أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - شفيق العبودي - في مفهوم انتصار المقاومة الفلسطينية بغزة















المزيد.....


في مفهوم انتصار المقاومة الفلسطينية بغزة


شفيق العبودي

الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 00:32
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


أعلن يوم أمس الأربعاء 15 يناير 2025 عن اتفاق وقف الحرب على غزة بعد أكثر من 467 يوما من العدوان الهمجي البربري والإبادة الجماعية وحرب التطهير العرقي والتجويع، وهو ما يعد انتصارا للمقاومة الفلسطينية بكل فصائلها، لكن بما أن دعاة التطبيع الذي ترتبط مصالحهم بشكل بنيوي بمصالح الكيان الصهيوني ويدعمونه سرا وعلنا للقضاء على المقاومة ودفع الشعب الفلسطيني للاستسلام وضمان سيطرة الاحتلال على كافة الأراضي وتهجير أهلها، فإن هؤلاء لم يتاونوا في تبخيس ما قدمته المقاومة ومحاولة شيطنتها وإظهار النصر للكيان الغاصب عبر نشر صور الدمار بغزة وأرقام عدد الشهداء والجرحى والمفقودين. لهذا أجدني مضطرا لتوضيح مفهوم الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية بعدما سبق لي في مقال سابق أن أشرت لمفهوم المقاومة بالتفصيل. إذن كيف يمكن تقييم العدوان الذي تعرض له الشعب الفلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023؟ ولماذا نقول ان المقاومة الفلسطينية انتصرت رغم الآلام والجراح وحجم الدمار وعدد الشهداء الهائل؟
سبق وقلت في مقال سابق بعنوان "المقاومة ضرورة وليست خيارا" بتاريخ 28 شتنبر 2024 أن المقاومة لا يمكن مقارنتها بالجيوش النظامية ولا حتى بقدرات المحتل العسكرية واللوجيستيكية والاستخباراتية والتكتولوجية، إنها وعي بعدم التسليم وعدم التفريط في الحقوق، لذلك فإن الانتصار في فكر المقاومة يتجاوز المفهوم التقليدي للإنتصار العسكري عندما يتعلق الأمر بحرب بين دولتين أو جيشين نظاميين، الانتصار في فكر المقاومة مفهوم شامل يتضمن أبعادًا فكرية، ثقافية، معنوية، واجتماعية قبل العسكرية. ومن مؤشرات الانتصار لدى المقاومات الشعبية المسلحة خصوصا نذكر ما يلي كمؤشرات:
1ــ منع المحتل من تحقيق الأهداف المعلنة من قبله في عدوانه وحتى غير المعلنة، وهنا لابد من التذكير أن الكيان الصهيوني أعلن غداة بدأ حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينين، أنه لن يتوقف إلا بالقضاء على المقاومة المسلحة وتجريدها من السلاح، ثم إعادة الأسرى لدى المقاومة دون قيد أو شرط وعبر الحرب فقط دون المفاوضات وعملية التبادل، إضافة إلى إنهاء حكم حركة حماس في قطاع غزة، ناهيك عن الهدف غير المعلن والمتمثل في تهجير سكان غزة خارجها وتحويلها إلى منطقة استيطان جديدة.
لكن الواقع الآن يقول أن لا شيء من هذا تحقق، عدا التدمير والقتل الجماعي في صفوف المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ.
2ــ القدرة على الصمود والبقاء وهو ما تثبته الوقائع بحيث أن المقاومة قائمة وثابتة رغم الظروف القاسية، ولآخر لحظة لازالت تكبد العدو الخسائر في العتاد والأرواح، رغم أن الكيان المحتل يخفي خسائره حفاظا على معنويات جمهوره وجنوده، كما أن المقاومة ازدادت تشبثا بهويتها وقضيتها وبضرورة المقاومة المسلحة كخيار أمثل، إضافة إلى أن الاستمرار في مواجهة العدو الصهيوني والصمود أمام آلة القتل التي يمتلك يعتبر في حد ذاته شكلا من أشكال الانتصار، خاصة إذا ما استحضرنا أنه إلى حدود 7 أكتوبر 2023 كان يقال عنه صاحب جيش لا يقهر، والمدعوم من قبل حلف الناتو الذي يملك آخر ما انتجته الإنسانية من تكنولوجيا القتل والفتك.
3ــ إن كسر إرادة المحتل الصهيوني ومنعه من تحقيق الانتصار لا يعني فقط هزيمته عسكريًا، بل أيضًا النيل من إرادته ومعنوياته وفرض معادلة جديدة تمنع استمراره في السيطرة أو الهيمنة وإطلاق يده طولا وعرضا في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
4ــ يكمن الانتصار أيضا أكثر في الحفاظ على قيم وهوية الإنسان الفلسطيني الثقافية والاجتماعية، وعلى رأسها ثقافة المقاومة وجدواها، أمام محاولات الطمس أو الاستعمار الثقافي، وتبخيس العمل الذي تقوم به المقاومة، لأن من بين أهداف المحتل دوما السعي إلى كسر إرادة الشعوب المُحْتَلَة عبر القمع أو الترهيب، لكن استمرار المقاومة وصمود شعبها يحول دون تحقيق هذا الهدف.
5ــ الهدف النهائي لأي مقاومة هو تحرير الأرض واستعادة السيادة وتحقيق العدالة، وهذا يحتاج إلى تراكمات كبيرة قد تتطلب خوض العديد من المعارك والجولات، وبالتالي كل خطوة تتخذ في هذا السبيل إن على مستوى الحفاظ على قدرات المقاومة وتطويرها وصمودها أو على مستوى تحرير جزء من الأرض، كل ذلك يعد شكل من أشكال الانتصار، لأن العدو لا يريد ولن يقبل بوجود أي جيب من جيوب المقاومة في أي شبر من الأرض ولا حتى بدول الجوار.
6ــ استطاعت المقاومة عبر 467 يوما من إعادة نشر الوعي بالقضية الفلسطينية من جديد محليًا ودوليًا وإثبات عدالة ما تقوم به، وبالتالي تحقيق التعاطف والتضامن مع قضيتها وهو ما جسدته عديد المظاهرات والاحتجاجات في جل دول المعمور خاصة بالجامعات الأمريكية التي كان لها أثر كبير، وهذا يُعتبر انتصارًا فكريًا ومعنويًا في حد ذاته، ففي الوقت الذي سعى فيه الكيان المحتل إلى توسيع دائرة التطبيع وطمس ما تبقى من القضية جاء طوفان الأقصى 7 اكتوبر 2023 ليعيدها إلى واجهة السياسة الدولية وتتصدرها، وبالتالي فإن منع الاحتلال من تحقيق أهدافه عزز ويعزز من صورة المقاومة كحركة شرعية تدافع عن حقوقها، مما يزيد الضغط الدولي على المحتل وهو ما جسدته القرارات الأخيرة للمحكمة الدولية ذات الصلة ومذكرات البحث الصادرة عنها في حق مجرمي الحرب لدى الكيان الصهيوني.
7 ــ المقاومة طيلة هذه الشهور استطاعت أن تحدث تغييرا استراتيجيا وذلك عبر إجبار العدو على التراجع عن ممارساته العدوانية وإكمال الإبادة الجماعية وإضعاف سيطرته عبر منعه من فرض سيادته على غزة وتحقيق الاستقرار الذي يطمح إليه، وهنا سيفقد العدو هيمنته تدريجيًا وسيضطر إلى تغيير سياساته مكرها، رغم بعض التغيرات بالمنطقة التي قد تصب في مصلحته، لكن فلسطينيا سيكون لتداعيات طوفان الأقصى أثر كبير ليس في مصلحته، مما سيربك خطط الكيان طويلة المدى التي تستهدف طمس الهوية الفلسطينية، وتوسيع دائرة الاستيطان عبر تهجير سكان غزة ونهب الثروات، ويعد إفشال هذه المخططات بمثابة تقويض لشرعية وجوده استراتيجيا.
8 ــ تكبيد الاحتلال لخسائر اقتصادية فادحة تجاوزت 70 مليار دولار(أكثر من 38 مليار في المواجهة مع لبنان وأكثر من 34 مليار في غزة وحدها ناهيك عن الداخل الذي تكبد خسائر فادحة جزء منها لم يعلن عنه للآن) ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي الذي صار إليه، خصوصا ما سببته له جبهات الإسناد (لبنان، العراق،ايران واليمن الذي لازال مستمرا لحد الآن)، كما أن إجبار المحتل وحلفاؤه على إنفاق المزيد من الموارد المالية والسياسية والعسكرية جعل وجوده عبئًا غير مقبول استمراره.
بالمحصلة الانتصار في فكر المقاومة ليس مجرد حالة لحظية أو نتائج معركة واحدة، بل هو عملية تراكمية تساهم في تحقيق أهداف بعيدة المدى تعكس قوة الإرادة والإيمان بالحق في الأرض، وبذلك فإن منع المحتل من تحقيق أهدافه يُعد انتصارًا كبيرًا للمقاومة، حتى لو لم يتحقق التحرير الكامل أو الهزيمة العسكرية الفورية له، لأن هذا النوع من الانتصار يتمثل في إفشال خطط المحتل ومشاريعه، ويعيد الأمل للشعب في التحرير الكامل للأرض، كما أن كل خطوة تعرقل خطط المحتل تعد انتصارا للمقاومة، لأنها بذلك تُثبت قدرتها على الوقوف في وجه قوة أكبر منها عسكريًا، مما يُعيد الأمل للشعوب المستضعفة في كافة المعمور ويُبقي جذوة التحرير مشتعلة، ويرفع من معنوياته ويساهم في تثبيت قيم الشرف التضحية والانتماء للأرض والتشبث بها مهما كانت الأثمان غالية، كما سيساهم في عرقلة مسار التطبيع.
وإنها لمعركة حتى التحرير.
العرائش 16 يناير 2025



