أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين – أيديولوجية ترامب ستغير الولايات المتحدة والعالم – الجزء الأول 1-3















المزيد.....


ألكسندر دوغين – أيديولوجية ترامب ستغير الولايات المتحدة والعالم – الجزء الأول 1-3


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 16:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

ألكسندر دوغين
فيلسوف روسي معاصر
وكالة ريا نوفوستي للأنباء

13 يناير 2025

مقدمة بقلم د. زياد الزبيدي
قبل اسبوع بالضبط من تنصيب ترامب نشر الفيلسوف والمفكر الروسي المعروف دوغين بحثا علميا موسعا عن ترامب والترامبية كأيديولوحية ستحدث هزة قوية وتغييرا عميقا داخل امريكا في المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعسكرية والجيوسياسية والثقافية - وتصيب ارتداداتها كل نواحي الحياة على كوكبنا - إذاًً إنها ثورة، كما يسميها دوغين.
سأقوم بنشر هذا البحث في ثلاثة أجزاء، علما بأن دوغين قد قسم بحثه إلى المحاور التالية:

وسيضم الجزء الأول
1)ثورة ترامب
2)الدولة العميقة وتاريخ الصعود الأمريكي
3)صموئيل هنتنغتون والدعوة لتصحيح المسار
4)ترامب والدولة العميقة
5)بايدن يفقد ثقة الدولة العميقة
6)الدولة العميقة تغير الأولويات

والجزء الثاني
7)الترامبية كنظرية ما بعد الليبرالية
8)الترامبية كإنكار للعولمة
9)الترامبية كمضادة للنهضة
9)الترامبية ضد الهجرة
10)الترامبية ضد الرقابة الليبرالية اليسارية
11)الترامبية ضد ما بعد الحداثة - من هايك إلى سوروس والعكس
12)التناقضات داخل الترامبية
13)الترامبية ونظرية الأجيال

والجزء الثالث
14)الجغرافيا السياسية للترامبية
15)تفكيك الأنظمة العولمية في أوروبا
16)الإجماع المناهض للصين في الترامبية
17)الاتجاه المؤيد لإسرائيل في الترامبية
18)الترامبية ضد اللاتينيين
19) انسوا روسيا، ناهيك عن أوكرانيا
20) التعددية القطبية السلبية للترامبية
21) التعددية القطبية داخل أميركا

*****
ثورة ترامب

الآن، الجميع في روسيا والعالم في حيرة من أمرهم: ماذا يحدث في الولايات المتحدة؟ عدد قليل فقط من الخبراء في بلدنا - على وجه الخصوص، ألكسندر ياكوفينكو - يفهمون حقًا مدى خطورة التغييرات في الولايات المتحدة. قال ياكوفينكو بحق أن "هذه ثورة". وهذا صحيح.

عملياً طور الرئيس المنتخب ترامب ومجموعة من أقرب مساعديه، وفي مقدمتهم إيلون موسك المتحمس، نشاطًا ثوريًا. لم يتولى ترامب منصبه بعد، سيحدث هذا في 20 يناير، لكن أمريكا وأوروبا بدأتا بالفعل في الاهتزاز. هذا تسونامي أيديولوجي وجيوسياسي، لم يتوقعه أحد بصراحة.
توقع الكثيرون أنه بعد انتخابه، سيعود ترامب – كما كان الحال جزئيًا خلال فترة ولايته الأولى - إلى السياسة التقليدية إلى حد ما. وإن كان ذلك بخصائصها الكاريزمية والعفوية.
ولكن الآن، يمكننا أن نقول بالفعل أن الأمر ليس كذلك. ترامب - ثورة. لذا، فمن المنطقي أن ننظر بجدية إلى ما يحدث في أميركا في هذه الفترة الانتقالية التي تشهد انتقال السلطة من بايدن إلى ترامب. لأن شيئاً ما يحدث بالتأكيد هناك ــ وشيء بالغ الأهمية.

