أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - حين تشتعل الأرض: السياسة بين العبث وإنذار النهاية














المزيد.....


حين تشتعل الأرض: السياسة بين العبث وإنذار النهاية


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8221 - 2025 / 1 / 13 - 18:54
المحور: كتابات ساخرة
    


في عالم تبدو فيه السياسة أقرب إلى عرض هزلي رديء، لا يسعنا سوى أن نقف مشدوهين أمام عبثية التصريحات والخطابات التي تنطلق من أفواه القادة. تصريح الرئيس الإسرائيلي الأخير: "هذه أيام حاسمة لإطلاق سراح المختطفين"، يبدو وكأنه إعلان ترويجي لمسرحية جديدة، حيث تباع التذاكر على حساب معاناة البشر. والنتيجة؟ جمهور عالمي مرغم على مشاهدة هذا العرض الكارثي دون فاصل استراحة.

وفي الخلفية، تشتعل حرائق كاليفورنيا ولوس أنجلوس، وكأن الطبيعة نفسها قررت أن تلعب دور الناقد اللاذع. تلك الحرائق ليست مجرد ألسنة لهب تأكل الأخضر واليابس، بل هي احتجاج ناري ضد البشرية التي لا تتوقف عن العبث. رسالة الطبيعة واضحة: "لقد تجاوزتم الحدود، وآن أوان الحساب!" ولكن، كالعادة، القادة مشغولون بتبادل التصريحات الرنانة، وكأن الكوارث مجرد خلفية سينمائية لفيلم سياسي طويل.

هذا النهج العبثي ليس جديدا. تذكروا عندما هدد ترامب بـ"إشعال غزة جحيما" إذا لم تنفذ شروطه. الرجل لم يكن يهدد فحسب؛ بل كان يكتب نصا جديدا لمسرحية عبثية من نوع آخر، حيث تدار السياسة بمنطق الفوضى، وتستبدل العدالة بالمصالح الضيقة. حتى اللغة التي تستخدم باتت أقرب إلى حوار ساخر في فيلم كوميدي سيئ الإنتاج.

لكن، وسط هذا العرض العبثي، هناك قاعدة لا يمكن تجاهلها: "إن الله لا يحب الظلم". الأرض التي صممت لتكون للجميع أصبحت مسرحا لتنافس القوى الكبرى، حيث لا مكان للضعفاء. والأكثر مأساوية أن الطغيان أصبح قاعدة، والعدل استثناء يحتفى به كأنه معجزة نادرة.

ثم تأتي الكوارث الطبيعية لتزيد من عبثية المشهد. الحرائق، الزلازل، الأعاصير... كلها تبدو كأنها رسائل بريدية من الطبيعة إلى قادة العالم: "إلى متى ستستمرون في هذه المسرحية الهزلية؟" ولكن بدلا من قراءة الرسائل، ينشغل هؤلاء القادة بتقديم المزيد من العروض، متجاهلين أن الجمهور بدأ يفقد صبره.

وفي المغرب، لم يكن المشهد أقل عبثية. سياسة عزيز أخنوش التي تغلف بشعار "إعادة التربية" ليست سوى محاولة فاشلة لإخراج نسخة محلية من المسرح العبثي. التقشف، ارتفاع الأسعار، وتآكل القدرة الشرائية، كلها عناصر في نص يهدف إلى تحويل المواطن المغربي إلى متفرج صامت على مسرحية لا نهاية لها. المشكلة أن النص مكتوب بأسوأ طريقة ممكنة، والنتيجة؟ شعب كامل يعيش تحت وطأة الإحباط اليومي، بينما تستمر النخب في التصفيق لأنفسها.

لكن، وكما يعلمنا التاريخ، الطغيان له نهاية مهما بدا أنه خالد. ربما يأتي يوم يسدل فيه الستار على هذه المسرحية، ويحاسب أخنوش ومن يديرون المشهد من وراء الكواليس. الجمهور المغربي قد يكون صامتا الآن، لكنه ليس غافلا. وكما أن الطبيعة تحتج بحرائقها، فإن الشعوب قادرة على الاحتجاج بطرقها الخاصة، وإن تأخر المشهد الأخير.

