فَهمْ ترامب

محمد رياض حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8222 - 2025 / 1 / 14 - 22:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في 6 كانون الثاني / يناير 2025 صادق الكونغرس الأميركي على فوز دونالد ترامب من الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2024 ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة . بداً بماقاله " ترامب " عن فوزه في الإنتخابات و عن سياساته رئيسا للولايات المتحدة الأمريكة للمرة الثانية .. قال " الآن الحال مختلف تماما . في رئاستي السابقة كان الكل خصوماً أما الأن فالكل أصدقاءً و مؤيدين". ذلك يعني ، إفتراضاً ، أنه سيتمكن من تنفيذ اجنداته و وعوده الإنتخابية في الإقتصاد و السياسة بيُسْرٍعلى إعتبار أن حزبه الجمهوري مسيطرُ على الكونغرس بأغلبية مريحة في مجلسي الشيوخ و النوّاب.
ــــــ في 8 كانون الثاني / يناير 2025 و في مؤتمر صحفي عاد ترامب تهديده السابق بقوله "إن كل الجحيم سيندلع في الشرق الأوسط إذا لم تتم إعادة الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة قبل تنصيبه في 20 يناير. وأضاف "لن يكون ذلك في صالح حماس ولن يكون كذلك جيدا بصراحة لأي شخص ". غير أنه لم يوضح كيف سينفذ هذا التهديد . و قال في تصريحات واسعة النطاق أيضاً ، انه لا يستبعد استخدام الجيش للسيطرة على ( قناة بنما وجزيرة جرينلاند ) ضمن أجندته لولايته الثانية. وقال أيضاً إنه من الممكن استخدام " القوة الاقتصادية" لتحويل كندا إلى الولاية رقم 51 للولايات المتحدة وطرح فكرة إعادة تسمية خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا." في هذا المؤتمر أحجم و لم يفصح الرد على أسئلة الصحفيين بشأن توجهاته العسكريىة ،وقال " لا أريد الحديث عن الشؤون العسكرية" و كررذلك القول ردا على سؤال أحد الصحفيين عن العراق وإيران. لذا فإن ترامب وضع أولويات تنفيذية عند توليه المنصب .. تأتي مصالح أمريكا الإقتصادية في مقدمتها ، متكتما على الخوض في مستنقع الشرق الأوسط الذي أوهن إدارة سلفه بايدن و أسقطها . كما أ درك ترامب ان التصعيد العسكري في الشرق الأوسط يضعف جبهته في الحرب التجارية المتوقعة مع جيرانه والصين وأوروبا. ويلاحظ أيضا تراجع حديث ترامب عن الحرب في أوكرانيا التي هي الأخرى تعهد بإقافها فور تسلمه المنصب؟!؟ ـــــــــ المتابع لتصريحات ترامب منذ بدء حملته الإنتخابية قبل سنتين و إلى الآن يلمس أنه تبنى لغة رجل الأعمال الذي يهتم أكثر بعقد الصفقات مع الخصوم . كما يمكن أن يدرك أن جيش مستشاريه لم يتوقفوا عن تذكيره بما إتفق عليه معهم كي لا يبدو متناقضا في تصريحاته كما كان في عهد رئاسته السابقة . و مع ذلك يمكن القول أن ترامب مسكون بهوس العظمة . هذه مفردات التعظيم و التكّبر التي يكرراستخدامها في تصريحاته دائما واصفا نفسه و قراراته : الأعظم ، الأكبر ، الأجمل الأهم ، الأفضل ، الأقوى ، الأحسن ، وغيرها. ردد عبارة "أمريكا بدأت عصرها الذهبي " ، "أمريكا أولا" ، " أمريكا ستعود عظيمة ". " لدينا أقوى جيش". " لدى أمريكا أعظم الأعمال في العالم " ، " أمريكا لا تحتاج لأحد" . " سوق رأس المال حقق أعلى المكاسب في تأريخه " ، " سنحقق أعظم الإنجازات " ، " أنا ما فعلت شيئاً خطأً". ترامب يمتدح نفسه بإسهاب ويثني على حاشيته إلّا أنه عدواني وغير متسامح مع خصومه مطلقا و ينعتهم بعبارات مسيئة بما فيهم القضاة و الإعلاميون .. أغبياء و مرضى .