الدولة العميقة وتاريخ صعود أميركا

أولاً وقبل كل شيء، ينبغي أن يكون من الواضح كيف ــ نظراً لقوة الدولة العميقة ــ كان من الممكن أن يُنتخَب ترامب في المقام الأول؟ وهذا يتطلب مراجعة أوسع نطاقاً.

إن الدولة العميقة في الولايات المتحدة هي جوهر جهاز الدولة والنخبة الإيديولوجية والاقتصادية وثيقة الصلة به.
إن الدولة والأعمال (أي البزنيس) والتعليم في الولايات المتحدة هي نظام واحد من الأواني المستطرقة، وليست أشياء منفصلة تمامًا. يضاف إلى هذا الجمعيات السرية والنوادي التقليدية في الولايات المتحدة، والتي لعبت في السابق دور مراكز التواصل للنخب. وعادة ما يطلق على هذا المجمع بأكمله اسم الدولة العميقة. في الوقت نفسه، لا يحمل الحزبان الرئيسيان – الديمقراطيون والجمهوريون – أي أيديولوجيات خاصة، بل يعبرون عن اختلافات في مسار أيديولوجي وسياسي واقتصادي واحد يتجسد في الدولة العميقة. والتوازن بينهما يهدف فقط إلى تصحيح بعض النقاط الثانوية، والحفاظ على التواصل مع المجتمع ككل.

بعد الحرب العالمية الثانية، مرت الولايات المتحدة بمرحلتين: عصر الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي (1947-1991) وفترة العالم أحادي القطب، أو "نهاية التاريخ" (1991-2024).
في المرحلة الأولى، كانت الولايات المتحدة شريكة متساوية للاتحاد السوفياتي، وفي المرحلة الثانية، هزمت خصمها تمامًا وأصبحت القوة العظمى (أو القوة السوبر) السياسية والأيديولوجية العالمية الوحيدة. أصبحت الدولة العميقة – وليس الأحزاب أو أي مؤسسات أخرى – حاملة هذا الخط الثابت للهيمنة على العالم.

منذ تسعينيات القرن العشرين، بدأت هذه الهيمنة تكتسب طابع أيديولوجية يسارية ليبرالية. كانت صيغتها مزيجًا من مصالح رأس المال الدولي الكبير والثقافة الفردية التقدمية. تم تبني هذه الاستراتيجية بشكل كامل من قبل الحزب الديمقراطي الأمريكي، ومن بين الجمهوريين، دعمها ممثلو "المحافظين الجدد".
كانت الفكرة الرئيسية الآن هي الاعتقاد بأن المستقبل لن يكون سوى نمو خطي وثابت: لكل من الاقتصاد الأمريكي والعالمي، فضلاً عن إنتشار الليبرالية والقيم الليبرالية على كوكبنا. لقد بدا الأمر وكأن كل دول ومجتمعات العالم قد تبنت النموذج الأمريكي ــ الديمقراطية التمثيلية السياسية، واقتصاد السوق الرأسمالي، والأيديولوجية الفردية والكونية لحقوق الإنسان، والتكنولوجيات الرقمية، والثقافة ما بعد الحداثية التي تركز على الغرب. وقد شاركت الدولة العميقة في الولايات المتحدة في هذه الأجندة وعملت كضامن لتنفيذها.

