|
إمبريالية المعرفة - امبريانولوجي - 5
عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)
الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 16:19
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
( الحلقة 5 ) قوة العمل من الفردية الى الجماعية الى الفردية في حقبة المشاع او تشكيلة المشاع الاقتصادية وبالتالي الاجتماعية كان العمل الفردي هو الاساس وقد كان العمل الفردي المنتج قائم على قاعدة تحقيق حاجات الذات المنتجة نفسها وهو ما يعني ببساطة ان القيمة الاجتماعية للعمل كانت غائبة والفرية هي الاساس رغم اجتماعية الملكية بمعنى ان لا ملكية فردية ابدا وان وسيلة الانتاج الاساس كانت الارض وثرواتها وكان العمل الفردي اداة الانتاج الوحيدة الممكنة وحتى فيما تبعها من ادوات بدائية كالعصا والحجر والذي انتج لنا العصر الحجري كعصر اول حضارة انسانية حية وهي التي قادت الى العصور الاخرى ولذا يعود الفضل الاساس للحضارة البشرية بعيدا عن تسييسها الى الادوات الطبيعية التي كانت بمتناول اليد وهي الحجر والعصا او راس المال الطبيعي وهو الارض. لم يكن بالإمكان الانتقال الى الملكية الفردية الا بالفصل بين وسائل الانتاج وادوات الانتاج بحيث لا يعود هناك تزاوج تام بين قوة العمل كأداة انتاج والارض كوسيلة انتاج اي بين قوة العمل وراس المال الطبيعي وبهذا كان لا بد من كشف الطبيعية عن الارض وتحويلها الى راس مال عادي عبر استخدام ادواتها والفصل بين الاداة والموضوع فصار الحجر اداة والارض موضوع واصبح بناء المسكن ينفي الطبيعية عن الارض ويحولها الى راس مال عادي ومن ثم راس مال خاص وبدل بناء البيت صار بناء المخزن او المحجر لاستخراج الحجارة وهو ما جعل قوة العمل الجسدية هنا تابعة لوسيلة الانتاج وتحولت الى اداة ليس في خدمة راس المال الطبيعي بل في خدمة راس المال العادي اي تحولت من خدمة العام الى خدمة الخاص وهو راس المال الفردي. التحول الى خدمة راس المال الفردي بأشكاله البدائية خلق علاقات انتاج خاصة بالمرحلة وبالتالي علاقات اقتصادية صنعت بالضرورة علاقات اجتماعية ومثل هذا الحال كان لا بد ان يفضي الى تكوين نظام جامع لأطراف العملية الانتاجية حين صار هناك ضرورة لرسم ملامح هذه العلاقة بالمعنى المادي خلال العملية الانتاجية نفسها وبالمعنى المعنوي او الفكري في التعبير عن العملية الانتاجية من خلال العلاقات بين اطرافها خارجها. العملية الانتاجية تمر بمراحل اكتشاف المادة الخام وهو علم دراسة طبقات الارض والمناخ والبحار والفلك والفصول وما الى ذلك ثم استخراج المادة الخام ودراستها وتوزيعها حسب الحاجات واكتشاف استخداماتها والانتقال الى التنفيذ وهو علم الصناعة ثم الاسواق وعلم التجارة والتبادل والعلوم المالية وبين هذه وتلك كان لا بد من الادارة بين المراحل وعلاقتها ببعض وبالتالي كان لا بد من نظام ينظم علاقة المراحل المادية والاسواق وادارتها والنقل والجمارك والمحاسبة وهذا ادى الى نشوء الادارات وحاجتها للمال لأعمالها فظهرت الضرائب والمكوس والحاجة لتنظيمها فظهرت الدول والحاجة للتداول فظهرت المؤسسات المالية وبالتالي ظهر الاقتصاد السياسي كقارئ لحال السوق لصالح التركيبة الاقتصادية الاجتماعية وضروراتها واحتياجاتها الى ان بدا وكان السياسة تقود الاقتصاد وليس العكس فالحقيقة ان السياسة ظهرت لخدمة الاقتصاد وباتت الدولة خادمة لراس المال وضامنة لسطوته على مصادر الانتاج ووسائله وادواته وبالتالي