إذا استمرت البشرية في هذا العبث، فلن يكون السؤال "هل يمكننا النجاة؟" بل "متى سينفجر كل شيء؟" الحرائق التي تشتعل اليوم ليست مجرد ظاهرة طبيعية، بل هي استعارة ساخرة لواقع سياسي واجتماعي مليء بالتناقضات. وربما يكون هذا هو الوقت المناسب للبشرية لإعادة كتابة النص، قبل أن يتحول العالم إلى كوميديا سوداء لا أحد يريد مشاهدتها.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -النار التي أحرقت جنون العظمة: من كاليفورنيا إلى غزة.. حين ت ...
- نبيل عيوش، وأوسكار المغرب: عندما يصبح -الكل يحب تودا- أسوأ م ...
- بدون فلتر *** ليبيا: قهوة ورصاص مع لمسة من الموت
- بدون فلتر *** أحلام الطفولة: حين تسخر الحياة من طموحاتنا وتع ...
- -منطقة الساحل: منافسة أم فرصة للتعاون؟ المسألة التي طرحتها ج ...
- لطيفة أحرار: خطوة جريئة أم مشهد من مسرحية؟
- -عندما يصبح لعب الأطفال مأساة سياسية: هل من يوقف هؤلاء؟-
- -من 2025 إلى 2026: خريبكة تختار فوضى الزمن في خطوة نحو العصر ...
- -بدون فلتر *** ديك رومي بين التين الشوكي: ملحمة عبثية في كرم ...
- -من الهجاء إلى الاعتذار: تأملات كاتب في العام الجديد-
- -عبد اللطيف وهبي في محكمة الضحك: من وزير للعدل إلى بطل كوميد ...
- بن سالم الوكيلي: رحلة إلى العالم الآخر... حيث المراجعات الكو ...
- - من دار الدنيا إلى دار الآخرة: لقاء غير متوقع مع عبد اللطيف ...
- -مدونة الأسرة المغربية: فوضى القوانين بنكهة الفكاهة!-
- -الطماطم ومعجزة أخنوش: ملحمة الغلاء في المطبخ المغربي-
- بدون فلتر** -شهادة الألومنيوم: كوميديا بيروقراطية في مقهى مك ...
- -تحلية الديمقراطية: حين تختلط مياه البحر بملوحة المصالح-
- -سياسة الأوهام: ابن كيران بين بطولة مسرحية وسخرية ثلاثي النا ...
- بدون فلتر** -زيت الوكيلي: كوميديا سوداء بنكهة الزيتون-
- -نايضة: كوميديا تبحث عن نفسها في متاهة الكليشيهات-


المزيد.....




- وزير الثقافة الأردني: مصر منارة وإشعاع ثقافي وحضاري للعالم و ...
- شاهد.. فنان ينحت حجارة غزة ويوثق مآسي الحرب ويحافظ على الذاك ...
- جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تنظم فعاليات ثقافية ...
- الهند تطلق مهرجان -ماها كومبه- أكبر تجمع ديني في العالم بمشا ...
- لماذا طالب أمين عام الناتو الأوروبيين بتعلم اللغة الروسية؟
- ترامب: اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة سيكتمل نهاية ال ...
- تأجيل إعلان ترشيحات الأوسكار بسبب حرائق الغابات في لوس أنجلس ...
- بالفيديو.. استقبال حافل للفنان جمال سليمان في سوريا
- مناوشات بين -الفنانين- حول أزمة الأجور وشركات الانتاج
- فنان موصلي يجسد عظمة الحضارة الآشورية بألواح مسمارية تحاكي ت ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - حين تشتعل الأرض: السياسة بين العبث وإنذار النهاية