محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8222 - 2025 / 1 / 14 - 01:37
المحور:
القضية الفلسطينية
في شوارعِ غزة المُدمَّرةِ، وبين ركامِ البيوتِ والمباني التي مزَّقتها الحروبُ المتعاقِبةُ، تسيرُ طفولةٌ معذَّبةٌ، مكسورةُ الأجنحةِ، تبحثُ عن أملٍ لا يبدو أنه سيأتي. أطفالُ غزة، أولئك الذين وُلِدوا ليعيشوا الحلمَ كبقيةِ أطفالِ العالمِ، وجدوا أنفسهم أسرى المأساةِ، محاطينَ بالحِصارِ والدَّمارِ والخذلانِ.
في غزة، الطفولةُ لا تعرفُ طعمها الحقيقيَّ.
المدرسةُ ليست مكاناً للتعلُّمِ فقط، بل هي ملاذٌ من القصفِ ومصدرُ أمانٍ نسبيٍّ. الشوارعُ التي يجبُ أن تضجَّ بالضحكاتِ، تغمرُها أصواتُ القذائفِ وصراخُ الأمهاتِ.
ألعابهم ليست سياراتٍ صغيرةٍ أو دُمىً، بل حجارةٌ يحملونها لمواجهةِ واقعهم المريرِ.
هؤلاءِ الأطفالُ لا يعرفون معنى النومِ بلا خوفٍ، ولا يملكون رفاهية الأحلامِ. كلُّ يومٍ يمرُّ عليهم كأنه معركةٌ للبقاءِ على قيدِ الحياةِ.
كلُّ طفلٍ في غزة يحملُ في عينيه قصصاً تفوقُ عمرهُ بأضعافٍ، قصصاً عن فقدِ الأحبةِ، عن بيوتٍ انهارت، وعن عالمٍ تخلى عنهم.
على مرِّ السنينِ، عاش أطفالُ غزة مأساتهم أمام أعينِ العالمِ، ولكن هل تحرَّك أحدٌ؟ تصدَّرت صورهم عناوين الأخبارِ، أثارتِ الدموع والغضب، لكنها لم تحرك ضميراً دوليّاً يغيرُ من واقعهم. الأممُ تتحدثُ عن حقوقِ الإنسانِ، لكنها تغضُّ الطرفَ عن حقوقِ أطفالِ غزة. تتوالى المؤتمراتُ والبياناتُ، لكن المعاناة تستمرُّ، والعالمُ يكتفي بالمشاهدةِ.
كيف يمكنُ للعالمِ أن يصمت أمام جوعهم؟ أمام بيوتهم التي تهدمُ على رؤوسهم؟ أمام مدارسهم التي تتحوَّلُ إلى ملاجئَ ثم إلى أهدافٍ للقصفِ؟ كيف يمكنُ أن يكون الألمُ بهذا الوضوحِ، ومع ذلك يكونُ التجاهلُ بهذا الجفاءِ؟
ورغم كلِّ شيءٍ، يصرُّ أطفالُ غزة على البقاءِ.
تجدهم يرسمون على الجدرانِ المهدَّمةِ أحلامهم، يغنون للحريةِ بين أصواتِ الانفجاراتِ، ويبتسمون رغم الجراحِ.
قوتهم في وجهِ المحنِ ليست مجرد معجزةٍ، بل صرخةٌ في وجهِ العالمِ: نحنُ هنا، نحنُ نستحقُّ الحياة.
إلى متى سيستمرُّ هذا الظلمُ؟ إلى متى ستبقى طفولتهم رهينة الحربِ؟
على العالمِ أن ينظر إلى غزة بعيونٍ إنسانيةٍ، أن يرى الأطفال هناك ليسوا كأرقامٍ أو مشاهد عابرةٍ، بل كأرواحٍ تستحقُّ الحبَّ والأمان.
خذلانهم عارٌ على الإنسانيةِ، وحمايتهم واجبٌ علينا جميعاً.
لأطفالِ غزةَ نقولُ: نحنُ نراكم، نسمعكم، ونحلمُ معكم بمستقبلٍ أفضل، حتى وإن خذلكم العالمُ.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