مخرجاته كالأسواق وخطوط النقل والتداول وتطوير الادوات بناء على الاحتياجات فمن النقل على الحيوانات الى النقل بأدواته المختلفة وصولا للنقل عبر العالم الافتراضي فانت اليوم تشتري من بلد بعيد وتدفع ثمن البضاعة دون ان تنتقل وتصلك هذه البضاعة ايضا دون ان تنتقل من مكانك. الحال هذا خلق مع الزمن تراجع او تغير في شكل العلاقات الاقتصادية وبالتالي تغير في تجليات هذه العلاقة اجتماعيا فمئات العمال او الاف الافراد من اسرهم الذين انتقلوا للعيش في مكان واحد صنعوا معا امال واحلام وطموحات وبالتالي ثقافة وبنية اجتماعية خاصة بهم تعبر عن قضاياهم واحتياجاتهم وهو ما عنى بالضرورة انشاء بنية او تركيبة سياسية تدير هذه التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية وتتشكل بناء على احتياجاتها. هذه الاحتياجات باتت بالضرورة تتعارض فيما بينها تماما كما اصبحت ادوار ادوات الانتاج متباينة ومصالحهم متباينة فصاحب راس المال باتت مصالحه تتطلب السيطرة على اصحاب قوة العمل " العمال " وهم من جانبهم باتوا يرون في صاحب راس المال طفيلي لا يوجد ما يبرر حصوله على الثروة التي يصنعونها بأيديهم ومن مصادر طبيعية بينما يكدس هو الثروة التي ظهرت اصلا ومنذ السنت الاول بسبب من قوة العمل الذي لولاه لما كان هناك بضاعة ولا اسواق وبالتالي لا ثروات ولا راس مال. التعارض في المصالح شكل فوارق في البنى السياسية بحيث اصبح السيطرة على الدولة وادواتها هو الاساس القادر على اخضاع الجميع وبات من يملك الثروة يملك السلطة وبالتالي يفرض ارادته الى ان غادرت الصورة حدود المكان الى ما هو ابعد وبات مالك المال الذي صنع السلطة قادر على اقامة وكلاء له من خدم له مهمتهم اخضاع قوة العمل البعيدة عن المركز الصناعي وتسهيل مهمته في الحصول على المواد الخام وفتح الاسواق لبضاعته. مما تقدم نشأت الدول الوظيفية التي حلت مكان الاستعمار المباشر ليظهر الاستعمار بالوكالة من خلال الدولة الوظيفية والتي منحت مسميات تبريرية الدولة الوطنية او القومية او الدينية او المذهبية وهذه التشكيلات خلقت صراعات تدار من المركز ولصالحه بحيث باتت هذه الصراعات سوقا جديدة لمنتج صار ضرورة عامة لذاته بعد ان كان وسيلة لهدف. السلاح بجنينيته ظهر لتملكه الدولة كأداة لبسط السيطرة على قوة العمال ومصادر المواد الخام والاسواق وحين فاض عن الحاجة المباشرة وتطورت اشكاله بات يستخدم للسطو على الاماكن البعيدة او الارض البكر وحين بسط سيطرته وتعددت منتجاته وتطورا اشكاله من العصا الى البارود الى الطائرة الى القنبلة النووية وما الى ذلك تحول السلاح نفسه الى صناعة وبضاعة واصبح لا بد لهذه الصناعة ان تزدهر وتصبح مصدرا للثروة فظهرت الحاجة الى صناعة اسواق لهذه البضاعة " السلاح " وبدأت صناعة الحروب هدف مباشر لترويج بضاعتها المزدهرة وصار اكتشاف الاستخدامات العسكرية للسلع واحدة من اهم الانشطة العلمية في العصر الحديث. حالة التناقض والتضاد بين قوة العمل وراس المال وما الت اليه الدولة الوظيفية باكتشاف مكامن قوتها ورغبتها بالاستفادة من امكانياتها الطبيعية صنع تناقض جديد بين الدولة المصنوعة وبين صانعها حين صارت الدولة هذه تتحول الى تركيبة بشرية حقيقية متميزة بفعل الزمن ومتمايزة عن غريرها بما في ذلك من اقامها وشجعها كأداة له بحيث اصبحت عبء عليه وصارت تسبب خسارة له بسبب احتياجاتها غير المبررة. اكتشف الراس مال ان العمل الاجتماعي وتجلياته بات يشكل خطر حقيقي على من