|
دروس -الطوفان- وارتداداته(3) انكشاف -الدولة- العربية
إياد البرغوثي
الحوار المتمدن-العدد: 8226 - 2025 / 1 / 18 - 19:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أظهرت نتائج "الطوفان" هشاشة "الدولة" العربية وخواءها ( لم يكن الأمر كذلك بالنسبة لحركات المقاومة ). لذلك كان سؤال "الدولة" أحد أهم الأسئلة التي أبرزها ذلك الحدث الكبير، إذ لم يعد ممكنا تجاهل "الاغتراب" والغياب الكلي عن المشهد الذي مارسته الدولة إزاء ما جرى ويجري في هذا السياق. وفي الحالات النادرة التي تفاعلت فيها الدولة مع الحدث ولم يكن اغترابها كليا، كان ذلك غريبا بل ربما مريبا ايضا سواء وقفت الى جانب فلسطين، أو لعبت دور الوسيط، أو اصطفت بوضوح الى جانب اسرائيل، وهي الأدوار التي مارستها دولة عربية "قررت" أن تكون "نشطة" في هذا المجال. بدت الدولة العربية المعاصرة بفضل "الطوفان" في وضع بلغ الحد الأقصى من انكشافه، فبرز سؤالها اكثر الحاحا فهي على ما يبدو حجر الزاوية في المشهد كله، وبات على العقل أن يكون أكثر جرأة وأوسع مدى في الذهاب الى التمعن في كنه ذلك وجوهره، منذ ميلاد تلك الدولة، مرورا باستعمارها ثم "استقلالها" وشكل تطورها اللاحق. ما هو في صالح الباحث اليوم في موضوع الدولة العربية المعاصرة، أن مصادره لا تنحصر في تلك المراجع التاريخية المكتوبة منها أو الشفوية فقط، فهو شاهد حي على ميلاد دول أو ما شابه، تشكل نموذجا لدراسة الحالة التي يجوز تعميمها ربما بأدق التفاصيل. بعكس منطق الأشياء، لم تنشأ الدولة العربية المعاصرة وبعد ذلك جرى استعمارها، بل جرى استعمارها ثم تم بعد ذلك انشاؤها، قد يبدو ذلك غريبا لكنه ما حصل. يجري الحديث هنا عن تلك الدولة العربية التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى نتيجة هزيمة الامبراطورية العثمانية، حيث كان الامبرياليون المنتصرون يؤسسون "دولة" مع كل "قصاصة" يمزقونها من "صفحة" تلك الإمبراطورية. هذا ليس موقفا من العثمانيين لكنه وصف لما جرى، لكن الأهم هنا ادراك أن الدول الغربية المنتصرة في تلك الحرب، وهي تقوم بإنشاء الدولة العربية لم تكن تقوم بتفكيك الامبراطورية العثمانية فقط، بل الى جانب ذلك تقوم بتفكيك "الأمة"، إسلامية كانت أم عربية لا يهم، فالتفكيك كان يجري على كل ما يربط هذا "الجمع من البشر" الموجودين بين الخليج العربي والمحيط الأطلسي... اقول ذلك حتى "افك الاشتباك" مع من "ينتظر" للخوض في دقة استخدامنا لتعبير "الامة"، فجوهر الأمر يكمن في التفكيك وليس في هوية من تم تفكيكه. إذاً لم يكن انشاء الدولة العربية المعاصرة في تلك الفترة ضمن سياق صحي، ولا نتيجةً لتفاعلات ذاتية، بحيث تنبثق الدولة عن الأمة، بل جرى "خلق" تلك الدولة في إطار تمزيق الأمة وتفكيكها، بغرض ضمان عدم إعادة تشكلها والهيمنة عليها، وفي نفس هذا السياق ولنفس الأهداف، تم العمل على إنشاء دولة إسرائيل. الصورة واضحة هنا ولا تحتاج لكثير من التأمل، فالسياق الذي نشأت فيه الدولة العربية المعاصرة هو نفسه الذي نشأت في اطاره دولة اسرائيل. ربما من الظلم "الأكاديمي" أن تتم إحالة العلاقة بين الدولة العربية وإسرائيل الى سياق نشأة كل منها فقط، لكن تجاهل ذلك