أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - وحدة القوى الكردية في سوريا.. مفتاح لضمان حقوق مستدامة














المزيد.....


وحدة القوى الكردية في سوريا.. مفتاح لضمان حقوق مستدامة


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8222 - 2025 / 1 / 14 - 13:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عانى الشعب الكردي في سوريا على مرّ عقود من الظلم والتهميش، وبلغت هذه المعاناة ذروتها في عهد حكم حزب البعث الذي استمر في السلطة منذ 8 آذار 1963 حتى 8 كانون الأول 2024. ومع أن معاناة هذا الشعب لم تبدأ مع صعود البعث، إلا أن هذه الحقبة تركت بصمات قاسية على حياتهم السياسية والاجتماعية.
ففي عام 1962، أجرت السلطات السورية إحصاءً استثنائياً في منطقة الجزيرة السورية، استُبعد فيه نحو 120 ألف كردي، وجُرّدوا من جنسيتهم ووُصِفوا بـ "الأجانب"، ما حرمهم من أبسط حقوقهم المدنية. وفي السبعينيات، وبالتحديد عام 1973، شرعت الحكومة في تنفيذ مشروع "الحزام العربي"، الذي كان يهدف إلى توطين العرب في المناطق ذات الغالبية الكردية شمال سوريا، عبر ترحيل الكرد من قراهم لتغيير التركيبة السكانية وتعزيز السيطرة الحكومية على تلك المناطق، فضلاً عن تغيير أسماء القرى والبلدات إلى أسماء عربية.

لم تتوقف معاناة الشعب الكردي، بل تواصلت في السنوات التالية، حيث شهدت مدينة القامشلي في 12 آذار عام 2004 أحداثاً دامية بعد اندلاع اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين الكرد، ما أسفر عن مقتل العديد منهم واعتقال آخرين في أعقاب أحداث الملعب التي جرت بين مشجعي فريقي الجهاد من القامشلي والفتوة من دير الزور.

مع انطلاق الحراك الشعبي ضد نظام البعث عام 2011، تفاقم الوضع الكردي بشكل أكبر، إذ تعرّض الكرد لانتهاكات متعددة من مختلف الأطراف، سواء من النظام البعثي أو من خلايا داعش ومن في حكمها، بالإضافة إلى الصراع المستمر بين القوى الإقليمية والدولية على الأرض السورية. ولكنهم، وعلى الرغم من هذا الوضع المعقّد، تمكّنوا من تأسيس قواتهم الخاصة وإقامة إدارة ذاتية ديمقراطية في مناطقهم، شملت جميع المكونات من عرب وكرد وسريان وآشور وأرمن، ما أتاح للجميع التمتع بحقوقهم الثقافية والاجتماعية والسياسية على حد سواء، في بيئة تتسم بالعيش المشترك والمساواة. هذا النموذج الديمقراطي أسهم في بناء مؤسسات محلية تشاركية وشفافة، مما مكنهم من فرض نوع من الاستقرار النسبي وحماية مناطقهم من التهديدات المتعددة.
في الوقت نفسه، كانت المناطق الكردية في شمال وشرق سوريا هدفاً للعمليات العسكرية التركية، التي تمثلت في "درع الفرات" (2016-2017)، و"غصن الزيتون" (2018)، و"نبع السلام" (2019). وأسفرت هذه العمليات عن احتلال مناطق عدة مثل عفرين، وسري كاني (رأس العين)، وكري سبي (تل أبيض)، والباب، وإعزاز، والراعي، بالإضافة إلى عدد كبير من القرى شمال غرب البلاد، ما أدى إلى تهجير عشرات الآلاف من المدنيين وتدمير واسع للبنية التحتية، بما في ذلك محطات الكهرباء والمياه والمستشفيات. وعلى الرغم من محاولات الإدارة الذاتية في إعادة إعمار تلك المناطق، استمرت تركيا في استهداف البنية التحتية، مما فاقم المعاناة الإنسانية.

مع سقوط نظام البعث نهاية عام 2024 بعد 54 عاماً من الحكم الاستبدادي والديكتاتوري، وسيطرة هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني على دمشق وبعض المحافظات الأخرى، تم الإعلان عن نية عقد مؤتمر وطني يضم القوى السياسية السورية لبحث مستقبل البلاد. وفي هذا الإطار، دعت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا إلى تنظيم مؤتمر يضم الأحزاب الكردية والشخصيات المستقلة بهدف التوصل إلى صيغة توافقية لتمثيل مطالب الشعب الكردي.

