الأسباب و النتائج المترتبة على انهيار محور المقاومة ( 3 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 12:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

من أهم نتائج انهيار محور المقاومة الإسلاموي على الدول التي تشكلت فيها أذرع لهذا المحور هي كالآتي :
أولا : فلسطين
إن العنصرين الرئيسيين لذراع المقاومة الإسلاموي في فلسطين هما حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) و حركة الجهاد الإسلامي و هما من جماعات الإسلام السياسي الجهادي السني , و إن هذا الذراع هو الذراع السني الوحيد في المحور الإيراني الإسلاموي للمقاومة .
إن الفشل الذي نراه اليوم في مشروع محور المقاومة الإسلاموي قد تسبب في نكسه جديدة للقضية الفلسطينية , لذا يمكن القول أن القضية الفلسطينية تحملت مرة أخرى أخطاء غيرها مثلما تحملت سابقا أخطاء نهج محور المقاومة العروبي .
من المرجح عودة القضية الفلسطينية الى مسارها الوطني الصحيح كي لا يتضخم الضرر الذي لحق بها و يكون سببا في اندحار قضيتهم العادلة بشكل نهائي مما قد يؤدي الى أنتشار جميع ابناء الشعب الفلسطيني في الشتات , ربما الى الأبد .
يبقى السؤال الأكثر أهمية بالنسبة للقضية الفلسطينية :
هل ستتمكن السلطة الفلسطينية من إعادة النهج الوطني للقضية الفلسطينية و إبعادها عن النزعة العروبية أو الإسلاموية كي تتمكن من إحياء مسار اوسلو و السير نحو تحقيق حل الدولتين .
لابد من الإشارة الى أن الصهيونية الدينية ترفض رفضا قاطعا حل الدولتين و تعمل على جعل حدود إسرائيل من البحر الى النهر بعكس الصهيونية السياسية التي تقبل بحل الدولتين و تختلف مع السلطة الفلسطينية حول حدود الدولة الفلسطينية و حجم تسليحها و طبيعة السيادة التي ممكن أن تتمتع بها هذه لدولة إذا ما تم الاتفاق على حل الدولتين , لذا فالصهيونية الدينية هي أهم الجهات التي تعيق عمل السلطة الفلسطينية و تمنعها من إداء دورها السياسي الذي يقود الى تأسيس دولة فلسطينية , و أن شعارات ازالة إسرائيل من الوجود الذي أطلقه محور المقاومة الإسلاموي أنعش و قوى الصهيونية الدينية و أضعف السلطة الفلسطينية .
ثانيا : لبنان
يشكل حزب الله الجزء الأساسي من ذراع المقاومة في لبنان و هذا الحزب هو من الإسلام السياسي الشيعي الجهادي الذي ولائه للولي الفقيه في أيران .
بالإضافة الى حزب الله يوجد في الساحة اللبنانية جماعات مسلحة أخرى مشاركة لحزب الله في تشكيل الذراع اللبناني للمقاومة لكنها جماعات صغيرة غالبيتها مرتبطة بتنظيمات فلسطينية لها وجود على الأرض اللبنانية .
بسبب الانتماء العقائدي لحزب الله نزع هذا الحزب عن نفسه الصفة الوطنية اللبنانية , لكن هذا الحزب و بسبب كل التداعيات التي حصلت في لبنان و المنطقة سيكون مضطرا لأن يكون جزء من المشروع الوطني اللبناني , فبعد انهيار محور المقاومة صارت الكثير من المؤشرات توكد أن لبنان سيعزل نفسه عن أي محور يخص القضية الفلسطينية و يتوجه بدعم أممي و عربي لإعادة بناء دولته الوطنية .
ليس مستبعدا أن يكون لبنان مستقبلا جزء من مشروع التطبيع بين العرب و إسرائيل حين يصل هذا المشروع الى مراحله النهائية .
ثالثا : اليمن
جماعة أنصار الله الذي يقودهم الحوتي هم الذراع اليمني لمحور المقاومة الأسلاموي الذي تقوده إيران .
رغم أن النهج العقائدي للجماعة المرتبطة بالحوتي يتعارض مع نهج ولاية الفقيه لكون أن مذهبهم ليس من أجنحة المذهب الشيعي الأنثى عشري لأنهم من الشيعة الزيدية , إلا انهم اختاروا التحالف السياسي بالمحور الإيراني دون وجود رابطة عقائدية بينهم , لذا فإن فك ارتباطهم بمحور المقاومة الإيراني أمرا ليس فيه تعقيدات عقائدية .
بمجرد توقف القتال في غزة بين المقاومة الأسلاموية في غزة و إسرائيل ستوقف حركة أنصار الله اليمنية نشاطها العسكري الذي يستهدف إسرائيل و مصالحها و ستعود حركة الملاحة في البحر الأحمر عبر باب المندب الى وضعها الطبيعي .
من المؤكد أنه ليس هنالك مصلحة يمنية في مزيد من التضحية في سبيل دعم القضية الفلسطينية فاليمن و شعبه بحاجة ماسة لمن يدعمه لا أن يدعم هو قضية شعب آخر .
لا شك أن الظروف المناسبة ستتوفر لخروج شمال اليمن , الذي هو موطن جماعة أنصار الله , من أي محور للمقاومة الفلسطينية و سينصب اهتمامه في مسائل تخص القضايا الوطنية لليمن .
رابعا : العراق
تتشكل الجماعات المسلحة الشيعية الولائية التي ولائها للولي الفقيه في إيران من نسبة قليلة من المكون الشيعي في العراق , فغالبية جماعات الإسلام السياسي الشيعي في العراق يتبعون نهج ولاية الأمة الذي يختلف جذريا عن نهج ولاية الفقيه الذي يتبعه حكام إيران , لذا فأن ابتعاد شيعة العراق عن نهج حكام إيران أمرا يكون سهلا جدا إذا أنتهى التهديد الوجودي لهم الذي تشكله التنظيمات التكفيرية كتنظيم الدولة " داعش " , فكلما زاد تهديد داعش لشيعة العراق زاد معه ارتباطهم بإيران خشية من الإبادة بدوافع عقائدية تكفيرية . فإذا رافق انهيار محور المقاومة الإسلاموي ضعف في التهديد الإرهابي الذي يمثله داعش لشيعة العراق فسوف تتلاشى الحاجة لوجود الحشد الشعبي في العراق و سيكون هنالك حتما اندماج لهذا الحشد بشكل كامل في المؤسسة العسكرية العراقية , بالإضافة الى ذلك فستضعف امكانيات إيران بالتدخل في الشأن العراقي .
خامسا : سوريا
لظروف جيوسياسية أصبح نظام البعث في سوريا جزء من محور المقاومة ذات اللباس الأسلاموي الذي قادته إيران حيث جعل هذا النظام سوريا جسرا لربط اذرع هذا المحور رغم أن هذا النظام و حزبه لا تربطهما أي روابط عقائدية أو فكرية بالإسلام السياسي .
من المرجح أنه ستكون هنالك متغيرات في الساحة السياسة للشرق الأوسط تصل الى درجة المفاجئة بعد تولي الرئيس ترامب السلطة في أمريكا , و الكثير من المتابعين للشأن السياسي بانتظار الصفقات التي سيعقدها هذا الرئيس مع الرئيس الروسي بوتين و ما ستحملها هذه الصفقات من متغيرات في الشرق الأوسط و العالم .

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات