بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 00:31
المحور:
كتابات ساخرة
في زاوية الشاشة المغربية، حيث تتراقص الألحان الشعبية وتتنافس المواهب على منصة برنامج "النجم الشعبي"، نجد لجنة التحكيم حاضرة بأبهى حلة، ولكن ليس لتحكيم الأداء، بل لتقديم عرض كوميدي غير مخطط له! إذا كنت تبحث عن تحليل موسيقي عميق أو تقييم احترافي، فقد أخطأت العنوان. هنا، التحكيم يشبه جلسة شاي في عرس شعبي، حيث الكل يتحدث ولا أحد يستمع.
منذ اللحظة التي يظهر فيها أعضاء لجنة التحكيم، بأزيائهم البراقة وابتساماتهم المبالغ فيها، تشعر وكأنك أمام فرقة مسرحية، لا لجنة تقييم. أحدهم يرفع يده كأنه يلقي تعليماته على جوقة موسيقية، والآخر يطلق تعليقات خفيفة، بينما يبدو الثالث منشغلا أكثر بكاميرات التصوير من التركيز على صوت المتسابق.
أما معايير التحكيم؟ لا تحاول البحث عنها. بدلا من تقييم الأداء الغنائي أو قوة الصوت، تتحول المناقشات إلى كلام عام عن "الكاريزما" و"الطاقة الإيجابية". نعم، يبدو أن التحكيم هنا أقرب إلى مسابقة ملك جمال منه إلى برنامج غنائي. والأغرب أن أحد الحكام يملك شغفا غريبا بالإيقاعات، حيث يمنح نقاطا إضافية لأي متسابق يجيد دق الطبل، بغض النظر عن أدائه الموسيقي.
لكن إذا كنت تظن أن الموهبة هي المعيار الوحيد للنجاح، فأنت لست فقط مخطئا، بل ربما تعيش في وهم. النجاح هنا يعتمد كثيرا على الحظ. قد يقصى متسابق رائع لأن الحكم لم يعجبه اختياره للأغنية، أو لأن صوته ذكره بتجاربه السيئة مع بائع متجول. أحيانا يبدو الأمر وكأن المتسابقين يلعبون لعبة "يا نصيب"، حيث القرارات تتخذ بناء على مزاج اللجنة أكثر من الأداء الفعلي.
ثم نصل إلى التعليقات، وهي الفصل الأكثر كوميدية في هذا البرنامج. "أنت تحتاج إلى تحسين حضورك على المسرح"، يقول أحد الحكام بنبرة واثقة، رغم أن حضوره الشخصي أقرب إلى جمهور عادي منه إلى خبير. آخر يطلق تعليقا خياليا مثل: "أداءك ينقصه القليل من الألوان"، وكأننا نتحدث عن لوحة زيتية وليس عن أغنية! وفي النهاية، يختصر التحكيم في التصفيق ورفع الإبهام، كما لو أننا في حفلة عائلية.
وبين الحيرة والضحك، يبقى السؤال: هل يمكن أن نشهد تحسنا في مستوى التحكيم؟ أم أن "النجم الشعبي" سيظل منصة للمواهب الكوميدية غير المقصودة؟ ربما الحل يكمن في إعادة تدريب لجنة التحكيم أو على الأقل تقديم كوب من القهوة ليتذكروا أن التحكيم وظيفة، وليس استراحة خفيفة تحت الأضواء.
حتى يحدث ذلك، سنواصل متابعة البرنامج، ليس فقط للاستمتاع بالمواهب الشعبية، بل للاستمتاع بعرض تحكيمي ساخر قد يتفوق في بعض الأحيان على أي أداء غنائي.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