صموئيل هنتنغتون والدعوة إلى تصحيح المسار

ولكن منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين، بدأت الأصوات تُسمع بين المثقفين الأميركيين تحذر من خطأ هذا النهج على المدى الطويل. وقد عبر عن هذا الموقف بشكل أكثر وضوحا صمويل هنتنغتون، الذي تنبأ بـ"صراع الحضارات"، والتعددية القطبية، وأزمة العولمة التي تركز على الغرب. وبدلاً من ذلك، اقترح تعزيز الهوية الأميركية بدلاً من تآكلها، فضلاً عن توحيد المجتمعات الغربية الأخرى في إطار حضارة غربية واحدة فقط - لم تعد عالمية، بل إقليمية. ولكن في ذلك الوقت، بدا الأمر وكأن هذا كان مجرد حذر مفرط من جانب الأفراد المتشككين . وقد انحازت الدولة العميقة إلى جانب المتفائلين بـ "نهاية التاريخ" – مثل خصم هنتنغتون الرئيسي فرانسيس فوكوياما. وهذا على وجه التحديد ما يفسر استمرارية مسار الرؤساء الأميركيين المتعاقبين – كلينتون، وبوش، وأوباما (ثم تلا ذلك رئاسة ترامب الأولى، التي لا تتناسب مع هذا المنطق) وبايدن. لقد عبر كل من الديمقراطيين والجمهوريين (بوش الابن) عن استراتيجية سياسية وأيديولوجية واحدة للدولة العميقة: العولمة، والليبرالية، والأحادية القطبية، والهيمنة.

بدأ هذا المسار المتفائل للعولميين يواجه مشاكل بالفعل في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. توقفت روسيا عن التبعية العمياء للولايات المتحدة وبدأت في تعزيز سيادتها. أصبح هذا ملحوظًا بشكل خاص بعد خطاب بوتين في ميونيخ في عام 2007، والأحداث في جورجيا في عام 2008، وكانت الذروة إعادة التوحيد مع شبه جزيرة القرم في عام 2014 وخاصة بداية النظام العالمي الجديد في عام 2022. كل هذا كان يتعارض تمامًا مع خطط العولميين.

بدأت الصين، وخاصة في عهد شي جين بينغ، في اتباع سياسة مستقلة، والاستفادة من العولمة ولكنها وضعت حاجزًا صعبًا أمامها كلما تعارض منطقها مع المصالح الوطنية وهدد بإضعاف السيادة.

وفي العالم الإسلامي، تزايدت الاحتجاجات المتفرقة ضد الغرب، سواء على مستوى السعي إلى مزيد من الاستقلال أو على مستوى رفض القيم الليبرالية المفروضة عليه.

وفي الهند، وصل القوميون اليمينيون والتقليديون إلى السلطة مع رئيس الوزراء ناراندرا مودي.

بدأت المشاعر المناهضة للاستعمار في النمو في أفريقيا، وبدأت دول أمريكا اللاتينية تشعر باستقلال متزايد عن الولايات المتحدة والغرب ككل.

أدى هذا إلى إنشاء مجموعة البريكس كنموذج أولي لنظام دولي متعدد الأقطاب، مستقل إلى حد كبير عن الغرب.

هنا واجهت الدولة العميقة الأمريكية مشكلة خطيرة: ما إذا كان عليها الاستمرار في الإصرار على نفسها وعدم ملاحظة نمو العمليات المعادية، ومحاولة قمعها من خلال تدفق المعلومات وصيغ الهيمنة، وأخيرًا من خلال الرقابة المباشرة في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، أو أخذ هذه الاتجاهات في الاعتبار والبحث عن استجابة جديدة لها، وتغيير الاستراتيجية الأساسية في مواجهة واقع لم يعد يتوافق مع التقييم الذاتي لعدد من المحللين الأمريكيين.

ترامب والدولة العميقة

لا تزال رئاسة ترامب الأولى تبدو وكأنها صدفة، أو فشل تقني للنظام. نعم، لقد وصل إلى السلطة على موجة من الشعبوية، معتمدًا على تلك الدوائر في الولايات المتحدة التي أدركت بشكل متزايد عدم قبول الأجندة العولمية ورفضت "اليقظة" wokeism (كود يساري ليبرالي بمبادئ الفردية المفرطة، وسياسات النوع الاجتماعي، والنسوية، ومجتمع الميم، وثقافة الإلغاء، وتشجيع الهجرة، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية، ونظرية العرق النقدية، وما إلى ذلك). في ذلك الوقت بدأت الولايات المتحدة لأول مرة في الحديث عن الدولة العميقة. كان هناك تناقض متزايد بينها وبين مزاج الجماهير العريضة من الناس.

