|
أنا لا أفكر … إذن أنا تابع مأمور
شكران خضر
الحوار المتمدن-العدد: 8229 - 2025 / 1 / 21 - 18:48
المحور:
كتابات ساخرة
لا بد أن الصورة باتت واضحة حتى أمام أنظار أبسط الناس تفكيراً وها نحن نقف اليوم وبعد عشرين قرناً من المسرحية البشرية الهزلية نتأمل مشهداً كوميدياً تراجيدياً حضارات ولدت ونهضت وأخرى سقطت و اندثرت وكأننا في سوق للبضائع المستعملة نظريات تُباع بالجملة ومذاهب تُعرض بالتقسيط والمدارس الفكرية تزدهر وتنطفئ والإنسان المعاصر … لا يزال يتعثّر في نفس الأخطاء البدائية وكأنه لم يتعلم شيئاً من التاريخ ..!!
أيها السادة المتفرّجون إلى مسرح الحياة لكي تنجو من فخ أن تكون دمية في مسرحية هزلية عليك أن تكون قارئاً جيداً … و مستمعاً متدبّراً … وناقداً جريئاً … وبخلافه … ستكون ضحية سهلة … وتجد نفسك في سلة المهملات التأريخية كورقة مستعملة لا قيمة لها وما أكثر الأوراق المستعملة في زماننا ..!!!
المضحك المبكي … أننا نعيش في معادلة بسيطة إما أن نكون المخطِّطْ (وما أقل المخطّطين الأذكياء ..!!) أو المنفّذ الأعمى (وما أكثر المنفّذين العميان ..!!) أو الضحيّة المسكينة التي تنتظر دورها في مسلسل الأستغفال العالمي ونحن بالكاد نميز بين هذه الأدوار ونقف غالباً في المنتصف ما بين جهلنا وتبريراتنا .
هل تعرف ما يفعله (الآخرون) ..؟؟ وما أكثر هؤلاء (الآخرين) في زماننا ..!! يأتوننا بألف قناع وقناع ليقدّموا لنا أدوارنا مغلّفة بغلاف أنيق ويحوّلوننا إلى روبوت مبرمج ينفذ أوامرهم وكأننا في مصنع لتعليب العقول سيقنعوننا بأننا أبطال أشاوس بينما نحن في الحقيقة … أحجار وبيادق على رقعة شطرنج كبرى حيث يحرّكنا (الآخرون) ونحن نصفّق لهم بكل حماقة ..!!!
(ديكارت) المسكين … لو عاش زماننا لأعاد النظر في مقولته الشهيرة (أنا أفكر … إذن أنا موجود) إلى (أنا لا أفكر … إذن أنا تابع مأمور) …!!!
وقد أكد الفيلسوف (غادامير) أن القارئ يأتي إلى أي نص حاملاً معه مجموعة من التوقعات والأفكار المسبقة التي تؤثر على فهمه وتحليله ولهذا يقع دوماً فريسة لتراكمه التأريخي والثقافي وقد يجد صعوبة بالغة في الوصول إلى الحقيقة نتيجة عدم قدرته عن التجرّد في تفكيره عن المتراكمات السابقة لديه
وهذا هو طبيعة الأنسان فهو مُثْقَل دوماً بأوهامه وهمومه و محكوم بتحيّزاته التأريخية و التحيّز ليس عيباً مطلقاً بل هو جزء من إدراكنا للعالم لأنه يعكس تجاربنا السابقة لكن الكارثة عندما يتحول هذا التحيز إلى سلاح فيصبح كل من يخالفك (ضالاً) يجب هدايته … وإلا فوسائل المعالجة متوفرة لا سيما إن كانت التبريرات جاهزة ..!! وهنا تنتهي جدلية الأنسان ، وليست خصوصيته فحسب .
وقد كان (ديكارت) صادقاً عندما آمن بأن العقل هو الشيء الوحيد الذي يجعل من الإنسان إنساناً ويميزه عن باقي المخلوقات وخصوصاً الحيوانات فقد حاول الوصول الى المنهج الذي يؤهله في البحث عن الحقيقة والوصول الى القوة اللازمة التي تؤهّله للتمييز ما بين (الحقّ) و (الباطل) وتوصّل بأن هذه الحقيقة تقوى في النفوس من خلال التفكير الحرّ المستقل .
لهذا فأن إطفاء زر (العقل) والتسليم إلى منهج جاهز وترديد ما ينطقونه مثل الببغاء هو عملية إحتلال للأنسان وتحويله إلى (مطيّة) سهلة للآخرين من أجل الوصول إلى مآربهم بغض النظر عن العنوان الذي ينطلقون منه سواءاً قناعات آيديولوجية أو عقائدية أو إستراتيجية ….الخ .
والكارثة العظمى لو أن هذا المخلوق (الذي تم إطفاء زر العقل لديه) تمكن من إمتلاك وسيلة من وسائل القوة (السلطة ، أو المال أو السلاح) ولديه التبرير (القانوني) أو (الشرعي) في إستخدامها فماذا سيكون سلوكه تجاه الآخرين ..؟؟؟ دعونا نتصوّر السيناريو المرعب … في حال لو وقع سلاح (مدفع رشاش أوتوماتيك) بيد (قرد) ، فماذا سيفعل ..؟؟؟ نعم … لقد شاهدنا كيف يتحوّل البعض إلى أدوات تدمير بحجة الأيديولوجيا والدين … والسياسة … وأحياناً بحجة (الصالح العام) ..!!!
الرسالة هنا بسيطة حصّنوا عقولكم بالمعرفة وإجعلوا التفكير الحرّ عادة يومية لا تورّثوا لأبنائكم تراكمات الجهل أو تجاربكم الفاشلة و إحفظوا أنفسكم ، أيها السادة قبل أن تصبحوا مجرد دمى في مسارح الآخرين فكروا بحريّة قبل أن يفكر عنكم (المفكرون) والعالم مليء بـ(أشباه المثقفين) الذين يريدون تحويل البشر إلى أدوات لتحقيق مآربهم فلا تسمحوا لهم بذلك .
أما الحيوانات (الببغاء، المطي، والقرد) التي استشهدنا بها هنا في هذا المقال فنعتذر لها بشدة لأن بعض البشر يتفوقون في عبثيتهم على هذه الكائنات البريئة والصادقة في طبيعتها .
#شكران_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
باگه لا تفلّين … خبزة لا تثلمين … أكلي لمن تشبعين …!!!
-
رسالة من مواطن تركماني - ومن كتلة (الأغلبية الصامتة)
-
أزمات كركوك … نزاعات الملكية
-
أزمات كركوك …/ فشل الأحزاب … أم عزوف الجماهير ..!!!
-
أزمات كركوك … التصميم الأساس
-
أزمات كركوك … التركمان - مهمّشون أمْ مشتّـتون
-
أزمات كركوك … (( تعريب وتكريد … أم تهميش للتركمان ))
-
أزمات كركوك … (( إدارة المدينة ))
-
أزمات كركوك … الأستثمار
-
نشوة
-
تفاهـــة …!!
-
حفرة … في وادي السلام
-
من … نحن ؟؟؟
-
ما بين كركوك … و بغداد
-
أما آن الأوان … ؟؟؟
-
ملف الأستثمار … إلى أين ؟؟
-
إتفاقية القرن بين الحقيقة والوهم ..!!!
المزيد.....
-
الأنبار.. خطاطون وفنانون يشكون الإهمال وقلة الدعم
-
مصر.. زواج فنانة مصرية شهيرة من رجل أعمال إيطالي
-
جوزيف عون: جميع الطوائف اللبنانية لها حق التمثيل في الحكومة
...
-
الساحة الفنية المغربية تودع الحسن بلمودن أشهر عازف للرباب ال
...
-
كتاب جديد للكاتبة والشاعرة المصرية د . منى نوال حلمى
-
قصيدة-لأنى أحبك- القصيدة المركزية والتى سمى بها ديوان النثر
...
-
انطلاق منافسات الفجيرة لعزف البيانو
-
الجديد كله “هنــــــــــــا” .. عبر تردد قناة بيروت أفلام ال
...
-
الأنبار.. خطاطون وفنانون يشكون الإهمال وقلة الدعم
-
-الهبة العليا- لباولو كويلو تنطق بالروسية
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|