|
-عصر السيسي الذهبي للنساء: أكذوبة تُخفي القمع والاستغلال-
إسلام حافظ
كاتب وباحث مصري
(Eslam Hafez)
الحوار المتمدن-العدد: 8228 - 2025 / 1 / 20 - 22:13
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
منذ صعود عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عام 2014، لم يدخر النظام جهداً في الترويج لفكرة أن عهده يمثل العصر الذهبي للنساء في مصر. تُقدم وسائل الإعلام الموالية للنظام خطاباً يظهر السيسي كحامي حقوق المرأة، وكأن وجود بضع سيدات في مناصب قيادية كافٍ لتغيير واقع ملايين النساء في بلد يعاني من فساد منهجي وتهميش مجتمعي وقمع سياسي.
لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً. "عصر السيسي الذهبي" ليس سوى واجهة دعائية تخفي وراءها استغلالاً ممنهجاً للنساء في حملات سياسية، فشلاً في تطبيق القوانين، استمراراً للتمييز، وتجاهلاً للقضايا الجوهرية التي تمس حقوق المرأة بشكل مباشر.
القوانين: وعود على الورق وثغرات قاتلة رغم سن قوانين جديدة وتغليظ بعض العقوبات المتعلقة بقضايا النساء، فإن التطبيق العملي لهذه القوانين يكشف عن فجوات ضخمة.
قانون التحرش الجنسي (2021): رغم تشديد العقوبات على المتحرشين، فإن التحرش في الشوارع وأماكن العمل والمواصلات لا يزال منتشراً بشكل مرعب. تشير تقارير حقوقية إلى أن أكثر من 80% من النساء في مصر تعرضن للتحرش مرة واحدة على الأقل، لكن معظم القضايا لا تصل إلى المحاكم بسبب ضعف الثقة في الشرطة والقضاء. في قضية شهيرة عام 2024، تعرضت فتاة تُدعى "نرمين" للتحرش من أحد رجال الأعمال، ورغم تقديمها بلاغاً، إلا أن نفوذ المتحرش أسقط القضية تماماً.
العنف الأسري: حتى الآن، لا يوجد قانون شامل يجرّم العنف الأسري في مصر. النساء المعنّفات يُتركن في مواجهة مصيرهن دون حماية قانونية. قضية "نهى عابدين" التي قتلت على يد زوجها في الجيزة عام 2024 تُعد مثالاً صادماً، حيث كانت الضحية قد تقدمت بشكاوى متكررة ضد زوجها العنيف دون أي استجابة من السلطات.
الميراث: رغم وجود قانون يعاقب على الامتناع عن تسليم النساء نصيبهن في الميراث، فإن تطبيق هذا القانون شبه معدوم في المناطق الريفية، حيث تُجبر النساء على التنازل عن حقوقهن تحت تهديد العائلة أو المجتمع.
التمييز في العمل: حقوق غائبة وأجور أقل رغم حديث النظام عن دعم النساء العاملات، فإن سوق العمل في مصر لا يزال يعج بالتمييز. النساء يتقاضين أجوراً أقل من الرجال في القطاعات نفسها. في قطاع الزراعة والصناعة، النساء يحصلن في المتوسط على 60% من أجر الرجل، بينما في الوظائف الحكومية، التمييز يظهر في الترقية إلى المناصب العليا.
في عام 2024، استقالت "دينا حمدي"، موظفة بإحدى شركات القطاع الخاص، بعد تعرضها لتحرش من مديرها المباشر. ورغم تقديمها شكوى للشركة، تم التستر على المدير وتهديدها بعدم الحديث للإعلام.
استغلال النساء في الدعاية السياسية يُعد استغلال النساء الفقيرات أحد أكثر ممارسات النظام فجاجة. برامج مثل "تكافل وكرامة" التي يفترض أنها تساعد المرأة الريفية، تُستخدم كوسيلة لشراء الولاءات السياسية. يتم استدعاء السيدات لحضور مؤتمرات داعمة للنظام مقابل وعود مالية أو مساعدات غذائية.
خلال انتخابات 2024، انتشرت مشاهد لسيدات مسنات يحملن صور السيسي أمام اللجان الانتخابية، حيث تم نقلهن بحافلات حكومية ومنحهن كراتين غذائية كرشوة مباشرة. هذا المشهد يتكرر في كل مناسبة انتخابية، حيث يتم استغلال النساء الفقيرات كأدوات لإظهار "الدعم الشعبي" للنظام.
النساء المعارضات: القمع بلا رحمة في ظل حكم السيسي، لم تسلم النساء المعارضات من آلة القمع. تم اعتقال العديد من الناشطات اللواتي طالبن بحقوق النساء أو انتقدن الأوضاع السياسية.