لكن في الفترة 2016-2020، لم تأخذ الدولة العميقة ترامب على محمل الجد، ولم يكن لديه الوقت لتنفيذ الإصلاحات البنيوية كرئيس. بعد نهاية ولايته الأولى، دعمت الدولة العميقة بايدن والحزب الديمقراطي، وأثرت على الانتخابات وفرضت ضغوطًا غير مسبوقة على ترامب، معتبرة أنه يشكل تهديدًا للمسار أحادي القطب العولمي بأكمله الذي كانت الولايات المتحدة تتبعه منذ عدة عقود – وبنجاح عمومًا. ومن هنا جاء شعار حملة بايدن "إعادة البناء بشكل أفضل" Build back better. وهذا يعني أنه بعد "فشل" إدارة ترامب الأولى، حان الوقت للعودة إلى تنفيذ أجندة الليبرالية العالمية.

لكن كل شيء تغير في الفترة 2020-2024. ورغم أن بايدن، بالاعتماد على الدولة العميقة، استعاد الخط السابق، إلا أنه هذه المرة كان بحاجة إلى إثبات أن كل تلميحات أزمة العولمة لم تكن أكثر من "دعاية المعارضين"، و"عمل عملاء بوتين أو الصين" و"مكائد هامشية داخلية".

حاول بايدن، بدعم من قادة الحزب الديمقراطي الأميركي و"المحافظين الجدد"، تقديم الأمر بطريقة لا تتعلق بأزمة حقيقية، ولا بمشاكل، ولا بحقيقة أن الواقع يتناقض بشكل متزايد مع أفكار ومشاريع العولميين الليبراليين، بل بالحاجة إلى زيادة الضغط على خصومهم الأيديولوجيين – لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، ووقف التوسع الإقليمي للصين (مشروع "طريق واحد – حزام واحد")، وتخريب مجموعة البريكس وغيرها من الاتجاهات نحو التعددية القطبية، وقمع الميول الشعبوية في الولايات المتحدة وأوروبا وحتى القضاء على ترامب (قانونيًا وسياسيًا وجسديًا). ومن هنا جاء تشجيع الأساليب الإرهابية وتشديد الرقابة الليبرالية اليسارية. في الواقع، تحت حكم بايدن أصبحت الليبرالية أخيرًا نظامًا شموليًا.

واصلت الدولة العميقة دعم بايدن والعولميين بشكل عام (ومن بين أهم ممثليهم في أوروبا بوريس جونسون وكير ستارمر وإيمانويل ماكرون وأورسولا فون دير لاين). كما أصبحت هياكل سوروس المتشددة في العولمة نشطة للغاية، ولم تتغلغل فقط في جميع المؤسسات الأوروبية، بل طورت أيضًا أنشطة محمومة لإزالة مودي في الهند، وإعداد ثورات ملونة جديدة في الفضاء ما بعد السوفياتي (مولدوفا، جورجيا، أرمينيا)، والإطاحة بالأنظمة المحايدة أو حتى المعادية للعولمة في العالم الإسلامي – بنغلاديش، سوريا.

لكن هذه المرة، لم يكن دعم العولميين من قبل الدولة العميقة الأمريكية غير مشروط، بل مشروطًا. كان على بايدن وأمثاله اجتياز امتحان، لإثبات أنه لا يوجد شيء رهيب يحدث مع العولمة وأننا نتحدث عن مشاكل تقنية يمكن حلها بمساعدة العنف - الإيديولوجي والإعلامي والاقتصادي والسياسي والإرهابي المباشر. كان القاضي هو الدولة العميقة.