السياق لا يقل ظلما. لم تكن الدولة العربية الناشئة "طبيعية" كغيرها من الدول، من حيث وجود شعب محدد يعيش في جغرافيا محددة لمدة من الزمن، كافية لبلورة علاقات بينه وبين نُخَبِه تُنتج عِقدا اجتماعيا بين "سلطة" وشعب على شكل دولة، بل كانت تلك الدولة نتيجة عقد خدماتي أمني بين بعض النخب والمستعمر، لم يكن الشعب طرفا فيه بأي شكل من الأشكال. على هذا الأساس نشأت العلاقة بين الدولة والمستعمر في الوطن العربي، وعليه ايضا نشأت العلاقة بينها وبين "شعبها". هذه الدولة لا تشعر بالحرج ولا ترى نفسها مضطرة لذلك حيال علاقتها بالمستعمر، فهي "ابنته" بمعنى من المعاني. والشعب ليس طرفا في المعادلة وبالتالي هو لا يُرى إلا بالقدر الذي يتطلبه سياق العلاقة مع ذلك المستعمر. بالتأكيد هناك من لا تروق له هذه العلاقات بين الدولة والمستعمر وبينها وبين شعبها، وهناك ايضا كثيرون ممن يدعون لتغيير هذه العلاقة بل ويعملون على ذلك، لكن وجود من "يستهجن" هذه العلاقة ويستغربها إنما يدل على عدم دراية بالتاريخ القريب وتشابكاته، وهو مشكلة من يرى ذلك وليس مشكلة الدولة بأي حال من الأحوال. ضمن هذا السياق نستطيع فهم "استقلال" الدولة بشكل أقرب الى الواقع منه الى الأمنيات، فالدولة التي نشأت بفعل المستعمر ورعايته بفصلها (سلخها) عن الأمة، يكون استقلالها بنجاح ذلك الفصل وفك ارتباطها بالأمة وليس بخروجها عن المستعمر وفك ارتباطها به كما فهمت "العامة"، لذلك فإن الاعتزاز "الحقيقي" للدولة باستقلالها هو عمليا ما يبقيها منفصلة عن الأمة، ويُبقي الأمة منقسمة وتابعة، وبالتالي فإن الذي يهدد استقلال الدولة ويعتبر عدوها الحقيقي في واقع الأمر ليس الاستعمار بل الأمة التي تشكل الخطر الوحيد على الدولة. ربما يفسر ذلك هذا التشدد الذي يبدو للوهلة الأولى غير منطقي في موضوع تأشيرات الدخول للمواطن العربي الى دولة عربية أخرى، ولكن عندما "تفهم" تخوفات تلك الدولة ومصادر تهديدها تعود لتدرك كم هو "منطقي" ذلك التشدد. هذا يفسر ايضا المعنى الخاص للسيادة عند الدولة العربية، فسيادتها لا تتعلق بتدخل المستعمر في قراراتها بل بتدخل "اشقائها"، لأنها تفهم أن التهديد "الوحيد" لوجودها يأتي ممن يدعوها للتقارب مع الأشقاء، حيث يشكل ذلك مدخلا للدعوة للعودة الى الأمة (للوحدة). هذا الفهم لوضع الدولة العربية، هو الذي يجيب عن أسئلة اصطفافاتها السياسية، وخياراتها التنموية، وموقفها من "الاشياء". وهو الذي يحدد مفهومها الخاص للسيادة والاستقلال وعلاقتها ب"الاجنبي" وبالشقيق، وموقفها من اسرائيل، ذلك الموقف الذي لا يأتي فقط من امتثالها لإرادة المستعمر الصانع لها، بل من كون اسرائيل تشكل "الضامن" الأكبر لوجودها كدولة من خلال التصدي لأية محاولة لتوحيدها مع الأمة. وهذا الذي يوضح لماذا في دولة كجيبوتي على سبيل المثال، توجد ثماني قواعد عسكرية اجنبية، ليست فقط أمريكية وفرنسية كما جرت العادة، بل صينية وحتى يابانية، وليس لها علاقة بأمنها ولا بسيادتها بتاتا. وهو الذي يفسر كذلك لماذا هدد ترامب السعودية بإخراج القاعدة الأمريكية منها بدل أن يكون ذلك مطلبها. كنا نعتقد أن الاستقلال يكتمل بخروج آخر قاعدة اجنبية من البلد فإذا ببلداننا