رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 8229 - 2025 / 1 / 21 - 09:41
المحور:
الادب والفن
"أسرى... صباح الحرية
.
مثلما ذهبوا
يرجعون وقاماتهم ذهبُ
الذين يئسنا وما يئسوا
وتعبنا انتظاراً وما تعبوا
الذين إذا قيل همْ
أمطرتْ سُحُبٌ وزَهَتْ سحبُ
يرجعونَ
كما لم نكن بعدهمْ
فالحياة لهمْ
لا لنا تجبُ"
عندما يفرح الإنسان ينسى ألمه، وكأنه لم يكن به ألم، وينسى وقت/زمن القهر الذي كان، فحالة الفرح تجعل عقله الباطن (يلغي) كل ما يشير إلى القسوة، وهذا ما فعله الشاعر "صلاح أبو لاوي" في "أسرى...صباح الحرية" فنلاحظ أنه يلغي/يتجاهل/ينسى ألم السابق، ويتجاوزه إلى حالة لفرح التي يمر بها الأسرى الآن، من هنا نجده (محى/أزال) القسوة وزمن القهر تماما من خلال تتابع "ذهبوا/يرجعون" وإتباع يرجعون ب"قاماتهم ذهب" التي نلاحظ فيها تكرار الألف في "قاماتهم" وما فيه من مد وعلو الصوت، كإشارة إلى حرية الأسرى وما ينعمون به الآن من فرح.
ونلاحظ أن الشاعر ينسب لنفسه/لنا حالة اليأس/التعب "يئسنا، تعبنا" وينفيها عن الأسرى" ما يئسوا، وما تعبوا" كما اكد أنهم أهل الحياة "فالحياة لهم" وهذا ما يجعلنا نقول إن الشاعر تماهى مع تحرير الأسرى حتى بدا وكأنه هو من تحرر من الأسرى.
هذا على صعيد مضمون القصيدة، لكن على صعيد الألفاظ، علينا التوقف عندها لمعرفة لماذا كان الشاعر (أسيرا) لألفاظ بعينها، ولم يستطع استخدام ما يمتلكه من قاموس لغوي ليعبر عن نفسه كشاعر.
أعتقد أن نشوة الفرح التي يمر بها الشاعر، جعلته (ينسى) كونه شاعر، من هنا بدت لغته (منفعلة/أسيرة) لألفاظ بعينها، فكان تكرار: "يرجعون، الذين، سحب، ما، يئسنا/يئسوا، تعبنا/تعبوا" كإشارة إلى أن العقل الباطن للشاعر هو من يتحكم في القصيدة وليس الشاعر، وما هو إلا منفذ لما يميله عليه العقل الباطن، وهذا ما نجده عندما (نسى/تجاوز) الشاعر أن يفسر/يحدد/يوضح حالنا في "(الذين) يئسنا ما يئسوا" فكان يفترض أن يتوقف/يتحدث عنا نحن من نسينا، لكنه تجاوز (التفسير/التعليل) وأنتقل مباشرة إلى الأسرى ليخصهم بالحديث، فهو ونحن الآن لسنا محطة اهتمامه، لهذا خص الأسرى بالحياة وحرمنا منها، وما خاتمة القصيدة وما فيها من (انحياز) للأسرى، إلا تأكيد على (انفعال) الشاعر وتماهه مع الحدث، تحرير الأسرى والأسيرات.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