|
زعيم عربى مجهول
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 1790 - 2007 / 1 / 9 - 12:14
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بسم الله الرحمن الرحيم
(1 ) قال المؤرخ ابن الجوزى فى تاريخه ( المنتظم ) عن الشاعر ( أبو حية النميري ) (وهو هشام بن الربيع بن زرارة بن كثير بن خباب المتوفى سنة 116 : ( شاعر مجيد فصيح . كان أبو عمرو بن العلاء يقدمه ـ أى يجعله أفضل من غيره من الشعراء ـ أدرك الدولتين الأموية والعباسية إلا أنه كان فيه هوج وجبن وكان يصرع في أوقات . ( أى كان أهوج وجبانا ومصابا بالصرع ) قال ابن قتيبة: كان من أكذب الناس ، يحدث ( أى يخبر الناس ) أنه يخرج في الصحراء فيدعو الغربان فتقع حوله فيأخذ منها ما يشاء ، فقيل له: يا أبا حية أفرأيت إن أخرجناك إلى الصحراء تدعوها قلم تأتك فماذا نصنع بك؟ ( أى طلبوا منه إثبات صحة ما يقول بأن يخرجوا معه الى الصحراء فيدعو الغربان لتاتيه كما يزعم . وان لم تأته فكيف يفعلون به جزاء كذبه عليهم ؟ ) قال: أبعدها الله إذن. ( يعنى رد على الناس بلعن الغربان ان لم تأته ) وكان له سيف يسميه لعاب المنية ليس بينه وبين الخشبة شيء ، فحدث جارًا له قال: دخل ليلة إلى بيته كلب ، فظنه ( أبو حية النميرى ) لصًا فانتضا ( أى حمل ) سيفه وقال ( للكلب ): أيها المغتر بنا المجترئ علينا بئس والله مااخترت لنفسك !! سيف صقيل لعاب المنية الذي سمعت به .. اخرج بالعفو عنك قبل أن أدخل بالعقوبة عليك. فإذا الكلب قد خرج فقال: الحمد لله الذي مسخك كلبًا وكفانا حربًا. ). (2 ) هذه القصة الحقيقية تفوق فى غرابتها خيال الأديب الأسبانى الذى كتب ( دون كيشوت ) الفارس الذى كان يحارب بسيفه الخشبى طواحين الهواء. قصة دون كيشوت أضحكت ملاين الناس قرونا مع معرفة الناس بأنها قصة وهمية لم تحدث. المضحك و المؤلم أنه حدث ويحدث فى تاريخنا وحاضرنا ـ نحن العرب ـ ما يفوق الخيال ، وما يضحك منه الحزين.. أبو حية النميرى هذا شاعر حقيقى يمكن أن نضحك منه أو أن نرثى له لأنه كان مصابا بالصرع وبقية رذائل اخرى أقلها الكذب و الجبن . إلا إنه كان صادقا مع نفسه فنسب الأكاذيب الى نفسه فكان ( يحدّث ) عن نفسه أى يجلس مع الناس يحكى عن نفسه أقاصيص كاذبة فيتندر به السامعون بينما هو يتمسك بما يقول معتقدا أنه صادق فيما يحكى. وهى بالقطع حالة مريض نفسى أترك لأطباء الأمراض النفسية والعصبية تشخيص حالته بدقة. ولكن لا بد من ذكر الجانب الآخر الايجابى فى هذا الرجل المريض بالكذب. وهى أنه لم ينسب كذبه الى النبىمحمد عليه السلام . أى لم يفعل مثل رواة الأحاديث فى عصره الذين احترفوا تاليف الكلام وصناعة سند له يقول روى فلان عن فلان عن فلان ان رسول الله قال كذا. لم يكذب وينسب كذبه لرواة موتى لا علم لهم بما قيل على لسانهم بعد موتهم . أبو حية النميرى مع مرضه النفسى فهو أشرف من مشاهير الكذابين المفترين الذين صاروا أئمة مقدسين