بايدن يفقد ثقة الدولة العميقة

لكن بايدن فشل. لأسباب عديدة. لم تستسلم روسيا بوتين وصمدت أمام ضغوط غير مسبوقة – العقوبات، والصدام مع النظام الإرهابي الأوكراني المدعوم من دول الغرب الجماعي، والتحديات الاقتصادية والانخفاض الحاد في بيع الموارد الطبيعية، والانفصال عن التكنولوجيا العالية. لقد تغلبت البلاد على كل هذا، وفشل بايدن في تحقيق نصر على روسيا.

كما لم تتراجع الصين واستمرت في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة دون أن تتكبد خسائر فادحة.

ولم يكن من الممكن إزاحة مودي خلال الحملة الانتخابية.

عقدت مجموعة البريكس قمة رائعة في قازان، على أراضي روسيا التي تعيش حالة حرب مع الغرب. واستمرت التعددية القطبية في الصعود.

لقد انتهكت إسرائيل كل القواعد واللوائح، وارتكبت إبادة جماعية في غزة ولبنان، وألغت أي خطاب عولمي، ولم يكن أمام بايدن خيار سوى دعمها.

والأهم من ذلك: لم يستسلم ترامب، فعزز من التفاف الحزب الجمهوري حوله على نطاق غير مسبوق، واستمر في تنفيذ الأجندة الشعبوية بل وجعلها أكثر تطرفًا. في الواقع، تشكلت أيديولوجية مستقلة تدريجيًا حول ترامب. كانت أطروحتها الرئيسية أن العولمة قد فشلت، وأن أزمتها لم تكن افتراء الأعداء أو الدعاية، بل كانت تعكس الحالة الحقيقية للأمور. لذلك، من الضروري المضي قدمًا على طول مسار هنتنغتون، وليس على طول مسار فوكوياما، والعودة إلى سياسة الواقعية والهوية الأمريكية الجذرية (أو على نطاق أوسع - الغربية)، والتوقف عن التجريب مع الاستيقاظ wokeism والشذوذ – بكلمة واحدة، إعادة الإيديولوجية الأمريكية إلى إعدادات المصنع factory settings لليبرالية الكلاسيكية المبكرة مع الحمائية protectionismوحصة عادلة من القومية المباشرة -dir-ect nationalism. أصبح هذا مشروع MAGA – اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى Make America Great Again.

الدولة العميقة تغير الأولويات

وبالتحديد لأن ترامب نجح في الدفاع عن موقفه في أفق الفضاء الأيديولوجي الأمريكي، فإن الدولة العميقة لم تسمح للديمقراطيين بإقصائه. لقد فشل بايدن (بما في ذلك بسبب ذبوله الفكري) في اختبار إعادة البناء بشكل أفضل، ولم يقنع أحدًا بأي شيء - مما يعني أن الدولة العميقة أدركت حقيقة أزمة العولمة والأساليب القديمة لتعميمها.

لهذا السبب أعطت الدولة العميقة لترامب هذه المرة الفرصة لإعادة إنتخابه وحتى جمع مجموعة متطرفة من الترامبيين الأيديولوجيين حوله، ممثلة بشخصيات بارزة مثل إيلون ماسك، وجيه دي فانس، وبيتر ثيل، وروبرت كينيدي جونيور، وتولسي غابارد، وكاش باتيل، وبيت هيغسيث، وتاكر كارلسون، وحتى أليكس جونز.

