أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - صبا وحجاز عراقي














المزيد.....

صبا وحجاز عراقي


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8224 - 2025 / 1 / 16 - 20:22
المحور: الادب والفن
    


لامني أحد أصدقائي الشعراء العراقيين، بأنني أعيد عليهم في مقالاتي عن الغناء العراقي ما يحبونه من أغان قديمة وهذا لا يكفي وأن كان يبعث على الحنين، ووصف بنوع من المغالاة وهو يُشبّه عودتي إلى تلك الأغاني بأنني كمن يعرض عليهم طبخات الأمهات المجمدة بعد تسخينها وإعادة تقديمها بلغة صحافية جميلة!
وكتب لي هذا الصديق الشاعر الذي لم أره منذ ثلاثين عاما متسائلا “كيف لا نحب ما طبخته الأمهات، لكنه لم يعد كافيا لأنه صار من الماضي، وإن قدمته لنا بلغة صحفية ونقدية ساخنة”!
حسنا، تساؤل الصديق الشاعر يمثل نصف المعنى الذي أهدف الوصول إليه في استعادة الأغنية العراقية، لأنني لا أعول على الحنين وحده في تلك الأغاني بقدر مواجهة سياسة الذاكرة المعدلة قسرا التي يراد لها وبذرائع سياسية وطائفية بغيضة تدمير الذاكرة الحقيقية والقبول بما أسميه “الأغنية المخطوفة.”
من المهم بالنسبة لي استشراف الغناء العراقي كفن عريق يراد سحقه اليوم عن عمد سياسي، فتحول من حاجة روحية تلامس مهجة الإنسان إلى ابتذال أدائي ومراث طائفية وصراخ، وخواء ثقافي وفني مثير للغرائز.
الحنين ليس وحده من يعيدني إلى الأغنية العراقية، فهناك أكثر من ذلك عندما يستحوذ الجهلة في علوم الغناء على ألحان عراقية خالدة وإعادة تقديمها بطريقة سياسية فجة، وما يسعدني في ذلك أن عددا غير قليل من الزملاء يقاومون هذا الاتجاه بما يكتبونه على منصاتهم الشخصية وفي برامج إذاعية تلقى صدى رائعا على مواقع التواصل.
سأقترح على صديقي الذي لا أشك بسمو ذائقته السمعية أن يجد لي معادلا لحنيا اليوم لما تركه مثلا الفنان الراحل ياسين الراوي في أغنية “حلوين” بصوت مائدة نزهت، وكيف صنع من قصيدة غازي ثجيل “ما أسماه صديقي الشاعر طبخ الأمهات البائت”! بما يجعل الذاكرة الروحية العراقية منتشيه منذ أن سجلت هذه الأغنية في ستينيات القرن الماضي.
بوسعي أن أقول إن هذه الأغنية تكاد تكون مثالا في الإجابة على تذمر صديقي، عندما نحلل قيمتها اللحنية والأدائية بوصفها أغنية لا تعود إلى الماضي وأن كان على بعد عقود. بل هي في لحنها وأدائها جزء من التعبير عن قيمة ما يجعل العراقي ولِهاً بالغناء بوصفه الحل الأمثل للتعبير عن نفسه وعن مجتمعه.
في أغنية “حلوين” لا تخرج الكلمة من حنجرة مائدة نزهت مكتفية بدلالتها اللغوية، بل أنها وفق وصف صديقي الناقد الراحل عادل الهاشمي، كلمة مترعة بالأنغام الموسيقية المعبرة. ذلك ما يجسده لحن الراوي وأداء مائدة نزهت.
هذه الأغنية تبدأ بصياغة لحنية لفرط تعبيريتها تجعل من مفردة “حلوين” تخرج من حنجرة مائدة نزهت وكأنها تحمل مذاق عسلها للمستمع “فالأذن تتذوق أيضا، عفوا أيها اللسان!”
بدأ لحن الراوي في “حلوين” بمقام الصبا ومر بالبيات وانتهى بالحجاز بروحية عراقية، ذلك في حقيقة الواقع الفني لحن محيّر لدرجة تجعلنا نبحث عن معادل لحني له اليوم.
بقي ياسين الراوي ملحنا معلقا بين الأجيال فهو لم يحسب على جيل الستينات وكان أكبر من جيل السبعينات بما تركه من ألحان باهرة في أصوات مطربي هذا الجيل خذ مثلا “لا يا قلبي” لأحلام وهبي قصيدة علي جلال و”درب الشوق” لفؤاد سالم التي كتبها علي العضب و “مسافرين” لياس خضر قصيدة غازي ثجيل. و”أشقر بشامة” للدكتور فاضل عواد التي كتبها حسن الخزاعي.
وصنع الراوي مرحلة مجددة في صوت رياض أحمد من بينها أغنية “أحبك ليش ما أدري” التي كتبها أسعد الغريري، ثم “لوهواكم” نص كريم خليل لصوت صلاح عبدالغفور.
تلك أغان يحبها العراقيون “ياصديقي الشاعر،” ليس فقط لأنها طبخت بأيدي الأمهات، بل لأنها تعبر عن عراقيتهم الضائعة اليوم!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيت الشيعي اختراع مزيف
- نكهة القهوة تُدفع قسرا إلى المتحف
- لا أسوأ من التخمين السياسي
- الصوفي المطمئن عبدالهادي بلخياط
- الإطار التنسيقي المهزوم في سوريا
- لم يعد غوارديولا جوبز كرة القدم
- نترقب إيران جائزتنا الكبرى!
- دسائس الفاتيكان
- بديهية ديكارت عند الذكاء الاصطناعي
- فيروز لولا فيلمون وهبي
- ابتذال المحلل السياسي
- غرائزية ترامب وماسك تصبح “الحنجرة العميقة”
- ترامب يدخل السياسة قسرا للبيوت العربية
- لندن ترفع القبعة لأوركسترا عمانية
- هل سحقت رجولة إيران الجيوسياسية؟
- أصحاب كاظم الساهر
- كم صوتًا ستجمع تايلور سويفت؟
- اقتباس لا ينتهي من أورويل
- من يترقب الحرب العالمية الثالثة؟
- مشاهير المنصات يمسكون بالهراء


المزيد.....




- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
- فنانون روس يتصدرون قائمة الأكثر رواجا في أوكرانيا (فيديو)
- بلاغ ضد الفنان محمد رمضان بدعوى -الإساءة البالغة للدولة المص ...
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام
- جامعة الموصل تحتفل بعيد تأسيسها الـ58 والفرقة الوطنية للفنون ...
- لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - صبا وحجاز عراقي