ـــــــــ الحرب التجارية : يعتزم ترامب عن زيادة الرسوم الجمركية على الواردات من الصين بنسبة 10%، وعلى كلٍ من المكسيك وكندا بنسبة 25%، فور توليه منصبه في 20 كانون الثاني/ يناير المقبل. يتحجج ترامب بفرض رسوم كمركية كجزء من معاقبة هذه الدول لإيقاف "تدفق المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات" إلى الولايات المتحدة، من هذه الدول وهو ما يعتبره أولوية قصوى. جاء ذلك في تصريحات نشرها عبر منصته "تروث سوشال"، أكد أن أولى الأوامر التنفيذية التي سيتخذها فور توليه منصبه ستكون فرض الرسوم الكمركية على المكسيك وكندا بنسبة 25% على جميع المنتجات القادمة منهما إلى الولايات المتحدة. مضيفا أن هذه الرسوم ستظل سارية حتى يتم وقف ما أسماه "غزو المخدرات"، خاصة الفنتانيل، وكذلك الهجرة غير الشرعية.كما أعلن ترامب عن زيادة الرسوم المفروضة على الواردات الصينية بنسبة 10%، قائلا إنها ستكون "عقابا" لبكين على عدم مكافحتها تهريب المخدرات بشكل كافٍ. المصدر: موقع( فرانس 24)
ــــــــ الصين ترد : تتوقع (وكالة التعريفات الجمركية العالمية ) إن فرض رسوم إضافية على الواردات من الصين بنسبة 10% ستضاف إلى التعريفات السابقة التي فرضها ترامب على صادرات الصين لتصل إلى 35%. مع تصاعد تهديدات ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة ضد الصين، تتحرك بكين لاتخاذ إجراءات مضادة قبل أن يتمكن ترامب من تنفيذ تهديداته، بهدف الضغط على واشنطن للجلوس على طاولة المفاوضات قبل اندلاع حرب تجارية شاملة، وفقًا لما يراه محللون.استفادت الصين من دروس الحرب التجارية السابقة خلال ولاية ترامب الأولى، وتسعى إلى جمع أوراق ضغط لبدء محادثات مع الإدارة الأميركية الجديدة حول قضايا خلافية تشمل التجارة والاستثمار، وكذلك العلوم والتكنولوجيا، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز". وأعلنت الصين إضافة عشرات الشركات الأميركية إلى قائمتها للرقابة على الصادرات، وذلك بهدف "حماية الأمن والمصالح الوطنية"، وفقا لبيان وزارة التجارة الصينية.وذكرت صحيفة "غلوبال تايمز"، ووكالة أنباء شينخوا الرسمية، أن الصين ستفرض تدابير على 28 كيانا أميركيا، وستحظر تصدير العناصر ذات الاستخدام المزدوج -مدني وعسكري- لهذه الشركات اعتبارا من يوم الخميس.كما فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاع أميركية بسبب مبيعات عسكرية لتايوان، الجزيرة ذاتية الحكم التي تدعي الصين ملكيتها، وأضافتها إلى "قائمة الكيانات غير الموثوقة"، وفقًا لوزارة التجارة الصينية وتصريحات وكالة الأنباء الفرنسية. المصدر : ( قناة العربية ) ــــــــ كندا: كشفت مصادرأن كندا تستعد للرد بقائمة شاملة من الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية إذا نفذ ترامب خططه لإضافة ضريبة استيراد باهظة بنسبة 25٪ على السلع الكندية. وتُظهر الاستعدادات كيف يمكن أن يؤدي رفع الرسوم الجمركية إلى إشعال حرب تجارية من شأنها في النهاية رفع أسعار عدد من السلع الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم.وقال مصدران إن المسؤولين الكنديين يعملون على قائمة بالعشرات من المنتجات الأمريكية التي تصدرها الولايات المتحدة إلى كندا، مستهدفين العناصر التي توجه رسالة سياسية وتلحق قدرا من الضرر الاقتصادي . وتعد كندا أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة. استوردت الولايات المتحدة سلعًا كندية بقيمة 419 مليار دولار في عام 2023، بما في ذلك كل شيء من الأخشاب والأسمنت إلى السيارات والمعادن، وكندا أيضًا أكبر مصدر للنفط الأجنبي إلى الولايات المتحدة. المصدر : ( CNN ) 10 يناير / كانون الثاني 2025 .
