|
فلسطين – نهاية جولة، في انتظار القادمة
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8228 - 2025 / 1 / 20 - 14:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إنه فصل جديد، أو حقبة أو دَوْرة جديدة من حرب غير متكافئة، يُشكل طرفها الأول الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المُجاورة لفلسطين، وطرفها الثاني ثالوث يتكون من الكيان الصهيوني الذي أثبت العدوان الحالي إنه لا يمكنه البقاء دون طَرَفَيْ العدوان الآخَرَيْن: الإمبريالية، بزعامة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، والأنظمة الرّجعية العربية و"نقابتها" الجامعة العربية وإعلامها ( "العربية" و "الجزيرة" و "سكاي نيوز عربي"...) ولولا الدّعم الإمبريالي والرجعي العربي لما تمكّن العدو من مواصلة حرب الإبادة والتّدمير طيلة أكثر من 15 شهرًا. تتعرض الفقرات الموالية إلى دور الإمبريالية من خلال الدّعم الأمريكي، وإلى بعض مظاهر ومميزات مجتمع المُستوطنين في فلسطين ثم إلى مُلخص لما حصل منذ تشرين الأول/اكتوبر 2023، مع بعض الإستخلاصات...
مساهمة وزارة الخارجية الأمريكية في إفلات الكيان الصهيوني من العقاب فرضت الولايات المتحدة وفرنسا اتفاق وقف إطلاق النّار في لبنان ولكن الكيان الصّهيوني ينتهكه يومِيًّا وأدّى القصف شبه اليومي إلى قتل 45 ليناني خلال شهر واحد، وسط صمت الدّبلوماسية والإعلام الإمبريالي والعربي الرجعي، كما بدأ الكيان الصّهيوني، غداة إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، قصف سوريا واحتلال أجزاء من جنوبها والسّيطرة على مصادر المياه في حوض اليرموك وتهجير سُكان العديد من القُرَى، وبعد عدّة أسابيع تم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، دون انسحاب الكيان الصهيوني، أو عودة المُهجَّرين بالقوة إلى مناطقهم ودون تحميل الكيان الصّهيوني مسؤولية الدّمار والإبادة، وعلّمتنا التّجارب السّابقة إن الكيان الصهيوني لا ينسحب سوى بالقُوّة من أي أرض تم احتلالها، وهو ما حصل لمّا اضطر الكيان الصّهيوني إلى الإنسحاب من جنوب لبنان يوم 25 أيار 2000، دون شُرُوط أو تفاوض، كما علّمتنا التّجارب إن الكيان الصّهيوني يستغل فترات وقف إطلاق النّار لإعادة ترتيب وضعه العسكري ولإعادة الإنتشار، وإن فلسطينيِّي الضفة الغربية ( التي تمثل مع غزة، حوالي 22% من مساحة فلسطين ) يُسدّدون ثمنًا مُرتفعاً للهدوء النّسبي في غزة أو لبنان، حيث ارتفعت وتيرة الإحتلال والإستيطان منذ مفاهمات أوسلو ليصل عدد المُستوطنين المُسلّحين ( المَحْمِيِّين من الجيش ) إلى نحو 700 ألف، تدعمهم مجموعات الصهاينة المسيحيين الأمريكيين، ولجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية ( AIPAC ) والإدارة الأمريكية والكونغرس وكافة المُؤسسات الأمريكية والشّركات العابرة للقارات إلخ... بدأ عِقْد الحماية الإمبريالية ( الأمريكية والأوروبية ) وتواطؤ الأنظمة العربية يَنْفَرِطُ بمناسبة هذا العدوان، إذْ طالبت بعض الدّول بمحاكمة قادة الكيان الصهيوني من قِبَلِ المحكمة الجنائية الدّولية التي أصدرت أوامر اعتقال ضد أعضاء الحكومة الصّهيونية، بمن فيهم رئيسها نَتِنْ ياهو، كما حققت محكمة العدل الدولية