إسراء عبد الفتاح: ناشطة سياسية اعتقلت عام 2019 وتعرضت للتعذيب داخل السجن. رغم الإفراج عنها لاحقاً، فإن النظام لم يتوقف عن ملاحقتها وأخريات مثلها.
علا القرضاوي: تعرضت للسجن لأكثر من خمس سنوات دون محاكمة عادلة، فقط لكونها ابنة الشيخ يوسف القرضاوي.
هدير مختار: تم اعتقالها عام 2024 بعد نشرها فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد ارتفاع الأسعار وظروف المعيشة، وتم التنكيل بها داخل السجن بتهم ملفقة.
الفقر والزواج المبكر: قضايا مغيبة المرأة الريفية تعاني بصورة مضاعفة، حيث تواجه ممارسات مثل الزواج المبكر والحرمان من التعليم. رغم إصدار قانون يرفع سن الزواج إلى 18 عاماً، إلا أن زواج القاصرات لا يزال مستشرياً في القرى، دون أي إجراءات حقيقية لردع المخالفين.
في ديسمبر 2024، كشفت وسائل الإعلام عن قصة "أميرة"، طفلة عمرها 14 عاماً أُجبرت على الزواج في محافظة أسيوط، وتوفيت أثناء الولادة. هذه الحوادث تتكرر بسبب غياب الرقابة الحقيقية وتواطؤ المسؤولين المحليين.
الإعلام الموالي: تزييف الحقائق الإعلام الموالي للنظام يعمل على تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام. يتم تسليط الضوء على تعيين بعض النساء في مناصب قيادية كدليل على "تمكين المرأة"، بينما يتم تجاهل المعاناة اليومية لملايين النساء.
عصر السيسي لم يكن سوى استمرار للتهميش والقمع والاستغلال الذي عانت منه النساء لعقود. الحقوق التي يروج لها النظام ليست إلا شعارات جوفاء تُستخدم لتجميل صورته أمام المجتمع الدولي. النساء في مصر بحاجة إلى سياسات حقيقية تضمن لهن المساواة والكرامة، بعيداً عن الاستغلال السياسي والتمييز الطبقي. لكن في ظل حكم استبدادي يغيب فيه العدل، يبدو أن هذه الحقوق ستبقى مجرد حلم بعيد المنال.
#إسلام_حافظ (هاشتاغ)
Eslam_Hafez#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-القمع خلف ستار التحرر: معتقلات المنازل ومعاناة المرأة السعو
...
-
-نظام السيسي: شعارات للبرمجة وقمع للحرية... مصر تحتضر في ظل
...
-
إحنا بتوع التحرير..!
-
-الظلم لا يدوم... وصوت الحق أقوى من السجون-
-
نظام السيسي: استغلال الضرائب لتكريس الفشل الاقتصادي
-
-2024: عام القمع والإخفاء القسري في مصر-
-
رسالة الي الوالي..
-
ثورة يناير: الحلم الذي لن يموت
-
خطر الجولاني على سوريا: هل ينتظر السوريون نفس مصير المصريين
...
-
القصور الفاخرة مقابل العيش الكريم.. كيف يرسخ النظام فجوة الط
...
-
-حين ينكر الواقع نفسه: عن الدم والمال... والأيدي البيضاء-
-
شوارع المحروسة
-
مصر السجن الكبير
-
مصر .. السجن الكبير
-
السيسي بين الحقيقة والخيال
-
معاناة اللاجئين السودانين في مصر
-
إنتهاكات حقوق اللاجئين في مصر
المزيد.....
-
حقيقة زيادتها 8000 دينار جزائري للتسجيل في منحة المرأة الماك
...
-
“بشرى لنساء الجزائر” رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في
...
-
ترامب: سياسة أميركا من الآن ستكون هناك امرأة ورجل وليس هناك
...
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت داخل الجزائر 2025
...
-
منتدى المناصفة والمساواة بتاونات في اللقاء التواصلي حول : “ق
...
-
أفغانستان.. دعوة جريئة داخل -طالبان- لإنهاء حظر تعليم الفتيا
...
-
“أخبار عاجلة للمرأة الجزائرية”.. هل سيتم زيادة منحة المرأة ا
...
-
69 امرأة و21 طفلاً.. ننشر أسماء الأسرى الفلسطينيين المفرج عن
...
-
رئيس الوزراء البريطاني: الإفراج عن امرأة بريطانية-إسرائيلية
...
-
هل الأب يحصل على الحضانة؟!.. الحكومة الجزائرية توضح حقيقة إل
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|