ــــــــــ المكسيك : من جانبها حذرت المكسيك من رسوم ترامب الجمركية ودعت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم إلى الحوار والتعاون بين الشريكين التجاريين . وقالت أنه يتعارض مع اتفاقية التجارة الحرة التي وقعها ترامب خلال ولايته السابقة.وألمحت إلى أن المكسيك سترد برسوم جمركية انتقامية، في حين تكهن المحللون بإمكانية اندلاع حرب تجارية. وقالت مجموعة صناعة السيارات المكسيكية إنها ستستعد لأي احتمال وتنتظر لترى الإجراءات الرسمية التي سيتم اتخاذها. وقال وزير الاقتصاد المكسيكي مارسيلو إبرارد : «إن التعريفات الجمركية الشاملة بنسبة 25% التي اقترحها ترامب ستتسبب في خسارة 400 ألف وظيفة وتباطؤ النمو في الولايات المتحدة، كما ستؤثر على الصادرات المكسيكية ، وأن «المكسيك تريد المزيد من التعاون والتكامل الإقليمي بدلاً من حرب ضرائب الاستيراد الانتقامي وإن التعريفات الجمركية المقترحة ستضرب شركات التصدير عبر الحدود الكبرى في قطاع السيارات بشكل خاص، وهي فورد وجنرال موتورز وستيلانتس وتدفع أسعار المركبات للمستهلكين إلى الارتفاع بآلاف الدولارات". والمكسيك هي الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة وصناعة السيارات هي قطاع التصنيع الأكثر أهمية في البلاد، حيث تصدر بشكل أساسي إلى الولايات المتحدة. وتمثل ما يقرب من 25% من إجمالي إنتاج المركبات في أمريكا الشمالية. المصدر :( موقع الشرق ــ رويترز)
ـــــــ إنْ شرع ترامب بتنفيذ الرسوم الجمركية على جيرانه و الصين و أوروبا فالمتوقع موجة تضخمية في الأسعار تضاف إلى التضخم الذي خلّفته إدارة بايدن . حال الإقتصاد الأمريكي في أول أيام ترمب رئيسا يتناقض مع وعوده بسوق أمريكية من غير تضخّم . كيف سيتمكن ترامب من المضي في تنفيذ وعوده و التضخم العارم يجتاح الاسواق؟
ـــــــ زوبعة دبلوماسية وردود : عندما صرّح ترامب مطالبا بالإستحواذ على قناة بنما و جزيرة جرينلاند وضم كندا لتكون الولاية 51 و تغيير مسمى خليج المكسيك إلى الخليج الأمريكي تسائل صحفيون بإستغراب " هل كان جاداً ؟" . وعندما أعاد وأكد تلك المطالب تبين أنه عازم على المضي في العمل عليها .
ـــــــ جاءت الردود من رئيس بنما "خوسيه راوول مولينو"مؤكدا أن القناة لا تسيطر عليها الصين أو المجموعة الأوروبية أو الولايات المتحدة أو أي قوة أخرى، لا بشكل مباشر ولا بشكل غير مباشر. وبصفتي بنميّا، أرفض بشدة أي تعبير يشوه هذه الحقيقة".( موقع سكاي نيوز ) .
ـــــــ وردت حكومة الدنمارك على لسان رئيسة وزرائها " ميته فريدريكسن " مؤكدة أن الجزيرة ليست للبيع وأن مستقبلها يقرره سكانها حصرا" . كما استنكر رئيس وزراء غرينلاند موتي إيغيدي تصريحات ترامب مؤكدا أن غرينلاند ليست للبيع ولن تكون يوما كذلك. كما إستهجن الإتحاد الأوروبي تصريحات ترامب مساندا موقف حكومة الدنمارك . ( موقع RT ) .