في قضايا جرائم الحرب الفردية التي رفعتها مُنظّمات حقوق الإنسان، مما شَكّلَ سابقة تاريخية تمثّلت في بداية المُساءلة وقد تتبعها إجراءات أخرى قد تُضيّق الخناق على قادة ومؤسّسات الإحتلال رغم الدّعم الأمريكي والأوروبي، من خلال المُبالغة في استخدام حق النّقض ومن خلال التّسليح والدعم المالي والإقتصادي والإعلامي والسياسي، ومن خلال اعتبار المجرمين الصهاينة أبطالاً وجبت مُساعدتهم ماليّا وعسكريا، ورفض التنديد بالإبادة – أو مُجرّد الإعتراف بحُدُوثها – وبالتّالي رفض الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها تطبيق قرارات ما يُسمُّونها "الشّرْعِيّة الدّوْلية" التي اعتبرت هؤلاء "الأبطال" مُجْرِمِي حرب تتوجّب محاسبتهم واعتقالهم ومُحاكمتهم، ومحاكمة الجنود الذين سجّلُوا أشرطة تُظْهِرُهم يرقصون فوق جُثَث الفلسطينيين، وتجاهلت وزارة الخارجية الأمريكية – التي تدّعي تعزيز المساواة العرقية والحرية الدينية وغيرها من المبادئ النبيلة للديمقراطية - تحذيرات خبرائها ودبلوماسيِّيها من استخدام الجيش الصهيوني الأسلحة المُحَرَّمَة دوليا وانتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني والعربي، ومَنْع مرور الشاحنات المحملة بالأغذية والأدوية إلى غزة، وتشريد ثلاثة أرباع فلسطينِيِّي غزة ( وفقَ منظمة refugeesinternational )، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي سبّبتها الحرب وفق توم سوليفان، مستشار وزارة الخارجية وكبير المستشارين السياسِيِّين للوزير أنتوني بلينكن، وصرّع سوليفان وبعض المستشارين الأمريكيين إنه "وجبت محاسبة إسرائيل للمحافظة على مصداقية الولايات المتحدة في السّاحة الدولية" لكن الحكومة الأمريكية استمرّت في إرسال شحنات الأسلحة ودعم جرائم الحرب، وفق لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ( تشرين الثاني/نوفمبر 2024) و منظمة العفو الدّولية (كانون الأول/ديسمبر 2024)، ورفضت الحكومتان الأميركية والصّهيونية اعتبار القصف والتجويع والحصار والتهجير جرائمَ حرب وإبادة جماعية تستوجب إصدار مذكرات الإعتقال، مما يُعتَبَرُ تعزيز إفلات المُجْرِمين الصّهاينة من المُحاسَبَة ومن العقاب، بل كافأت الولايات المتحدة محْمِيّتها بإرسال أسلحة بقيمة لا تقلّ عن 18 مليار دولارا خلال سنة واحدة، و26 مليار دولارا خلال خمسة عشر شهرًا من تشرين الأول/اكتوبر 2023 إلى نهاية سنة 2024، وفق موقع صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 04 كانون الثاني/يناير 2025، كدليل على التّورّط الكامل للإمبريالية الأمريكية ( والأوروبية) في الحصار والتّجويع والإبادة الجماعية، ونشرت نفس الصحيفة تحقيقات بتاريخ 04/04/2024 و 06/06/2024 و 24/11/2024 عن الإنتهاكات في السجون الصهيونية وعن استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية من قِبَل الجيش الصهيوني وعن التّدمير والهدم المنهجي ( المُخطّط ) للمُستشفيات والمباني السكنية، ونشرت وسائل إعلام ومنظمات أخرى وثائق مُصورة عن نهب منازل الفلسطينيين قبل تدميرها، وإتلاف المواد الغذائية، وأكّدت منظمة يونيسيف التابعة للأمم المتحدة ( كانون الأول/ديسمبر 2023) استهداف الأطفال... صرّح عدد من العاملين في مجلس الأمن القومي وفي وزارة الخارجية الأمريكية "إن الأسلحة الأميركية ساعدت إسرائيل في تعزيز المصالح الغربية في المنطقة، وفي حماية نفسها من أعداء آخرين" وفق موقع صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 14 كانون الثاني/يناير 2025، وادّعى "جاك لُو"، السفير الأمريكي لدى كيان الإحتلال: "إن الأطفال الذين قتلوا هم أبناء مقاتلي حماس"، وهي محاولة لتبرير العقاب الجماعي وكأن الأطفال – إذا افترضنا صحة نَسَبِهِمْ إلى مقاتلي حماس – مسؤولون عن أعمال والديهم، وصرّح المُتحدّث باسم السفارة الصّهيونية في واشنطن: "إن إسرائيل والولايات المتحدة حليفان يعملان معًا لصد الجهات المتطرفة المزعزعة للاستقرار (...) إن إسرائيل دولة قانون، وتَصُبُّ أفعالها على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية في مصلحة العالم الحر والولايات المتحدة، وتخلق فرصة لمستقبل أفضل للشرق الأوسط وسط مأساة الحرب التي بدأتها حماس، وفق موقع شبكة " سي إن إن " بتاريخ الثامن من أيار/مايو 2024، أدّى الدّعم الأمريكي المُطْلق للكيان الصهيوني إلى امتناع الأمريكيين العرب من التصويت لصالح ممثلي الحزب الدّيمقراطي، وإلى اندلاع الإحتجاجات أمام السفارات الأميركية في بلدان عربية وأجنبية وأخرى ذات أغلبية مسلمة مثل إندونيسيا، "ثالث أكبر دولة ديمقراطية في العالم"، وفق موقع صحيفة واشنطن بوست بتاريخ 30 أيار/مايو 2024، صرّح مدير مركز السياسة الدولية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن: "تستعين وزارة الخارجية بمجموعة كاملة من المحامين المتميزين الذين يتقاضون رواتب عالية للتحايل على القوانين الأمريكية والدّولية، ويجدون الفتاوى التي تُبَرِّرُ ممارسات الولايات المتحدة والكيان الصّهيوني..." وصرّح الدبلوماسي بوزارة الخارجية الأمريكية آرون ميلر: " إن السياسة الأميركية تتجاهل القانون الدولي عندما يكون غير ملائم وتلتزم به عندما يكون ملائما... ولا تمارس الولايات المتحدة ضغوطا جِدِّيَّة ولا تفرض أي قُيُود حقيقية على استخدام الأسلحة الأمريكية من قِبَلِ أي من حلفائها وشركائها، وليس فقط إسرائيل..." وكرّرت نانسي بيلوسي ( الرئيسة السابقة لمجلس النواب – من الحزب الدّيمقراطي )، عدّة مرات بين 2018 و 2024، ما مفاده "إن تسليم الأسلحة الأمريكية يضمن أمن وسلامة إسرائيل، ولا يُعتبر ذلك مُساعدة بل تعاونًا مُفيدًا للطَّرَفَيْن..." تُفسِّر هذه التّصريحات رَفْضَ الحكومة الأمريكية، وخصوصًا وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي - الذي أصبح يُسيِّرُ السياسة الخارجية الأمريكية - مهما كان الحزب الحاكم، أيّ اعْتِرَافٍ بأي حُكم قضائي أو إدانة أو حتى انتقاد الكيان الصهيوني، ولو كانت النتائج كارثية بالنسبة لسُمْعة الولايات المتحدة لدى الشعوب العربية والإسلامية، وفق موقع "بروبابليكا" بتاريخ الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر 2024، اتخذت الولايات المتحدة – باسم الدّفاع عن الدّيمقراطية وعن حقوق الإنسان" إجراءات في جميع أنحاء العالم في أمريكا الجنوبية ومنطقة المحيط الهادئ وأماكن أخرى، ولكنها لم تتخذ مطلقا أي إجراء يستهدف ممارسات الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين وضدّ الشعوب العربية، رغم الأدلة الكثيرة والمُوثَّقَة المقدمة إلى وزارة الخارجية من قِبَل السّفارات والمُوظّفين، لأن الكيان الصّهيوني وكيل يقوم بمهمة وظيفِيّة تُفيد الإمبريالية الأمريكية التي لا مصلحة لها في نقد الكيان الصهيوني أو فَرْضِ حَظْرٍ يتضَمَّنُ قَطْع إمدادات الأسلحة الأمريكية وفق موقع "واشنطن بوست" بتاريخ الثلاثين من تشرين الأول/اكتوبر 2024... مجتمع مًسْتَعْمِرِين لا يوجد سوى عدد قليل جدًّا من "الإسرائيليين اليهود" الذين يُعارضون أُسُس دولة الكيان، وقد لا يتجاوز عددهم عشرين شخصًا اضطر معظمهم إلى الرّحيل مثل المحامية اليهودية الوحيدة التي كانت تقبل الدّفاع عن الفدائيين الفلسطينيين فليتسيا لانغر ( 1930 - 2018 ) أو المؤلفة والفنانة والمخرجة أرييلا أزولاي التي كانت ضحية اضطهاد سياسي دفعها إلى مغادرة فلسطين المحتلة مع زوجها آدي أوفير أستاذ محاضر بجامعة تل أبيب الذي قال: إن الولايات المتحدة مكان رهيب ولكن عندما تعارض النظام فأنت لست وحدك.. أنت جزء من كتلة كبيرة ونشطة ومبدعة.. يمكنني التحدث عن ذلك مع الطلاب بحرية مطلقة، بينما كنُتُ أُعتَبَرُ جِسْمًا غريبًا عندما أتحدث عن السياسة في الجامعة الإسرائيلية"، فيما كانت زوجته أرييلا أزولاي أكثرَ وُضُوحًا، وقالت إنها تؤيد حركة المقاطعة ولا تريد إجراء مقابلة مع صحيفة صهيونية، ورفضت تعريف نفسها بصفة "إسرائيلية"، ومن بين من هاجروا نهائيا إلى أوروبا أو أمريكا الشمالية: المناضلة العمالية الشيوعية ميشيل شفارتز، والسينمائي إيال شيفان، والمؤرخة والناقدة إيلاّ شوحاط، والمؤرخ والأكاديمي إيلان بابيه، لكن بعض هؤلاء هاجر بسبب مناخ الإختناق، وليس بالضرورة دعمًا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره... بقي في فلسطين المحتلة بعض الكتاب والصحافيين الذين ينقدون بعض مظاهر القمع ( وهم ليسوا بالضّرورة مُساندين للشعب الفلسطيني) ومن بينهم الكاتب ألون مزرحي ( وهو وفق اللقب يهودي عربي أو "شَرْقِي"، وليس من الأشكناز الأوروبيين) الذي كتب على حسابه في "إكس" (تويتر سابقاً ) مقالا عن وقف إطلاق النار المقترح في غزة، ينقد من خلاله دَوْر الولايات المتحدة وينقد كذلك الطّبيعة الإستعمارية للدّولة التي يحمل جنسيتها، واعتبر إن إمكانية التوصل إلى اتفاقيات وتفاهمات مُنعدمة في الوقت الحالي، و"تهدف الولايات المتحدة وإسرائيل إلى شل حركة المقاومة، وإلى الاستعداد إلى المرحلة التالية من العدوان الذي سيكون أكثر عنفا" مع فترة رئاسة دونالد ترامب التي تستعدّ لمحاولة القضاء النهائي على حزب الله وزعزعة استقرار الأردن واستخدامه كوجهة للفلسطينيين الذين يراد طردهم من الضفة الغربية، وزعزعة استقرار مصر والإستيلاء على شبه جزيرة سيناء بذريعة مكافحة الإرهاب، ويعتقد الكاتب "إن الولايات المتحدة خسرت الحرب في أوكرانيا وفي تايوان، ولذلك يُصبح الكيان الصهيوني – بعد تغيير نظام الحكم في سوريا وإرهاق المقاومة في فلسطين ولبنان – أهم وكيل "للمشروع الاستعماري العنصري الأبيض الذي يهدف إعادة تنظيم الشّرق الأوسط، استعداداً لقرن جديد من الهيمنة المسيحية/اليهودية المُطلقة"، والذي يتطلبُ نجاحه إذلال وقتل الشعوب العربية