تمارس "هواية" جمع القواعد العسكرية دون أن يمس ذلك استقلالها ودون أن يهدد سيادتها. العدو الوحيد للدولة في الحالة التي نتحدث عنها هو أمتها، وكل من يُذَكرها بأنها جزء من أمة، أو كانت جزءا من أمة في يوم من الأيام. ذلك الفهم ايضا هو الذي يُظهر مدى السذاجة التي تملكتنا عندما ارجعنا الفُرقة بين الدول العربية أيام الحرب الباردة الى اصطفافاتها السياسية المختلفة، لكن الأمر استمر حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والاصطفاف الموحد خلف أمريكا لأن تَفَرُق هذه الدول وعداءها للأمة هو سر وجودها. هذه "الدولة" ضد كل ما يجمعها أو يُذكرها بما يجمعها مع شقيقاتها كما قلنا. هي ليست ضد امريكا ولا ضد روسيا، انها مع ما يبقي انقسامها وتعددها. لذلك داخليا تشيطن أي فكر أو حزب أو عمل عابر للدولة القطرية، وتقف ضد الأحزاب القومية وكذلك الاسلامية لأنها تدعوها لشكل من الوحدة. في ما يتعلق بالإسلام، هذه الدولة ليست ضده كدين ولا كتعاليم ولا لأنه مصدر "للتطرف" أو "التخلف"، ولا لأي سبب من هذه التي يتم الحديث عنها، بل هي ضده لأنه قد يشكل هو أو العروبة أو أي فكر يمكن أن يحمل في ثناياه توجها وحدويا أساسا للدعوة للوحدة وللتذكير بالأمة. هذا هو ايضا ما يفسر الحماس للتطبيع مع إسرائيل والابتعاد عن فلسطين. إسرائيل "تحمي" الدولة من أمتها، وفلسطين هي قضية "الأمة" التي تريد الدولة شطبها ونسيانها. فلسطين مصدر قلق دائم للدولة ليس لأنها "مكلفة" اذا ما تم تبنيها، ولا لأنها قضية لا تستحق الاهتمام بها، بل لأنها دفع للدولة باتجاه الأمة، مما يشكل تهديدا للدولة، لذلك ذهبت "للتبرؤ" منها والابتعاد عنها، بل وذهب البعض للوقوف علنا الى جانب إسرائيل والتطبيع معها علنا أو "عُرفيا". دور الدولة بقيت الدولة مخلصة للهدف الذي أُنشئت من أجله وهو "التصدي" للأمة وتفكيكها، فعملت جهدها كي تقضي على روح الأمة في شعبها، وقامت بالتركيز على الدولة الكيانية والحفاظ عليها كمبتغى نهائي، وعملت على تقليص وإلغاء الوعي الجمعي وخلق وعي بديل "مضروب" بالذات. لقد سعت الدولة للهيمنة الايديولوجية على شعبها لخلق ذلك الوعي المشوه بالهوية من خلال التركيز على الوعي "القطري" لا كامتداد لهوية أكبر بل كبديل عنها، وكان واحدا من همومها اللعب بالهوية لتتحول من فهم للذات من خلال الانتماء للدولة كوطن، الى فهم أقرب الى الرعية التي تتبع الحاكم، وبدل أن يكون سؤال الهوية مَن "نحن" ليعرف الناس بدولتهم (عند النجاح في فصلهم عن امتداد الأمة فيهم ) الى لمن نحن، أو لمن نتْبع ليُعرفوا بتبعيتهم لحاكم تلك الدولة وليس للدولة نفسها، ناهيك عن الانتماء للأمة. لقد انعكست وظيفة الدولة الأساسية على شكلها وبُنيتها، فهي وإن نشأت كدولة مرتهنة للغرب المستعمر، تم بناؤها الداخلي بحيث يصعب عليها الفكاك عن ذلك حتى وإن أرادت. هذا النمط من الدولة يحرص دائما على أن جهازا بيروقراطيا ضخما يعتاش "طفيليا" على دولة ليست منتجة وليس مسموحا لها أن تكون كذلك، ومطلوب منها أن تجهد النفس مع المستعمر ومع المؤسسات الدولية السياسية والاقتصادية من أجل توفير رواتب ذلك الجهاز الضخم حيث الدولة عبر جهازها هي المشغل الأساس للقوى