ـــــــ كما رفض رئيس الوزراء الكندي تهديد الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب" بأنه قد يستخدم القوة الاقتصادية لجعل كندا الولاية الأمريكية رقم 51.وقال "جاستن ترودو" في منشور على موقع "إكس" : "لا توجد فرصة لأن تصبح كندا جزءًا من الولايات المتحدة، لأن العمال في بلدينا يستفيدون من كونهما أكبر شركاء لبعضهما البعض على الصعيدين الأمني والتجاري".وفي نفس السياق، قالت وزيرة الخارجية الكندية "ميلاني جولي"، إن تعليقات "ترامب". تُظهر افتقارًا تامًا إلى فهم ما يجعل كندا دولة قوية، مؤكدة عدم التراجع أبدًا في مواجهة التهديدات.(موقع ارقام )
ـــــــ من جانبها علقت رئيسة المكسيك "كلوديا شينباوم" على تصريحات ترامب حول نيته إعادة تسمية خليج المكسيك ليصبح مجددا خليج أمريكا.وخلال مؤتمر صحفي حاشد، قدمت شينباوم خرائط تاريخية تعود إلى القرن السابع عشر، مؤكدة أن اسم "أمريكا المكسيكية" كان مستخدمًا منذ تأسيس مدينة أباتزينجان عام 1607. وقالت بابتسامة واثقة:اسم خليج المكسيك معترف به دوليًا من قبل الأمم المتحدة ووكالاتها. ولكن لماذا لا نطلق على أمريكا الشمالية اسم أمريكا المكسيكية ؟ التسمية تبدو جميلة، أليس كذلك؟" المصدر : موقع ( RT )
ــــــــ التوترات التي أثارتها مطالبات ترامب ورفضها من كل من بنما و كندا و الدنمارك و الإتحاد الأوروبي و المكسيك أثارت زوبعة من الوترات مع الولايات المتحدة حتى قبل أن يُنصّبَ ترامب رئيسا ، أنها حتى الآن ، في إطار التصريحات. ويبدو أن ترامب جاد في مطالبه لأنه ربط تحقيقها بالأمن القومي الأمريكي والمصالح الأمريكية . عمليا ليس من اليسر تنفيذ تحقيق مطالباته وحتى بالخيار العسكري الذي لم يستثنه ترامب. المؤكد أن مطالبات ترامب لا شك أنها ستخلق توترات دبلوماسية بين الحلفاء ( أمريكا ــ الإتحاد الأوروبي ــ الناتو) . يضاف إلى ذلك الإنتقاد الشديد اللهجة لدول حلف الناتو الذي يلح به ترامب قبل وخلال رئاسته الأولى و إلى الآن .. بأن أوروبا يجب تدفع لأمريكا لقاء حمايتها و أن تخصص 5% من ناتجها القومي الإجمالي و ليس 1% إو 2% .فشل ترامب في تحقيق تلك المطالبات ربما أقل خيبة وإنكسارا لطموحاته.
ـــــــــ في رئاسته السابقة و الثانية المقبلة ترامب لم يتغيّر سلوكا .. فهو يحمل أوزاره تهماً أُدين بها وفضائح تلاحقه ، و مع ذلك تراه مزهواً معتداً بنفسه مثيراً للجدل في سلوكه و طموحاته . هل ستكفي مدة السنوات الأربع من رئاسته المقبلة لتحقيق طموحاته على فرض إنه جاد و مصر على تنفيذها ؟. و أخيرا ... في منتصف رئاسته الثانية سيكون قد بلغ الثمانين وفي نهايتها سيكون قد تجاوز الثمانين من العمر، هناك من يقول أن ترامب قد يتطلّع لرئاسة ثالثة .. قائلا .. أمريكا ستكون أعظم .؟!؟

#محمد_رياض_حمزة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات