أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المنعم عجب الفَيا - انجلز والدفاع عن فلسفة هيجل















المزيد.....


انجلز والدفاع عن فلسفة هيجل


عبد المنعم عجب الفَيا

الحوار المتمدن-العدد: 8223 - 2025 / 1 / 15 - 14:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقدمة:
في كتابه (لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الألمانية الكلاسيكية) يقدم انجلز قراءة لفلسفة هيجل تبدو مغايرة للفهم السايد والمختزل لهيجل في الادبيات الماركسية. ومع ان العنوان الذي اختاره انجلز لهذا للكتاب يوحي بأنه رد على مادية فيورباخ الساذجة، الا ان الكتاب يمكن أن يعد دفاعا عن فلسفة هيجل وشرحا عميقا لها أكثر من كونه ردا على فيورباخ.
وفيما يلي نورد اهم النقاط المفصلية التي توقف عندها انجلز في الدفاع عن فلسفة هيجل وكشفه مكانتها فيالفلسفة بعامة والنظرية الماركسية بخاصة.
**
" إن الواقع، تبعا لهيجل، ليس صفة ملازمة لنظام اجتماعي وسياسي معين في جميع الأحوال وفي كل الأزمان.. فان كل شيء كان واقعا فيما مضى، يصبح في مجرى التطور غير واقع، ويفقد ضرورته وحقه في الوجود، وصفته المعقولة. ومحل الواقع المتحضر يحل واقع جديد صالح للحياة، يحل محله سلميا، اذا كان القديم عاقلا وتقبل مصيره دون مقاومة، وبالعنف اذا عارض القديم هذه الضرورة. وهكذا فان موضوعة هيجل (كل ما هو واقع معقول، وكل ما هو معقول واقع) تتحول بفضل الديالكتيك الهيجلي، إلى نقضيضها: كل ما هو واقع في مجال التاريخ الإنساني يغدو مع مرور الزمن منافيا للعقل، فهو إذن في طبيعته بالذات غير معقول، مطبوع مسبقا بخاتمة اللاعقلية. وكل ما هو معقول في اذهان الناس، محكوم عليه بأن يغدو واقعا مهما كان مناقض للواقع المتصور القايم.
فالموضوعة التي تقول بأن كل ما هو واقع. معقول، تتحول وفقا لجميع قواعد طريقة التفكير الهيغلية، الي موضوعة أخرى، هي ان كل ما هو قايم مصيره الزوال.
أن الاهمية الحقيقية، والطابع الثوري الفلسفة الهيجلية، والتي ينبغي أن نقصر بحثنا عليها بوصفها المرحلة الختامية لكامل الحركة الفلسفية منذ كانط، فيقومان بالضبط، في ان فلسفة هيجل وضعت حدا نهائيا لكل تصور عن الطابع النهائي لنتايج فكر الإنسان وفعله. فالحقيقة التي كان ينبغي أن تعرفها الفلسفة، لم تبد لهيجل في شكل مجموعة من العقايد الجامدة الجاهزة، التي ليس للمر بعد اكتشافها الا ان يحفظها عن ظهر قلب، لقد انحصرت الحقيقة مذ ذاك في مجرى المعرفة نفسه، في التطور التاريخي الطويل للعلم الذي يصعد من درجات دنيا إلى درجات أعلى، فأعلى، في سلم المعرفة، ولكن دون أن يبلغ ابدا نقطة لا يستطيع أن يستمر سيره منها بعد إيجاد ما يسمى الحقيقة المطلقة. ولم يعد له بتاتا ان يبقى حيث هو، مكتوف الأيدي، يتأمل بإعجاب الحقيقة المطلقة التي حصل عليها.
هكذا يجري، سوا في ميدان المعرفة الفلسفية ام في ميدان اي معرفة كان، وفي ميدان النشاط العلمي كذلك. ان التاريخ شانه، شان المعرفة، لن يكتمل نهائيا في وضع مثالي كامل للانسانية. فالمجتمع الكامل والدولة الكاملة، إنما هما شيان لا يمكن لهما وجود الا في المخيلة. بل الأمر علي النقيض من ذلك، فجميع النظم الاجتماعية التي تتعاقب في التاريخ ليست سوى مراحل مؤقتة لتطور المجتمع الإنساني، الذي لا نهاية له، من درجة دنيا إلى درجة عليا. فكل درجة ضرورية، ويبررها بالتالي العصر والظروف التي ترجع إليها بنشاتها. ولكنها تغدو زايلة وغير مبررة ازا ظروف جديدة أرقى، تتطور شيا فشيا في احشايها بالذات. فهي مضطرة إلى أن تخلي المكان لدرجة أعلى، تنحط وتزول بدورها هي الأخرى. فكما ان البرحوازية تحطم عمليا، بواسطة الصناعة الكبيرة والمزاحمة والسوق العالمية، كل المؤسسات القديمة المثبتة التي قدستها العصور، كذلك تحطم هذه الفلسفة