العاملة. الشعب في هذه الدولة عبء عليها، تنحصر واجباته في ولائه للدولة ممَثلة بالنظام الممثل برأسه، وذلك بسبب ان ذلك النظام هو صاحب الفضل في توفير "الامتيازات" (وليس الحقوق) التي يوفرها للشعب، ومَن لا يقوم بتقدير جهد الحكومة في هذا المجال، فسوف يكون سببا في إجبار الدولة على توقيف تلك الامتيازات عنه. عبر ذلك الجهاز يتم ارتهان معظم الشعب للدولة، وعبر محاولات الدولة الدائمة و(المحرجة) لتوفير المتطلبات المالية له، يتم ارتهانها للمستعمر، والجيش عادة يشكل الجزء الأكبر من الجهاز البيروقراطي للدولة، فيكون بذلك هو المرتهن الأكبر والانجع الذي يستطيع المستعمر التعويل عليه. نحن أمام "دولة" مرتهنة من رأسها الى اخمص قدميها، جزء كبير من الشعب والنخب والاحزاب والمثقف. هذا الوضع تكامل مع سياق نشأة الدولة، فجعل ما في ماضيها وحاضرها ضمانة لاستمرار ارتهانها، واصطفافها "الطوعي" الى جانب الغرب وإسرائيل، واصرارها على الايغال في الكيانية، والتنصل من القضايا القومية، والامعان في قتل الأمة. الحل ما جاءت به الأعداء لكن هذا التناقض العميق بين الدولة والأمة ليس كلي الاستعصاء، لذلك فإن ما قيل لا يتطلب بالضرورة مواجهة مستمرة بين الدولة والأمة، ولا هو دعوة للتخلص من أحدهما من أجل بقاء الأخرى. فالدولة القطرية بعد كل الذي جرى منذ تأسيسها اصبحت جزءا من الواقع من ناحية، ولم تعد "اسوأ" السيناريوهات من ناحية أخرى. فإذا كان في شعوب المنطقة من يرى أن "الدولة" بهذه "المواصفات" عبء عليه، فإن اسرائيل والصهيونية واوساط وازنة في امريكا والغرب، من خلال سعيها لتحقيق "الشرق الأوسط الجديد" ترى في الدولة بهذا الشكل عبئا ايضا وتسعى الى تقسيمها أكثر أو حتى الغائها. جشع المستعمر اللا محدود يوفر آفاقا للحل احيانا. فالدولة لم تعد مهددة فقط من اعدائها التقليديين (بعض نخبها) ولكن ايضا من انصارها التقليديين (الاستعمار والصهيونية). هنا لا بد من التفكير في علاقة جديدة بين الدولة والأمة، لا تفترض تناقضا حتميا بين الجانبين، بحيث يتم طمأنة الدولة، وخلق وعي بضرورة وأهمية العلاقة مع الأمة من خلال إدراك لا بد منه للمصالح المشتركة والوجودية لكل الأطراف.. ربما في هذا الكلام دعوة "انانية" لإعادة قراءة كتابي "تحرير الشرق.. نحو امبراطورية شرقية ثقافية".
#إياد_البرغوثي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دريد لحام وياسر العظمة لأول مرة في Joy Awards بالسعودية
-
لقطات من مكان اغتيال قاضيين بارزين في طهران
-
غوتيريش يلتقي القادة اللبنانيين.. دعوات لانسحاب القوات الإسر
...
-
مقتل 60 شخصا على الأقل في انفجار صهريج وقود في نيجيريا
-
تأجيل حلقة -الطوفان- لبرنامج ما خفي أعظم والمتابعون يشيدون ب
...
-
حفلات الكشف عن جنس المولود.. لحظات سعيدة تتحول إلى كارثة
-
حزب بن غفير يعلن عزمه الاستقالة وسموتريتش يحصل على تعهدات
-
الاحتلال يقتحم منزل أسيرة فلسطينية بالقدس لمنع الاحتفال بالإ
...
-
الشرطة الهندية تحتجز مشتبها به في محاولة قتل نجم بوليود سيف
...
-
أسئلة تشرح تفاصيل الاعتداء على السودانيين في دولة جنوب السود
...
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|