علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي
(Alaa Kaid Hassab)
الحوار المتمدن-العدد: 8229 - 2025 / 1 / 21 - 00:02
المحور:
كتابات ساخرة
في العالم، هناك حكومات تتفنن في إيجاد الحلول، وهناك حكومات تتقن فن التبريرات، و بالنسبة لحكومة عزيز أخنوش فقد اختارت المسار الثاني، حيث رئيسها علامة في فقه التبرير و حكومته مرجع في التبريرات، بالنظر إلى إبداعاتها في تفسير كل شيء إلا تقديم الحلول.
تبدأ القصة حين يُطرح سؤال بسيط على أحد أعضاء الحكومة حول غلاء المعيشة. بدل الإجابة المباشرة، يخرج المسؤول بابتسامة عريضة ليشرح أن الأزمة "عالمية"، وأننا "لسنا وحدنا"، وكأن المواطن المغربي سيتحول إلى خبير اقتصادي دولي ليقتنع بأن مشكلته مجرد تفصيل صغير في خضم مشاكل العالم الكبرى.
أما حين يتعلق الأمر بسعر المحروقات، الذي يواصل تحليقه عالياً فوق جيوب المغاربة، فإن التبرير جاهز دائماً: "الحرب الروسية الأوكرانية". وحتى لو انتهت الحرب، فلا تقلقوا، ستجد الحكومة أسباباً جديدة، ربما ظاهرة شمسية غريبة أو ارتفاع منسوب البحار!
وفي ما يخص البطالة، فإن الإجابة تأتي بنفس الأسلوب الإبداعي: "إنها نتيجة تحديات سابقة"، وكأن المواطن العاطل يحتاج إلى درس في التاريخ السياسي بدل فرصة عمل تُعينه على مواجهة الغلاء.
ثم يأتي ملف التعليم والصحة، وهنا تصل التبريرات إلى مستوى جديد من العبقرية. فإذا اشتكى المواطن من تدهور الخدمات الصحية، يكون الجواب جاهزاً: "إننا في مرحلة إصلاح عميق"، وهو إصلاح يبدو أنه قرر الاستقرار في الأعماق دون أن يظهر على السطح. أما التعليم، فإن "المنظومة تحتاج وقتاً"، وكأن عقارب الساعة تتباطأ فقط عندما يتعلق الأمر بتحسين حياة المغاربة.
الطريف في الأمر أن هذه الحكومة نجحت في شيء واحد: توحيد المغاربة على اختلاف مشاربهم في السخرية منها. فلا أحد يستطيع أن ينكر براعتها في تحويل كل أزمة إلى "تحدٍ عالمي"، وكل شكوى إلى "جزء من مسار طويل للإصلاح"، وكل كارثة إلى "فرصة للتعلم".
خلاصة القول، أن هذه الحكومة قد اختارت أن تكون "ماكينة كلام" بدل أن تكون حكومة أفعال، لتترك المغاربة أمام حقيقة واحدة: إذا كان التبرير فناً، فإن حكومة أخنوش هي بلا شك أعظم فنان.
#علاء_كعيد_حسب (هاشتاغ)
Alaa_Kaid_Hassab#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