الديالكتيكية جميع التصورات عن الحقيقة المطلقة النهائية، وعن أوضاع الإنسانية المطلقة المناسبة لها. فليس هناك، بالنسبة الفلسفة الديالكتيكية، شي نهايي، مطلق، مقدس. إنها ترى حتمية الانهيار في كل شيء، ولا يوجد شيء يستطيع الصمود في وجهها الا المجرى المستمر للنشو والزوال، الصعود اللامتناهي من أدنى الي أعلى. وهي نفسها ليست سوى انعكاس بسيط لهذا المجرى في الذهن المفكر. ولها أيضا في الحقيقة، جانبها المحافظ. فهي تبرر كل مرحلة معينة من مراحل تطور المعرفة والعلاقات الاجتماعية في زمانها وظروفهما، لا أكثر. والصفة المحافظة لهذه الطريقة في الفهم نسبية، وطابعها الثوري مطلق. وهذا هو الشي الوحيد المطلق الذي تقبله الفلسفة الديالكتيكية..
ويشير هيجل لا سيما في كتابه (المنطق) إلى أن هذه الحقيقة الخالدة ليست سوى المجرى المنطقي التاريخي نفسه. ويجد هيجل بالذات نفسه، مضطرا إلى أن يضع لهذا المجرى نهاية. إذ كان عليه أن ينهي منهجه بشكل من الأشكال. ففي (المنطق) يستطيع أن يصنع من هذه النهاية بداية جديدة، لان النقطة النهائية، اي الفكرة المطلقة - التي ليست مطلقة الا لانه لا يستطيع مطلقا ان يقول عنها شيء - تنقل هناك نفسها اي تتحول إلى الطبيعة، وتعود من جديد إلى نفسها في الروح اي في الفكر والتاريخ..
كل ذلك لم يمنع منهج هيجل من ان يشمل ميدانا أوسع بكثير من اي منهج سبقه. وان يعطي في هذا الميدان ثروة من الأفكار ما زالت تدهشنا الي اليوم. كما في نظرية تطور الروح، التي تعد تصويرا للوعي الفردي في مختلف مراحل تطوره والتي تعتبر موجزا للدرجات التي مر بها الوعي الإنساني تاريخيا، وفي المنطق، فلسفة الطبيعة، وفلسفة الروح، وهذه الأخيرة موضحة في فروعها التاريخية المنفصلة: فلسفة التاريخ والحقوق والدين، وتاريخ الفلسفة، وعلم الجمال الخ.
في كل ميدان من هذه الميادين التاريخية المختلفة، يحاول هيجل ان يجد خط التطور الذي يمر عبر هذا الميدان أو ذاك،أو يشير إلى هذا الخط. ولما كان هيجل ليس نابغة وحسب، بل كان علامة ذا معارف واسعة جدا، فإن عمله، أينما قام به، قد شكل عصرا كاملا.
ومن المفهوم ان ضروريات المنهج قد ارغمته كثيرا على اللجوء إلى إنشاءات قهرية، لا يزال خصومه الحقرا يطلقون بصددها الزعيق المزعج. غير أن هذه الإنشاءات لا تقوم الا بدور اطارات أو صقالات الصرح الذي يبنيه. ومن لم يتوقف هنا طويلا بل يتوغل في أعماق الصرح الجليل، سوف يجد فيه كنوزا لا عد لها، ولا تزال تحتفظ بكل قيمتها حتى أيامنا هذه.
أن المنهج بالضبط هو الشي الزايل عند جميع الفلاسفة. وذلك أن المناهج ناشية عن حاجة للروح الإنساني غير زايلة، هي حاجة التغلب على جميع التناقضات. ولكن لو ان جميع التناقضات كانت قد ازيلت نهاييا، لكنا وصلنا إلى ما يسمى الحقيقة المطلقة، ولكان انتهى التاريخ العالمي، ولكنه كان يجب على التناقض، في الوقت نفسه، أن يستمر حتى ولو لم يبق له شيء للعمل، الي ان يظهر تناقض جديد، تناقض لا يمكن حله.
أن الطلب من الفلسفة ان تحل جميع التناقضات، يعني الطلب من الفيلسوف الواحد ان يفعل فعلا لا تستطيعه الا البشرية جمعا في تطورها إلى الأمام. وحين ندرك هذا، والفضل في ذلك يعود إلى هيجل أكثر مما إلى أي شخص آخر، تنتهي كل الفلسفة، بالمعنى القديم للكلمة. ونترك الحقيفة المطلقة التي لا يمكن أن يدركها بهذا الطريق كل إنسان لوحده، ونسعي بالمقابل ورا الحقايق النسبية التي يمكننا أن ندركها، في طريق العلوم الإيجابية، معممين نتايجها بمساعدة الفكر الديالكتيكي.
فمع هيجل تنتهي، بوجه عام، الفلسفة، لان منهجه، هو نتيجة جليلة لتطور الفلسفة السابق كله،. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لانه يرينا، ولو عن غير ادراك منه، الطريق الذي يقود تيه المناهج هذا، إلى معرفة العالم معرفة حقيقية إيجابية".

