أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - ضوضاء الحياة (قصة قصيرة)














المزيد.....

ضوضاء الحياة (قصة قصيرة)


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


في غرفة المعيشة الصغيرة، جلس محمود على الأريكة مُحدّقًا في شاشة التلفزيون التي كانت تعرض الجزء الثاني من سلسلة "سيّد الخواتم". فيلم مليء بالمشاهد الحماسية والحركة، شاهده عشر مرات أو أكثر ولم يملّ منه، لكنه كان عاجزا عن التركيز. من الحمام، وصل إلى أذنيه صوت زوجته رحاب وهي تغني بصوت عالٍ، كعادتها كلما دخلت للإستحمام. صوتها كان جميلاً ودافئا، لكنه كان يخرج عن النغمة أحيانًا، مما جعله يبتسم بمرارة.
لم تكن تلك هي المشكلة الوحيدة؛ ضوضاء الشارع كانت كأصوات حرب ضارية ومستمرة. أصوات السيارات المارة وأبواقها المزعجة، وصيحات الباعة الجوالين تخترق النوافذ المغلقة بلا استئذان. حاول محمود رفع صوت التلفزيون، لكن ذلك لم يكن كافيًا.
أخذ نفسًا عميقًا وبدأ يتساءل: "أين يمكن أن أهرب؟" لم تكن الفوضى فقط في الأصوات، بل في داخله أيضًا. كان ذهنه مزدحمًا بالتفكير في العمل اللاّنهائي، والديون المتراكمة، وأحلامه المؤجلة.
أخيرا، قرّر النهوض. أغلق التلفزيون، وارتدى معطفه، وخرج إلى الشرفة. الهواء البارد لفح وجهه، وهدّأ قليلاً من توترّه. حدّق في السماء الملبّدة بالغيوم، وشعر وكأنها تعكس حالته.
في تلك اللحظة، توقف الزمن بالنسبة له. أغلق عينيه، وسمح لنفسه بالاستماع إلى الأصوات من حوله كما لو كانت سيمفونية عشوائية، ولكنها حيّة. صوت رحاب وهي تغني أثناء الإستحمام، ضحكات الأطفال في الشارع، هدير المحركات، حتى الرياح العابرة. أدرك أن الهروب ليس في الصمت، بل في التعايش مع الضوضاء وقبولها جزءًا من حياته.
عاد إلى الداخل مبتسمًا. وقف عند باب الحمام وطرق بلطف. "عزيزتي، صوتك جميل، لكن مع كل هذا الضّجيج لا أستطيع أن أستمتع بجماله كما يجب!"
ضحكت رحاب من الداخل، وقالت: "حسنا. سأغنّي لك خصّيصا عندما أخرج!".



#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إقصاء الٱخر: ملاحظات لتفكيك الفكر الديكتاتوري العروبي ...
- غزّة: على نفسها وأهلها جنت براقش
- تعليقا على مقال علاء اللامي -شهادة لباحث غربي حول الإلحاد ال ...
- فاتوا بسورة من مثله - سورة غزّة
- من أنت...؟
- عيدٌ، بأيّ عتهٍ عُدتَ، يا عيدُ...؟
- خيرُ أمّةٍ...؟
- طفولةٌ
- هل الحجاب فرضٌ أم ليس فرضًا؟
- فليأتوا بحديث مثله - سورة الحجّ
- من أجل محاكمة كاملة وشاملة للتاريخ التونسي
- بين الحبيب بورقيبة ومحمّد بن آمنة، سيّد الدّواعش
- من يتحدّث عن هذا الفساد المستشري والمدعوم من طرف الدولة التّ ...
- «الرّوض العاطر في نزهة الخاطر» وأُمّةُ الفُروجِ...
- ذكرى سيزيف
- حادث السّبّالة يكشف عقليّات زبالة
- جولة بين ترقيعات المرقّع سليم نصر الرّقعي
- عودة لمسألة -الإسلاموفوبيا-، على هامش ما حدث في نيوزيلاندا
- رأي في مهزلة ترجمة القرآن نفسه وترجمة معانيه
- -وما ينطقُ عن الهوى-، بين صحّة النّبوّة والإعجاز العلمي


المزيد.....




- فنان يثني الملاعق والشوك لصنع تماثيل مبهرة في قطر.. شاهد كيف ...
- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!
- مغن أمريكي شهير يتعرض لموقف محرج خلال أول أداء له في مهرجان ...
- لفتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- «خالي فؤاد التكرلي» في اتحاد الأدباء والكتاب
- بعد سنوات من الغياب.. عميد الأغنية المغربية يعود للمسرح (صور ...
- لقتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك بارودي - ضوضاء الحياة (قصة قصيرة)