مزوار محمد سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 12:43
المحور:
كتابات ساخرة
في إحدى الليالي الباردة في مدينة برمنغهام البريطانية، كان الدكتور مزوار محمد سعيد، الفيلسوف الجزائري المقيم في المنفى، جالسًا في مكتبه الفسيح. كان المكان يعج بالكتب والمخطوطات التي جمعها طوال سنوات من البحث والدراسة. الضوء الخافت الذي ينبعث من المصباح ينعكس على الرفوف المملوءة بأعمال الفلاسفة العظام. أمامه على الطاولة، كان يوجد كتاب ضخم يحمل عنوان "فلسفة التاريخ" للفيلسوف الألماني هيجل.
الدكتور مزوار كان دائم التأمل في أفكار هيجل، تلك الفلسفة التي تسبح في متاهات الوعي والتطور والتناقضات الداخلية. بينما كانت أمواج الشتاء تتسرب من خلال نوافذ مكتبه العتيقة، جلس الدكتور مزوار في كرسيه الوثير، منتشيًا برائحة سيجاره الفاخر من نوع "دافيدوف"، الذي كان يمسكه بين أصابعه. كان يستهلكه ببطء، بينما تتصاعد الدخان الأبيض في الهواء، حيث يختلط مع الهواء المعبق برائحة الكتب القديمة.
التفكير في هيجل كان دائمًا يغمره بتساؤلات كبيرة حول الوعي والحرية والمجتمع. كيف يمكن أن تتحقق الفكرة المطلقة في عالم مليء بالتناقضات؟ وكيف يمكن للتاريخ أن يتقدم عبر صراع الأفكار؟ كان يعتقد أن الفلسفة هي أداة لفهم هذه الصراعات. ومع كل نفخة من السيجار، كان عقله يتنقل بين أفكار هيجل المعقدة. كانت التناقضات التي تحدث عنها الفلسفة الهيجلية تتجسد في حياته الخاصة؛ هو ابن الجزائر، تلك الأرض التي كانت تخوض صراعًا طويلًا من أجل الحرية، ولكنه الآن يعيش في غرباء الأرض، يبحث عن معنى لوجوده في هذا المكان البعيد.
لكن في تلك اللحظات من التأمل العميق، شعر الدكتور مزوار بأن هيجل كان قد كتب عن حتمية التاريخ من أجل أن يوضح للإنسان كيف يُمكنه الخروج من التناقضات عبر الوعي والتفاعل المستمر. هز رأسه قليلًا وهو يفكر في هذه الفكرة العميقة، بينما أغمض عينيه للحظة، مستمتعًا برائحة السيجار الذي بدأ يلف الغرفة. في تلك اللحظات، شعر وكأن التاريخ، بشخصياته المتناقضة والمتحركة، يمر أمامه، كأن كل فكرة وكل حرب وكل تحوّل ثقافي كان جزءًا من لحظة فلسفية واحدة.
#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