بالكذب والافتراء على الله تعالى ورسوله ودينه . هو أشرف وأجل قدرا من مالك والشافعى وابن حنبل والبخارى ومسلم وابن ماجة و ابن تيمية وابن الجوزى وابن الجوزية وابن عبد الوهاب وابن عثيمين وابن جبرين وابن ستين فى سبعين.... أبو حية النميرى كان جبانا يعانى من مرض الصرع ويتخيل أن هناك من يتربص به ويتآمر على حياته لذلك استعد للمواجهة بكل ما يستطيع ، وتمثلت أقصى استطاعته وترسانته الحربية فى سيف خشبى يدافع به عن نفسه وبيته. ودخل عليه كلب متسللا فقام أبوحية من نومه وانتضى سيفه وخطب مهددا العدو المعتدى يحذره من سيفه البتار ( لعاب المنية ) ويتوعده بالويل والثبور وعظائم الأمور. خرج الكلب مذعورا خائفا ، فلم يقتنع أبو حية أنه كلب حقيقى بل اعتقد أن الله تعالى مسخه كلبا وكفاه حربا.. (3 ) أبوحية النميرى مع جبنه و فهو أشجع من كل حكام العرب الذين لا يستأسدون الا على شعوبهم المسكينة. لارهاب تلك الشعوب فان الحكام العرب يحشدون الجيوش ويشترون زبالة التسليح الأمريكى و البريطانى بالرشاوى والعمولات ، ثم يقومون بتخزينها حتى تصدا بعد أن دفعوا فيها مئات المليارات . هذا فى الوقت الذى تعانى فيه شعوبهم من القهر و الفقر والتعذيب. أبو حية النميرى لم يقهر بسيفه الخشبى احدا ، بل عندما انتضاه ليدافع عن نفسه بدأ بخطبة عصماء فى تحذير للعدو المعتدى الذى تسلل الى داره ليلا ، بينما حكامنا العرب لا ينتظرون قيام حركة معارضة سلمية أو عسكرية ، إذ يبادرون باجهاض أى تفكير مستقبلى فى الانتقاد.ويبادرون باعتقال وتعذيب آلاف الأبرياء لعقابهم مسبقا على احتمال بأنهم فى المستقبل قد يفكرون فى أن يتحركوا ضد النظام. أما فى التعامل مع العدو الخارجى فلن تجد أكثر تهذيبا من حكامنا العرب.. تراهم غاية فى الانفتاح والانبطاح ..!! الزعيم الخالد ابو حية النميرى لم يظلم أحدا و لم يعتد بسيفه الخشبى البتار على أحد ، و ما كذب الا ليستر خوفه ويحمى نفسه ..!! ولهذا كتبت هذا المقال تحية له .. يعيش الزعيم الخالد ابو حية النميرى وسيفه ( لعاب المنية )!!.. ويسقط الزعماء اياهم .. وسيسقطون فى القريب العاجل ـ ان شاء الله تعالى.
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الى الجحيم ياأباسفيان !!
-
قتلوا السيد الوزير .. مرتين !!
-
الحركة الشعوبية و الأحاديث السنية
-
الجد والهزل
-
معركة الربا
-
هذا السلطان الكردى الأعجوبة
-
سيدنا فرعون
-
جيلنا .. جيل النكلة والمليم !!
-
البكاء غدا على أطلال وطن !!
-
يسألونك عن النقاب
-
النذر وأشياء أخرى
-
مستر أندرسون .. بورك فيك
-
قصة حياة كتاب ( الصلاة فى القرآن الكريم
-
فى اصلاح الاخوان المسلمين فى مصر
-
نكاح الشياطين لنساء المسلمين
-
الحسد
-
الروح
-
فى تسامح المسلمين
-
الدكتور أحمد صبحي منصور للحوار المتمدن.. إن العصر الآن ليس ع
...
-
معنى الاسلام ومعنى الطاغوت
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|