أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الوجع الطيب .














المزيد.....

مقامة الوجع الطيب .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8229 - 2025 / 1 / 21 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


مقامة الوجع الطيب :

بعث صاحبنا البدوي الناهض رسالتين الى حبيبته سرور قبل العام الجديد , يصف فيهما مايحدث له ولبلده من مرارات سماها بالوجع الطيب , ترى من اسماها سرور ؟ هو لا يعرف ان العرب متعودون منذ القدم ان يسموا أبناءهم ((فهد وسبع ونمر وكلب ....الخ )) ,لأنهم كانوا ولا زالوا أصحاب حرب , ويريدون أن يهوِّلوا على أعدائهم بأسماء أولادهم , اما (( سرور و ورد و جمال ...الخ )) فهذه يسمون بها خدمهم وعبيدهم , فماذا يتوقع ممن قال عنهم الأله (( اشد كفرا و نفاقا )) ؟

عندما نشر البارون دي مونتسكيو كتابه الأشهر ((روح القوانين)) في عام 1740 , وظّف مفهوماً كان متداولاً بين بعض المثقفين الأوروبيين لوصف الحكم العثماني , وهو (( الاستبداد )) , وذلك بهدف توفير ذريعة لنقد وإصلاح النظام الفرنسي الذي عاش في ظله , لكنّ تفسيره للاستبداد الشرقي أصبح تدريجياً بمثابة حكم تاريخي مبرم على طبيعة المجتمعات (( الشرقية )) لأجيال من مؤلفي الكتب والدارسين ورواد الرحلات في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر , كان هذا المصطلح يعني مجتمعا ثابتاً وخانعاً , وحكومة متخلفة وفاسدة , مع حكام تعسفيين وديكتاتوريين , يمتلكون رعايا أذلاء ومهمشين , فما الذي نترجاه ياسرور ؟.

يا سرور ان قرأت شيئا عن شقاء النسور فلا تسألي سوى عن تحليقها الذي لايعرف نهاية , او الذي لا يريد الا امتدادات كتابة جديدة للافاق , انها حكمة الفدائي الأبدية ولو كان يتأمل وردة نازلة او صاعدة في البال , وليسَ في وطَني حِدأةٌ تُغنّي , فاللصوصُ الأوفياء , لدينِ السَرِقة , جعَلوها تَجوع , في بَلدِ الفِئران , ودرويشنا أخفى خَلفَ عَينَيه سِرّهُ المُقدّس بينَ جَفنَيه , وفي كلّ رَمشَة , يَقطُرُ الوَرَع , واختلاسُ النَظر الى غَنيمةٍ عَمياء , وجميعُ ثيرانِ الوطَن بلا قرون , عدا الحَمير.

وأنت يا صاحب سرور , ما الذي رأَيتَ , لمّا نَظَرتَ خلفَ كتِفِك , أشياؤُكَ الجَميلةُ لن تَلحَقَ بك , فادّخرْ شَهقاتِكَ لمَوسمٍ آخر , لقد ذهَبتَ بَعيداً , لم تَحسبْ من قَبل خُطواتِكَ بعدَ الأفُق , فصِرتَ في المَغيب , تَحسدُ الشُروق , وفجر رحلاتك القصية أسلحَته كثيرة , ولمّا أُرغَمُ على استِخدامِها , في رمَقه الأخير , قتُلته , وحينَ انكَفَأتَ على وجهِك , على طريقٍ مُستَوية , كانَ لعَينيكَ رأيٌ آخر , أفصَحَتْ عنهُ , لغيرِك , صحيح أنك تَمنّيتُ لو أنّ الحُبَّ أرحَبَ مما كان , ولكنك لم تحتملْ كلّ الانفِراجات فيه , فانفَجَر.

وبعد خمسون عاما ياصاحب سرور , أدركت ان ما كُتبَ عليكَ أيّها الجَبين , لم يتركْ فيكَ موضِعاً صَغيراً , يدومُ ابتهاجك فيه , لتحكيه كقِصّةٍ تُروى , لا نسألك عن احمرارِ عَينَيّك , فنحن نعرف ان ذلكَ أدنى النَزف , من قلبٍ يَسحَلُ الخَفَقان , ما تراهُ من رَعشةِ اليدين ليسَ إلّا انتقاماً , من أفكارٍ رسَوتُ بها على شاطئٍ , ليسَ لك , أراك تحسدُ الصَقر , فهو ليسَ مثلك , لا أحدَ يَسرقُ منهُ الفرائس , بحيلةٍ صَغيرة , وينجو , ها انت تفاخربمدينتك العذراء فلم أحرقْت جَميعَ السفُن , خلفك , ولا تدري انك عبرتُ على خشَبَة , ضلّت المسار , فأبق مغمض العينين , بعدما أطفأت الشَمس خشية أشباحَ اليقَظَة , أشباحُ الظَلام , بلا أجنحَةٍ أو أسنان , وحينَ قَرَعَتْ أجراسُ الكنائس , موسيقى بيتهوفن , سَمعتُ عَزْفَ العودِ في المآذِن , هذا ما قلتُهُ , تحتَ التعذيب , بتهمةِ الفَرَح .

نحن نعترف يا سرور وبكل أسف بأنا شعوب لها ذاكرة الأسماك , أو بلا ذاكرة , فما إن بنينا شبه دول حتى نشطت عندنا الإنقلابات العسكرية والصراع المميت على السلطة , وأثبتنا أننا شعوب تحمل الكثير من العدوانية , ولأننا لانستطيع تحويل هذه العدوانية ضد الغير من الشعوب بسبب ضعفنا , حولناها ضد بعضا البعض , فكل مايحدث ليس صدفة , بل هو مستمد من ثقافة عدوانية مرعبة نحملها في داخلنا , ثقافة تتوالد وتؤثر في صياغة عقولنا , لذلك , مضر جداً أن نرمي فشلنا وفسادنا على الإستعمار والإمبريالية , لأن العيب فينا , أو كما يقول المثل (دود الخل منه وفيه) , هل أستفادت دولة عربية واحدة من الإستعمار أو الإنتداب الغربي وبنت دولتها وبلدها وعملت من أجل أوطانها ؟ على العكس فإن النزعة الفردية العدائية وثقافة الغنيمة مازالت سائدة , وبقيت القبيلة أساس من أسس العقل العربي , وهذا أهم الأسباب التي لم نستطع فيها بناء أوطان أو دول صحيّة لأن من أصغر موظف إلى أكبر مسؤول لايفكر إلا بالهبش والغنيمة خلال وجوده في السلطة.

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة النديم .
- المقامة العجلية .
- مقامة سجن الحب .
- مقامة التشبيه الراكب .
- مقامة اللحية .
- مقامة الغناء بالهمس .
- مقامة القهوة والحب .
- مقامة دمشق .
- مقامة نجمة الصبح .
- مقامة الأنكار .
- مقامة لغة العشاق .
- مقامة الصليب .
- مقامة الغصن المكسور .
- مقامة أرتقوا فالقاع مزدحم .
- مقامة العادات الشرقية .
- مقامة الثمن الباهظ .
- مقامة التوبة .
- مقامة ولادة .
- مقامة 2025 .
- مقامة محطة الأستراحة .


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الوجع الطيب .