أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - أريج ونور القمر (قصة قصيرة)














المزيد.....

أريج ونور القمر (قصة قصيرة)


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 8229 - 2025 / 1 / 21 - 21:27
المحور: الادب والفن
    


.
كانت أريج تقف وسط المسرح، أنوار الكشافات ترقص على وجهها، تتمايل بجسدها كغصن شجرة تحت نسيم الربيع. في تلك اللحظات، كانت تشعر بأنها تتحرر من كل القيود، وكأنها تطير فوق سماء الأحلام. كانت الموسيقى تأخذها إلى عالم آخر، بعيدًا عن صوت أقربائها وصخب الانتقادات.
لكن بينما كانت الأضواء تغمرها، كان جزء من قلبها مثقلا بالحزن. كانت تعرف أن أمها، التي لطالما كانت سندها، تحمل عبئًا لا يمكن تجاهله. كانت أريج ترى الألم في عيني أمها كلما نظرت إليها. كانت الأم، رُقيّة، تراقب ابنتها وهي تعبر عن نفسها بحرية، لكنها لم تستطع أن تتصالح مع تلك الحرية التي اعتبرتها مخالفة لكل ما نشأت عليه.
في تلك الليلة، عادت أريج إلى البيت متأخرة. كانت الشوارع هادئة والقمر مكتملًا، يضيء طريقها كأنه يشفق عليها. دخلت البيت لتجد أمها جالسة على الأريكة، عيناها محمرتان من البكاء وصوت أنفاس ثقيلة يملأ الغرفة.
قالت الأم بصوت مكسور: "يا أريج، هل تعلمين ما قاله الناس عنكِ اليوم؟ هل تعلمين كم هو مؤلم أن تُطعن كرامتي كأم بسببك؟".
وقفت أريج صامتة للحظة، ثم جلست بجانب أمها وأمسكت يدها.
"أمي، أعلم أنكِ تعانين. لكن هل فكرتِ يومًا أنني أعاني أنا أيضًا؟ هذا العالم الذي أعيش فيه صعب، وأنا أحتاجك بجانبي، لا أن تكوني ضدي. أحتاج دعمك لأقف أمام العالم".
نظرت الأم إليها، الدموع تلمع في عينيها، وقالت: "لكن لماذا اخترتِ هذا الطريق، يا أريج؟ لماذا لم تختاري شيئًا يرفع رأسنا أمام الناس؟".
ابتسمت أريج بحزن، وأجابت: "لأن هذا ما يجعلني أشعر أنني أعيش، يا أمي. الرقص بالنسبة لي ليس عيبًا، إنه فن. إنه طريقتي للتعبير عن نفسي، عن أحلامي، وعن ألمي. أريدكِ أن ترى النور في هذا، بدلًا من الظلام".
في تلك اللحظة، عادت رقيّة بذاكرتها إلى أيام شبابها. تذكرت كيف كانت تحلم بأن تصبح رسّامة، لكنها دفنت أحلامها تحت وطأة التقاليد وضغط العائلة وزواج مبكّر كانت أريج نتيجته. شعرت وكأن كلمات أريج توقظ في قلبها شوقًا قديمًا، وكأنها ترى نفسها في عيني ابنتها.
بصوت هادئ، قالت: "ربما كنت قاسية عليكِ، يا أريج. ربما لم أكن أفهمكِ. لكنني أعدكِ أن أحاول. سأحاول أن أرى هذا النور الذي تتحدثين عنه".
ابتسمت أريج بحرارة، وضمّت أمها بحنان.
"هذا كل ما أطلبه، يا أمي. فقط أن تحاولي أن تريني بعينيكِ حبًا، لا خوفًا. أن تريني بعينيك أنت، لا بأعين الناس".
منذ تلك الليلة، بدأت العلاقة بين أريج وأمها تتغيّر. أصبحت الأم تزور أريج أحيانًا في عملها، وتراقبها وهي تؤدي على المسرح. كانت ترى في رقص ابنتها جمالًا لم تفهمه من قبل. شيئًا فشيئًا، بدأ كلام الأقارب يفقد تأثيره عليها، لأن حبها لإبنتها أصبح أقوى من كل شيء.
أما أريج، فقد شعرت بدفء جديد يملأ حياتها. لم تعد ترى في أمها عائقًا، بل أصبحت شريكتها في الحلم. وفي كل مرة كانت تقف فيها على المسرح، كانت تشعر بأن نور القمر الذي يضيء حياتها ليس فقط ضوء السماء، بل أيضًا حب أمها الذي لا ينطفئ.
.



#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقوب الذاكرة (قصة قصيرة)
- على حافة الحياة (قصة قصيرة)
- لقاء مُلغى (قصة قصيرة)
- زواج القاصرات: جريمة تتطلب وقفة جادة
- رحلة تطور العقل البشري: من الأسطورة إلى العلم
- ضوضاء الحياة (قصة قصيرة)
- إقصاء الٱخر: ملاحظات لتفكيك الفكر الديكتاتوري العروبي ...
- غزّة: على نفسها وأهلها جنت براقش
- تعليقا على مقال علاء اللامي -شهادة لباحث غربي حول الإلحاد ال ...
- فاتوا بسورة من مثله - سورة غزّة
- من أنت...؟
- عيدٌ، بأيّ عتهٍ عُدتَ، يا عيدُ...؟
- خيرُ أمّةٍ...؟
- طفولةٌ
- هل الحجاب فرضٌ أم ليس فرضًا؟
- فليأتوا بحديث مثله - سورة الحجّ
- من أجل محاكمة كاملة وشاملة للتاريخ التونسي
- بين الحبيب بورقيبة ومحمّد بن آمنة، سيّد الدّواعش
- من يتحدّث عن هذا الفساد المستشري والمدعوم من طرف الدولة التّ ...
- «الرّوض العاطر في نزهة الخاطر» وأُمّةُ الفُروجِ...


المزيد.....




- فنان يثني الملاعق والشوك لصنع تماثيل مبهرة في قطر.. شاهد كيف ...
- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!
- مغن أمريكي شهير يتعرض لموقف محرج خلال أول أداء له في مهرجان ...
- لفتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- «خالي فؤاد التكرلي» في اتحاد الأدباء والكتاب
- بعد سنوات من الغياب.. عميد الأغنية المغربية يعود للمسرح (صور ...
- لقتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - أريج ونور القمر (قصة قصيرة)