والسوداء والآسيوية، ولذلك يعتقد الكاتب "ألون مزرحي" إن كل الدّلائل تُشير إن الولايات المتحدة تدفع حلفاءها ( حلف شمال الأطلسي أساسًا) إلى مواجهة عالمية، ولن يتم التوصل إلى أي اتفاق في فلسطين، في غزة أو الضّفّة الغربية، ولا توجد أيه مؤشرات على عقد "تسوية أو سلام" بل تُشير كل الدّلائل إن الكيان الصهيوني يُمارس الخداع والتضليل، بدعم من أمريكا الشمالية وأوروبا حتى يتمكّن من إفراغ قطاع غزة من الفلسطينيين، ثم الضفة الغربية، ثم كل فلسطين ما قبل سنة 1948... بعض خصائص الفترة الحالية جَرَتْ مفاوضات غير مباشرة بين المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال بإشراف الولايات المتحدة ( بمساعدة قطر ومصر ) في ظرف اتّسم بانخرام موازين القوى لصالح العدو الإمبريالي- الصّهيوني الذي لا يزال يقصف لبنان بعد أكثر من شهر من وقف إطلاق النّار، في ظل عدم قُدْرة المقاومة اللبنانية على الرّدّ، وخروجها من الجبهة، وفي ظل تغيير النظام في سوريا وخروجها كذلك من الجبهة، وتيسّرت بذلك عملية خرق الدّستور اللبناني وتهميش حركة أمل وحزب الله، وتعيين الجنرال جوزيف عون في منصب الرّئاسة وتعيين رئيس حكومة في وقت قياسي... لم يتمكّن العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه المتمثلة في القضاء على المقاومة في فلسطين ولبنان لكنه تمكّن من إنهاكها ومن تحقيق بعض الإنتصارات، من بينها الإنضمام الصّريح لقوات دايتون في الضفة الغربية ( قوى أمن سلطة أوسلو) إلى الإستخبارات والجيش الصهيوني، والإستمرار في قصف لبنان ( رغم اتفاق وقف إطلاق النار )، واحتلال أجزاء من سوريا بتواطؤ من تركيا الأطلسية وقَطَر، وتنصيب حكومة عميلة – بسرعة قياسية – في لبنان، بتوطؤ مَصْري وسعودي وإماراتي... على المُستوى الدّولي، يتظاهر زعماء العالم بالدفاع عن العدالة والسلام وعن "حلّ الدّوْلَتَيْن" – وهو وَهْمٌ لن يتحقق رغم الظُّلم والحَيْف الذي يتضمّنه هذا الحل غير العادل – وينفقون المليارات على التّسلُّح والحروب العُدْوانية والتّسلُّح بدلَ إنفاقها على تخفيف حدّة الفقر والتّشرّد والجوع وعلى الخدمات الإجتماعية والرّعاية الصّحّية والتّعليم ومُقاومة الإحتباس الحراري والجفاف والأمراض والأوبئة، ويرفُضُ هؤلاء الزّعماء تطبيق قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدّولية والمحكمة الجنائية بشأن الصّهاينة، منذ تأسيس الكيان الصهيوني الذي كان الإعتراف به مَشْرُوطًا باحترام قرار التقسيم وبعودة اللاجئين وتعويضهم عن الخسائر والمُعاناة، وتحْمِي الدّول الإمبريالية رئيس حكومة العدو وَوُزَرَاءَهُ وأكثر من خمسين من ضُبّاط الجيش والجنود الصهاينة من مُذكّرات الإعتقال في بلدان عديدة، منها بلجيكا والسويد وجنوب إفريقيا وسريلانكا وغيرها، بسبب ضلوعهم في تخطيط وتنفيذ وتبرير مجازر الإبادة في غزّة، وفق هيئة الإذاعة الرسمية الصهيونية (كان)، فيما نَشَرت المجلة الطّبّيّة البريطانية "لانسيت" مُؤخّرًا تقريرًا يُشير إن عدد ضحايا العدوان الصهيوني في غزة، خلال تسعة أشهر، بين تشرين الأول/اكتوبر 2023 وحزيران/يونيو 2024، لا يقل عن 64260 فلسطينيّا... تندرج قرارات اعتقال مجرمي الحرب الصهاينة ومحاكمتهم ضمن ضرورة مُساءلة مُصَمِّمِي ومُنَفِّذِي جرائم الحرب والإبادة الجماعية المتكررة ضد الفلسطينيين، وانتهاكات حقوق الإنسان، ولذلك تُدْرك الحكومة والصهيونية والدّوَل والمنظمات والهيئات التي تدعمُها إن المسألة تتجاوز الأفراد وتتعلق بانتهاء الحقبة التي كانت تهمة "مُعاداة السّامية" تُلْصَقُ بأي ناقد لممارسات الكيان الصّهيوني، وتتعلق بنهاية حقبة "إسرائيل دولة فوق القانون"، رغم الأدلّة المُوثَّقَة عن جرائم الحرب، ومن ضمنها ما ينشره الجنود الصهاينة من اعتداد بالنّفس من خلال وثائق وصُوَر على وسائل شبكات التّواصل الإجتماعي، لأنهم مُقتنعون بالإفلات من العقاب أو المُسَاءَلَة عن تعذيب وإساءة معاملة الفلسطينيين، لكن "تجري الرّياح بما لا تشتهي السُّفُنُ"، إذْ تم اعتماد هذه الصور ومقاطع الفيديو ومختلف الوثائق كأدِلّة للتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية من قبل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدّولية... بعد قرابة ستة عشر شهرًا من العدوان، وسقوط حوالي خمسين ألف شهيد وشهيدة ( قدّرت مجلة "لانسيت" الطّبّيّة البريطانية العدد الفعلي بحوالي مائة ألف )، تم الإعلان عن توقيع اتفاق "التّهدئة المُستدامة" ( Sustainable Calm ) في قطاع غزة، فيما يواصل العدو الصّهيوني انتهاك وقف إطلاق النار في لبنان ويواصل احتلال مصادر المياه والأراضي في سوريا، بدعم مُطلق من الإمبريالية الأمريكية والأوروبية ( بريطانيا وألمانيا وفرنسا بشكل خاص ) التي تواصل قصف اليمن ( أمريكا وبريطانيا )، ولولا صمود المقاومة في غزة ولبنان واليمن، لما تم التّوصّل إلى هذا الإتفاق الذي يبدو غامضًا ( حُرِّرَ باللغة الإنغليزية) وهو اتفاق يُحرّر بعض مئات الأَسْرى ( على أن لا يعتقلهم العدو بعد تحريرهم بفترة قصيرة أو طويلة ) وقد ينتهكه العدو في أي وقت، كما فعل في لبنان، ويُتوقّع أن يستغل العدو هذا الهدوء على جبهة غزة لتكثيف العدوان على سوريا وفلسطينيي الضّفّة الغربية، كخطوة نحو دولة صهيونية من النيل إلى الفُرات، ولمزيد من تفتيت سوريا والعراق بدعم أمريكي وصهيوني لمليشيات الأكراد، وفق تصريحات وزير الخارجية الصهيوني يوم العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2024، كما قد تستغل تركيا الوضع في سوريا للتّوسُّع في سوريا والعراق، وتستغل الولايات المتحدة هذه "الهدنة" لتشديد الحصار على إيران ولتكثيف الحرب الإقتصادية ضد الصّين. أما المقاومة اليمنية فقد تضع حدًّا لهجماتها على مصالح وموانئ العدو – بفعل الهدنة أو "التّهدئة" – لتعود الحركة التجارية وحركة الشّحن إلى ما قبل العدوان في البحر الأحمر وموانئ فلسطين المحتلة... وجب التّنويه بالصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية طيلة أكثر من 15 شهرًا في منطقة مُحاصَرة منذ قرابة 18 سنة، ضد العدو الصهيوني والإمبريالية التي دعمت – بالمال والسلاح والإعلام - الإبادة والتّجويع وتدمير كافة مُقوّمات الحياة، لكن اليقظة مطلوبة بل ضرورية، لأن وسائل الإعلام الصهيونية تتحدّث عن "الوقف الدّائم للعمليات العسكرية والعدائية" أي امتناع المقاومة عن إعادة تنظيم صفوفها وإعادة التسليح بينما يُعيد الجيش الصهيوني تنظيم صفوفه والإستعداد لعدوان أشْمَلَ كما بيَّنت كل التّجارب السّابقة، لأن الولايات المتحدة وأوروبا تدعم العدو وتُسلّحه وتتفق مع تأويله لمضمون الإتفاق الذي اقتصر دور الحُكّام المُطبّعين العرب ( في قطَر ومصر ) على الوَساطة السّلْبية، طمعًا في دَوْرٍ ثانوي لإدارة قطاع غزة، بدلا من حماس، كأحد شروط إعادة الإعمار... بينت هذه الفترة من تشرين الأول/اكتوبر 2023 إلى كانون الثاني/يناير 2024، إن العدو الصهيوني جزء من الإمبريالية التي تدعمه بشكل مُطْلق، وإن المُقاومة قادرة على الصّمود، رغم اختلال ميزان القوى، لو توفّر لها الحدّ الأدنى من مُقومات الصّمود، وأكدت هذه الفترة ضرورة حل الجامعة العربية التي دعمت احتلال العراق والعدوان على العديد من البلدان والشعوب العربية، وأظهرت إن الأنظمة العربية ( أو معظمها ) عميلة وتابعة ولا تتردّد في تقييد حركة الجماهير العربية ومنعها من التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني... لم تكن الحرب بين "حماس وإسرائيل" كما يدّعي الإعلام الإمبريالي والعربي الرّجعي، بل كان عدوانًا وإبادة ينفّذها الجيش الصّهيوني ضدّ الفلسطينيين المُحاصَرين في غزة منذ 18 سنة، بدعم وتسليح وتمويل من دُوَيْلات الخليج والدّول الإمبريالية وإعلامها واستخباراتها وأساطيلها، فضلاً عن الحصار المالي والإقتصادي والغذائي والطّبِّي وفَرْض العقوبات والتّجويع، كجزء من مشروع "الشرق الأوسط الجديد" (أو الكبير الذي يمتد من أفغانستان إلى سواحل موريتانيا والمغرب)، بتواطؤ من أنظمة الدّول العربية وذات الأغلبية المُسلمة، ورغم هذا التّحشيد العسكري والسياسي والإعلامي تمكّنت المُقاومة اللبنانية من قصف المواقع العسكرية الصهيونية في تل أبيب وحيفا، ومن مَنْع الجيش الصّهيوني من احتلال جنوب لبنان، رغم الخسائر التي تكبّدها حزب الله، وتمكّنت المقاومة اليمنية من فرض حصار اقتصادي بحري على ميناء ام الرشراش ( إيلات)، وتحدّي الأسطول الأمريكي والبريطاني، وأدّت المُقاومة وإعلامها إلى إبلاغ صوت الشعب الفلسطيني ووجهة نظر المقاومة التي بلغت أصداؤها النقابات والجامعات والحركات الشعبية الأمريكية والأوروبية التي كانت تندّد بجرائم الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، وتُطالب بمساءلة ومحاسبة قادة الجيش والحكومة الصهيونية، وأدّى نشر الوثائق عن الإبادة إلى إدانة الكيان الصهيوني من قِبَل محكمة العدل الدولية، بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وهذه نقطة إيجابية يمكن البناء عليها لتوسيع نطاق الشبكات المناهضة للإمبريالية والدّاعية إلى مُقاطعة الكيان الصهيوني ومُحاسبة قادته وقادة الدّول الإمبريالية. أما المقاومة المُباشرة وتحرير فلسطين فهي من مسؤوليات الشعب الفلسطيني أولاً والشعوب العربية ثانيا والقوى الثورية والتّقدّمية العالمية ثالثًا... من جهتنا كعرب أو فلسطينيين أو كشعوب مُضْطَهَدَة، نُعوّل على إرادة الشعوب لإفشال هذه المخطّطات كخطوة نحو التّحرير والنّصر، في فلسطين والوطن العربي والعالم، رغم الظّرُوف الحالية العسيرة... في الجانب الفلسطيني، تَبيّن – لمن لم يقتنع بَعْدُ – إن أي مفاوضات وأي حلول سِلْمية وأي تقاسم للأرض/الوطن مع المُستوطنين ( ما سُمِّيَ "حلّ الدَّوْلَتَيْن" )، هي أوهام وأضغاث أحلام، والمطلوب ليس "المُصالحة الوطنية" بشكل فضفاض ( المصالحة مع عُملاء الإحتلال في "المُقاطعة"؟)