لا شك أن وحدة الأحزاب الكردية في سوريا تمثل ضرورة استراتيجية، على الرغم من تباينها السياسي. إذ تشترك جميع الأحزاب في مجموعة من المطالب الأساسية مثل حماية حقوق الكرد، والاعتراف بالهوية الثقافية واللغة الكردية، كما تشترك في الدعوة إلى القضايا التي تهم معظم القوى السياسية في البلاد، مثل دعم الديمقراطية، حقوق الإنسان، مكافحة الفساد، وتوزيع الثروة بشكل عادل. بالإضافة إلى ذلك، تتوحد في مقاومة أي تهديدات تستهدف أراضيها، سواء من تركيا أو داعش أو غيرها.

في هذا السياق، يُعد تشكيل وفد موحد من الأحزاب الكردية للمشاركة في المؤتمر الوطني خطوة مهمة نحو تحقيق الوحدة السياسية، إذ سيعزز قدرة الكرد على تقديم مطالب موحدة، ويقلل من التشرذم، ما يمنحهم قوة تفاوضية أكبر. كما سيمكّن من طرح رؤية شاملة تمثل جميع فئات الشعب الكردي، ما يزيد من فرصهم في تحقيق نتائج إيجابية على الصعيدين الداخلي والدولي.

إن توحيد الصفوف يفتح المجال لتشكيل تحالفات سياسية مستدامة، ما يضمن حقوق الكرد على المدى الطويل، كما يدعم الحوار بينهم وبين بقية المكونات السورية، ويسهم في بناء سوريا قائمة على التسامح والمساواة.

في الختام، إن غياب التفاهم بين الأحزاب الكردية لتشكيل وفد موحد سيكون له تبعات خطيرة على مستقبل القضية الكردية في سوريا. سيضعف التشرذم السياسي الموقف الكردي، ويعرضهم للتهميش في أي تسوية سياسية قادمة، مما يتيح للأطراف الأخرى استغلال الانقسامات لصالحها.

فالوحدة الكردية هي الخطوة الحاسمة لضمان حقوق الكرد والمشاركة الفعالة في بناء سوريا، لذا يجب على الأحزاب الكردية تجاوز خلافاتها والاتحاد لمواجهة التحديات المقبلة؛ لأن الوحدة هي السبيل الوحيد لضمان موقف قوي ومؤثر في رسم سوريا المستقبل وفتح آفاق الأمل للأجيال القادمة.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة لبناء الدولة المدنية والعيش المشترك
- مستقبل الأحزاب الموالية بعد سقوط البعث.. هل يغفر الشعب السور ...
- هيئة تحرير الشام.. مساعي الهيمنة في خضم الفصائل السورية المت ...
- عودة اللاجئين السوريين أم هجرة المقيمين إلى الخارج؟
- ثورة بلا عدالة اقتصادية.. كسرابٍ في صحراء
- أكثرية.. أقلية.. مكونات.. نسف لمفهوم المواطنة أم توصيف طبيعي ...
- حوار وطني أم استعراض رقمي؟ أسئلة حول مستقبل سوريا
- هل يحق لحكومة تسيير الأعمال بقيادة أحمد الشرع ما قامت به حتى ...
- حين يصبح نشر الغسيل تهمة
- هل ستعيد حكومة تصريف الأعمال عجلة الزمن إلى الوراء؟
- مسؤولية بشار الأسد في الكارثة السورية
- عدالة بلا انتقام.. لماذا أرفض الإعدام للفاسدين؟
- صبيحة سقوط الأسد
- «صام صام وفطر على بصلة».. هل هذا قدرنا؟
- تصاعد الـ -ممارسات الفردية- تهدد السلم الأهلي في سوريا
- عندما تمنحك الأجهزة الأمنية صفة المواطنة
- التفاؤل الحذر في مواجهة التحديات السورية
- مقابلة حصرية خصّني بها الرئيس السابق بشار الأسد
- جيهان.. وعدُ العدسة وخلودُ القضية
- نحو دستور يُحيي قيم العدالة والمساواة في سوريا


المزيد.....




- سوريا: هل ينجح الشرع بضم كل الفصائل إلى الجيش الجديد؟ وماذا ...
- محادثات -صريحة وبناءة- بين طهران والاتحاد الأوروبي حول الملف ...
- بلينكن: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة -جاهز للتنفيذ- إذا وافق ...
- بي بي سي تقصي الحقائق: نحو 100 ضربة جوية إسرائيلية استهدفت - ...
- مئة طفل في شهر: الذخائر غير المنفجرة قنبلة موقوتة في سوريا
- مراسلة RT: مقتل 6 فلسطينيين جراء قصف جوي إسرائيلي على مخيم ج ...
- إزالة بقايا الصاروخ الحوثي من سطح منزل في القدس
- الدفاع الروسية: إسقاط 146 مسيرة أوكرانية خارج منطقة العملية ...
- البيت الأبيض: صفقة إسرائيل وحماس لم تكن لتتم لولا الدور المص ...
- رئيس إفريقيا الوسطى يتوجه إلى روسيا بزيارة رسمية


المزيد.....

- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - وحدة القوى الكردية في سوريا.. مفتاح لضمان حقوق مستدامة