#شفيق_العبودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين تعيد صياغة مفهوم الوطنية
- ملاحظات سريعة على هامش النقاش الدائر حول -مدونة الأسرة- المغ ...
- اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطينى والمقاومة كخيعر وحي ...
- الكذب السياسي: خطاب النيتن ياهو أمام الكونغرس نموذجا
- لماذا قضية فلسطين قضية وطنية؟
- الغش في الامتحانات وصناعة المواطن الفاسد
- المحكمة الدولية ضمير الغرب الذي لا ضمير له
- الحراك التعليمي بالمغرب بين العفوية والتنظيم
- في الحاجة إلى تشكيل وعي نقابي كفاحي
- من أجل إعادة صياغة مفهوم النضال والمناضل
- الحوار هدف أم وسيلة؟
- بروباغاندا الدعم التربوي وهدر المال العام
- في نقد الفكر اليومي للشغيلة التعليمية بالمغرب
- قراءة سريعة في المعركة البطولية لاحتجاجات الشغيلة التعليمية ...
- اضراب الشغيلة التعليمية بالمغرب يوم 5 اكتوبر 2023 دروس وعبر
- الكوارث الطبيعية وتبييض سمعة الفاسدين
- قصيدة شعب الصبارين
- عيد الاضحى بين الأسطورة والدين والعادة الاجتماعية
- رثاء الموسيقار حسين نازك ابو علي
- مرثية الرحيل


المزيد.....




- احتفالات فرنسية غريبة بموت زعيم اليمين المتطرف لوبان
- الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان يدعو للتعبئة والمشاركة ...
- حزب النهج الديمقراطي العمالي ينعي الرفيق داوود أحمد مراغة “أ ...
- الجبهة الشعبية تنعي الرفيق أبو أحمد فؤاد نائب الأمين العام ل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 587
- جريدة النهج الديمقراطي العدد 588
- السيد الحوثي: ثبات الفصائل الفلسطينية بأبسط الامكانات شيء كب ...
- نداء من أجل المشاركة في وقفة شعبية أمام مبنى البرلمان بالربا ...
- النهج الديمقراطي العمالي : نداء من أجل المشاركة في احتجاجات ...
- رمزي رباح يلتقي نائب وزير الخارجية الفنزويلي


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - شفيق العبودي - في مفهوم انتصار المقاومة الفلسطينية بغزة