مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 8227 - 2025 / 1 / 19 - 18:08
المحور:
الادب والفن
جلس كمال على طاولة في الزاوية. كان ضوء الشموع الخافت ينعكس بلطف على كأس الجعة التي أمامه. وكانت أصوات الموسيقى تعلو من المسرح القريب، حيث فرقة موسيقية تعزف ألحانًا صاخبة، وراقصة تدور بخفة على الركح وسط تصفيق الزبائن.
نظر إلى الساعة بقلق. الثامنة ليلا. هدى تأخرت. كانت قد وعدته بأن تأتي لتسهر معه الليلة. مرّر يده على كأسه وأخذ رشفة، ثم غرق في أفكاره. تذكر لقاءهما الأول، ثم اللقاءات الموالية، وكم كانت تلك الليالي مليئة بالضحك والأحاديث التي لا تنتهي. لكنه شعر اليوم بشيء مختلف، كأن بينهما فجوة لا يستطيع تحديدها.
فجأة، توقفت الموسيقى بشكل مفاجئ، وعمّ الضجيج المكان. التفت كمال نحو الركح ليرى الراقصة مغشيًا عليها على الأرض. اندفع أعضاء الفرقة لمساعدتها، وعلت الأصوات بين الزبائن متسائلة بقلق. بعضهم قام بتصوير المشهد، وآخرون اقتربوا من الركح ليعرفوا ما يحدث.
وسط هذا الصخب، اهتز هاتف كمال. أخرجه من جيبه فوجد رسالة من هدى: "آسفة يا كمال، لن أستطيع المجيء الليلة. أشعر بتعب شديد وأحتاج للراحة. أتمنى ألا تنزعج."
قرأ الرسالة عدة مرات، ثم وضع الهاتف على الطاولة. شعر بخيبة أمل، لكنه حاول أن يتماسك. رفع كأسه وأخذ رشفة طويلة، ثم نظر إلى المسرح حيث بدأت الفوضى تهدأ شيئًا فشيئًا.
فكر في الرسالة، في هدى، وفي هذه الليلة التي أخذت منحى لم يكن يتوقعه. قرر في النهاية أن يبقى قليلًا وينهي كأسه ثم يعود إلى المنزل حيث الهدوء أكثر رحمة من صخب هذا المكان.
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