كانوا اسياده فظهرت الثورات الاشتراكية والحركات الاستقلالية وبات الحديث عن الحرية حق للتابع مع انه صناعة سيده ولم يعد السيد قادر على كم الافواه او مانع لإرادات اصحاب الارض التي اقنعهم هو بذلته بذلك حين كان بحاجة لهم ليبيعوه خيرات بلادهم بأبخس الاثمان وحين ادركوا قيمة ما يملكون صاروا بحاجة لتقاسم المصلحة مع سيدهم ثم اصبحوا يريدون ان يكونوا الاسياد بما لديهم من ثروات فاخترع السيد الرأسمالي الثورات المضادة وانقلابات الحكم ومنع الاستقرار وسيادة الفرقة والنزاعات والحروب اولا لفرض السيطرة وثانيا لتسويق منتج خطير وهو السلاح اكثر انواع البضاعة ربحا. كان لا بد اذن من الانتقال الى تشكيلة جديدة فرضها الحال المعاش وتطورات العلم والمكتشفات وظهرت بضائع تكاد لا ترى بالعين المجردة وتكاد تستغني ولو بالظاهر عن قوة العمل اليدوية او عن قوة العمل بشكلها الاجتماعي وباتت العودة الى فرية العمل مع اجتماعية الحاجة امرا ضروريا وملحا بحيث بات من يعمل في بيته على لوح الكتروني بحجم كفة اليد قادر على القيام بعمل كان يحتاج الى مئات الناس معا للقيام به وهو ما تحول فيما بعد الى كابوس على اصحاب راس المال الذين علقوا بين الحاجة لقوة العمل وتمرد مكونات هذه القوة من البشر فبات البحث عن بدائل ضرورة ملحة بدأت بالآلة البدائية الى الالة الاوتوماتيكية باكتشاف الكهرباء الى الالة الالكترونية بعد الثورة الرقمية الى الذكاء الاصطناعي والانسان الالي الذي يمكنه الحلول مكان الانسان في 99% من مراحل العملية الانتاجية بأكملها.
#عدنان_الصباح (هاشتاغ)
ADNAN_ALSABBAH#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إمبريالية المعرفة - امبريانولوجي - 4
-
إمبريالية المعرفة - امبريانولوجي -
-
إمبريالية المعرفة - امبريانولوجي - ( 2 )
-
إمبريالية المعرفة -1 -
-
أبو عبد الله الصغير السوري ومستقبل محور المقاومة
-
يا أهل غزة فجروا سلاحكم النووي الآن
-
هزيمة الأعداء بالنصر المؤجل
-
من 181 الى 1701 حتى غزو لاهاي
-
أيها الصامتون إنتظروا دوركم
-
سُباتنا هذا الى متى؟
-
أفواه الغزيين تخرج عن الخدمة
-
الإعلام العربي بين الغباء وخدمة الاعداء
-
يحيى حسن إسماعيل
-
الهدف راس المقاومة الفلسطينية والشعب والقضية
-
عالم سيده لص قاتل ومنتحِل لشخصية القتيل
-
غزة ولبنان وإمبريالية المعرفة - الإمبريانولوجي-
-
النساجون والفلاحين والبحارة والمظلومية
-
حذار من السابع من أكتوبر 2024
-
الصهيونية العالمية وثورة الروح والسابع من اكتوبر
-
لنعطل كل اسلحتهم بسواعدنا العارية
المزيد.....
-
مصدر: نتنياهو يتحدث عن -ضمانات- بدعم أمريكا لعودة إسرائيل لل
...
-
الوحدة الشعبية ينعى الرفيق المناضل العروبي والقومي “خالد محم
...
-
السلطة الفلسطينية تؤكد إتمام استعداداتها لتولي -المسؤولية ال
...
-
السفارة الروسية في لندن: خطط بريطانية استفزازية تهدف إلى الت
...
-
تحديد خريطة الشوارع الرئيسية التي سيبدأ العمل على فتحها فور
...
-
ساعر: ارتكبت أخطاء خلال المفاوضات ولم نتمكن من إطلاق سراح مخ
...
-
بالفيديو.. إحباط تهريب نحو 3 ملايين حبة -كبتاغون- مخبأة بطري
...
-
ماكرون: انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان لا بد أن يحد
...
-
البيت الأبيض: إدارة ترامب ستقرر مصير -تيك توك- في الولايات ا
...
-
الرئيس التركي: وقت رمي المنظمات الإرهابية في سلة المهملات با
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|