، بل اتفاق قوى المقاومة - في كافة مناطق فلسطين وفي مخيمات اللُّجوء والشّتات - على برنامج تحرير وطني لكافة الأراضي الفلسطينية وعودة اللاجئين وأبنائهم وأحفادهم إلى وطنهم... نُعيد التّذكير إن عمليات المقاومة تجعل المُستعمرات الإستيطانية غير آمنة، مما يُوقف الإستثمار في منطقة "غير آمنة"، ويحدّ من الهجرة إلى فلسطين ويزيد من مُغادرة المستوطنين... ملاحظة: تَعَمّدت الإستشهاد بمصادر أمريكية في مُعظَمِها لإظْهار المُشاركة الأمريكية في عمليات التّخطيط والإعداد والتّنفيذ والتّبْرِير لعمليات الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني والشعوب العربية، مما يجعل الإمبريالية الأمريكية ( والأوروبية وغيرها ) عَدُوًّا رئيسيًّا لنا وللشعوب المُضْطَهَدَة.
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّابع بعد المائة، بتاريخ الث
...
-
عَسْكَرَة الدّبلوماسية الأمريكية
-
الذّكرى السنوية العاشرة لوفاة الكاتب الإشتراكي مايك ماركوسي
-
التمويل الأمريكي بَوّابة الإنقلابات -الخشنة- أو -النّاعمة-
-
متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّادس بعد المائة، بتاريخ الح
...
-
نماذج من الخلاف بين تَقَدُّمِيِّي -المركز- و -المُحيط-
-
بَعْضُ تداعيات انهيار النظام في سوريا
-
صناعة الرّقائق والحرب التكنولوجية والإيديولوجية
-
متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الخامس بعد المائة، بتاريخ الرا
...
-
اليمن في مُخطّط -الشّرق الأوسط الكبير-
-
أوروبا- زيادة الإنفاق العسكري وتمويل احتلال فلسطين
-
متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الرَّابَع بعد المائة، بتاريخ ا
...
-
سوريا في خِضَمّ الصّراعات الدّولية *
-
قناة بَنَما نموذج من -الإستعمار الجديد-
-
ألمانيا مِرْآة لوضع الإتحاد الأوروبي
-
متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثالث بعد المائة، بتاريخ الوا
...
-
سوريا ضمن مًخَطّط -الفَوْضى الخَلاَّقَة- أو -الشرق الأوسط ال
...
-
تونس 17 كانون الأول/ديسمبر 2010 – 2024
-
سوريا - من الأهداف الخَفِيّة للولايات المتحدة
-
متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثاني بعد المائة، بتاريخ الرّ
...
المزيد.....
-
مصادر لـCNN: ترامب يعتزم العفو عن المدانين بجرائم غير عنيفة
...
-
نيبينزيا: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة خطوة نحو سلام مستدام
...
-
فتحي غراس…حكم بالسجن للمعارض الجزائري وزوجته مسعودة شبالة
-
ترامب يُعيد تيك توك إلى الحياة في أمريكا مؤقتًا رغم تأييده ل
...
-
كيف سيضع ترامب حدا للحروب في العالم؟
-
ترامب يصبح الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة الأمريكية.. 4 سنوا
...
-
مفاجآت ترامب في خطاب التنصيب
-
-سترحلون ونحن سنبقى-.. اتفاق وقف النار بغزة وصور الهزيمة وال
...
-
موقع البيت الأبيض يعلن -عودة أمريكا- بعد أداء ترامب يمين تنص
...
-
خلال خطاب تنصيبه.. ترامب ينتقد بايدن بينما كان يقف وراءه
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|