أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - ترامب ونتانياهو: كوميديا السياسة بين التهديدات والنفاق الدبلوماسي














المزيد.....


ترامب ونتانياهو: كوميديا السياسة بين التهديدات والنفاق الدبلوماسي


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8224 - 2025 / 1 / 16 - 03:30
المحور: كتابات ساخرة
    


في عالم السياسة، حيث تختلط التراجيديا بالكوميديا، يبدو أن بنيامين نتانياهو ودونالد ترامب قررا أن يشتركا في إخراج مسرحية سياسية هزلية تضاف إلى سجل الكوميديا السوداء في الشرق الأوسط. مسرحية عنيفة بدأت بوعيد ترامب بتحويل غزة إلى جحيم لا يطاق، وانتهت به يتوج نفسه "بطلا للسلام"، في مشهد يفتقر إلى أدنى درجات المنطق، لكنه يتقن أداء دور السخرية المطلقة.

ترامب، الذي لطالما برع في استعراض عضلاته الخطابية، بدأ الفصل الأول من هذه المسرحية بتهديدات صاخبة. في خطبه الرنانة، توعد بتحويل غزة إلى رماد، مطلقا العنان لآلة القتل والتدمير، ومؤكدا أن العالم بحاجة إلى "يد من حديد" لحل الأزمات. لكن هذا الدور لم يكن سوى مدخل درامي لمرحلة أخرى، حيث يظهر ترامب فجأة في دور "المنقذ"، داعيا إلى وقف الحرب التي أشعل فتيلها بيديه.

أما نتانياهو، شريكه في العرض، فقد كان في الخلفية يعد مسرحية جانبية بعنوان "فن صفقة الأسرى". هذه الصفقة، التي أُخرجت وكأنها جزء من بازار سياسي، بدت أقرب إلى مزاد علني، حيث تعامل نتانياهو مع الأسرى وكأنهم بضاعة قابلة للمساومة: "خذ أسيرين وأعدني بثلاثة"، في عملية لا تخلو من العبثية. ترامب، الذي بارك هذه الصفقة، لم يتردد في تسويقها للعالم باعتبارها خطوة على طريق "السلام"، وكأن بيع الأسرى وشراؤهم يمكن أن يكون حجر الزاوية لأي مشروع دبلوماسي.

لكن العبث يبلغ ذروته في محاولات ترامب لتقديم نفسه كرمز للسلام. الرجل الذي أشعل النيران بتهديداته، وبارك القصف والدمار، قرر فجأة أن يخلع عباءة المحارب ويلبس قبعة الدبلوماسي الحكيم. دعا إلى الهدنة، وادعى أن جهوده "الجبارة" نجحت في إيقاف الحرب، وكأن هذا التحول المفاجئ كان جزءا من خطة مدروسة، وليس مجرد محاولة لتلميع صورته السياسية.

الطريف في الأمر أن هذا العرض لم يكن ليكتمل لولا فريق المساندين الذين أحاطوا بهذين "البطلين". هؤلاء، الذين قدموا أنفسهم كصناع للسلام، كانوا في الواقع مجرد كومبارس يعيدون ترديد نصوص كتبت بعناية لتخفي الحقيقة. بدلا من مواجهة الواقع وتسمية الأمور بأسمائها، اختاروا الاحتفاء بالهدنة وكأنها انتصار، متجاهلين أن هذه الهدنة ليست سوى استراحة قصيرة قبل فصل جديد من العنف.

ما يثير السخرية هو أن هذه المسرحية الهزلية تقدم على أنها إنجاز دبلوماسي، في حين أنها ليست سوى انعكاس للعبث السياسي الذي أصبح السمة المميزة لعصرنا. ترامب، الذي بدأ العرض بالتهديدات، ونتانياهو، الذي أدار المزاد، كلاهما أبطال كوميديا سياسية تتجاهل معاناة البشر وتعيد تعريف "السلام" ليصبح مجرد صفقة تخدم المصالح الشخصية.

في النهاية، لا يمكننا سوى الضحك على هذا المشهد العبثي، حيث يتحول الدمار إلى منصة للترويج، والمآسي الإنسانية إلى فرصة لتسجيل النقاط السياسية. وبينما يتبادل ترامب ونتانياهو الأدوار بين المحارب والدبلوماسي، يبقى العالم متفرجا صامتا على مسرحية عنوانها: "السياسة بلا أخلاق."



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسكاس أمباركي 2975 : عندما يصبح العبث سياسة رسمية
- -انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة: سلام مرتقب أم استراحة محارب ...
- حين تشتعل الأرض: السياسة بين العبث وإنذار النهاية
- -النار التي أحرقت جنون العظمة: من كاليفورنيا إلى غزة.. حين ت ...
- نبيل عيوش، وأوسكار المغرب: عندما يصبح -الكل يحب تودا- أسوأ م ...
- بدون فلتر *** ليبيا: قهوة ورصاص مع لمسة من الموت
- بدون فلتر *** أحلام الطفولة: حين تسخر الحياة من طموحاتنا وتع ...
- -منطقة الساحل: منافسة أم فرصة للتعاون؟ المسألة التي طرحتها ج ...
- لطيفة أحرار: خطوة جريئة أم مشهد من مسرحية؟
- -عندما يصبح لعب الأطفال مأساة سياسية: هل من يوقف هؤلاء؟-
- -من 2025 إلى 2026: خريبكة تختار فوضى الزمن في خطوة نحو العصر ...
- -بدون فلتر *** ديك رومي بين التين الشوكي: ملحمة عبثية في كرم ...
- -من الهجاء إلى الاعتذار: تأملات كاتب في العام الجديد-
- -عبد اللطيف وهبي في محكمة الضحك: من وزير للعدل إلى بطل كوميد ...
- بن سالم الوكيلي: رحلة إلى العالم الآخر... حيث المراجعات الكو ...
- - من دار الدنيا إلى دار الآخرة: لقاء غير متوقع مع عبد اللطيف ...
- -مدونة الأسرة المغربية: فوضى القوانين بنكهة الفكاهة!-
- -الطماطم ومعجزة أخنوش: ملحمة الغلاء في المطبخ المغربي-
- بدون فلتر** -شهادة الألومنيوم: كوميديا بيروقراطية في مقهى مك ...
- -تحلية الديمقراطية: حين تختلط مياه البحر بملوحة المصالح-


المزيد.....




- أمير الكويت في -دمفريس هاوس-: شجرة صداقة تُعمّق التعاون الثق ...
- خمس مجموعات قصصية ضمن القائمة القصيرة لجائزة -الملتقى- بالكو ...
- مصر.. فيديو لفنان مشهور يستغيث ويظهر بوضع متدهور
- ديمتري فالنتينوفيتش ميكولسكي: الاستشراق الروسي رديف للاستشرا ...
- كيف تؤثر الموسيقى في الدماغ؟
- محمد صبحي: أشعر بالذنب في عيد ميلادي بسبب فلسطين
- فيلم -Conclave- يتصدر القائمة.. الكشف عن ترشيحات جوائز -البا ...
- تنصت على حكايات الجدران.. ثورة السجون في -ممرات- تونس
- بسبب الذكاء الاصطناعي.. النسخة الفرنسية من فيلم سيلفستر ستال ...
- تضارب الروايات.. هل أعطت حماس -الضوء الأخضر- لاتفاق غزة؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - ترامب ونتانياهو: كوميديا السياسة بين التهديدات والنفاق الدبلوماسي