بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8222 - 2025 / 1 / 14 - 01:40
المحور:
كتابات ساخرة
في قرار بدا وكأنه مشهد مقتطع من فيلم خيالي، أعلن الجيش الإسرائيلي نيته الانسحاب التدريجي من قطاع غزة. الخبر، بطبيعته، أثار موجة من التساؤلات والتحليلات، إذ يبدو أن الجميع يتساءل: هل نحن أمام بداية سلام طال انتظاره، أم أن هذا الانسحاب مجرد استراحة قصيرة لتبديل الذخيرة وإعادة شحن البطاريات؟ وبينما يكافح المحللون لفك الغموض الذي يكتنف هذا القرار، دعونا نغوص في أبعاده بعيون أكثر فكاهة وسخرية.
بالنسبة لسكان غزة، قد يكون لهذا الانسحاب معنى لا يقل عن فرصة ذهبية لإحياء عاداتهم البسيطة، تلك التي أفسدتها أصوات الطائرات والقذائف. تخيلوا سكان القطاع وهم يزرعون الطماطم دون خوف من أن تتحول الحديقة إلى ساحة معركة. وربما ينطلقون في مسابقات مثل "أكبر حبة طماطم في غزة" أو "أجمل أرنب تربى تحت الحصار". ومن يدري؟ قد تشهد المدينة مهرجانات دولية تحت عناوين مثل "زهور من تحت الركام"، برعاية الأمم المتحدة، وبحضور لجنة تحكيم أوروبية لتقييم قدرة الفلسطينيين على تحويل الركام إلى لوحات فنية طبيعية.
أما على الجانب الآخر، فقد يجد الجنود الإسرائيليون أنفسهم أمام فرصة استثنائية لإعادة اكتشاف الذات بعيدا عن ساحات المعارك. بدلا من الدوريات والتدريبات العسكرية، ربما يقررون استثمار وقتهم في تعلم مهارات جديدة، مثل الطهي. تخيلوا مشهدا كوميديا لجنود يتنافسون في إعداد الفلافل الفلسطينية الأصيلة، أو محاولة مضنية لتحضير طبق الحمص المثالي. بل قد يصبح ذلك مادة لبرنامج تلفزيوني شهير بعنوان: "من ميادين الحرب إلى مطابخ السلام"، حيث يتحول الجنود إلى طهاة يقدمون أطباقا بروح التعاون بين الثقافات.
وفيما يتعلق بالمفاوضات، قد يكون هذا الانسحاب فرصة لابتكار أسلوب جديد أكثر "عصرنة" لحل الصراعات. تخيلوا قادة الطرفين يجتمعون في حديقة عامة، يحتسون الشاي ويتبادلون الحلويات. ربما، بدلا من الكلمات الثقيلة والملفات المعقدة، يتحدثون عن الوصفات التقليدية أو حتى يتبادلون النكات. تخيلوا جوا من الضحك المتبادل، حيث تنهار الجدران النفسية أمام بساطة نكتة واحدة تسقط الحواجز أكثر مما تفعل ألف وثيقة تفاوضية.
لكن، وبعيدا عن هذه الصور الساخرة، يبقى السؤال الأهم: هل هذا الانسحاب بداية لحقبة جديدة من التعاون والسلام؟ أم أنه مجرد خطوة تكتيكية تعكس حاجة الجيش إلى استراحة قصيرة قبل العودة إلى دائرة الصراع؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة. ومع ذلك، فإن مجرد تخيل سيناريوهات كهذه قد يكون دليلا على أن الأمل – ولو كان في صورة ساخرة – لا يزال ممكنا.
في النهاية، سواء كان هذا الانسحاب خطوة نحو سلام حقيقي أم مجرد تبديل مواقع، دعونا نرفع أكواب الشاي عاليا ونبتسم لفكرة الجنود الذين يتعلمون الطهي وسكان غزة الذين يتنافسون على أجمل حديقة. قد يكون السلام الحقيقي بعيد المنال، لكن السخرية تجعلنا نقترب منه بخطوة واحدة على الأقل.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