* المصدر:
لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية، ماركس انجلز، مختارات، الجز الرابع، دار التقدم، موسكو. ص 8-15

*كتابات ذات صلة:
لمن يرغب في التوسع في هذا النهج الذي مضى فيه انجلز هنا لقراءة هيجل عليه الرجوع إلى اهم مصدرين في هذا الاتجاه وهما:
1- الكسندر كوجيف، مدخل الي قراءة هيجل، ترجمة، عبد العزيز بمسهولي، رؤية، ٢٠٢١
٢ هربرت ماركيوز، العقل والثورة: هيجل ونشاة النظرية الاجتماعية، ترجمة د. فؤاد زكريا، الهيئة المصرية للنشر والتاليف، ١٩٧٠



#عبد_المنعم_عجب_الفَيا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات د. إحسان عباس في السودان (١٩٥١ ...
- د. يوسف ادريس : حين داهمنا البوليس السياسي في بيت السودان وق ...
- الدور السياسي في نشاة خطاب ما بعد الحداثة
- نظرية -الفوضى- والعلم -ما بعد الحديث-
- حداثة القديم: بين المتنبي وإليوت
- جوته والإفادة من تكنيك السرد في -ألف ليلة وليلة- والتناص معه ...
- رمزية زليخا وحاتم في شعر جوته
- قصيدة -النثر- والبلاغة الكلاسيكية*
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- عصف ذهني: تأسيس الشعر الأوربي في بداياته على الشعر العربي بن ...
- جماليات المكان بين معاوية نور وغاستون باشلار
- رواية موسم الهجرة إلى الشمال ونقد (خطاب الاستعمار وما بعد ال ...
- أخطاء الترجمة: Bible تعني الكتاب المقدس لا الإنجيل
- في أصل كلمة corona وهل تكتب في العربية كرونة أم كورونا؟
- تأملات لغوية بمناسبة وباء كرونا: كحّة أم قُحّة؟!
- حفر لغوي مقارن في كلمة حُبّ amour الفرنسية
- فريدريش نيتشه والمثقفون العرب


المزيد.....




- غزة: التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس
- فيديو يُظهر جانبًا من احتفالات أهالي خان يونس وغزة باتفاق وق ...
- انخفاض تاريخي.. فرنسا تسجل أدنى معدل مواليد منذ الحرب العالم ...
- تركة بايدن لترامب.. جحيم الحرائق والحروب
- زيلينسكي يقترح مجددا نشر قوة عسكرية غربية في أوكرانيا
- لماذا ينبغي عدم استخدام منتجات غسل الشعر في غسالة الملابس
- تحذير أممي من مخاطر الذخائر غير المنفجرة على أطفال سوريا بعد ...
- مصدر مصري يكشف تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة 
- لجنة آلية تنفيذ وقف الأعمال العدائية في لبنان: الجيش اللبنان ...
- المرشح لمنصب وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة لن تسم ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المنعم عجب الفَيا - انجلز والدفاع عن فلسفة هيجل