الأمر الرئيسي هنا هو ما يلي: إن الدولة العميقة الأمريكية، بعد أن اعترفت بترامب، أدركت الحاجة الموضوعية لمراجعة الاستراتيجية العولمية للولايات المتحدة في المجالات الإيديولوجية، والجيوسياسية، والدبلوماسية، وما إلى ذلك. من الآن فصاعدًا، كل شيء قابل للمراجعة. لقد تبين أن ترامب والترامبية، أو بعبارة أعم الشعبوية، لم يكونا فشلاً تقنياً، ولا ماساً كهربائياً عرضياً، بل كانا تسجيلاً لأزمة حقيقية وجوهرية للعولمة، فضلاً عن نهايتها. إن ولاية ترامب الحالية ليست مجرد حلقة في تناوب الديمقراطيين والجمهوريين، الذين ينتهجون نفس الخط بشكل عام، تحت حماية ودعم الدولة العميقة بغض النظر عن نتائج الانتخابات الحزبية. هذه بداية تحول جديد في تاريخ الهيمنة الأمريكية. إنها مراجعة عميقة لاستراتيجيتها وأيديولوجيتها وتصميمها وبنيتها.
*****
يتبع الجزء الثاني غدا



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 468 – نظرة من داخل اسرائيل الى الإتفاق مع حماس ...
- طوفان الأقصى467 – ما تحتاجون إلى معرفته عن اتفاق وقف إطلاق ا ...
- طوفان الأقصى – 466 – مقابلة مع البروفيسور جيفري ساكس - عقيدة ...
- ألكسندر دوغين في برنامجه الإذاعي اسكالاتسيا (التصعيد) - نتائ ...
- طوفان الأقصى 465 – ترامب يقود إسرائيل وحماس إلى اتفاق
- خبير روسي يفجر قنبلة إعلامية - لماذا فشلت روسيا في كسب الحرب ...
- طوفان الأقصى 464 – الرئيس اللبناني الجديد – إسفين أميركي في ...
- طوفان الأقصى 463 – كيف ستقضي إسرائيل على قناة السويس؟
- طوفان الأقصى 462 – قناة بن غوريون في صيغة جديدة
- طوفان الأقصى461 – ظلال السابع من أكتوبر - الهدوء السياسي في ...
- طوفان الأقصى 460 – لماذا لا يخاف الحوثيون، على عكس غيرهم، من ...
- طوفان الأقصى459 – -الكاردينال الرمادي- الإيراني: لم يكن لدين ...
- طوفان الأقصى 458 – لقد انهار التوازن في الشرق الأوسط تمامًا ...
- طوفان الأقصى457 – أين روسيا من سباق المشاريع الجيوسياسية في ...
- طوفان الأقصى 456 – المناورة التركية في سوريا ستكلف تركيا الك ...
- طوفان الأقصى 455 - حول مستقبل -محور المقاومة- في الشرق الأوس ...
- طوفان الأقصى 454 – 2024 قلبت الشرق الأوسط رأسا على عقب
- طوفان الأقصى 453 – خبراء المجلس الروسي للشؤون الدولية يلخصون ...
- طوفان الأقصى 452 – السلطة الجديدة في دمشق تريد الحفاظ على عل ...
- بوتين – جردة حساب ل25 عاما من الحكم


المزيد.....




- مصدر: نتنياهو يتحدث عن -ضمانات- بدعم أمريكا لعودة إسرائيل لل ...
- الوحدة الشعبية ينعى الرفيق المناضل العروبي والقومي “خالد محم ...
- السلطة الفلسطينية تؤكد إتمام استعداداتها لتولي -المسؤولية ال ...
- السفارة الروسية في لندن: خطط بريطانية استفزازية تهدف إلى الت ...
- تحديد خريطة الشوارع الرئيسية التي سيبدأ العمل على فتحها فور ...
- ساعر: ارتكبت أخطاء خلال المفاوضات ولم نتمكن من إطلاق سراح مخ ...
- بالفيديو.. إحباط تهريب نحو 3 ملايين حبة -كبتاغون- مخبأة بطري ...
- ماكرون: انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان لا بد أن يحد ...
- البيت الأبيض: إدارة ترامب ستقرر مصير -تيك توك- في الولايات ا ...
- الرئيس التركي: وقت رمي المنظمات الإرهابية في سلة المهملات با ...


المزيد.....

- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين – أيديولوجية ترامب ستغير الولايات المتحدة والعالم – الجزء الأول 1-3