الأمم تحت وطأة الديكتاتورية
- العرب والمسلمون بين أسطورة الماضي وسراب الحاضر
- الإنسان المغترب: قراءة في فكر إريك فروم وأبعاد الاغتراب في ا ...
- انتظار الحلول الغيبية: هروب من الواقع أم أمل زائف؟
- ما الذي يدفع العقول المتعلمة إلى رفض العلم لصالح الوهم؟
- احترام الأديان والتعايش السلمي: رؤية نقدية لسلوكيات تسيء للإ ...
- سوريا على مفترق طرق: تساؤلات حول انهيار الجيش وتحديات المرحل ...
- فرحة بمرض نتنياهو أم هروب من مواجهة الواقع؟
- الثورة الإدراكية: قفزة الإنسان العاقل نحو السيادة على الأرض
- حوار حول مستقبل سوريا: بين التفاؤل والتشاؤم
- محمد صلاح: رمز سلام يتحدى التعصب


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية:غزة انتصرت والمقاومة ستبقى وما حدث شبي ...
- النجباء تشيد بالقيادة الشجاعة لقائد الثورة الاسلامية في دعم ...
- الجهاد الاسلامي: عملية الطعن بتل أبيب تضامن عربي وإسلامي مع ...
- بزشكيان: وضعنا تطوير العلاقات مع الدول الجارة والاسلامية على ...
- سيف الإسلام القذافي يجدد اتهاماته لنيكولا ساركوزي في قضية تم ...
- المقاومة الإسلامية في العراق: نبارك للشعب الفلسطيني و-أصابعن ...
- نتنياهو: هذه خطوة اخرى لتحقيق هدفنا بتعزيز الامن في -يهودا و ...
- سموتريتش: بعد غزة ولبنان بدأنا بتغيير العقيدة الامنية في -يه ...
- الجهاد الاسلامي: عملية الجدار الحديدي بالضفة حلقة بسلسلة الا ...
- الجهاد الاسلامي: ندعو ابناء شعبنا بالضفة للتصدي بكل الوسائل ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - العقل العربي بين قيود الماضي وأحلام المستقبل