أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - رحلة في ذاكرة المدينة














المزيد.....

رحلة في ذاكرة المدينة


صباح بشير
أديبة وناقدة

(Sabah Basheer)


الحوار المتمدن-العدد: 8228 - 2025 / 1 / 20 - 12:01
المحور: الادب والفن
    


في عكّا القديمة، حيث يمتزج عبق التاريخ بحيويّة الحاضر، وتتداخل روائح الماضي بأنفاس اللّحظة الراهنة، قضيت مع أصدقائي - فؤاد وسوزي نقّارة، نايف خوري، كميل مويس، وسلمى داوود - يوما لطيفا، انسابت فيه أحاديثنا كجدول عذب بين جنبات المدينة العتيقة.
بدأنا يومنا بتناول الفطور، ثم انطلقنا نحو السّوق القديم وأزقّته العتيقة، تلك الّتي تروي حكايات الأجداد وأسرار الماضي.
هناك في تلك الأجواء، غمرتنا اللّحظات الهادئة مع فنجان القهوة العربيّة، واستمتعنا بحلاوة الكنافة ومذاق الحلويات التي أضفت على جولتنا مسحة من البهجة، فغدت أزقّتها أجمل، وتضوّعت أجواؤها بأريج السّكر والهيل والقرفة، ورائحة البخور المنبعثة من دكاكين العطارة، التي أضفت على الأجواء سحرا شرقيّا آسرا، وأعادت إلى الذّاكرة حكايات ألف ليلة وليلة.
وخلال تجوالنا بين أروقة السّوق العتيق، رافقتنا أحاديث ثقافيّة متنوّعة، وكان لنا في ابن عكّا الجميلة، الصّديق فؤاد نقّارة، دليلا خبيرا بأسرارها وتاريخها، أخذ يطلعنا على كلّ معلم من معالمها، ويروي لنا حكاياته وقصصه بكلّ شغف ومحبّة، كاشفا لنا عن كنوز من الثّقافة الّتي تختبئ بين أحجارها العريقة.
في السّوق القديم، سحرني عبق الأصالة المنبعث من دكاكينه العتيقة، فكلّ زاوية تروي حكاية، وكلّ حجر ينطق بلسان الماضي، أمّا البضائع الشعبيّة المختلفة، والمعروضات التقليديّة والأعمال اليدويّة، فتزاحمت أمام ناظريّ، وأيقظت في نفسي حنينا جارفا إلى سوق البلدة القديمة في مدينة القدس، مدينتي الحبيبة ومسقط رأسي، تذكّرت أسواقها بأزقّتها المتشابكة، ودكاكينها المتراصّة، حيث تجاور الأواني الخزفيّة المزخرفة بأشكالها البديعة تحفا نادرة عريقة، تقاوم الحداثة وعاديات الزّمن بصمودها وثباتها، تذكرت باعة ينادون على بضائعهم بأصوات جهوريّة، تضفي على المكان حيويّة وصخبا.
وجدت في سوق عكّا القديم ذات الطّابع الأصيل، فأسواقنا الشعبيّة، وإن اختلفت المدن الّتي تحتضنها، تظلّ شاهدة على هويّتنا وثقافتنا، وحارسة لتراثنا العريق، العصيّ على المحو أو الإلغاء، المتجذّر في أعماق الأرض؛ كشجرة الزّيتون المعمّرة، تزهر انتماء وإبداعا جيلا بعد جيل.
خلال سيرنا إلتقينا مصادفة بالصّديقين فؤاد وجاكلين أبو خضرة، تبادلنا معهما أطراف الحديث في لقاء خاطف، وخلّدنا تلك اللّحظة ببعض الصّور التّذكاريّة، قبل أن يغادرا مسرعين.
لم تخلُ جولتنا من عبق البحر المنعش، فقد مررنا بمحلات بيع الأسماك، الّتي تعرض أنواعا مختلفة من خيرات البحر الوفير، فازدانت جوانب الطّريق بأنواعها وألوانها وأشكالها، ولأنّ من يرافقنا هو الصيّاد البارع فؤاد نقّارة، صاحب كتاب "صيّاد.. سمكة وصنّارة"، الخبير بأسرار البحر وخفاياه، فقد راح يطلعنا ويعرّفنا على أنواع الأسماك المختلفة الّتي شاهدناها، بأسمائها ومذاقها وفوائدها، أخذ يشاركنا معلومات ثريّة عنها وعن عالمها الغامض، حتّى غدونا ندرك جمال هذا العالم الخفيّ، ونشعر بعظمة تكوينه.
بعد ذلك اتّجهنا إلى المعرض الفنّيّ للفنّان وليد قشّاش، (Ashash Gallery) لنغوص في عالمه الإبداعيّ الرّائع، حيث استقبلنا هو ورفيقة دربه السيّدة منى بترحاب كبير، وبكرم ضيافة وألفة.
تجوّلنا في أرجاء المعرض، نتأمّل إبداعاته، نستمع إلى شرحه المشوّق عن مسيرته الفنّيّة، والمصادر الّتي يستلهم منها أفكاره، والتقنيّات الّتي يوظّفها في أعماله، وكأنّما تلك الزّيارة كانت نفحة من الإلهام والجمال، أضافت إلى يومنا لمسة راقية.
في ختام جولتنا، ودّعنا عكّا بقبلة أخيرة على شاطئها الجميل، حيث نسيم البحر المنعش، ثمّ انطلقنا عائدين إلى مدينة حيفا، وقد ملأت قلوبنا بهجة المشاهد والذّكرى الطيّبة.



#صباح_بشير (هاشتاغ)       Sabah_Basheer#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -راحوا وما عادوا-، رحلة في ذاكرة الأحبّة للدّكتور نبيه القاس ...
- الاحتفاءً برواية -فرصة ثانية- للأديبة صباح بشير في نادي حيفا ...
- قراءة في المجموعة القصصيّة -لماذا فعلت ذلك يا صديقي؟- للدّكت ...
- التّراث الفكريّ في رواية -حيوات سحيقة- للرّوائي الأردنيّ يحي ...
- إصدار جديد للأديبة صباح بشير: -طريق الأمل- قصّة تبعث الأمل ف ...
- في متاهات الذّاكرة.. قراءة في رواية -ممرّات هشّة- للأديب د. ...
- كتاب -صيّاد، سمكة وصنّارة-
- -أرملة من الجليل-، سيرة ذاتيّة تتحدّى النّسيان وتحتفي بالحيا ...
- صدور رواية -فرصة ثانية- للأديبة صباح بشير
- نادي حيفا الثّقافيّ يحتفي بالأديبة صباح بشير وإصدارها الجديد ...
- رواية -دروب العتمة-.. رحلة في دهاليز الذّاكرة
- تطوّر الفنّ الرّوائيّ والقصصيّ عند حنان الشّيخ (1970-2005) د ...
- محمود شقير، مسيرة أدبيّة تُوِّجت بجائزة فلسطين العالميّة للآ ...
- -حيفا النّائمة-، نشيد لمدينة حالمة
- -على باب الكريم-، قصّة ملهمة عن الصّبر والقوّة والأمل
- رحلة في عباب الإبداع
- -أقنعة الرّهبة والصّمت-، قصيدة تجسّد قسوة الواقع
- ثقافة القراءة في عالمِنا العربيّ
- كتاب -كوكتيل ثقافيّ-، جولة في جنبات الأدب والثّقافة.
- -شذرات نقديّة- إصدار جديد للكاتبة والنّاقدة صباح بشير


المزيد.....




- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - رحلة في ذاكرة المدينة