مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 8228 - 2025 / 1 / 20 - 20:10
المحور:
الادب والفن
جلس "ياسين" على صخرة ملساء تطل على البحر الهائج، يتأمل الأمواج التي تضرب الشاطئ بعنف. السماء ملبدة بالغيوم، ورياح الشتاء تعصف بشعره المتناثر. كان البحر أمامه أشبه بمرآة تعكس اضطراب روحه.
في قريته الصغيرة، لم يعد للحياة طعم. البطالة تمتص أحلامه، والفقر يحاصر عائلته. كان يحلم، مثل كثيرين، بالخروج من هذا الجحيم إلى فردوس أوروبا. فرنسا أو إيطاليا، لا يهم. المهم أن يجد مكانًا يبني فيه مستقبله.
في تلك الليلة، اجتمع ياسين مع مجموعة من الشباب في كوخ صغير. تحدثوا عن المهرب الذي وعدهم برحلة آمنة، وعن القارب الذي سينقلهم عبر البحر. "إنه خطر، لكن الحياة هنا خطر أكبر"، قال أحدهم. هز ياسين رأسه، وقد قرر أن يأخذ هذه الفرصة، مهما كانت العواقب.
بعد يومين، كان القارب ينتظر عند خليج صغير. كان الظلام يغطي المكان، والماء يبدو أسود كالحبر. صعد ياسين مع الآخرين، متشبثًا بحلمه. بدأ القارب يبتعد، والبر الذي يعرفه يصبح نقطة صغيرة خلفه.
لكن البحر لم يكن رحيمًا. فجأة، اشتدت الأمواج، وبدأ القارب يتمايل بشكل خطير. أصوات الصراخ والذعر ملأت الأرجاء. شعر ياسين بأن حلمه يتحول إلى كابوس. "ليس الآن... ليس الٱن..." صرخ بهستيريا وهو يمسك بحافة القارب بقوة.
استفاق ياسين على شاطئ غريب، وهو مبلل تمامًا. أنقذته إحدى سفن الإغاثة بعد انقلاب القارب. وجد نفسه في مركز احتجاز للمهاجرين في إيطاليا. هناك، أدرك أن أوروبا ليست الجنة التي تصورها. كان عليه أن يواجه قوانين الهجرة، نظرات الناس، والواقع القاسي لكونه غريبًا بلا أوراق.
لكن ياسين لم يفقد الأمل. قرر أن يقاتل، أن يتعلم اللغة، أن يبحث عن عمل. لم تكن الحياة سهلة، لكنها أعطته درسًا. البحر الذي كان يعكس اضطراب روحه علمه أن النجاة ليست في الأحلام الكبيرة فقط، بل في القدرة على مواجهة الأمواج، مهما كانت عاتية.
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